وزير الداخلية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: ضبط عناصر من «حزب الله» في عدن

أكد فاعلية الشراكة الأمنية مع السعودية... وقال إن الحوثيين في أضعف حالاتهم

TT

وزير الداخلية اليمني لـ«الشرق الأوسط»: ضبط عناصر من «حزب الله» في عدن

كشف وزير الداخلية اليمني أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عناصر إيرانيين ومن حزب الله اللبناني (تصوير تركي العقيلي)
كشف وزير الداخلية اليمني أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عناصر إيرانيين ومن حزب الله اللبناني (تصوير تركي العقيلي)

كشف وزير الداخلية اليمني اللواء إبراهيم حيدان أن الأجهزة الأمنية اليمنية ضبطت عناصر من «حزب الله» وسوريين وإيرانيين ضالعين في أنشطة تهريب المخدرات ودعم الحوثيين، مضيفاً أن هذه العناصر على ارتباط بشبكات تهريب المخدرات التي انتقلت إلى اليمن بعد سقوط نظام الأسد في سوريا.

وقال الوزير إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض في مطار عدن الدولي على عنصرين؛ أحدهما من «حزب الله»، والآخر سوري، مبيناً أن العملية جاءت بعد قصف مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون وتعطُّل الرحلات؛ حيث حاول هؤلاء الخبراء المرور عبر مطار عدن كسياح. وأضاف أن «المتهمين لا يزالان قيد الاحتجاز في عدن».

وأوضح الوزير في حوار موسَّع مع «الشرق الأوسط» أن محكمة يمنية أصدرت قبل أيام حكماً بإعدام 6 إيرانيين قاموا بتهريب أطنان من المخدرات، بعد إدانتهم بالمشاركة في عمليات تهريب واسعة مرتبطة بشبكات إقليمية تموّل الميليشيات الحوثية.

ويتهم الوزير إيران بأنها، وبعد سقوط بعض أذرعها التقليدية في المنطقة، باتت تركّز جهودها على اليمن، من خلال نقل خبراء عسكريين ومصانع للمخدرات والطائرات المسيّرة.

كشف وزير الداخلية اليمني أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على عناصر إيرانيين ومن حزب الله اللبناني (تصوير تركي العقيلي)

ووصف اللواء حيدان الشراكة الأمنية بين بلاده والسعودية بأنها تمر بأفضل مراحلها، مشيراً إلى أن التعاون الأمني بين البلدين حقق نجاحات كبيرة في القبض على عناصر إرهابية، وعناصر إجرامية.

ويعتقد وزير الداخلية اليمني أن الجماعة الحوثية «في أضعف حالتها»، ووصف العمليات الأخيرة (الإسرائيلية) التي طالت قيادات مدنية وعسكرية حوثية واعترفت بها الجماعة نفسها، بأنها شكّلت ضربة قوية وحساسة أدّت إلى شرخ وانشقاق في الصف الداخلي للجماعة.

الشراكة الأمنية مع السعودية

وفي حين أكد وزير الداخلية اليمني اللواء إبراهيم حيدان أن الشراكة الأمنية بين بلاده والسعودية «تمرّ بأفضل مراحلها»، فإنه وصف إياها بأنها «نموذج متميّز للتعاون الأمني المثمر» الذي بُني على مراحل متراكمة من التنسيق الوثيق بين قيادات البلدين.

ولفت الوزير إلى التعاون الأمني بين الجانبين، وكيف «أثمر نجاحات كبيرة على الأرض»، من أبرزها العملية الأمنية المشتركة في محافظة المهرة «التي أسفرت عن القبض على خلية تابعة لتنظيم (داعش) وعدد من أخطر عناصرها، بفضل التنسيق المباشر مع الأجهزة الأمنية السعودية عبر الوحدات الخاصة».

وقال الوزير إن «التنسيق المعلوماتي بين وزارة الداخلية اليمنية والجهات الأمنية المختصة في المملكة كان عاملاً حاسماً أيضاً في النجاحات الأخيرة بمجال مكافحة تهريب المخدرات؛ حيث تمكّنت الأجهزة الأمنية من إحباط عدد من العمليات وضبط كميات كبيرة من المواد المحظورة»، مؤكداً أن الدعم السعودي لا يقتصر على العمليات الميدانية، وأن الدعم يشمل كذلك التدريب والتأهيل ورفع كفاءة الكوادر الأمنية.

أبرز مظاهر هذا الدعم البرامج التدريبية التي نُفّذت، العام الماضي، لتأهيل العاملين في المنافذ البرية والجوية والبحرية، ومن بينها دورة متخصصة في سيئون ركّزت على تقنيات التفتيش الحديثة، وطرق كشف عمليات تهريب المخدرات والأسلحة والممنوعات، وكيفية التعامل مع الأجهزة التقنية المتطورة.

