عباس يطالب بـ«إنقاذ» حل الدولتين و«تجريم إنكار» النكبة الفلسطينية

لبنان لخريطة طريق للاجئين السوريين... وإيطاليا تدعو لـ«حرب عالمية» على الهجرة غير الشرعية

الرئيس الفلسطيني لدى إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني لدى إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة الخميس (أ.ف.ب)
TT

عباس يطالب بـ«إنقاذ» حل الدولتين و«تجريم إنكار» النكبة الفلسطينية

الرئيس الفلسطيني لدى إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة الخميس (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني لدى إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة الخميس (أ.ف.ب)

طالب الرئيس الفلسطيني، الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد مؤتمر دولي للسلام، اعتبر أنه قد يكون «آخِر فرصة لإنقاذ حل الدولتين»، و«لمنع تدهور الأوضاع بشكل أكثر خطورة، ما يهدد أمن واستقرار منطقتنا والعالم أجمع».

وقال محمود عباس، متحدّثاً أمام الجمعية العامة في دورتها الـ78، إن إسرائيل تقوم «بتدمير ممنهج» لحل الدولتين، مطالباً الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات رادعة ضدّها حتى تنفّذ التزاماتها. ورهن عباس تحقيق السلام في الشرق الأوسط بحصول الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه، لافتاً إلى عزم بلاده رفع شكاوى ضد إسرائيل إلى الجهات الدولية ذات الصلة، بسبب استمرار «جرائمها». وعلى غرار خطاباته السابقة، جدَّد عباس دعوته الدول للاعتراف بدولة فلسطين، ومنحها عضوية كاملة في «الأمم المتحدة».

إحياء ذكرى النكبة

ودعا عباس إلى تجريم إنكار النكبة الفلسطينية، واعتماد الخامس عشر من مايو (أيار) من كل عام يوماً عالمياً لإحياء ذكراها، وذكرى مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين قُتلوا وهُدّمت قُراهم أو شُرّدوا من بيوتهم، والذين بلغ عددهم 950 ألفاً، شكّلوا أكثر من نصف السكان الفلسطينيين في حينه.

عباس مخاطبا الجمعية العامة الخميس (أ.ف.ب)

وطالب عباس الدول الأعضاء في «الأمم المتحدة» باتخاذ خطوات عملية مستندة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والقانون الدولي، والدول التي لم تعترف بعدُ بدولة فلسطين، بإعلان هذا الاعتراف، وأن تحظى دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في «الأمم المتحدة»، كما أكّد الرئيس الفلسطيني ضرورة اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات رادعة بحق إسرائيل، التي لم تلتزم بشروط انضمامها إلى «الأمم المتحدة»، والمتمثلة بتنفيذ القرارين (181 و194)، إلى أن تفي بالتزاماتها التي قُدّمت في إعلان مكتوب من قِبل وزير خارجيتها في حينه، موشي شاريت.

تحذير يمني

وإلى جانب خطاب الرئيس الفلسطيني، شهد اليوم الثالث من الخطابات الرسمية لزعماء الدول، أمام الدورة السنوية الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كلمة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي، الذي حذَّر من «أي تراخ من جانب المجتمع الدولي أو تفريط بالمركز القانوني للدولة، أو حتى التعامل مع الميليشيات بوصفها سلطة أمر واقع»، مؤكداً أن ذلك «سيجعل من ممارسة القمع، وانتهاك الحريات العامة، سلوكاً يتعذر التخلص منه بأية حال من الأحوال».

رئيس مجلس الحكم اليمني خلال توجهه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

وإذ نوَّه بالموقف الموحد للمجتمع الدولي من القضية اليمنية، أشاد خصوصاً بـ«تضامن الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين مثّلت مواقفهم سياجاً قوياً لمنع انهيار مؤسسات الدولة اليمنية، وتعزيز صمودها في مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من نظام ولاية الفقيه في إيران، والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معها».

تحديات لبنانية

وكانت أعمال الجمعية العامة قد تواصلت حتى ساعة متقدمة من ليل الأربعاء، حين تحدَّث رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي أمل في أن يمارس مجلس النواب اللبناني «دوره السيادي بانتخاب رئيس للجمهورية يتّحد حوله اللبنانيون»، مشيراً إلى أن لبنان «يكابد في مواجهة أزمات عدة ومتداخلة في ظل نظام دولي أصابه الوهن، ومناخ إقليمي حافل بالتوترات والتحديات».

