1.3 مليون طفل يمني نزحوا بسبب الحرب

نصف الصغار لا يتم إلحاقهم بالتعليم الأساسي

نحو 16 % من الأطفال في اليمن منخرطون في سوق العمل (وكالة أنباء العالم العربي)
نحو 16 % من الأطفال في اليمن منخرطون في سوق العمل (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

1.3 مليون طفل يمني نزحوا بسبب الحرب

نحو 16 % من الأطفال في اليمن منخرطون في سوق العمل (وكالة أنباء العالم العربي)
نحو 16 % من الأطفال في اليمن منخرطون في سوق العمل (وكالة أنباء العالم العربي)

يعيش منصور البالغ من العمر 12 عاماً في أحد المخيمات في شمال محافظة مأرب اليمنية بعد أن اضطرت أسرته إلى الفرار خشية الحرب التي أشعلها الحوثيون، وهو واحد من 1.3 مليون طفل نزحوا ويعيش أغلبهم في المخيمات، حيث فقد غالبيتهم الحصول على فرصة لمواصلة تعليمهم، ولا يزال من الصعوبة عودتهم إلى مناطقهم.

يقول الفتى إن النزوح كان أصعب شيء واجهه في حياته؛ إذ كان وأسرته يعيشون حياة مريحة، قبل أن تندلع الحرب، فنزحوا، ومع سريان الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة قبل عامين حاولت الأسرة العودة إلى مسقط رأسها لكنها وجدت البيوت مدمرة وقد فقدت كل شيء فعادت إلى المخيم.

طلبة يتلقون دروسهم في أحد مخيمات النزوح في محافظة مأرب اليمنية (الأمم المتحدة)

انقطع منصور عن التعليم لمدة عام، كان يرعى خلالها الأغنام لإعالة أسرته، حيث يعيش مع أمه وأبيه وإخوته، وغالباً ما يواجه الأشخاص في مخيمات النازحين داخلياً، مأوى غير ملائم، وسوء المياه، وانعدام مرافق الصرف الصحي والنظافة، ونقص الخدمات الأساسية، مما يشكل تهديدات إضافية للأطفال، كما أن الفتى واحد من ملايين الأطفال الذين أجبروا على ترك المدرسة بسبب النزاع الذي طال أمده.

ووفقاً للمسح العنقودي الحكومي متعدد المؤشرات لعام 2023 في اليمن، فإن واحداً من كل أربعة أطفال في سن المدرسة الأساسية لا يذهب إلى المدرسة، ويحتاج أولئك الذين يمكنهم الالتحاق بالمدرسة إلى التعامل مع الفصول الدراسية المكتظة، وكذلك المعلمون المثقلون بالأعباء وغير المجهزين.

وفي جميع أنحاء البلاد، نزح 4.5 مليون شخص، بما في ذلك 1.3 مليون طفل، منذ أن فجّر الحوثيون الحرب عام 2014 واقتحموا العاصمة صنعاء وانقلبوا على الحكومة الشرعية.

ظروف سيئة

أرغمت الحرب في اليمن أكثر من 30 في المائة من الأسر النازحة، وفق بيانات الأمم المتحدة، على النزوح عدة مرات، ووسط النزوح والظروف الاقتصادية القاسية، غالباً ما ينخرط الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في عمالة الأطفال أو في الأعمال المنزلية من أجل البقاء وإعالة أسرهم، مما يزيد من صعوبة تعويض سنوات التعليم الضائعة.

تلامذة يمنيون في أحد الفصول الدراسية (الأمم المتحدة)

وتؤكد السلطات اليمنية أنه وبسبب الاضطرابات والظروف المعيشية السيئة، يعمل معظم الأطفال في مخيمات النزوح مع والديهم، في قطاعات مثل رعي الأغنام والزراعة والتجارة، وهو أمر يؤكده حسن هاجر، مدير مدرسة الصحاري الابتدائية والثانوية.