الوضع الأمني في المناطق المحررة

يرى حيدان أن تقييم الوضع الأمني في محافظة عدن والمناطق المحررة يجب أن يأخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد، موضحاً أن «اليمن يعيش حالة غير مستقرة منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة في عام 2014، وسيطرتها على مقدرات الجيش والأمن في صنعاء».

وقال الوزير إن الأجهزة الأمنية «اضطرت للانطلاق من الصفر بعد الانقلاب»، مبيناً أن «الميليشيات الحوثية حين هربت من المدن التي كانت تسيطر عليها، عمدت إلى تفجير وتخريب ونهب مقرات الأجهزة الأمنية ومرافقها الحيوية»، مؤكداً على دور محوري لتحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات في إعادة تأهيل تلك المنشآت ورفع كفاءة الأجهزة الأمنية وقدراتها، مشيراً إلى أن «أحد أهم الإنجازات يتمثل في تحقيق الربط والقيادة والسيطرة بين إدارات الأمن في مختلف المحافظات، ما يتيح سرعة التبليغ والتحرك والقبض على الخارجين عن القانون عند وقوع أي حادثة أمنية أو إرهابية».

كما أسهم هذا التطور التقني والتنظيمي في تعزيز التعاون الإقليمي، وفقاً للوزير الذي تحدث أيضاً عن تنسيق مستمر وتبادل للمعلومات مع السعودية ودول التحالف شمل تسليم عدد من المطلوبين والمجرمين بين الجانبين.

توحيد الأجهزة الأمنية

يعتقد وزير الداخلية اليمني أن «تحسن الأداء الأمني في عدن بات واضحاً وملموساً»، لكنه يوقن بأن «العائق الأكبر أمام الوصول إلى مستويات أعلى من الكفاءة يكمن في عدم استكمال توحيد الأجهزة الأمنية تحت مظلة وزارة الداخلية».

يؤكد حيدان أن العائق الأكبر أمام الوصول إلى مستويات أعلى من الكفاءة يكمن في عدم استكمال توحيد الأجهزة الأمنية (تصوير: تركي العقيلي)

ويقول إن «العملية الأمنية في عدن والمناطق المحررة تواجه تحديات مرتبطة بتأخر تنفيذ بنود دمج الوحدات الأمنية والعسكرية، المنصوص عليها في إعلان نقل السلطة وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي»، موضحاً أن «اللجنة الأمنية والعسكرية بذلت جهوداً كبيرة في هذا الإطار، إلا أن عملية الدمج لم تُستكمل حتى الآن في بعض المحافظات، ومن بينها عدن».

في الوقت نفسه، يؤكد الوزير أن التنسيق الحالي بين الأجهزة الأمنية في عدن والمحافظات المحرَّرة قائم ومتفاعل: «لكن عندما يكون القرار موحداً والقيادة واحدة، فستكون النتائج أكثر فاعلية، وسينعكس ذلك بشكل مباشر على تعزيز الأمن والاستقرار في المدينة وسائر المناطق المحررة».

الخلايا الحوثية

أكد اللواء إبراهيم حيدان أن الأجهزة الأمنية «نجحت خلال الفترة الماضية في تفكيك وضبط عدد كبير من الخلايا الحوثية الإرهابية» التي تنشط في المحافظات المحررة»، مبيناً أن تلك الخلايا تعمل على «تجنيد واستقطاب الشباب، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، لإرسالهم إلى معسكرات تدريب في مناطق سيطرة الميليشيات، قبل إعادتهم لتنفيذ مهام عدائية».

وأضاف أن الأجهزة الأمنية «أحبطت مخططات متقدمة لزرع عبوات ناسفة وعمليات اغتيال في محافظات عدن ومأرب وشبوة وحضرموت»، لافتاً إلى أنه «لا تمر فترة شهرين دون ضبط خلية جديدة».

كشف الوزير أن جماعة الحوثي الإرهابية في أضعف حالتها (تصوير: تركي العقيلي)

وبحسب الوزير، فإن آخر عملية نوعية نُفذت في عدن بجهود الحزام الأمني «أسفرت عن ضبط نحو 70 شخصاً جرى تجنيدهم من قبل الحوثيين»، بينما «تم ضبط خلية أخرى في حضرموت تضم 16 عنصراً كانوا في طريقهم إلى مناطق الانقلابيين».

وشدد الوزير حيدان على أن «الداخلية تخوض حرباً أمنية موازية لمعركة الجيش الوطني في الجبهات»، مضيفاً أن «الوزارة تؤمّن الخطوط الخلفية وتواجه محاولات الحوثيين اختراق المناطق المحررة عبر خلاياها النائمة».

