تصاعد المواجهة مع شبكات التهريب في اليمن

ضبط طن من المخدرات ومعدات ذات طابع عسكري

جانب من شحنة مخدرات ضبطتها السلطات اليمنية (إعلام حكومي)
جانب من شحنة مخدرات ضبطتها السلطات اليمنية (إعلام حكومي)
TT

تصاعد المواجهة مع شبكات التهريب في اليمن

جانب من شحنة مخدرات ضبطتها السلطات اليمنية (إعلام حكومي)
جانب من شحنة مخدرات ضبطتها السلطات اليمنية (إعلام حكومي)

أعلنت السلطات اليمنية في اليومين الأخيرين عن عمليتين أمنيتين في سياق التصدي لأنشطة التهريب تمثلتا في ضبط قارب محمّل بطن من المواد المخدّرة على سواحل محافظة لحج الواقعة إلى الغرب من مدينة عدن، وضبط آلاف القطع الإلكترونية مزدوجة الاستخدام ذات الطابع العسكري في منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة شرقاً.

وتأتي هذه التطورات في وقت ناقش فيه عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق محمد عبد الله صالح مع السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن، سبل تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وسط تأكيدات حكومية على تصاعد أنشطة التهريب التي تقف وراءها الجماعة الحوثية المدعومة من إيران.

ونقل الإعلام الرسمي عن مصدر في الحملة الأمنية المشتركة بمديرية المضاربة ورأس العارة، بمحافظة لحج، قوله إن قوات الأمن تمكنت، بقيادة العميد حمدي شكري قائد الفرقة الثانية «عمالقة»، من ضبط قارب تهريب في سواحل خور عميرة يحمل طنّاً من المواد المخدّرة المتنوعة.

وأوضح المصدر أن العملية جاءت بعد رصد ومتابعة استخبارية دقيقة استمرت عدة أيام، وانتهت بتنفيذ خطة محكمة للدوريات البحرية أسفرت عن ضبط القارب على بُعد 20 ميلاً بحرياً من الساحل، والقبض على أربعة مهربين كانوا على متنه.

الجماعة الحوثية متهمة بتهريب المخدرات والأسلحة عبر شبكات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني (إعلام حكومي)

وبحسب المصدر، تم العثور على 536 طرداً من مادة الشبو (الميثامفيتامين) و100 كيس من الحشيش و10 أكياس من الهيروين، جرى تحريزها بحضور النيابة الجزائية المتخصصة في محافظة لحج.

ونُفذت العملية، وفق المصدر، في إطار خطة أمنية لتعزيز الرقابة على السواحل الممتدة من باب المندب حتى خليج عدن، التي تشهد بين حين وآخر محاولات تهريب منسقة يُعتقد أن بعضها مرتبط بشبكات إقليمية تدعم الحوثيين.

اتهام للحوثيين

من جانبه، أشاد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بالإنجاز الأمني الذي حققته القوات المشتركة في المضاربة، معتبراً أن العملية «تكشف جانباً من النشاط المتصاعد لميليشيا الحوثي في تهريب المخدرات».

وقال الإرياني، في تصريحات رسمية، إن الحوثيين «ماضون في استغلال المناطق التي يسيطرون عليها لتحويلها إلى مركز إقليمي لتجارة الكبتاغون والمخدرات، ما يشكل تهديداً خطيراً على الأمن اليمني والإقليمي والدولي».

أحبطت الأجهزة اليمنية شحنة إلكترونيات ذات استخدام عسكري (فيسبوك)

وأضاف الوزير أن تزايد عمليات ضبط شحنات المخدرات في الآونة الأخيرة «يعكس اتساع دائرة التمويل غير المشروع الذي تعتمد عليه الميليشيا لتمويل أنشطتها الإرهابية، بما في ذلك الهجمات التي تستهدف خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن».

