اليمن يضيّق الخناق على شبكات التهريب المدعومة من طهران

اعتراض شحنتين في يومين... وحكم بإعدام 6 إيرانيين

سفينة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية كانت تحمل شحنة ممنوعات للحوثيين (إكس)
سفينة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية كانت تحمل شحنة ممنوعات للحوثيين (إكس)
TT

اليمن يضيّق الخناق على شبكات التهريب المدعومة من طهران

سفينة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية كانت تحمل شحنة ممنوعات للحوثيين (إكس)
سفينة إيرانية اعترضتها القوات اليمنية كانت تحمل شحنة ممنوعات للحوثيين (إكس)

في تطور يعكس تصاعد أنشطة التهريب المدعومة من إيران إلى مناطق سيطرة الحوثيين، تمكنت قوات الحكومة اليمنية من توجيه ضربة جديدة لشبكات التهريب، بعد اعتراضها شحنتين هذا الأسبوع، بالتوازي مع صدور حكم قضائي بإعدام 6 مهربين إيرانيين، واستمرار المجتمع الدولي في التصدي لعصابات التهريب في بحر العرب.

ووفق الإعلام الأمني اليمني، فقد تمكنت «الحملة الأمنية المشتركة» بمديرية المضاربة ورأس العارة بمحافظة لحج (غرب عدن)، من ضبط سفينة إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين قرب مضيق باب المندب، وعلى متنها شحنة من الأسلحة والمعدات العسكرية والأدوية والمنتجات الإيرانية الصنع، إضافة إلى اعتقال طاقمها المكوّن من 8 بحّارة.

وقال مصدر أمني في «الحملة»، الأربعاء، إن عملية الضبط جاءت بعد «رصد ومتابعة دقيقين لتحركات السفينة خلال محاولتها التسلل عبر المياه الإقليمية اليمنية»، موضحاً أن السفينة انطلقت من ميناء بندر عباس الإيراني وكانت في طريقها إلى سواحل تخضع لسيطرة الحوثيين في محافظة الحديدة.

وأشار المصدر إلى أنه «جرى اعتراض السفينة وتفتيشها بدقة، وضبط طاقمها المكوّن من 8 بحّارة يتبعون أحد القيادات الحوثية ضمن شبكة تهريب واسعة»، مؤكداً أن العملية تمت دون إصابات.

وأظهرت نتائج التفتيش العثور على صاروخ «كورنيت» مضاد للدروع، وقطع غيار خاصة بالطائرات المسيّرة، تضمنت وحدات تشغيل ومحركات ذات مواصفات عسكرية، وموصلات وكابلات تحكم دقيقة. كما ضُبطت 8 صناديق من الأدوية الإيرانية من إنتاج شركة «سينا جين»، بينها دواء «بيكتونا بيرتوزوماب 420 ملغم/ 14 مل» المستخدم لعلاج السرطان، إلى جانب مواد غذائية واستهلاكية من منشأ إيراني تحمل علامة «كانوش» التجارية.

وأكد المصدر الأمني أن السفينة اقتيدت إلى أحد الموانئ القريبة لاستكمال التحقيقات، وسط ترجيحات بوجود شبكات تهريب بحرية تعمل بتنسيق مباشر مع «الحرس الثوري» الإيراني.

إشادة رسمية

من جانبه، أشاد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عبد الرحمن المحرمي، بالإنجاز الأمني الذي وصفه بأنه «تعبير عن يقظة قوات (الحملة الأمنية المشتركة) في حماية السواحل الجنوبية وتجفيف منابع التهريب».

وأضاف، في تصريح رسمي، أن «العمليات المتواصلة لضبط الأسلحة والمخدرات الآتية إلى الحوثيين تمثل نجاحاً استراتيجياً في حماية الأمن القومي والملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب».

وفي السياق ذاته، قال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن «ضبط السفينة الآتية من ميناء بندر عباس الإيراني يمثل دليلاً جديداً على استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الميليشيا الحوثية».

وأوضح أن المضبوطات «تكشف عن حجم الدعم العسكري واللوجيستي الذي تقدمه طهران للحوثيين، في تحدٍّ صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي»، مؤكداً أن «استمرار هذا السلوك العدواني يهدد أمن المنطقة والملاحة البحرية والتجارة العالمية».

شحنة مخدرات ضبطها القوات اليمنية في محافظة لحج (إكس)

وتأتي عملية ضبط السفينة الإيرانية بعد يوم واحد فقط من نجاح قوات «الحملة الأمنية» ذاتها في إحباط محاولة تهريب ضخمة للمخدرات في المنطقة ذاتها.