مكافحة التهريب

أكد وزير الداخلية اليمني أن وزارته «تتبنّى استراتيجية مرنة في مواجهة شبكات التهريب، تتكيّف مع طبيعة كل مجال، سواء كان بحرياً أو برياً»، مشيراً إلى أن «مكافحة التهريب تمثل اليوم إحدى أهم أولويات العمل الأمني في البلاد».

وأوضح اللواء حيدان أن «التهريب البحري يشكّل تحدياً مع محدودية إمكانات خفر السواحل»، مبيناً أن الوزارة «عوّضت هذا النقص بالاستعانة بالصّيادين كمصادر معلومات ميدانية؛ الأمر الذي أسهم في نجاح الحملة الأخيرة في باب المندب - رأس العارة، التي نُفّذت بقيادة العميد حمدي شكري وجهاز مكافحة المخدرات، وتم خلالها ضبط كميات كبيرة من المواد المخدّرة».

سفينة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية كانت تحمل شحنة ممنوعات للحوثيين (إكس)

وكشف الوزير عن ضبط «سفينة إيرانية قبل أسبوع بالتعاون مع البحرية الباكستانية وخفر السواحل اليمنية، كانت تحمل شحنة ضخمة من المخدرات»، مؤكداً أن «إيران تموّل أنشطتها وأذرعها عبر تجارة المخدرات، وتسعى لتوسيع هذا النشاط عبر الأراضي والمياه اليمنية».

وشدّد اللواء إبراهيم حيدان على أن التهريب البري لا يقل خطورة، موضحاً أن «الأجهزة الأمنية ضبطت خلال الفترة الماضية شحنات من المتفجرات والأسلحة وأجهزة اتصالات حساسة في منفذ صرفيت، بعضها يُستخدم في صناعة الطائرات المسيّرة»، مضيفاً أن «قبل ثلاثة أسابيع تم إحباط محاولة تهريب مصنع لإنتاج المخدرات في منفذ شحن كان في طريقه إلى مناطق الحوثيين، ولا تزال القضية قيد التحقيق».

وبيّن الوزير أن «إيران وبعد سقوط بعض أذرعها التقليدية في المنطقة، باتت تركّز جهودها على اليمن، من خلال نقل خبراء عسكريين ومصانع للمخدرات والطائرات المسيّرة».

وأفاد الوزير بأن اليمن لديه معلومات مؤكدة عن تورط «عناصر حوثية في تدريب حركة الشباب الصومالية على استخدام الطيران المسيّر مقابل تنسيق عملياتي لرصد السفن في البحر الأحمر».

مكافحة الإرهاب

أكد اللواء إبراهيم حيدان أن مكافحة الإرهاب «تمثل إحدى أولويات الحكومة، في ظل الوضع الأمني الهش الذي تمرّ به البلاد»، مشيراً إلى أن التنظيمات الإرهابية «تستغل فترات عدم الاستقرار لتوسيع نفوذها وتحقيق مكاسب مالية وسياسية».

وقال حيدان إن «العناصر الإرهابية تحاول التخفي خلف لافتات مختلفة لتبرير نشاطها وتمويل عملياتها»، موضحاً أن «العملية الأخيرة في مديرية المحفد بمحافظة أبين كشفت حجم هذا التهديد؛ حيث حاولت مجموعة إرهابية اقتحام المجمع الحكومي، لكن تمّ إفشال الهجوم بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل ستة من عناصر التنظيم، فيما ارتقى عدد من أبطال الجيش شهداء، وأُصيب آخرون».

أكد اللواء حيدان أن الشراكة الأمنية بين بلاده والسعودية تمر بأفضل مراحلها (تصوير تركي العقيلي)

وأوضح الوزير أن «الطبيعة الجغرافية الصعبة في محافظات أبين وشبوة والبيضاء تشكّل ملاذاً للتنظيمات الإرهابية، التي تتخفّى تحت غطاء القبيلة والعلاقات الاجتماعية»، مبيناً أن «تلك الجماعات الإرهابية (مثل الحوثيين) توجَد أيضاً في حضرموت والمهرة، لكنها لا تنفذ عمليات إرهابية هناك، بل تستخدم هذه المحافظات لممارسة أنشطة تجارية لتمويل عملياتها».

الحوثي في أضعف حالاته

قال وزير الداخلية اليمني إن «جماعة الحوثي الإرهابية في أضعف حالاتها»، مُشيراً إلى أن «العمليات الأخيرة التي طالت قيادات حكومية وعسكرية، واعترفت بها الجماعة نفسها، شكّلت ضربة قوية وحساسة أدّت إلى شرخ وانشقاق في الصف الداخلي للجماعة».

