بايدن يلجأ إلى «جدار ترمب» لوقف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا

إدارته تبدأ بترحيل آلاف الفنزويليين في ظل ضغوط من الجمهوريين والديمقراطيين

عمال يرفعون جزءاً من الجدار الحدودي مع المكسيك في 10 سبتمبر 2019 (أ.ب)
عمال يرفعون جزءاً من الجدار الحدودي مع المكسيك في 10 سبتمبر 2019 (أ.ب)
TT

بايدن يلجأ إلى «جدار ترمب» لوقف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا

عمال يرفعون جزءاً من الجدار الحدودي مع المكسيك في 10 سبتمبر 2019 (أ.ب)
عمال يرفعون جزءاً من الجدار الحدودي مع المكسيك في 10 سبتمبر 2019 (أ.ب)

غداة زيارة مسؤولين أميركيين كبار للمكسيك، أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن أنها ستواصل توسيع نطاق الجدار الذي بدأه الرئيس السابق دونالد ترمب على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، بموازاة الشروع في ترحيل آلاف الفنزويليين سعياً للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود المكسيكية - الأميركية.

ولطالما كان بايدن يندد خلال حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2020، بجهود منافسه الجمهوري ترمب لبناء الجدار، عادّاً أنه «ليس حلاً سياسياً جدياً». لكن إدارته أعلنت الخميس، تنازلها عن أكثر من 20 من القوانين واللوائح الفيدرالية للسماح ببناء حواجز مادية على طول جزء من الحدود، قرب ماكالين في جنوب تكساس.

وصرح بايدن الخميس، بأنه لا خيار أمامه سوى استخدام الأموال لبناء الجدار. وفي إشارة إلى الكونغرس، قال: «خصصت الأموال للجدار الحدودي. حاولت إقناعهم بإعادة تخصيص تلك الأموال وإعادة توجيهها. لم يفعلوا ذلك. لن يفعلوا ذلك». وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن الجدار فعال، أجاب: «لا».

الرئيس جو بايدن لدى عقده مؤتمراً صحافياً بالبيت الأبيض في 4 أكتوبر (أ.ب)

وأعلنت إدارة بايدن أن دوريات الحدود الأميركية في وادي ريو غراندي، حيث سيبنى الجزء الجديد من الجدار، واجهت أكثر من 245 ألف مهاجر دخلوا البلاد بشكل قانوني أو غير قانوني خلال السنة المالية 2023 التي انتهت في سبتمبر (أيلول) الماضي. وأضافت أن البناء سيحصل بأموال خصصها الكونغرس عام 2019 لوادي ريو غراندي، عقب إعلان إدارة ترمب السابقة عن وضع كارثي بسبب ارتفاع عدد عابري الحدود.

تحوّل جذري

وتمثل هذه القرارات تحوّلاً جذرياً من إدارة بايدن الديمقراطية، التي تتعرض لضغوط سياسية من أجل وقف تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة عبر الحدود مع المكسيك، وتصاعد الانتقادات بين الجمهوريين وكذلك الديمقراطيين في نيويورك وشيكاغو وأماكن أخرى، الذين يؤكدون أن هذا التدفق يفوق قدرتهم على إيواء المهاجرين وإطعامهم.

مهاجرون عند الجدار الحدودي بعد معبر نهر ريو برافو يستعدون لتسليم أنفسهم إلى حرس الحدود الأميركية 5 أكتوبر (رويترز)

واتخذت هذه القرارات في اليوم الذي أجرى فيه وزراء الخارجية أنتوني بلينكن، والأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، والعدل ميريك غارلاند، محادثات في مكسيكو سيتي مع الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور ومسؤولين آخرين، بالتزامن مع التركيز على قضايا الجدار والترحيل، بوصفها من أبرز التحديات التي تواجه بايدن، وتعمق انقسامات الكونغرس بحدة حول نظام الهجرة الذي عفا عليه الزمن.

وفي دفاعه عن قرار المضي في بناء جزء من الجدار، أفاد مايوركاس في بيان، بأن العمل مطلب قانوني نابع من الاعتمادات المالية خلال إدارة ترمب، علماً بأن بايدن كان يرى أن مثل هذه الحواجز «غير فعالة في الحد من الدخول غير القانوني» من المكسيك. وفي إشعار آخر، أوضح مايوركاس أن تخفيف القوانين ضروري لتسريع بناء أجزاء من الجدار الحدودي في جنوب تكساس، حيث يعبر آلاف المهاجرين نهر ريو غراندي يومياً للوصول إلى الأراضي الأميركية.