ووفق الإعلام الأمني اليمني، فقد أوقفت وحدة من «الحملة الأمنية المشتركة» شاحنة نقل من نوع «دينا» بمنطقة الحجف الساحلية بمديرية رأس العارة، كانت محمّلة بكمية كبيرة من الحبوب المخدّرة من نوع «بريجابالين» بتركيز 300 ملغم.

وأوضح مصدر أمني أن العملية أسفرت عن «ضبط مليون و80 ألف حبة مخدّرة، موزعة في 144 كرتوناً، وفي كل كرتون 50 باكتاً»، مشيراً إلى أن هذه الكمية كانت معدة للترويج داخل مناطق مختلفة في البلاد، ضمن واحدة من كبرى عمليات الضبط التي شهدتها لحج خلال السنوات الأخيرة.

مسار قضائي وجهد دولي

في تطور قضائي متصل بملف التهريب الإيراني، أصدرت المحكمة الجزائية الابتدائية المختصة بمحافظة حضرموت حكماً بالإعدام بحق 6 متهمين إيرانيين أدينوا بتهريب أكثر من 3 أطنان من مادتي الحشيش والشابو المخدّرتين إلى اليمن.

وجاء في منطوق الحكم أن المتهمين «نقلوا المواد المخدّرة على متن لنش بحري انطلق من إيران قبل أن يُضبط في سواحل المهرة»، كما قضى الحكم بمصادرة وإتلاف المضبوطات تحت إشراف النيابة العامة.

ويعدّ هذا الحكم من أبرز القرارات القضائية التي تُدين بشكل مباشر ضلوع مواطنين إيرانيين في أنشطة تهريب المخدرات إلى الأراضي اليمنية خلال السنوات الأخيرة.

جنود يمنيون خلال عملية ضبط شحنة مخدرات في محافظة لحج (إكس)

في الأثناء، أعلنت «القيادة الأميركية المركزية (القيادة الوسطى)»، في بيان، أن سفينة البحرية الباكستانية «يرموك»، العاملة ضمن «قوة المهام المشتركة 150» بقيادة السعودية، تمكنت من ضبط مواد مخدرة تزيد قيمتها على 972 مليون دولار خلال عملية «المسمك» في بحر العرب منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأوضح البيان أن العملية شملت صعود القوات على متن زورقين تقليديين لا يحملان أي علامات أو إشارات تعريف، وضبط أكثر من طنين من مادة الميثامفيتامين البلوري و50 كيلوغراماً من الكوكايين، في واحدة من كبرى عمليات المصادرة خلال العام الحالي.

ونقل البيان الأميركي عن قائد «قوة المهام المشتركة 150»، العميد البحري فهد الجعيد، أن «نجاح العملية يبرز أهمية التعاون متعدد الجنسيات في مكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب»، مشيراً إلى أن الجهود المشتركة «تعزز أمن بحر العرب وخطوط الملاحة الحيوية التي تمر عبره».


مقالات ذات صلة

السعودية: خطوات الإمارات في اليمن بالغة الخطورة... وأمن المملكة خط أحمر

الخليج العاصمة السعودية الرياض (واس)

السعودية: خطوات الإمارات في اليمن بالغة الخطورة... وأمن المملكة خط أحمر

أعربت السعودية عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج العليمي طلب تدخلاً عسكرياً من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يدعو القوات الإماراتية ومنسوبيها إلى المغادرة خلال 24 ساعة

أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، قراراً بإعلان حالة الطوارئ في كافة الأراضي اليمنية، من اليوم ولمدة 90 يوماً قابلة للتمديد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

تقارير حقوقية توثق 614 انتهاكاً لقوات «الانتقالي» في حضرموت وتهجير 5 آلاف أسرة، في حين رحّب وزير الدفاع اليمني برسالة نظيره السعودي الداعية لسحب هذه القوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

واصلت الجماعة الحوثية فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد في اليمن، عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أشخاص متجمعون أمام لوحة إعلانية رقمية في صنعاء تحمل صورة زعيم الحوثيين (إ.ب.أ)

لماذا يرى الحوثيون اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» تهديداً مباشراً؟

أدخل الحوثيون ملف «أرض الصومال» على خط المواجهة مع إسرائيل، محذرين من أن أي وجود إسرائيلي في الإقليم الانفصالي سيكون هدفاً عسكرياً لقواتهم.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعدادا لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.