وأوضح اللواء حيدان أن «بقاء الجماعة متماسكة ظاهرياً في هذه المرحلة لا يعود إلى قوّتها، بقدر ما يعكس حسابات ومصالح بعض الدول التي تريد استمرار المشهد على ما هو عليه»، محذراً من «يراهنون على الحوثي ويظنّونه سنداً» بأنه «سيُغرِقهم».

وأشار الوزير إلى أن «هجمات الحوثي على الملاحة في البحر الأحمر، واستهداف السفن التجارية والدولية قد كشفت للرأي العام الدولي والعربي الوجه الحقيقي للمشروع الذي يخدم حسابات خارجية، وليس مصالح الشعب اليمني».

التحول الرقمي

أكد وزير الداخلية اليمني أن الوزارة «حققت نقلة نوعية في مسار التحول الرقمي خلال السنوات الأخيرة»، وقال إن «الخطوة الأولى كانت إدخال نظام البصمة البيومترية، وهو النظام الذي تطبّقه معظم دول العالم كأساس للتحوّل نحو الحكومة الإلكترونية».

أكد حيدان أن الوزارة حققت نقلة نوعية في مسار التحول الرقمي خلال السنوات الأخيرة (سبأ)

وأوضح الوزير أن «البطاقة الذكية التي أنجزت بدعم سعودي أصبحت الأساس لكل الخدمات الإلكترونية، ومنها الجواز الإلكتروني، ونظام المرور، والبصمة الجنائية، وبصمة اللاجئين».

وكشف اللواء حيدان أن «مشروع الجواز الإلكتروني الجاري العمل عليه سيمثّل مرحلة متقدمة في تعزيز الشفافية ورفع قيمة الجواز اليمني دولياً».

التعاون مع الولايات المتحدة

أكد وزير الداخلية أن العلاقات الأمنية بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية «ممتازة وتشهد تطوراً متدرجاً نحو استعادة مستوى الشراكة الذي كان قائماً قبل انقلاب الحوثيين عام 2014»، مشيراً إلى أن التعاون بين الجانبين «يعود تدريجياً إلى مساره الطبيعي بعد سنوات من الانقطاع».

وأضاف الوزير: «استطعنا من خلال التواصل المستمر والتعاون الميداني أن نعيد الثقة تدريجياً مع الأصدقاء في الولايات المتحدة، وبدأنا بالفعل بالحصول على فرص تدريبية لعناصر مكافحة الإرهاب، في عدد من الدول الصديقة برعاية أميركية»، مشيراً إلى أن بلاده «تسعى حالياً إلى تطوير هذا التعاون ليشمل تزويد وزارة الداخلية بأجهزة نوعية متقدمة في مجال مكافحة الإرهاب».


مقالات ذات صلة

رئيس «الاتحاد السعودي للسيارات» و«الدراجات النارية» يكرم مجموعة «stc»

عالم الاعمال رئيس «الاتحاد السعودي للسيارات» و«الدراجات النارية» يكرم مجموعة «stc» (الشرق الأوسط)

رئيس «الاتحاد السعودي للسيارات» و«الدراجات النارية» يكرم مجموعة «stc»

كرّم  الأمير خالد بن سلطان عبدالله الفيصل، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية وشركة رياضة المحركات السعودية، مجموعة stc.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج فتاة تحمل العلم السوري خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للإطاحة بالنظام السابق في دمشق (أ.ب)

السعودية ترحب بإلغاء أميركا عقوبات «قانون قيصر» ضد سوريا

رحبت السعودية، الجمعة، بقرار الولايات المتحدة إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، بموجب «قانون قيصر».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي ونظيره الكوري الجنوبي جو هيون (الشرق الأوسط)

وزراء خارجية السعودية وكوريا وبروناي يناقشون العلاقات والموضوعات المشتركة

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع داتو إيروان بهين يوسف وزير الخارجية الثاني في سلطنة بروناي دار السلام، العلاقات الثنائية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي» وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
TT

ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تُصر مصر على أن تضع «صفقة الغاز» مع إسرائيل في إطارها التجاري في ظل تعدد الملفات الخلافية بين البلدين. وعزز ذلك النفي الرسمي القاطع من جانب القاهرة بشأن وجود ترتيبات للقاء يجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يطرح تساؤلات حول تأثير استمرار التوتر على استدامة الصفقة التي تستمر حتى عام 2040.

وقال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها من الصحة مطلقاً»، مشيراً في تصريحات إعلامية، مساء الجمعة، إلى أن «هذه الأخبار المتداولة يروّجها الإعلام الإسرائيلي في الأساس».