هجرة غير مسبوقة

وفي إشارة إلى الولايات المتحدة والمكسيك، قال أيضاً: «يواجه بلدنا تحدياً يتمثل في مستوى لا سابق له من الهجرة في كل أنحاء نصف الكرة الأرضية لدينا». وأضاف أن «هناك حالياً حاجة ماسة وفورية لبناء حواجز مادية وطرق قرب الحدود الأميركية من أجل منع الدخول غير القانوني إلى الولايات المتحدة»، عادّاً أن «التنازل عن القوانين والمتطلبات الأخرى أمر ضروري لإكمال العمل بسرعة أكبر».

وتوقع مسؤولان أميركيان أن تبدأ رحلات الإعادة إلى الوطن قريباً، من دون تقديم تفاصيل حول موعد الرحلة الأولى. ويأتي الترحيل بعد وقت قصير من قيام الإدارة بزيادة وضع الحماية لآلاف الفنزويليين الذين وصلوا سابقاً إلى الولايات المتحدة، ويجب أن يكونوا دخلوا البلاد قبل 31 يوليو (تموز) من هذا العام، ليكونوا مؤهلين للحصول على وضع الحماية الموقتة.

وقال مايوركاس: «قررنا أنه من الآمن إعادة المواطنين الفنزويليين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بعد 31 يوليو، وليس لديهم أساس قانوني للبقاء هنا».

وعلق بلينكن أن «لدينا التزاماً حازماً لتوفير الحماية لأولئك المؤهلين. وهذا يظل ذا أهمية قصوى في كل ما نقوم به». وكان بلينكن ناقش تدفق المهاجرين مع نظيرته المكسيكية أليسيا بارسينا، بالإضافة إلى وزيرتي الخارجية البنمية والكولومبية. واستكملت بالمحادثات مع لوبيز أوبرادور.

انتقاد مكسيكي

وأعلنت بارسينا أنه جرى تسجيل نحو 10 آلاف مهاجر على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك الأربعاء الماضي. وقالت: «سنواصل اتخاذ إجراءات قوية، بما في ذلك مواصلة بعض الجهود التي قمنا بها بالفعل فيما يتعلق بالمساعدة على العودة، وتنسيق تفكيك شبكات الاتجار بالبشر».

وأفاد بلينكن بأن الحكومة الأميركية تعمل على دعم تلك الجهود. وقال: «نتخذ خطوات لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً، والأكثر عرضة للجريمة المنظمة، حيث نقوم بتدريب نحو 200 من مسؤولي الهجرة المكسيكيين لفحص وتحديد ومساعدة ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين بشكل أفضل». وأكد أن «حجم هذا التحدي يتطلب منا مضاعفة جهودنا، وبذل مزيد من الجهود لزيادة الهجرة القانونية... والمزيد لمعالجة الأسباب الجذرية والمزيد لردع الهجرة غير النظامية بشكل إنساني».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيرته المكسيكية أليسيا بارسينا في مكسيكو سيتي 5 أكتوبر (رويترز)

وصرح لوبيز أوبرادور خلال مؤتمر صحافي، بأن المكسيك أكدت خلال المحادثات موقفها بضرورة وجود استثمار لتحفيز التنمية في البلدان التي يغادرها المهاجرون. وقال إن «الناس لا يتركون مدنهم لأنهم يريدون ذلك، بل بدافع الضرورة»، منتقداً إعلان إدارة بايدن أنها تنازلت عن 26 قانوناً فيدرالياً بجنوب تكساس للسماح ببناء الجدار الحدودي.

الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووفود حكومية بمكسيكو سيتي في 5 أكتوبر (أ.ف.ب)

فنزويلا وكوبا

ولم يناقش مسؤولو الإدارة الأميركية تفاصيل حول عدد مرات رحلات الترحيل إلى فنزويلا، أو يصفوا كيف وافقت فنزويلا على قبول عودة مواطنيها، باستثناء القول إن الولايات المتحدة، مثل الدول الأخرى حول العالم، شجعت فنزويلا منذ فترة طويلة على قبول عودة مواطنيها.

وكذلك أعلنت كوبا، وهي خصم آخر للولايات المتحدة، في وقت سابق من هذا العام، أنها ستبدأ في قبول المرحلين الكوبيين، ولكن لم تكن هناك سوى رحلة واحدة في الشهر.

مهاجرون فنزويليون يطلبون اللجوء في الولايات المتحدة على ضفاف نهر ريو برافو في سيوداد خواريز بالمكسيك 5 أكتوبر (رويترز)

وفي كراكاس، أعلنت الحكومة الفنزويلية أنها توصلت إلى اتفاق مع المسؤولين الأميركيين بشأن عودة آمنة ومنظمة إلى الوطن. وأفادت وزارة الخارجية الفنزويلية عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، أن «الهجرة الفنزويلية في السنوات الأخيرة نتيجة مباشرة لتطبيق الإجراءات القسرية الأحادية والحصار المفروض على اقتصادنا». وأكدت أن الحكومة ستدعم الفنزويليين العائدين إلى وطنهم.


