العليمي من على منبر الأمم المتحدة: لا مزيد من التنازلات للحوثيين

حذر من عودة العبودية إلى اليمن وطالب بسلام وفق المرجعيات

رئيس مجلس الحكم اليمني خلال توجهه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
رئيس مجلس الحكم اليمني خلال توجهه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

العليمي من على منبر الأمم المتحدة: لا مزيد من التنازلات للحوثيين

رئيس مجلس الحكم اليمني خلال توجهه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
رئيس مجلس الحكم اليمني خلال توجهه لإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

حذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، من على منبر الأمم المتحدة، الخميس، من عودة بلاده إلى عصور العبودية في ظل الوجود الحوثي، وشدد على سلام دائم وفق المرجعيات، مع تأكيده عدم وجود أي تنازلات جديدة للجماعة التي تسيطر على المحافظات الشمالية من البلاد.

تحذيرات العليمي خلال خطابه أمام الاجتماع السنوي للأمم المتحدة في نيويورك، تزامنت مع استعراض الحوثيين في صنعاء لقوتهم العسكرية في سياق احتفالهم بذكرى اجتياح صنعاء، وتباهي قادتهم بما باتوا يمتلكونه من صواريخ وطائرات مسيرة قادرة - بحسب زعمهم - على تهديد كافة المناطق اليمنية والمحيط الإقليمي المجاور.

الحوثيون يستعرضون في صنعاء قدراتهم العسكرية في ذكرى اجتياحهم صنعاء (رويترز)

وقال العليمي إن الآمال تتجدد مع استئناف الجهود السعودية والعمانية في رضوخ الحوثيين للإرادة الشعبية والإقليمية والدولية، مؤكداً أن الهدف من أي جهود للسلام المستدام يجب أن يعني الشراكة الواسعة دون تمييز أو إقصاء، والتأسيس لمستقبل أكثر إشراقاً.

وشدد رئيس مجلس الحكم اليمني على أنه ليس لدى المجلس الذي يقوده والحكومة أي مزيد من التنازلات، مشككاً في نوايا الجماعة الحوثية التي قال إنه يمكن التنبؤ بها لعقود مقبلة.

وحذر العليمي من عودة بلاده إلى عصور العبودية، والإحباط والنسيان، من أن تتحول إلى بؤرة لتصدير الإرهاب، وقال: «إن أي تراخٍ من جانب المجتمع الدولي أو التفريط بالمركز القانوني للدولة، أو حتى التعامل مع الميليشيات باعتبارها سلطة أمر واقع، من شأنه أن يجعل من ممارسة القمع وانتهاك الحريات العامة، سلوكاً يتعذر التخلص منه بأي حال من الأحوال».

واتهم رئيس مجلس القيادة اليمني الحوثيين بأنهم ينظرون إلى عروض السلام على أنها «بالونات اختبار ينبغي التعامل معها من منظور تكتيكي للسيطرة على المزيد من الموارد، وتأجيل قرار المواجهة العسكرية إلى أن تتحقق ظروف أفضل»، مشيراً إلى تنصل الجماعة من كافة الاتفاقات السابقة، وآخرها اتفاق إستوكهولم.

وأكد ضرورة توفر الضمانات الكافية للسلام المستدام الذي يجب أن يتأسس على المرجعيات الثلاث المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والاحتكام للشرعية الدولية، كما جاء في المبادرة السعودية.

العليمي يلقي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (رويترز)

وأضاف أن «أي مبادرة سلام، أو إجراءات لبناء الثقة ينبغي أن تكون قادرة على تحقيق نتائج ملموسة وفورية لتخفيف معاناة الشعب، وأن يستفيد منها ضحايا الصراع، وفي المقدمة النساء والأطفال».

تصعيد وراءه إيران

العليمي في خطابه أشار إلى تصعيد الحوثيين وتهدديهم باستهداف خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، واعتبارها مناطق عسكرية، وتلويحهم باختبار أسلحة جديدة في الجزر اليمنية، واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط، وقال إن ذلك يؤكد استمرار «الميليشيات الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتقويض جهود التهدئة، وإفشال المساعي المبذولة لتجديد الهدنة واستئناف العملية السياسية».