وكانت تقارير إسرائيلية قد أشارت إلى محاولة واشنطن ترتيب لقاء بين السيسي ونتنياهو، ضمن زيارة محتملة من كليهما إلى الولايات المتحدة قريباً للقاء الرئيس دونالد ترمب.

وتتعدد ملفات الخلاف بين مصر وإسرائيل وتتعلق بالأوضاع في قطاع غزة وتحميل إسرائيل مسؤولية عدم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من «اتفاق وقف إطلاق النار»، وكذلك فتح معبر رفح مع وجود رغبة إسرائيلية لأن يكون في اتجاه واحد، وملف تهجير الفلسطينيين، والتواجد الإسرائيلي في «محور فيلادلفيا» والتأكيد المصري على ضرورة إيجاد مسار سياسي لدولة فلسطينية، ما يتعارض مع توجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف.

وظلت «صفقة الغاز» التي أعلن نتنياهو، الأربعاء الماضي، الموافقة عليها أسيرة موقف إسرائيلي رافض لإتمامها رغم الإعلان عنها في أغسطس (آب) الماضي، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة التي تعد شركاتها جزءاً من الصفقة للضغط على إسرائيل لضمان عدم انهيار الصفقة.

وذكرت «الخارجية الأميركية» في بيان، الخميس، أن «موافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز التي أبرمتها شركة (شيفرون) مع مصر، إنجاز كبير للأعمال التجارية الأميركية والتعاون الإقليمي». وأضافت أن «اتفاقية الغاز بين إسرائيل ومصر لا تعزز أمن الطاقة فحسب، بل تدعم أيضاً الجهود الأوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار غزة».

واعتبر خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن المصالح الأميركية يمكن أن تضمن استدامة «اتفاق الغاز»، لكن ذلك لا يمنع من تأثر التعاون في مجال الطاقة بين مصر وإسرائيل بالتوترات الإقليمية، وكذلك بما تؤول إليه تطورات الصراع في غزة وانعكاساته على العلاقة بين الطرفين.

سياج أمني على الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وتمتلك شركة «شيفرون» الأميركية 40 في المائة من حقل «ليفياثان» الإسرائيلي الذي يتم من خلاله تصدير الغاز إلى مصر إلى جانب شركة «نيو ميد إنرجي» الإسرائيلية، وتُقدر احتياطات الحقل بنحو 600 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وسبق أن أوقفت إسرائيل تصدير الغاز إلى مصر دون إخطار مسبق في ظل حربها على قطاع غزة وكذلك مع بدء الضربات على إيران خلال يونيو (حزيران) الماضي، وفي ذلك الحين أكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «الحكومة وفّرت بدائل لتأمين احتياجات البلاد خلال فترات توقُّف الإمدادات الإسرائيلية، عبر تشغيل سفن لاستقبال الغاز المسال لضمان استمرار تشغيل المصانع ومحطات الكهرباء دون انقطاع».

الباحث في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، سعيد عكاشة، قال إن الولايات المتحدة لديها رغبة في استدامة «اتفاقية الغاز» بين مصر وإسرائيل بما يحفظ الحقوق التجارية لشركاتها، وفي حال جرى استخدامه كأداة ضغط سياسي على مصر فإن القاهرة لن ترضخ لذلك وهو ما يجعل الاتفاق لا يترك تأثيرات سياسية على علاقة البلدين.

وأضاف عكاشة أن التحولات الإيجابية في العلاقة بين البلدين تتوقف على بدء دخول المرحلة الثانية من اتفاق «وقف إطلاق النار» وإيجاد مسار واضح لدولة فلسطينية مستقبلية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني ووقف أي محاولات من شأنها تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، موضحاً: «يمكن أن يفتح ذلك المجال أيضاً لعقد لقاء في المستقبل بين الرئيس السيسي ونتنياهو كما يضمن استدامة صفقة الغاز». وأشار إلى أن ملف الطاقة دائماً ما يشكل مشكلة، وسبق أن تسببت الهجمات على أنابيب الغاز المصرية في سيناء في أعقاب الاضطرابات الأمنية في عام 2011 في توقف الإمدادات المصرية إلى إسرائيل، وكان من الصعب تحمل تكلفة التأمين وتضررت القاهرة كما الوضع بالنسبة لإسرائيل.

مصر تعدد خياراتها لتحقيق الاكتفاء المحلي من الغاز الطبيعي (وزارة البترول المصرية)

وأوضح عكاشة أنه «في حال جرى عرقلة الاتفاق الذي أعلن نتنياهو التصديق عليه أخيراً، فإنه سيكون أمام التزامات قانونية يصعب تجاوزها، كما أن مصر أثبتت خلال الأشهر الماضية أنها لن تقبل بأن يتم الضغط عليها سياسياً بورقة الغاز».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن نتنياهو رفض التصديق على الاتفاق «بسبب تحركات الجيش المصري في شمال سيناء»، وهدّد بتجميده أو إلغائه إذا لم يُحصَل على موافقته الشخصية على أي خطوات لاحقة، قبل أن يُعاد التصديق عليه بعد استكمال المفاوضات.