ودعا الإرياني المجتمعين الإقليمي والدولي إلى تكثيف الدعم للحكومة اليمنية وتعزيز قدرات خفر السواحل، وتوفير المعدات اللوجستية والتقنية اللازمة لمكافحة التهريب عبر البحر.

أجهزة للاستخدام العسكري

في تطور آخر، أعلنت مصلحة الجمارك اليمنية ضبط أكثر من 3 آلاف قطعة إلكترونية مزدوجة الاستخدام ذات طابع عسكري في منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عُمان.

وقالت المصلحة، في بيان، إن المضبوطات شملت نحو 90 نوعاً من الأجهزة والمكونات الإلكترونية، بينها أجهزة لحام للألياف الضوئية، ولوحات برمجية، وحساسات وكابلات، يمكن توظيفها في أنظمة الطائرات المسيّرة والمتفجرات.

أحبطت سلطات الجمارك اليمنية العديد من عمليات تهريب الممنوعات على الحدود الشرقية (متداولة)

وأكد مدير جمرك صرفيت أحمد باكريت أن العملية نُفذت وفق القوانين النافذة، وبتنسيق مع الأجهزة الأمنية، مشدداً على أن «موظفي الجمارك لن يتهاونوا مع أي محاولات تهريب قد تمسّ الأمن الوطني».

وأشار إلى أن هذه الضبطية تأتي ضمن حملة أوسع لتعزيز الرقابة على المنافذ ومنع دخول المواد الحساسة التي يمكن أن تُستخدم في الأعمال العسكرية أو الإرهابية.

بالتزامن مع هذه التطورات، بحث عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح مع السفير الأميركي ستيفن فاجن مستجدات الأوضاع في اليمن والمنطقة، وسبل دعم مجلس القيادة والحكومة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مكافحة التهريب وتأمين الممرات المائية الدولية، إلى جانب استمرار الدعم الأميركي لجهود الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية.

طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني مجتمعاً مع السفير الأميركي (سبأ)

وطبقاً لما أورده الإعلام الرسمي، شدد طارق صالح، خلال اللقاء، على التزام الحكومة اليمنية بمواجهة الأنشطة غير المشروعة، وتعزيز قدرات الأجهزة الأمنية لحماية المياه الإقليمية اليمنية التي تمثل «خط الدفاع الأول عن الأمن الإقليمي والدولي في البحر الأحمر».

يشار إلى أن السلطات اليمنية تمكنت خلال الأسابيع الماضية من اعتراض كميات ضخمة من الأسلحة المهربة كانت في طريقها إلى الحوثيين، من بينها شحنة تم اعتراضها في الساحل الغربي، وأخرى داخل حاويات في ميناء عدن، فضلاً عن عمليات ضبط أخرى في محافظتي لحج والمهرة.


مقالات ذات صلة

«الرئاسي اليمني» يقيّم تقدم الإصلاحات ويشدّد على العمل المشترك

العالم العربي جانب من اجتماع مجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يقيّم تقدم الإصلاحات ويشدّد على العمل المشترك

جدّد مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال اجتماعه برئاسة رشاد العليمي التزامه بالمضي في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية وتعزيز الشفافية واستعادة مؤسسات الدولة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي لا تختلف أزمة المأوى بالنسبة للنازحين بين الصيف والشتاء بسبب قسوة الظروف المناخية المتبدلة (رويترز)

برد قارس يضرب اليمن... واحتياجات عاجلة للنازحين

مع دخول الشتاء يهدد البرد القارس أكثر من 217 ألف نازح يمني في ظل عجز تمويلي هائل لتوفير المستلزمات الشتوية الأساسية وتوقعات باشتداد الأزمة خلال الأشهر المقبلة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي بائع متجول في صنعاء يبحث عن زبائن حيث يعرض قبعات شتوية وحقائب كتف وإكسسوارات (إ.ب.أ)