وأكد رئيس مجلس الحكم في اليمن «أهمية ضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، ودعم الإجراءات الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، وعلى رأسها برنامج إيران النووي، وصواريخها الباليستية ودورها التخريبي في المنطقة».

ودعا العليمي المجتمع الدولي إلى إدانة التدخلات الإيرانية السافرة في اليمن، وتحويله إلى منصة تهديد عبر الحدود، وإخضاعها إلى الجزاءات المعتمدة بموجب قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالملف اليمني».

الحوثيون يستعرضون في صنعاء قدراتهم العسكرية في ذكرى اجتياحهم صنعاء (رويترز)

كما دعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الالتزام بنظام حظر الأسلحة، ومواجهة النفوذ الإيراني المزعزع للاستقرار، ومنعه من تزويد ميليشياته بالتقنيات العسكرية كالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي تستخدم في ارتكاب أعمال إرهابية بحق المدنيين الأبرياء.

وفي سياق التحذير من الخطر المحدق ببلاده، أضاف العليمي: «كلما تباطأ المجتمع الدولي عاماً آخر عن تقديم موقف حازم إزاء الملف اليمني، كانت الخسائر أكثر فداحة، والميليشيات والجماعات الإرهابية أكثر خطراً في تهديداتها العابرة للحدود، فضلاً عن انتهاكاتها الفظيعة لحقوق الإنسان».

دعم الاقتصاد

العليمي دعا في خطابه إلى دعم الاقتصاد في بلاده، واستعرض أهم إنجازات المجلس الذي يقوده والحكومة المعترف بها دولياً، وقال إنه يجب الاعتراف «بأن المسار القائم للتدخلات الإنسانية الدولية بحاجة إلى إعادة نظر، ومعالجات جذرية ليتسق ومبادئ القانون الدولي، والمحاذير المتعلقة بتمويل الإرهاب، والتمرد والجماعات المسلحة».

وأكد أنه يجب ضخ التعهدات والتمويلات الدولية عبر البنك المركزي اليمني، لتعزيز موقف العملة الوطنية، وكبح جماح التضخم، وضمان عدم وقوع تلك التمويلات في شبهة الدعم غير المباشر للميليشيات المسلحة. في إشارة للحوثيين.

طائرة «إف 5» شاركت في استعراض الحوثيين في صنعاء الخميس (رويترز)

وحذر من أن هذه السياسات في التمويل تهدد بتغذية اقتصاد الحرب، والسماح بتدفق الأموال والتعهدات عبر منافذ مصرفية غير خاضعة للمساءلة والرقابة الفعالة.

وأثنى العليمي على الدعم السخي السعودي الذي تلقته الحكومة من خلال منحة مالية قيمتها مليار ومائتا مليون دولار دعماً للموازنة العامة للدولة.

وكان العليمي وصل إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، على أمل أن يتمكن من حشد الدعم اللازم لمساندة بلاده على كافة المستويات، وفي مقدمها دعم مسار السلام، وتعزيز الاقتصاد المتهالك بفعل الصراع.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

العالم العربي حطام زعم الحوثيون أنه لطائرة أميركية من دون طيار أسقطوها في صعدة حيث معقلهم الرئيسي (إ.ب.أ)

الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الاثنين، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار، وادعت أنها الطائرة العاشرة التي يجري إسقاطها من النوع نفسه خلال 10 أشهر.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخضعون موظفي هيئة الأدوية بصنعاء لدورات قتالية

أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي الهيئة العليا للأدوية في العاصمة المختطفة صنعاء للتعبئة، حيث أجبرت أكاديميين وأطباء وموظفين على الالتحاق بدورات عسكرية مكثفة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي حشد حوثي في ميدان السبعين في صنعاء يستمع إلى خطبة زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

اعترافات حوثية بممارسة الفساد... واتهامات متبادلة بنهب الموارد

تبادل قادة وناشطون في الجماعة الاتهامات حول ممارسات فساد كبيرة واتهامات للقضاء بالتورط فيها، بالتزامن مع إعلان «نادي المعلمين» نهب الدعم المزعوم لصالح المعلم.