ووقّع البلدان صفقة لتصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر في عام 2019، قبل تعديلها لتنص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي لمصر بقيمة 35 مليار دولار حتى عام 2040، بمعدل يومي قدره 1.8 مليار قدم مكعب.

خبير أسواق الطاقة، رمضان أبو العلا، يرى أن المصلحة الأميركية في استدامة «صفقة الغاز» تشكّل عاملاً مهماً في التزام إسرائيل بالاتفاق، خاصة أنه يحقق مكاسب إيجابية لجميع الأطراف الموقعة على الصفقة، لكن في الوقت ذاته فإن الحكومة المصرية تتوقع جميع الاحتمالات، ما يجعلها تعتمد على 4 سفن لـ«التغييز» لاستقبال الغاز المسال.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

وسبق أن تحدث خبراء لـ«الشرق الأوسط» عن توجه القاهرة نحو تنويع مصادر الغاز الطبيعي دون انتظار موقف إسرائيل من الصفقة أبرزها إنشاء 4 محطات لتمويل السفن بالغاز الطبيعي، والتوسع في استيراد سفن الغاز من دول مختلفة، إلى جانب تعزيز الاكتشافات المحلية، وتشجيع الشركات الأجنبية على توسيع عمليات التنقيب.

وتبلغ احتياجات مصر اليومية من الغاز الطبيعي نحو 6.2 مليار قدم مكعب يومياً، وتستهدف الحكومة زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنهاية العام الحالي إلى نحو 5 مليارات قدم مكعب يومياً، ويُقدر حالياً بنحو 4.2 مليار قدم مكعب يومياً، خاصة مع زيادة الاحتياجات اليومية لنحو 7 مليارات قدم مكعب يومياً في أشهر الصيف، وفق تقديرات حكومية.


«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب، والمبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بينما تتعثر «الخطة العربية الشاملة» بشأن الإعمار الذي يعد أبرز ملامح المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع المتعثرة حالياً.

تلك الخطة الأميركية المتداولة، تأتي بينما تبحث مصر إقامة مؤتمر لتمويل إعمار كامل غزة بالشراكة مع واشنطن بعد تأجيله نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويعتقد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه عودة لمخططات تهجير الفلسطينيين مجدداً رغم الرفض المصري والعربي، ما قد يطرح 3 سيناريوهات: المضي في تلك الخطة الأميركية الجزئية في رفح الفلسطينية، ومن ثمّ تأجيل نظيرتها العربية الشاملة؛ أو الدمج بين الخطتين دون تهجير؛ أو تعطيل كل الخطتين لتعثر إتمام الاتفاق».

وتحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الجمعة، عن خطة أعدها كوشنر وويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» بين الحكومات الأجنبية والمستثمرين لتحويل ركام غزة إلى وجهة ساحلية مستقبلية، ونقل سكان غزة «من الخيام إلى الشقق الفاخرة»، و«من الفقر إلى الازدهار»، دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

وبحسب المسودة «ستبلغ تكلفة المشروع الإجمالية 112.1 مليار دولار على مدى عشر سنوات»، على أن تلتزم الولايات المتحدة بتقديم منح وضمانات ديون لـ«جميع مسارات العمل المطروحة» خلال تلك الفترة، لكن التحديات هائلة، وفق الصحيفة، لافتة إلى أن إعادة إعمار غزة مشروطة بأن تقوم «حماس» بـ«نزع السلاح وتفكيك جميع الأسلحة والأنفاق».

وسيُنفّذ الإعمار عبر أربع مراحل، تبدأ من الجنوب في رفح وخان يونس، ثم تتجه شمالاً إلى «مخيّمات الوسط»، وأخيراً إلى العاصمة غزة، وتتضمن إحدى الشرائح، المعنونة بـ«رفح الجديدة»، تصوراً لجعلها «مقر الحوكمة» في غزة وموطناً لأكثر من 500 ألف نسمة، يعيشون في مدينة تضم أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، و200 مدرسة أو أكثر، وأكثر من 75 منشأة طبية، و180 مسجداً ومركزاً ثقافياً.

وهذه التسريبات تأتي بعد نحو 8 أيام من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «تل أبيب وافقت مبدئياً على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة وأن تتحمل مسؤولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة الأميركية، وستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها».

