فيضانات ليبيا: هل تعيق مخلفات الحرب عمليات الإغاثة؟

خلال أعمال الإغاثة من الكارثة التي ضربت ليبيا في سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)
خلال أعمال الإغاثة من الكارثة التي ضربت ليبيا في سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

فيضانات ليبيا: هل تعيق مخلفات الحرب عمليات الإغاثة؟

خلال أعمال الإغاثة من الكارثة التي ضربت ليبيا في سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)
خلال أعمال الإغاثة من الكارثة التي ضربت ليبيا في سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

تشكل مخلفات الحرب من المواد المتفجرة وغير المنفجرة، التي تناثرتها الفيضانات، تهديداً إضافياً لرجال الإنقاذ في مواقع جهود الإغاثة من كارثة الفيضان الأخير الذي ضرب ليبيا، حسب تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

بعد مرور عشرة أيام على الفيضانات التي شهدتها ليبيا والتي خلّفت ما لا يقل عن 11300 قتيل، تتواصل عمليات إيصال مساعدات الإغاثة والمساعدات الإنسانية إلى درنة، دون أن يخلو ذلك من الصعوبات. وبالإضافة إلى الأنقاض والجثث، قد تواجه جهود الإغاثة عقبة جديدة: المتفجرات من مخلفات الحرب.

وبينما يجري تنظيم التضامن الدولي مع ليبيا، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأسبوع الماضي عن «تهديد إضافي للسكان وعمال الإنقاذ والسلطات الذين يحاولون التعامل مع الوضع». فبعد «أن نقلتهم المياه من أماكنهم، يمكن أن تصبح هذه المواد المتفجرة أكثر خطورة من ذي قبل»، وفق اللجنة.

منظر جوي يظهر المباني والمنازل المدمّرة في أعقاب العاصفة القاتلة والفيضانات التي ضربت درنة بليبيا في 20 سبتمبر 2023 (رويترز)

يقول إريك توليفسين، رئيس وحدة تلوث الأسلحة التابعة للمنظمة الدولية: «كانت درنة مسرحاً للقتال لمدة سبع سنوات، ونعلم أنه قبل انهيار السد، كانت الكثير من المناطق لا تزال في حاجة إلى نزع الألغام، ولم يتم ذلك بسبب (قلة) الموارد المتاحة».

ويضيف فريدريك جولي، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن التربة ملوثة أيضاً بوجود ذخائر عنقودية غير منفجرة. ويتابع: «نحو 30 في المائة من هذه القنابل الصغيرة فيها مشاكل ولا تنفجر على الفور، وبالتالي تنتظر الصدمة التي تفجّرها بعد القصف بفترة طويلة».

ويقول فريديريك جولي: «توضح هذه الكارثة الوضع الذي نواجهه في معظم سياقات الحرب، كما هو الحال في أفغانستان أو أوكرانيا». وفي حين قد يعتقد المرء أن القذائف غير المنفجرة المغمورة بالمياه تصبح غير ضارة، إلا أنه في الواقع «عندما تزيحها المياه، يمكن أن تصبح أكثر خطورة من ذي قبل»، يوضح إريك توليفسين.

جانب من المساعدات التي أرسلتها منظمة «يونيسيف» لمساعدة متضرري ليبيا (حساب المنظمة الرسمي بموقع «إكس»)

مهمة «مضنية»

ويقول إريك توليفسين: «في السنوات الأخيرة، عملنا في ليبيا مع شركاء - من المجتمع المدني أو الوكالات الحكومية - على كلا الجانبين لرفع مستوى الوعي بالمخاطر المرتبطة بالتلوث بالأسلحة». لكن بعد أن شهدت ليبيا حرباً أهلية طويلة من عام 2014 إلى عام 2020، فإن المهمة «مضنية»، يأسف إريك توليفسين، مشدداً على أن القدرة على إزالة الألغام «محدودة للغاية».

ويخلص فريدريك جولي بالقول: إنه في الوقت الحالي، لم يتم تسجيل أي حادث، لكن اللجنة الدولية ترغب في «لفت الانتباه إلى هذه الآفة» التي «تؤدي إلى تفاقم القدرة على الاستجابة بالوسائل الأكثر أماناً لفرق العمل والسكان».


مقالات ذات صلة

ليبيا: إطالة مفاوضات أزمة «المركزي» تزيد الضغوط على سلطات طرابلس

شمال افريقيا الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي (المصرف)

ليبيا: إطالة مفاوضات أزمة «المركزي» تزيد الضغوط على سلطات طرابلس

يشير سياسيون ليبيون إلى أنه مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية «المحتملة» بسبب إغلاق النفط، فإن شرائح اجتماعية قد تحمّل سلطات طرابلس المسؤولية بسبب أزمة «المركزي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

تداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات أشهر الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي توصف بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية التونسي خلال اجتماعه مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا (وزير الخارجية التونسي)

«المركزي» الليبي يعلن «تصفير» الدين العام... والمحافظ السابق يدّعي عودته

ادّعى المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، أنه «متأكد من رجوعه مجدّداً إلى ممارسة عمله في المصرف».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا موسى المقريف وزير التربية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة (الوزارة)

ليبيا تستعد للعام الدراسي وسط تحديات اقتصادية وسياسية

ينطلق العام الدراسي الجديد بليبيا في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، وسط تحديات سياسية واقتصادية تعاني منها البلاد، وشكاوى مواطنين من ارتفاع أسعار السلع.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