وقال إن أول التحديات في لبنان «يكمن في شغور رئاسة الجمهورية وتعذُّر انتخاب رئيس جديد، وما ينجم عن ذلك من عدم استقرار مؤسسي وسياسي، وتفاقم للأزمة الاقتصادية والمالية، وتعسر انطلاق خطط الإصلاح والتعافي». وأضاف أن التحدي الثاني يتمثل في أن لبنان «لا يزال يرزح تحت موجات متتالية من النزوح»، بعد مُضيّ 12 عاماً على الحرب السورية. وحذَّر من «انعكاسات النزوح السلبية التي تعمّق أزمات لبنان»، مجدداً الدعوة إلى «وضع خريطة طريق، بالتعاون مع كل المعنيين في المجتمع الدولي، لإيجاد الحلول لأزمة النزوح السوري قبل أن تتفاقم تداعياتها بشكل يخرج عن نطاق السيطرة». وعرَض كذلك للتحدي الثالث؛ وهو «استمرار احتلال إسرائيل مساحات من أرضنا في الجنوب، ومواصلة اعتداءاتها وانتهاكاتها اليومية للسيادة اللبنانية، وخرْقها قرار مجلس الأمن الرقم 1701».

برنامج إيران النووي

إلى ذلك، أبلغ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الصحافيين في نيويورك، بأن العلاقات مع الولايات المتحدة يمكن أن تمضي قدماً إذا أظهرت إدارة الرئيس جو بايدن رغبتها في العودة إلى الاتفاق النووي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، معتبراً أن «الخطوة الأولى» تتمثل في تخفيف العقوبات.

وقال إن الأميركيين تواصلوا عبر عدة قنوات «قائلين إنهم يرغبون في إجراء حوار، لكننا نعتقد أنه يجب أن يكون مصحوباً بأفعال»، مضيفاً أن العمل بشأن العقوبات يمكن أن يكون «أساساً متيناً لمواصلة» المناقشات. وزاد: «لم نخرج من طاولة المفاوضات»، مذكّراً بموقف بلاده أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يمثل انتهاكاً لالتزاماتها، بما في ذلك العقوبات. وكرَّر أن البرنامج النووي الإيراني مخصص للأغراض السلمية فقط، ويستخدم في الزراعة والبنية التحتية للنفط والغاز، نافياً التقارير عن أن إيران زادت مستويات التخصيب؛ لأنه «لا أساس لها من الصحة».

وعندما سُئل عما إذا كان قد التقى المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» رافاييل غروسي، أجاب رئيسي بأنه تحادث معه، في طهران، خلال أوائل مارس (آذار) الماضي، مضيفاً أن إيران لديها «تعاون جيد جداً» مع الوكالة. وانتقد إعلان بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الأسبوع الماضي، أنهم سيبقون على العقوبات المفروضة على إيران، والتي كان من المقرر أن تنتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

الهجرة غير الشرعية

وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني قد ردّدت هواجس حكومتها اليمينية من تدفق المهاجرين، داعية «الأمم المتحدة» إلى ما سمّته «حرباً عالمية» ضد تجارة الهجرة غير الشرعية، بعد وصول قوارب تُقلّ مهاجرين غير شرعيين من جديد إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية في البحر الأبيض المتوسط.

وبينما كانت ميلوني تُلقي كلمتها أمام الجمعية العامة، أعلنت السلطات الإيطالية رصد وصول أكثر من 700 شخص إلى لامبيدوسا، خلال ساعات قليلة، على متن قوارب من أفريقيا، وفق وكالة الأنباء الإيطالية «أنسا». وقد وصل، منذ الأربعاء، أكثر من 20 قارباً جديداً، معظمها قادمة من تونس.

محنة ليبيا

وألقى وزير الشباب الليبي فتح الله الزني كلمة، بالنيابة عن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي غاب بسبب الكارثة التي حلّت بشرق ليبيا من جراء إعصار «دانيال» والفيضانات التي رافقته. وقال: «أفاق الليبيون والعالم بأَسره، صباح الأحد 10 سبتمبر (أيلول)، على مشهد رهيب وكارثة كبرى نزلت بمدينة درنة»، مؤكداً أن «الآلاف قضوا أو فُقد أثرهم، بعدما جرفت السيول أكثر من ربع المدينة». وشدد على أن «حجم النازلة فاق كل المقاييس والقدرات المحلية».