طفل فلسطيني نازح ينتظر مع حاويته لتلقي حصص غذائية متبرع بها في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد كوشنر، في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة، وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن «خطة ترمب للسلام تعطي منذ البداية مساحة أكبر للأميركيين والإسرائيليين، والخطة الجديدة المطروحة للإعمار من جانب واشنطن، محاولة لتحقيق هدف تهجير الفلسطينيين مرة أخرى».

فيما يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن «خطة شروق الشمس» تؤكد أن الولايات المتحدة لم تتخل عن فكرتها في ترحيل جزئي لسكان غزة مع ضخ استثمارات عقارية تحقق أمن إسرائيل فقط.

ووفق «وول ستريت جورنال»، فإن «بعض المسؤولين الأميركيين الذين اطّلعوا على (خطة شروق الشمس) يبدون شكوكاً جدّيةً بشأن مدى واقعيتها. فهم يستبعدون أن توافق حركة (حماس) على نزع سلاحها لبدء تنفيذ الخطة». وذكرت الصحيفة أنه «حتى في حال حدوث ذلك، يشكّك المسؤولون في قدرة الولايات المتحدة على إقناع دول ثرية بتحمّل تكلفة تحويل بيئة ما بعد الحرب إلى مشهد حضري عالي التقنية».

وعلى مقربة من هذه الشكوك، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في تصريحات الجمعة: «لن تقنع أحداً بالاستثمار في غزة إذا كان يعتقد أن حرباً أخرى ستندلع بعد عامين أو ثلاثة»، وأضاف: «لدينا ثقة كبيرة بأننا سنحصل على المانحين لجهود إعادة الإعمار والدعم الإنساني على المدى الطويل».

ويرى حسن أن روبيو يتحدث بحديث إسرائيل نفسه بشأن نزع سلاح «حماس»، ومن الصعب بدء المرحلة الثانية في ضوء عدم تحقيق التزاماتها مثل نشر «قوات الاستقرار» ونزع سلاح الحركة.

تلك التسريبات الأميركية، جاءت بعد نحو 17 يوماً من إعلان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني، يوهان فاديفول: «أننا نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

تجمع فلسطينيون نازحون لتلقي حصص غذائية تبرع بها أحد المتبرعين في مطبخ خيري في خان يونس (أ.ف.ب)

وبعد ذلك قال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، في جلسة بـ«منتدى الدوحة»، أخيراً: «إننا سنواصل دعم الشعب الفلسطيني، لكننا لن نمول إعادة إعمار ما دمره الآخرون»، ووصفت وقتها تلك التصريحات القطرية، من جانب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «ضغط على واشنطن لدفع إسرائيل لتنفيذ انسحاب وبدء إعمار».

وكان مؤتمر إعمار قطاع غزة الذي كانت ستنظمه القاهرة في نهاية نوفمبر الماضي، أجل دون ذكر السبب، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف لـ«الشرق الأوسط»، نهاية الشهر الماضي، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «التعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن ما يطرح أميركياً قد يؤخر عملية الإعمار وفق «الخطة العربية الشاملة»، مشيراً إلى أن تعثر مؤتمر الإعمار بسبب عدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم انسحاب إسرائيل. وحول المتوقع، إزاء الخطة الجديدة للإعمار، أوضح أنه يمكن التزاوج بين الخطتين العربية والأميركية شريطة ألا يحدث تهجير للفلسطينيين.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أن مستقبل الإعمار قد يشهد المضي في الخطة الأميركية بشكل منفرد، وتأخير الخطة العربية الشاملة، أو استمرار التعثر لعدم إنهاء المرحلة الأولى وعدم دخول أي من الخطتين حيز التنفيذ.


الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)
المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

أدانت الأمم المتحدة بشدة قيام الجماعة الحوثية باحتجاز 10 موظفين أمميين إضافيين في 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في خطوة وصفتها بـ«الاحتجاز التعسفي»، محذّرة من أن هذا التصعيد يُهدد بشكل مباشر استمرارية العمل الإنساني في اليمن.

وحسب المنظمة الدولية، ارتفع إجمالي عدد موظفيها المحتجزين لدى الجماعة إلى 69 موظفاً، ما يضع واحدة من كبرى عمليات الإغاثة في العالم أمام مخاطر غير مسبوقة.

وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في بيان، إن هذه الاحتجازات «تجعل إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين غير قابلة للاستمرار»، مشيراً إلى أن القيود المفروضة على عمل المنظمة تؤثر بشكل مباشر على ملايين اليمنيين المحتاجين، وتحرمهم من الحصول على المساعدات المنقذة للحياة، في بلد أنهكته الحرب والفقر وانهيار الخدمات الأساسية.

المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك (الأمم المتحدة)

وأضاف دوجاريك أن الأمين العام دعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأفراد المحتجزين تعسفياً، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة، والعاملون في المنظمات غير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى أفراد من البعثات الدبلوماسية، مطالباً الحوثيين بإلغاء إحالة موظفي المنظمة إلى الملاحقة القضائية.

وشدّد البيان الأممي على ضرورة احترام القانون الدولي، بما في ذلك الامتيازات والحصانات الممنوحة للأمم المتحدة وموظفيها، مؤكداً أن هذه الحصانات «أساسية لتمكين العمل الإنساني في بيئة آمنة ومحايدة»، ولا يمكن التفريط بها دون تعريض حياة العاملين والمستفيدين من المساعدات للخطر.

تحذير من شلل الإغاثة

يأتي هذا التحذير الأممي في ظل تصعيد متواصل من جانب الحوثيين ضد المنظمات الدولية؛ حيث تتهم الجماعة موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني بالتجسس لصالح أطراف خارجية، وهي اتهامات تنفيها الأمم المتحدة بشكل قاطع، وتؤكد أنها لا تستند إلى أي أدلة.

وترى منظمات حقوقية أن هذه الاتهامات تُستخدم غطاءً لاعتقالات تعسفية واسعة، تستهدف تكميم الأصوات المستقلة وإحكام السيطرة الأمنية في مناطق نفوذ الجماعة.

طائرة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي بعد إقلاعها من مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

وخلال السنوات الماضية، لجأ الحوثيون إلى توظيف الجهاز القضائي الخاضع لهم ليكون أداةً للضغط والترهيب، عبر إحالة معارضين وصحافيين وموظفين أمميين إلى محاكم متخصصة بتهم تتعلق بالأمن القومي أو «التخابر»، في مسار يقول مراقبون إنه يقوّض العدالة، ويزيد من عزلة مناطق سيطرة الجماعة التي تحوّلت إلى أشبه بمعتقل كبير.

وتؤكد الأمم المتحدة أن استمرار هذه الممارسات يجعل من الصعب الحفاظ على وجود إنساني فعّال في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً في ظل المخاطر المتزايدة التي يتعرض لها الموظفون المحليون والدوليون.

وعلى الرغم من ذلك، تُشدد المنظمة على التزامها بمواصلة تقديم الدعم الإنساني لملايين اليمنيين، مع تحذيرها من أن أي تصعيد إضافي قد يفرض إعادة تقييم للأنشطة الإنسانية في بعض المناطق.

مخطط تفجيري

في سياق موازٍ، أعلنت الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب (شرق صنعاء) عن تحقيق إنجاز أمني نوعي، تمثل في ضبط قيادي بارز تابع للجماعة الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، في عملية استباقية استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة ومتابعة ميدانية مكثفة.

ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر أمني في شرطة مأرب قوله إن الأجهزة الأمنية نفذت العملية «باحترافية عالية»، بعد رصد تحركات القيادي الحوثي (ع.ع.د)، الذي كلفته الجماعة بقيادة عدة خلايا إرهابية داخل المحافظة. وحسب المصدر، كانت هذه الخلايا تعمل على استهداف الأمن والاستقرار وقيادات مدنية وعسكرية، من خلال تصنيع وزراعة العبوات الناسفة في مناطق متفرقة.

حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

وأوضح المصدر أن العملية نُفذت بتنسيق محكم بين مختلف الأجهزة الأمنية في المحافظة، وأسفرت عن مداهمة مخبأ القيادي الحوثي والقبض عليه، وضبط عدد من العبوات الناسفة المموهة، إضافة إلى أجهزة ومعدات خاصة بعمليات التفجير. وأشار إلى أن المخبأ كان يُستخدم وكراً لتصنيع العبوات الناسفة، ومقراً لإدارة الخلايا الإرهابية وتوجيه عملياتها.

ولفت إلى أن الجماعة الحوثية كانت تُعدّ هذا القيادي ليكون بديلاً عن القيادي السابق أحمد قطران، الذي أُلقي القبض عليه في وقت سابق، وظهر لاحقاً في تسجيل مصوّر بثه الإعلام الأمني، تضمن اعترافات حول مخططات تخريبية استهدفت محافظة مأرب.

وأكّد المصدر الأمني أن التحقيقات مع القيادي الحوثي المضبوط لا تزال جارية، تمهيداً لإحالته إلى القضاء المختص بعد استكمال الإجراءات القانونية، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز يضاف إلى سلسلة من النجاحات الأمنية التي حققتها أجهزة الأمن في مأرب خلال الفترة الماضية، ويعكس مستوى الجاهزية واليقظة في مواجهة التهديدات الحوثية.