وضاح الجليل (عدن)
الخليج المشروع يرفع كميات ضخ مياه الشرب بصورة مستدامة (واس)

السعودية تدشن مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في عدن اليمنية

دشّن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظة عدن اليمنية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)

الحوثيون يعلنون إسقاط مسيّرة أميركية في أجواء ذمار

أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، اليوم (الاثنين)، أنها أسقطت طائرة أميركية من نوع «إم كيو 9» بصاروخ سطح- جو، خلال قيام الطائرة «بمهام عدائية».

«الشرق الأوسط» (صنعاء )

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هل استهدفت إسرائيل إقصاء الوسطاء عن مفاوضات «هدنة غزة»؟

فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبكون على جثة أحد ضحايا القصف الإسرائيلي في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

مساعٍ وجولات كثيرة قادتها مصر وقطر والولايات المتحدة للوساطة، بهدف إنهاء أطول حرب شهدها قطاع غزة، أسفرت عن هدنة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، استمرت أسبوعاً واحداً؛ غير أن الجهود المتواصلة منذ ذلك الحين واجهتها إسرائيل تارة بفرض شروط أو خطط جديدة، أو توجيه اتهامات للوسيطين المصري والقطري، أو بتكذيب الحليف والوسيط الثالث الأميركي بعد لوم نادر وجهه الرئيس جو بايدن.

ويبدو أن تلك الاتهامات، التي نفتها القاهرة والدوحة وتجاهلتها واشنطن، جزء من «استراتيجية إسرائيلية» وفق ما يقدر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عدّوا كذلك أن تل أبيب تستهدف «تجحيم جهود الوسطاء وكبح مساعيهم لوقف إطلاق النار».

وفي حين يتوقع الخبراء أن «تستمر تلك الاستراتيجية في إطالة أمد المفاوضات لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية»؛ فإنهم يرجحون ألا تنجح «في دفع الوسطاء؛ لا سيما المصري والقطري لأي انسحابات».

وعقب لقاء في لندن، جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بنظيره البريطاني ديفيد لامي، أكد البلدان الأحد، «دعم جهود الوساطة الجارية من جانب الولايات المتحدة ومصر وقطر؛ لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (يسار) مع نظيره البريطاني ديفيد لامي في لندن 10 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

التأكيد الأميركي - البريطاني جاء بعد يومين من بيان عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، الجمعة، أعلن «الدعم الكامل لجهود الوسطاء، ورفض جميع الإجراءات التي تهدف إلى عرقلتها»، بالتزامن؛ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال اتصال هاتفي أجراه مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، عن «تقديره لدور وجهود الوسطاء»، معرباً عن «تطلعه للتوصل إلى هذا الاتفاق في أقرب وقت ممكن»، وفق إفادة لـ«الخارجية» المصرية.

وجاء الدعم اللافت لجهود الوسطاء ومطالبهم، لا سيما الوسيطين المصري والقطري، بعد حديث القناة 12 الإسرائيلية في 10 سبتمبر (أيلول) الحالي، عن أن «مصر وقطر تدرسان إصدار إعلان يحمل إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات».

وكان نتنياهو صعّد انتقاداته للقاهرة منذ أوائل سبتمبر الحالي، وزعم أنها مسؤولة عن تهريب السلاح لغزة عن طريق الأنفاق، قبل أن ترد وزارة الخارجية المصرية في 3 من الشهر ذاته، وترفض تلك الاتهامات وتعدّها «عرقلة لجهود الوساطة واتفاق الهدنة».

وجدد بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، خلال اجتماع مدريد، رفض مصر الوجود العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح، وما يفرضه من انخفاض في وتيرة دخول المساعدات لقطاع غزة، مؤكداً أن «إسرائيل تقوم بتقويض جهود الوساطة».