دخلت السفارة الليبية في العاصمة الأردنية عمّان على خط أزمة الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق، الذي اختفى في بنغازي، قبل أسبوع، وسط دعوات بكشف مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
TT

واشنطن تتعهد بمواجهة «دعاة الحرب» ودعم الانتقال المدني في السودان

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)
جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

جدَّدت الإدارة الأميركية تعهداتها «بالوقوف مع شعب السودان لاستعادة الديمقراطية والحكم المدني، ومواجهة مَن يخوضون الحرب ويُهينون حُلمه وشجاعته». في هذه الأثناء، أعلنت قوات «الدعم السريع» أنها صدّت هجوماً شنّته القوات الحكومية في محور سنار، وألحقت بالقوة المهاجِمة «خسائر فادحة في الأفراد والعتاد»، بينما بقي الوضع في مدينة الفاشر طيّ الغموض.

وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بريلليو، على صفحته في منصة «إكس»، الأحد، إنه وإدارته يقفان «إلى جانب الشعب السوداني في مطلبه الثابت بالديمقراطية الشاملة بقيادة مدنية».

وأبدى بريلليو، بمناسبة «اليوم العالمي للديمقراطية»، احتفاءه «بثورة الشعب السوداني» ضد نظام حكم الإسلاميين، بقيادة الرئيس الأسبق عمر البشير، بقوله: «نحتفي بالشعب السوداني الذي ألهم العالم بانتفاضته لرفض النظام القمعي، ورفض السيطرة على مستقبله».

المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو خلال مؤتمر صحافي في جنيف 12 أغسطس (إ.ب.أ)

وتعهّد بالوقوف ضد «الذين يخوضون هذه الحرب»، وعَدَّ تمسكهم باستمرار الحرب «إهانة للحلم السوداني، واستهانة بشجاعة السودانيين ووقفتهم السلمية»، التي أسقطت النظام القمعي عبر الانتفاضة الشعبية في 11 أبريل (نيسان) 2019.

ومع أن بريلليو لم يذكر صراحةً الذين تعهّد بالوقوف ضدهم من «دعاة استمرار الحرب والاقتتال»، لكن الرجل كان قد سمّاهم بوضوح، في مناسبات صحافية سابقة، بأنهم أنصار النظام السابق، وأعضاء حزبه «المؤتمر الوطني» والإسلاميون.

من جهة أخرى، تناقلت منصات تابعة لقوات «الدعم السريع» مقاطع فيديو تعلن فيها أن قواتها في محور مدينة سنار صدَّت هجوماً شنَّه الجيش السوداني قرب منطقة مايرنو، وألحقت به خسائر فادحة في الأفراد والعتاد، ولم يُعلّق الجيش أو منصاته ومؤيدوه على الخبر.

كما نقلت عدة منصات، تابعة لقوات «الدعم السريع»، ولواء «البراء بن مالك»، نبأ مقتل قيادي بارز في اللواء هو قائد المدفعية بسنار محمد بدوي بشير.

ويتكون «لواء البراء» من متشددين إسلاميين، من أنصار نظام الرئيس عمر البشير، شاركوا في حروبه بجنوب السودان، ويصفه مناوئوه بأنه «ميليشيا» تابعة لحركة «الإخوان المسلمين، أتاح لها الجيش امتلاك مُعدات عسكرية متطورة، بما في ذلك المُسيّرات والمدفعية وغيرها».

وقال الناشط محمد خليفة، على صفحته بمنصة «فيسبوك»، إن قوات من الجيش وكتيبة «البراء بن مالك» و«المستنفرين»، حاولت الانفتاح، جنوب سنار، وغرب مدينة مايرنو، بَيْد أنها وقعت تحت إطلاق نار كثيف ألحق بها خسائر بشرية، وتدمير عربتين قتاليتين، فاضطرت للتراجع»، كما أن قوات «الدعم السريع» هي الأخرى، خسرت عدداً من جنودها في المعركة.

وفي الخرطوم بحري، ذكر شهود عيان أن الطيران الحربي، التابع للجيش، شنَّ هجمات مكثفة على مناطق بشرق النيل؛ حيث تسيطر قوات «الدعم»، دون ذكر تفاصيل حصيلة تلك الغارات. كما شنَّ غارات على مناطق جبل موية استهدفت مواقع لقوات «الدعم».

وبقي الغموض يحيط بالأوضاع في مدينة الفاشر، التي تشهد معارك عنيفة منذ عدة أيام، وسط تضارب كبير في المعلومات، ونقلت منصات مُوالية للطرفين أن الاشتباكات تجددت، صباح الأحد، في المحورين الشرقي والجنوبي.

وكانت قوات «الدعم» قد ذكرت أنها سيطرت على عدد من أحياء مدينة الفاشر، في الأحياء الجنوبية والشرقية، وأن الطيران الحربي «قصف مناطق تابعة للجيش، وقتل عدداً من الجنود وأفراد القوات المشتركة، مستهدفاً تدمير ذخائر يخشى استيلاء (الدعم السريع) عليها حال سقوط المدينة». بَيْد أن تقارير مُوالية للجيش ذكرت أن خمسة من أفراده لقوا مصرعهم، وأُصيب تسعة آخرون، جراء قصفٍ نفّذه طيرانه الحربي عن طريق الخطأ.