صنعانيون مخنوقون بالديون... والمعاناة يفاقمها غياب الرواتب

في حين ترتفع أسعار السلع الأساسية بوتيرة متصاعدة يغرق آلاف الأسر اليمنية بصنعاء بدوامة الديون اليومية التي باتت الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون تلقوا ضربة إسرائيلية قاسية بمقتل حكومتهم ورئيس أركانهم الغماري (أ.ف.ب)

إيران تعيد شهلائي إلى صنعاء لاحتواء تصدّع الحوثيين

قالت مصادر يمنية إن إيران أعادت القائد في «الحرس الثوري» عبد الرضا شهلائي إلى صنعاء، بعد عام من مغادرته، في مسعى لترميم آثار الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مجلس الأمن الدولي شدَّد على الحل السلمي للصراع في اليمن (الأمم المتحدة)

مجلس الأمن يمدد عقوباته بشأن الصراع اليمني... ويعزز مهام فريق الخبراء

قرَّر مجلس الأمن الدولي تمديد نظام العقوبات المفروض على الأفراد والكيانات المرتبطة بالصراع اليمني لمدة عام إضافي، مع تعزيز ولاية فريق الخبراء الأممي.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«اتفاق غزة» رهن «مواءمات» مجلس الأمن

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من الصليب الأحمر الدولي يتبعون حفاراً بحثاً عن جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من الصليب الأحمر الدولي يتبعون حفاراً بحثاً عن جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة» رهن «مواءمات» مجلس الأمن

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من الصليب الأحمر الدولي يتبعون حفاراً بحثاً عن جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من الصليب الأحمر الدولي يتبعون حفاراً بحثاً عن جثث الرهائن الإسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)

لحظات حاسمة ينتظرها اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في مجلس الأمن، الاثنين، عند عرض مشروع قرار أميركي لاقى تأييداً عربياً وإسلامياً، وآخر منافس قدمته روسيا، وسط ضغوط إسرائيلية لتعديلات لصالحها، و«فيتو» محتمل من موسكو قد يُستخدم للحد من نفوذ واشنطن بالمنطقة.

ذلك المشهد الذي يجري خلاله الوسطاء جهوداً أحدثها اتصالات مصرية-روسية، بشأن المداولات الأممية الجارية، يشي بأن «(اتفاق غزة) لا يزال رهن مواءمات المشاورات الأممية، وأن ثمة ضغوطاً وتفاهمات قد تكون في صالحه لتدفعه للمرحلة الثانية، أو تجعله معلقاً يتحرك في محيط المرحلة الأولى دون تقدم، حال استخدمت روسيا (الفيتو)، أو استجابت واشنطن لضغوط إسرائيل»، وفق تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وتحدثت «هيئة البث الإسرائيلية»، الأحد، عن أن إسرائيل «تمارس ضغوطاً في اللحظات الأخيرة لتغيير صيغة الاقتراح الأميركي الذي سيُقر الاثنين في مجلس الأمن وتحاول تخفيف الصياغة».

ويُخول القرار الدول الأعضاء تشكيل «قوة استقرار دولية مؤقتة» تعمل مع إسرائيل، ومصر، والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية، ونزع السلاح من قطاع غزة. وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير هذا القرار إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية.

معارضة إسرائيلية لـ«الدولة الفلسطينية»

وأثيرت مخاوف إسرائيلية، الأحد، وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تصريحات، الأحد: «معارضتنا لقيام دولة فلسطينية على أي أرض لم تتغير. سيتم تفكيك غزة، وستُنزع أسلحة (حماس)، سواء بالطرق السهلة أو الصعبة. لا أحتاج إلى تعزيزات أو تغريدات أو محاضرات من أحد»، في حين أكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الأحد، أن «السياسة الإسرائيلية واضحة: لن تُقام دولة فلسطينية».