البيان الوزاري الصادر عن اجتماع مدريد طالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات نشطة لتنفيذ حل الدولتين (واس)

وسبق أن نفى مصدر مصري رفيع المستوى لقناة «القاهرة الإخبارية» في 29 مايو (أيار)، تلك «الاتهامات الإسرائيلية»، ووصفها بأنها «أكاذيب» وبعدها في 13 يوليو (تموز)، دعا مصدر مصري «إسرائيل إلى عدم عرقلة المفاوضات، وطرح مبادئ جديدة تخالف ما تم الاتفاق عليه بهذا الصدد».

ولم تكن مصر وحدها المستهدفة إسرائيلياً، ففي فبراير (شباط) الماضي، رفض متحدث «الخارجية» القطري، ماجد الأنصاري، اتهامات نتنياهو للدوحة بتمويل «حماس»، ودعاه إلى «الانضباط في مسار التفاوض لإبرام صفقة، بدلاً من التركيز على إطالة أمد الصراع».

ولم يسلم الوسيط الأميركي الحليف لإسرائيل، من انتقادات نتنياهو، الذي وصف قبل أيام في مداخلة مع برنامج «فوكس نيوز»، تصريحات البيت الأبيض حول قرب التوصل إلى اتفاق هدنة بـ«الكاذبة وغير الصحيحة»، معرباً عن رفضه «الاتهامات الأميركية بعدم القيام بجهدٍ كافٍ» لاستعادة الرهائن، في إشارة إلى تصريحات في هذا الصدد من الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي طرح في 31 مايو الماضي، مقترحاً لوقف إطلاق النار من 3 مراحل.

آنذاك، عقّب منسق الاتصالات بالبيت الأبيض، جون كيربي، في مؤتمر صحافي، على ما قاله نتنياهو. ورفض الدخول في جدال علني معه، مضيفاً: «الاتصالات الأميركية مع الإسرائيليين مستمرة ونحاول حل الخلافات والتوصل إلى حل وسط».

وبرأي مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، فإن «إسرائيل لا تستطيع إقصاء الوسطاء، لكن تسعى لتحجيم أدوراهم بصور مختلفة، باتهامات زائفة؛ منها تعطيل المفاوضات والقرب من (حماس)، وتهريب أسلحة لها»، لافتاً إلى أن إسرائيل لا تريد للوسطاء أن يسمعوا لكلا الطرفين وتريد أن يستمعوا لها فقط.

وباعتقاد الشوبكي، فإن البيانات في الآونة الأخيرة سواء عربياً أو دولياً بدعم مصر وقطر، رسالة لإسرائيل بأن المجتمع الدولي والدول الكبرى؛ الكل راغب في استمرار جهود الوسطاء ووقف تلك الاتهامات.

تلك الاتهامات الإسرائيلية ضمن الضغوط المتواصلة تجاه مصر وقطر، تحديداً لـ«تجحيم أدوراهما وتهرب نتنياهو من استحقاقات التوصل إلى اتفاق»، وفق تقدير الأكاديمي المصري، في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور.

ويصف السفير الفلسطيني، السابق، بركات الفرا، تلك الضغوط الإسرائيلية، بأنها ضمن «استراتيجية تهدف لتحجيم الأدوار التي تقوم بها مصر وقطر، بهدف إطالة نتنياهو أمد المفاوضات أملاً في وصول حليفه ودعمه دونالد ترمب للبيت الأبيض».

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» يوليو الماضي (د.ب.أ)

بالمقابل، ترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحكومة الإسرائيلية لم تبذل أي جهد لاستبعاد مصر أو الولايات المتحدة، لكنّ هناك جهوداً مستمرة لإقصاء مصر من الوساطة من قبل مجموعة من أصحاب المصالح؛ بعضهم من الإسرائيليين اليمينيين بخلاف المعادين لمصر».

وتضيف أن «الحكومة الإسرائيلية غير راضية عن قطر بدعوى مساعدتها (حماس)، لكنها لا تستطيع إجبارها على الانسحاب دون موافقة الولايات المتحدة، التي تشيد بالدوحة، لكن إسرائيل ترى أن واشنطن هي أفضل طرف ممكن للوساطة وأقل تحيزاً ضدها، مع امتلاكها أكبر قدر من النفوذ الدولي».