مقالات ذات صلة

المعارضة اليونانية تطالب بالتحقيق في مزاعم إلقاء مهاجرين في البحر

أوروبا مهاجرون خارج عربة إسعاف بعد عملية إنقاذ نفّذها خفر السواحل اليوناني (أرشيفية - أ.ب)

المعارضة اليونانية تطالب بالتحقيق في مزاعم إلقاء مهاجرين في البحر

طالب حزب المعارضة اليوناني بفتح تحقيق بعد تقرير «بي بي سي»، يزعم أن خفر السواحل اليوناني كان مسؤولاً عن وفاة عشرات المهاجرين خلال السنوات الثلاث الماضية.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

وصول 160 مهاجراً جزائرياً إلى سواحل إسبانيا خلال الأسبوع الحالي، تزامناً مع قلق السلطات الجزائرية من تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)

«الصندوق الدولي للتنمية الزراعية» يحذر من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

حذّر الصندوق الدولي للتنمية الزراعية من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تتمثل في الهشاشة والهجرة والتغير المناخي والأمن الغذائي

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شمال افريقيا ميلوني (أقصى اليمين) وسعيد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته في قرطاج يونيو الماضي (أ.ف.ب)

ميلوني تناقش في تونس ملف الهجرة الشائك

تترقب تونس زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، الأربعاء المقبل، حيث سيكون على رأس اهتماماتها ملف الهجرة غير الشرعية المنطلقة من تونس.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجيش يوقف تجار مخدرات (وزارة الدفاع)

الأمن الجزائري يوقف المئات من الأشخاص بين مهربين ومهاجرين

بينما اعتقلت وحدات من الجيش 833 شخصاً بين مهربين غير شرعيين، في عمليات متفرقة، صرَح قائد الجيش سلاح الدرك «دعامة أساسية» في خطة محاربة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

هاريس تتهم ترمب بـ«عدم إظهار الاحترام» في مقبرة عسكرية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

هاريس تتهم ترمب بـ«عدم إظهار الاحترام» في مقبرة عسكرية

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

اتهمت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، السبت، خصمها في الانتخابات الرئاسية دونالد ترمب بـ«عدم احترام الأرض المقدسة» في مقبرة أرلينغتون العسكرية الوطنية التي زارها المرشح الجمهوري، الاثنين.

وكتبت المرشحة الديمقراطية على منصة «إكس»: «اختار دونالد ترمب تصوير مقطع فيديو هناك مما أدى إلى شجار مع العاملين في المقبرة. لنكن واضحين: الرئيس السابق لم يحترم أرضاً مقدسة، كل ذلك لغاية سياسية».

وزار الرئيس السابق مقبرة أرلينغتون الوطنية قرب واشنطن الاثنين للمشاركة في حفل تكريم الجنود الـ13 الذين قتلوا خلال انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021.

وأعلنت مقبرة أرلينغتون، الأربعاء، أن مشاجرة وقعت خلال الزيارة بين فريق دونالد ترمب الذي كان يسعى لالتقاط صور للتكريم وعاملين في المقبرة.

وردت أوساط المرشح الجمهوري الذي يواصل انتقاد المعسكر الديمقراطي بشأن الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021، بنشر بيان أكدت فيه أن عائلات الجنود «وافقت» على وجود مصورين.

من جهته، أكد الجيش الأميركي، الخميس، أن موظفة في أرلينغتون: «تعرضت للدفع فجأة» في أثناء زيارة ترمب، بينما كانت تحاول تطبيق قانون فيدرالي يحظر أي نشاط سياسي داخل المقبرة.

وقال متحدث باسم الجيش الأميركي في بيان: «ما حصل كان حادثاً مؤسفاً. ومن المؤسف أيضاً التشكيك بشكل غير عادل في الموظفة وكفاءتها المهنية».

انتقدت كامالا هاريس، السبت، موقف ترمب قائلة إن المقبرة «ليست مكاناً لممارسة السياسة».

وكتبت: «إذا كان هناك شيء واحد يمكن أن نتفق عليه نحن الأميركيين فهو أنه ينبغي تكريم قدامى المحاربين وعائلات العسكريين والجنود وعدم التقليل من شأنهم ومعاملتهم بأقصى درجات الاحترام والامتنان». وأضافت: «إنني على اقتناع تام بأن شخصاً غير قادر على الوفاء بهذا الواجب البسيط والمقدس لا يجوز أن يكون أبداً رئيساً للولايات المتحدة».