ووفقاً لما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الجمعة، فإن أبرز البنود التي تثير مخاوف إسرائيل في المسودة الجديدة تتمحور حول تضمين تمهيد لمسار يقود إلى «تقرير المصير الفلسطيني»، والدور الموسع للأمم المتحدة في الإشراف على توزيع المساعدات، وتوسيع صلاحيات «هيئة الحكم الانتقالية» المزمع تشكيلها لإدارة القطاع.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وليست إسرائيل العقبة وحدها؛ فهناك مشروع قرار روسي يتحدى نظيره الأميركي، ولا ينص على إنشاء مجلس سلام، أو الانتشار الفوري لقوة دولية في غزة، وفقاً للنص الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة.

ويدعو مشروع القرار الروسي الأمين العام للأمم المتحدة إلى «تحديد خيارات لتنفيذ بنود» خطة السلام، وتقديم تقرير على الفور يتناول أيضاً إمكانات نشر قوة استقرار دولية في غزة. ويحتاج القرار في مجلس الأمن إلى 9 أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حقّ النقض (الفيتو) ليتسنى اعتماده.

اتصال بوتين - نتنياهو

ووسط تلك المخاوف، قال الكرملين، السبت، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ناقش خلال مكالمة هاتفية مع نتنياهو الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك التطورات في غزة والبرنامج النووي الإيراني وسوريا.

وكتب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز، في صحيفة «واشنطن بوست» أن «أي رفض لدعم هذا القرار هو تصويت لاستمرار حكم (حماس)، أو للعودة إلى الحرب مع إسرائيل، ما يحكم على المنطقة وشعبها البقاء في نزاع دائم».

وفي ظل تلك المخاوف، يتوقع عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المختص بالشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن يكون «اتفاق غزة» بالتأكيد رهن مشاورات اللحظات الأخيرة والمواءمات في مجلس الأمن، بشأن مشروع القرار الذي سيُنظر الاثنين، لافتاً إلى أن «الإشارة للدولة الفلسطينية بالطبع تُقلق إسرائيل، لكن ضغوطها بلا جدوى في ظل التفاهمات التي قد حدثت».

ويعتقد السفير الفلسطيني الأسبق لدى مصر، بركات الفرا، أن الضغوط الإسرائيلية «لن تفلح في إجراء تعديلات على القرار الذي تضمن إشارة لاحتمال قبول دولة فلسطينية مستقبلاً؛ لأن هذا يعني أن (الفيتو) الروسي قد يتحرك ويفسد القرار المحتمل، وخاصة أن نتنياهو غير راغب بالأساس في مسار الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «اتصال بوتين بنتنياهو ربما في إطار تأكيد الحصول على ضمانات لتنفيذ القرار، حال لم تستخدم موسكو (الفيتو)»، وفق تقييم الفرا.

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

وكان مشروع القرار المحتمل حاضراً في اتصال هاتفي جمع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وأفاد بيان لـ«الخارجية المصرية»، الأحد، بأن الاتصال تناول المشاورات الجارية حول مشروع القرار بمجلس الأمن بشأن التطورات في غزة والترتيبات الأمنية، في ضوء المداولات الجارية داخل المجلس.

وأكد عبد العاطي أهمية أن يسهم القرار في تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة الظروف لتحقيق سلام عادل وشامل يُلبي تطلعات الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.

وأعربت الولايات المتحدة، والسعودية، وقطر، ومصر، والإمارات، وإندونيسيا، وباكستان، والأردن، وتركيا، في بيان مشترك، الجمعة، عن «دعمها المشترك» لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها في اعتماده «سريعاً».

ويعتقد الفرا أن العرب لن يتجهوا لتأييد مشروع القرار الأميركي دون وجود توافقات وقبول مبدئي بأن القرار سيحفظ الاتفاق، مشيراً إلى أن الاتصال المصري - الروسي يأتي في اتجاه تقريب وجهات النظر بشأن مشروع القرار، وألا تعطل موسكو القرار.