ولفت إلى أنه بعد كارثة درنة، المسماة «مدينة الياسمين»، نفض الشعب الليبي «تراكمات الانقسام السياسية والحروب الأهلية ليسمو فوق جراح الماضي ويضع ملامح المستقبل الذي يراه بعيونه وعيون الأجيال المقبلة لا بعيون الساسة وتجار الحروب».

موريتانيا

وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إن حكومته «تمكنت من تحسين مؤشرات عدد من أهداف التنمية المستدامة»، إذ «كافحت الفقر والهشاشة والإقصاء، من خلال بناء شبكة أمان اجتماعي واسعة تعزِّز صمود المواطنين الأكثر هشاشة، وتدعم قدرتهم الشرائية، وتوسِّع الضمان الصحي الاجتماعي على نحو يؤدي تدريجاً إلى ضمان صحي شامل».

رئيس موريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

وأشار إلى تبنّي حكومة بلاده «استراتيجية أمنية متكاملة ساهمت في استعادة الأمن والاستقرار عبر مجموعة دول الساحل الخمس التي تتولى موريتانيا رئاستها الدورية»، مذكّراً بأن بلاده تشارك في قوات حفظ السلام الأممية في جمهورية أفريقيا الوسطى، علماً بأنها تحتضن مائة ألف من اللاجئين الماليين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا جانب من اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» في روما الخميس (البعثة الأوروبية)

ليبيا: خوري تسارع لتفعيل مبادرتها وسط صراع على ديوان المحاسبة

تسعى المبعوثة الأممية بالإنابة في ليبيا ستيفاني خوري إلى جمع الأفرقاء السياسيين على «المبادرة» التي أطلقتها أمام مجلس الأمن الدولي منتصف الأسبوع الماضي.

جمال جوهر (القاهرة)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)
بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

حالكاً كان المشهد العام بالنسبة إلى المرأة خلال العام الماضي في مناطق الصراعات المسلحة والأزمات الإنسانية، التي شهدت تضاعف عدد الضحايا من النساء مقارنة بالعام السابق عليه، ولن يكون أحسن حالاً خلال هذه السنة التي تشرف على نهايتها، كما يتبيّن من التقرير السنوي الذي يعدّه مكتب الأمين العام للأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين في ظروف الحرب.

يرسم هذا التقرير، الذي صدر منذ أيام، صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، حيث شكّلن 40 في المائة من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف ما بلغته هذه النسبة عام 2022، فيما كانت نسبة الأطفال الذين قضوا في هذه النزاعات 30 في المائة، أي 3 أضعاف العام السابق عليه.

مدنيو غزة... 70 % من إجمالي الضحايا

سيدة فلسطينية تتفقد الدمار في حي الدرج بعد غارة إسرائيلية يوم 22 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

كما يفيد التقرير بأن عدد الضحايا المدنيين في المدة نفسها ارتفع بنسبة 73 في المائة، حتى بلغ 34 ألفاً من القتلى غير المحاربين، وذلك بسبب نشوب نزاعات مسلحة جديدة، خصوصاً الحرب في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث كانت نسبة الضحايا في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 في المائة من مجموع القتلى الذين سجلتهم وكالات الأمم المتحدة.

يقول بابلو كاستيّو، وهو خبير دولي في شؤون المرأة شارك في إعداد التقرير الأممي بشأن المرأة والسلم والأمن، إن «نسبة النساء الضحايا ارتفعت في جميع الحروب، وإن السبب في ذلك هو عدم احترام القانون الدولي والمواثيق الإنسانية في ظروف الحرب؛ الباردة والساخنة، بين القوى العظمى، وأيضاً بسبب المناخ الجيوسياسي العام وزعزعة النظام الدولي متعدد الأطراف». ويحذّر كاستيّو بأن «ثمة تنامياً لمنحى مهاجمة كل ما يمكن تعريفه أنثوياً، والمشهد العام بالنسبة إلى وضع المرأة تدهور إلى حد اقتضى عودة الأمم المتحدة إلى استخدام سرديتها السابقة، وإدانة استهداف النساء في تقاريرها».

وينبّه التقرير إلى أن «العالم بات رهينة دوامة مخيفة من النزاعات وعدم الاستقرار والأزمات المسلحة، التي بلغ عددها 170 نزاعاً في العام الماضي، و612 مليوناً من النساء والبنات يعشن على مسافة لا تتخطى 50 كيلومتراً من مناطق القتال، أي بزيادة 150 في المائة على العقد السابق».