ويقول هاجر: «إن الناس يفتقرون إلى أبسط الضروريات، فبينما كان الفتى منصور على استعداد للعودة إلى التعليم الرسمي، كان بحاجة إلى تعويض ما فاته من تعلم، وعندما علم بوجود دروس تعويضية مجانية لمساعدة الأطفال على العودة إلى المدرسة، ابتهج».

وبدعم من الاتحاد الأوروبي، توفر «يونيسيف» دروساً مجانية في القراءة والكتابة والحساب، بوصفه جزءاً من سلسلة برامج التعلم غير الرسمية التي يحتاج الأطفال إلى الخضوع لها قبل إجراء تقييم للعودة إلى التعليم الرسمي.

وتقول المنظمة الأممية إن البرنامج يزود الطلاب بمهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية، ومن ضمنها مدرسة الصحاري الابتدائية والثانوية، حيث يتم تقديم فصول التعليم الرسمي للطلاب في الصباح، بينما يتم توفير التعليم غير الرسمي في فترة ما بعد الظهر لدعم الأطفال خارج المدرسة، ويتضمن دعم التعليم غير الرسمي أيضاً تقديم حوافز للمدرسين بالإضافة إلى تدريبهم.

تحسن كبير

يذكر مدير مدرسة الصحاري أن الإدارة لاحظت تحسناً كبيراً في تعلم الطلاب في المحافظة (مأرب) التي تواجه انخفاضاً في معدل التحاق الطلاب بالمدارس على خلفية النزوح الجماعي والاضطرابات في الخطوط الأمامية.

يواجه التعليم في اليمن عقبات شديدة من بينها توقف رواتب المعلمين (الأمم المتحدة)

ووصف المدير هاجر الدعم الذي يقدم للمدرسين والمدارس بأنه «خطوة عظيمة»، ويؤكد حاجة المنطقة إلى استمرار هذا الدعم، ويبيّن أن الفتى منصور انتظم في الفصل الدراسي لأكثر من ثلاثة أشهر حتى الآن، وتعلم كل شيء من القراءة والكتابة إلى الضرب والطرح والقسمة.

ويؤكد الفتى، وهو يواصل استئناف تعليمه، أنه يتطلع لأن يكون في المستقبل طبيباً، ولكنه يتمنى أيضاً العودة إلى منزله واللعب مع أصدقائه في الحي. ويضيف: «أريد العودة مع جميع أفراد عائلتي، بما في ذلك عماتي وأعمامي».

وتشرف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) على برامج التعليم غير الرسمي للأطفال الذين تسربوا من المدارس. وحتى الآن، تمكنت من دعم 40 ألف طفل للوصول إلى دروس القراءة والكتابة والحساب الأساسية، بالإضافة إلى برامج التعلم السريع في تعز ومأرب والحديدة وحجة وإب.

ووفق نتائج المسح العنقودي الذي نفذته الحكومة اليمنية بالتعاون مع الأمم المتحدة لأول مرة أدى الصراع إلى تعطيل العملية التعليمية، حيث إن 25 في المائة من الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي وأكثر من نصفهم (53 في المائة) في مرحلة الثانوية خارج المدارس.

ربع الأطفال في مرحلة التعليم الأساسي خارج المدارس في اليمن (إعلام محلي)

وبيّن المسح أنه يتم قيد نصف الأطفال فقط في الصف الدراسي الأول في المدارس الابتدائية، وتبلغ معدلات إكمال الدراسة 53 في المائة فقط في التعليم الأساسي، و37 في المائة في التعليم الثانوي.

وعلى الرغم من أن المسح أشار إلى أن هناك تحسناً في الوصول إلى خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، فإن 6 من أصل 10 أفراد في كل أسرة يستطيعون الحصول على مياه الشرب بكميات كافية، و4 من بين كل 10 أفراد في كل أسرة لديهم مصادر مياه داخل منازلهم.

أما في مجال الحماية فقد وجد المسح أن 29 في المائة فقط من الأطفال دون سن الخامسة لديهم شهادات ميلاد صادرة من مصلحة الأحوال المدنية، و16 في المائة من الأطفال بين سن 5 إلى 17 عاماً منخرطون في عمالة الأطفال.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.