في حين يتوقع أنور أنه في ظل التأييد العربي - الإسلامي والفلسطيني لمشروع القرار الأميركي، أن تمتنع روسيا والصين عن التصويت وألا تعطلا القرار، مشيراً إلى أنه في حال حدث العكس ستتجه واشنطن للقوة متعددة الجنسيات، فسيكون الاتفاق أمام وضع معقد للغاية في ظل عدم وجود مظلة أممية، وضبابية الصلاحيات، واحتمال حدوث صدام فلسطيني مع تلك القوات.


تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا تؤكد مجدداً استعدادها للمشاركة في قوة الاستقرار بغزة

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

أكدت تركيا مجدداً استعدادها للمشاركة بقوات عسكرية في «قوة الاستقرار الدولية» الجاري العمل على تشكيلها في غزة، وقالت إنه تم تحديد أعضاء اللجنة التي ستدير القطاع.

وفي مقابلة تلفزيونية، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن العمل لا يزال جارياً على إعداد مشروع قرار يشكّل وثيقة قانونية دولية تتعلق بالصلاحيات الواضحة التي ستمتلكها هذه القوة أثناء تفعيلها وبكيفية عملها. وأضاف أن هناك مركز تعاون مدنياً عسكرياً تنسقه الولايات المتحدة حالياً يشكّل نواة لـ«قوة الاستقرار الدولية».

وأكد أن تركيا «مستعدة لتحمل مسؤوليتها في غزة، وستقوم بكل ما يقع على عاتقها في هذا الصدد، بما في ذلك إرسال قوات».

ويعد مركز التنسيق المدني العسكري، الذي افتتح رسمياً في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أول منصة عمليات دولية أنشأتها القيادة المركزية الأميركية في إسرائيل لمراقبة التطورات في غزة بعد بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر.

وأشار فيدان خلال المقابلة تلفزيونية، التي بُثت في ساعة مبكرة من الأحد، إلى أن المناقشات حول إنشاء لجنة سلام وقوة استقرار دولية في غزة مستمرة في مجلس الأمن الدولي، وأن الولايات المتحدة تتشاور مع تركيا بشأنها.

وأضاف أن المناقشات المتعلقة بقوة الاستقرار المقترحة في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام تركز على صياغة إطار قانوني يحدد تفويضها وكيفية عملها بمجرد تشكيلها، لافتاً إلى أنه «تم تحديد الشخصيات التي ستحكم غزة».

كما أشار إلى أن حركة «حماس» مستعدة لتسليم إدارة غزة للجنة التي ستدير القطاع.

فلسطينيون يصلحون خيامهم المتضررة من الأمطار والرياح في وسط قطاع غزة (رويترز)

وينتظر أن يصوت مجلس الأمن الدولي، الاثنين، على مشروع قرار أميركي يؤيد خطة الرئيس دونالد ترمب للسلام في قطاع غزة.

ودعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها، الجمعة، مجلس الأمن الدولي إلى «الإسراع» بتبني مشروع القرار الخاص بإنشاء قوة الاستقرار الدولية.

كما عبرت الولايات المتحدة ومصر والسعودية وقطر وتركيا والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وباكستان والأردن، في بيان مشترك، عن دعمها لمشروع القرار الأميركي الذي يعطي تفويضاً لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، آملة اعتماده سريعاً.

وتعارض إسرائيل بشدة مشاركة تركيا في أي قوة سيتم تشكيلها في غزة، لكن أنقرة تواصل اتصالاتها مع مختلف الأطراف لضمان المشاركة فيها، وتؤكد أن أولويتها يجب أن تكون ضمان تثبيت وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع.

وأكد فيدان أن تركيا تدعم اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار في غزة، وستواصل دعمه.

ولفت وزير الخارجية إلى أن الاتفاق لا يقدم ضمانة بالمعنى التقليدي، موضحاً: «ما دام الاحتلال مستمراً والظلم مستمراً، فستستمر المقاومة المسلحة؛ إن لم تكن (حماس) فستكون جهة أخرى».


مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز)
خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز)
TT

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز)
خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز)

يصوت مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين، على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خريطة الطريق الأميركية التي طرحها الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة، فيما ظهر شبح استخدام حق النقض (الفيتو) من روسيا التي وزعت مشروع قرار مضاد يدعو الأمم المتحدة إلى تقديم اقتراحات بشأن إنشاء «قوة الاستقرار الدولية»، ويحذف الإشارة إلى «مجلس السلام» بقيادة ترمب.

وتحركت الدبلوماسية الأميركية في اتجاهات عدة تمهيداً للتصويت على مشروع القرار الذي يجري العمل عليه منذ أسابيع، آملة في أن يكون منطلقاً للشروع في تطبيق المرحلة الثانية من الخطة الأميركية المؤلفة من 20 بنداً، بعد تشريعها بقرار من مجلس الأمن وجعلها بمثابة قانون دولي يشكل غطاء لقوة الاستقرار الدولية ومجلس السلام.

وشهدت المفاوضات على مشروع القرار مراحل متوترة بين الدول الـ15 الأعضاء، ومنها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التي تحظى بحق النقض (الفيتو): الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.

وخلال المفاوضات، طلبت روسيا وفرنسا والجزائر إضافة لغة واضحة تدعم قيام الدولة الفلسطينية، وطلبت الصين إزالة خطة ترمب بأكملها من النص. وشدد عدد من الأعضاء على وجوب تحديد دور السلطة الفلسطينية في الحكم الانتقالي لغزة.

ويشير المشروع الأميركي في إحدى فقراته إلى أنه «

بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، وإحراز تقدم في إعادة تنمية غزة، قد تتهيأ الظروف في النهاية لمسار موثوق نحو تقرير المصير والدولة الفلسطينية. ستُنشئ الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر».

وحددت رئاسة مجلس الأمن الساعة 5:00 عصر الاثنين بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة (الواحدة صباحاً الثلاثاء بتوقيت الرياض) موعداً لجلسة التصويت.

اعتراضات روسية ومشروع مضاد

ويمكن لروسيا استخدام حق النقض لتعطيل المصادقة على مشروع القرار الأميركي. ويوحي مشروعها المضاد بأنها غير راضية على النص الأميركي، وبالتالي احتمال حصول مواجهة دبلوماسية يمكن أن تؤدي إلى جمود سياسي حيال غزة. وكذلك أبلغت الصين، التي تتمتع بحق النقض أيضاً، عدداً من الدبلوماسيين أن موقفها يتمشى مع روسيا. وتوقع دبلوماسي إقرار الخطة الأميركية بما لا يقل عن الأصوات التسعة اللازمة لذلك، مع احتمال امتناع روسيا والصين عن التصويت بدلاً من استخدام «الفيتو».

ورداً على هذه الخطوة الروسية، أصدرت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة بياناً أفادت فيه أن «محاولات زرع الفتنة الآن - في الوقت الذي يخضع فيه الاتفاق على هذا القرار لمفاوضات ناشطة - لها عواقب وخيمة وملموسة ويمكن تجنبها تماماً على الفلسطينيين في غزة».

وصرح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن خطة ترمب لوقف النار «هي أفضل طريق للسلام في الشرق الأوسط»، مضيفاً أن مشروع القرار الأميركي سيمكن الجهود من المضي إلى الأمام.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

وكتب المندوب الأميركي الدائم لدى الأمم المتحدة مايك والتز مقالة في صحيفة «واشنطن بوست» شدد فيها على أن معارضة مشروع القرار الأميركي أمام مجلس الأمن ستعني «الانحياز لاستمرار حكم (حماس) أو العودة إلى الحرب مع إسرائيل»، محذراً من أن المنطقة لا تحتمل جولة جديدة من النزاع. وشرح تفاصيل الخطة والدور الدولي، وفقاً لرؤية ترمب التي ترغب في تفويض من مجلس الأمن لإنشاء «قوة الاستقرار الدولية» بصلاحيات تشمل «استخدام كل الوسائل اللازمة» لضمان الأمن. وقال إن «مجلس السلام» هدفه «دعم لجنة تكنوقراطية فلسطينية تتولى إدارة الخدمات المدنية في غزة خلال المرحلة الانتقالية»، معتبراً أن هذه المقاربة «ستفتح أخيراً الطريق أمام الفلسطينيين لتقرير مصيرهم بعيداً عن قبضة (حماس)».