الاعتداءات الجنسية

من المعلومات الأخرى المقلقة التي يكشف عنها التقرير أن حالات الاعتداءات الجنسية في مناطق الصراعات المسلحة والأزمات ارتفعت بنسبة 50 في المائة، وأن عدد البنات اللاتي يتعرضن لحالات اغتصاب خطرة قد ازداد بنسبة 35 في المائة. وتقول كريستين غارنت، الخبيرة في «الارتباط بين الحرب والنوع الاجتماعي»، إن «هذه الأرقام ليست وليدة الصدفة؛ لأن العنف الجنسي كان ولا يزال من الأسلحة المستخدمة في الحروب، ليس فحسب لدفع السكان إلى النزوح القسري، بل أيضاً للمقايضة بين الجماعات الإرهابية وسبيلاً لتمويل أنشطتها».

يشير التقرير في مواقع عدة إلى «حرب ضد النساء»، وإلى تعرّض المرأة لأشكال شتّى من المعاناة، فضلاً عن القتل والاغتصاب. فهي مثلاً تواجه صعوبات متصاعدة للحصول على العناية الطبية، وأيضاً ما لا يقلّ عن 500 امرأة وبنت يلقين حتفهن كل يوم في مناطق النزاعات المسلحة بسبب المضاعفات الصحية الناجمة عن الحمل و الولادة، «كما حدث في غزة المدمرة أواخر العام الماضي، حيث كانت تسجل 180 حالة ولادة يومياً، جلّها من غير عناية طبية أو مستلزمات صحية أساسية».

وتقول ماري فيكس، رئيسة فريق «أطباء بلا حدود» في السودان، إن «امرأة ريفية حاملاً اضطرت إلى الانتظار 3 أيام لتجمع المال الكافي كي تحصل على العناية الطبية، لكن عندما وصلت إلى المركز الصحي وجدت أن الأدوية والمستلزمات الأساسية لم تكن متوفرة، وعادت إلى منزلها حيث تدهورت حالتها في انتظار المساعدة إلى أن فارقت الحياة بسبب التهاب بسيط كانت معالجته سهلة».

«غياب الوعي العالمي»

نساء مُصطفّات للحصول على مساعدات غذائية بجنوب السودان في 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

يتضمّن التقرير أيضاً، لأول مرة، انتقاداً مباشراً لما يسميه «غياب الوعي العام الأساسي بخطورة هذه المظالم»، ولضعف التغطية الإعلامية لهذه الحالات: «تضاعفت كمية الأنباء المتداولة على وسائل الإعلام حول الحروب 6 مرات في السنوات العشر الماضية، لكن نسبة 5 في المائة منها فقط تناولت أوضاع المرأة ومعاناتها الناجمة عن الصراعات».

منذ سنوات تتوالى الاتهامات حول استخدام العنف الجنسي سلاحاً في الصراع الدائر بجمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث سجّلت الأمم المتحدة وقوع 123 ألف حالة اغتصاب في العام الماضي وحده؛ أي بزيادة 300 في المائة على عام 2020، لكن من غير أن يتعرض أي من المرتكبين للإدانة القضائية. والأغرب من ذلك، أن السنوات الماضية شهدت تراجعاً في تمويل المنظمات الناشطة ضمن برامج المساواة والحد من تداعيات الحروب والنزاعات المسلحة على النساء والبنات، في الوقت الذي ازدادت فيه الهجمات والانتقادات التي تتعرض لها هذه المنظمات. ويفيد التقرير بأن السلطات المحلية والوطنية في بلدان، مثل العراق وليبيا واليمن، منعت استخدام مصطلحات مثل «النوع الاجتماعي»، فيما شهدت بلدان كثيرة ازدياداً في الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والفنانات.

في أفغانستان، يشير تقرير الأمم المتحدة إلى حالة «آبارتهايد» تتعرض لها المرأة؛ المحرومة منذ 3 سنوات من حقها في التعليم بعد الثانية عشرة من العمر، وإلى أن محاولات الانتحار تزداد بنسبة خطرة بين النساء منذ صيف عام 2021 عندما عادت «طالبان» إلى الحكم. ويدعو التقرير إلى اتخاذ تدابير عاجلة لمعالجة وضع المرأة في أفغانستان «قبل فوات الأوان».