مخالفاً لرأيي تسوكرمان، يعتقد المحلل المختص بالشأن الأميركي، مايكل مورغان، أن حكومة نتنياهو «عملت على إقصاء أي وساطة لوقف إطلاق النار»، مؤكداً أن دعم جهود الوسيطين مصر وقطر، مهم، خصوصاً لأهمية القاهرة الجيوستراتيجية للسلام بالمنطقة وقرب «حماس» من قطر في تسهيل أي اتفاق.

وإزاء ضغوط إسرائيلية كثيرة، لوح الوسيطان المصري والقطري، بإمكانية الانسحاب، في شهور سابقة، قبل أن تطرح التسريبات الإسرائيلية للقناة الـ12 ذلك المسار من جديد.

وكان رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال في أبريل (نيسان) الماضي، إن الدوحة «تقوم بعملية تقييم شامل لدور الوساطة الذي تقوم به»، إزاء استمرار الانتقادات الإسرائيلية.

ولوحت مصر أيضاً بذلك في 22 مايو 2024، عقب رفضها تقريراً نشرته «سي إن إن» الأميركية نقلاً عن مصادر أميركية وإسرائيلية، يدعي أنها غيّرت شروط صفقة وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة أن استمرار التشكيك «قد يدفع الجانب المصري لاتخاذ قرار بالانسحاب الكامل من الوساطة»، وفق ما ذكرته هيئة الاستعلامات المصرية آنذاك.

وقالت الهيئة إن «القاهرة لاحظت خلال الفترات الأخيرة قيام أطراف بعينها بممارسة لعبة توالي توجيه الاتهامات للوسيطين، القطري تارة ثم المصري تارة أخرى، واتهامهما بالانحياز لأحد الأطراف وإلقاء اللوم عليهما، للتسويف والتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن صفقة وقف إطلاق النار».

بينما قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بمؤتمر صحافي الاثنين، في روسيا: «لن نتوقف عن جهودنا الدؤوبة لسرعة التوصل إلى وقف إطلاق النار بقطاع غزة، وسنواصل جهودنا بالتعاون مع الشركاء لتحقيق ذلك».

وأكدت صحيفة «الشرق» القطرية، الأحد، في افتتاحية عددها، أن «جهود قطر المكثفة لإنهاء حرب غزة خلال الوساطة المشتركة التي تقودها مع مصر والولايات المتحدة، جهود مستمرة لن تثنيها عقبات ولا عراقيل».

ولا يتوقع الشوبكي أن تغادر مصر وقطر جهود الوسطاء، باعتبارها التزاماً تجاه فلسطين لرفع المعاناة عنها، وتأكيداً لحضور إقليمي دولي مهم للبلدين، واضعاً تلك التسريبات الحديثة في إطار السجال الإعلامي، مستبعداً أن تقترب المفاوضات من اتفاق إلا بعد الانتخابات الأميركية الرئاسية «إذا استمر تعنت نتنياهو».

ويتفق كل من الفرا وأنور في أن مصر مستمرة بالوساطة، ولديها وسائل أخرى ترسل بها رسائل «تكشر بها عن أنيابها حماية لأمنها القومي»، سواء بتأجيل استقبال السفير الإسرائيلي الجديد، أو كما حدث من زيارة رئيس الأركان المصري للحدود مع غزة الفريق أحمد خليفة، في 5 سبتمبر الحالي، أو إبقاء الاتصالات على المستوى الأمني فقط.

وأيضاً لا تعتقد إيرينا تسوكرمان أن مصر أو قطر ستنسحبان من المفاوضات رغم الصعوبات، لأسباب كثيرة؛ منها النفوذ الدبلوماسي المزداد مع وجودهما بتلك الوساطة، وعدم الانسحاب أيضاً خيار يتوقعه مايكل مورغان، لاعتبارات أهمها تسهيل إتمام الاتفاق.