ودعت البعثة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة إلى «العمل معاً من أجل تنفيذ» خطة ترمب. وإذ أيدت مشروع القرار الأميركي، شددت على أن «الوقت حان للتركيز على مسار ذي صدقية للسلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، استناداً إلى حل الدولتين».

القرار الأميركي

وينص مشروع القرار الأميركي المؤلف من 11 فقرة عاملة في أحدث صيغة حصلت عليها «الشرق الأوسط» على المصادقة على «الخطة الشاملة لإنهاء حرب غزة» التي أعلنها الرئيس ترمب.

ويرحب بإنشاء «مجلس السلام كإدارة انتقالية لديها شخصية قانونية دولية لوضع إطار عمل، وتنسيق التمويل، لإعادة تطوير غزة وفقاً للخطة الشاملة، وبطريقة تتسق مع المبادئ القانونية الدولية ذات الصلة، إلى حين إنجاز السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاح بشكل مُرضٍ، كما هو محدد في اقتراحات متعددة، ومنها خطة السلام المقدمة من الرئيس ترمب عام 2020 والاقتراح السعودي - الفرنسي».

وإذ يشدد على أهمية الاستئناف الكامل للمساعدات الإنسانية، يحدد طبيعة الكيانات التي ستنشأ في غزة وتفاصيلها وطبيعتها الانتقالية.

وتنص الفقرة السابعة على «العمل مع مجلس السلام لإنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة تنشر تحت قيادة موحدة مقبولة من مجلس السلام بمساهمة قوات من الدول المشاركة، بالتشاور والتعاون الوثيقين مع مصر وإسرائيل». ويشمل تفويض القوة الإشراف على الحدود وتوفير الأمن ونزع السلاح من القطاع.

القرار الروسي

أما مشروع القرار الروسي المؤلف من سبع فقرات عاملة، والذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فيتضمن «الترحيب بالمبادرة التي أدت إلى وقف النار في غزة، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين».

ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «تقديم تقرير عاجل إلى مجلس الأمن، يتضمن خيارات نشر قوة دولية لتثبيت الاستقرار في قطاع غزة».

وإذ «يرفض أي محاولة للتغيير الديموغرافي أو الإقليمي في غزة، بما في ذلك أي إجراءات من شأنها تقليص مساحة القطاع»، يؤكد «التزامه الثابت رؤية حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة»، مع التشديد على «أهمية وحدة قطاع غزة والضفة الغربية وتواصلهما الإقليمي تحت حكم السلطة الفلسطينية».

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

وأعلنت البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة، في بيان، أنها اتخذت هذه الخطوة لأن مجلس الأمن «يجب أن يُمنح دوراً شرعياً والأدوات اللازمة لضمان المساءلة والرقابة»، مضيفة أن قرارات المجلس يفترض أن تعيد التأكيد على القرارات الأساسية «أولاً وقبل كل شيء حل الدولتين للتسوية الإسرائيلية - الفلسطينية». وأعلنت أن تلك الأحكام غير موجودة في مسوّدة الولايات المتحدة؛ لذا عممت نصها الخاص الذي يهدف إلى «تعديل المفهوم الأميركي وجعله متوافقاً» مع القرارات السابقة للمجلس. وأضافت أن «وثيقتنا لا تتعارض مع المبادرة الأميركية. بل على العكس، فهي تشير إلى الجهود الدؤوبة التي بذلها الوسطاء - الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا - والتي لولاها لما كان وقف النار الذي طال انتظاره والإفراج عن الرهائن والمعتقلين ممكناً».