تلامذة يمنيون خارج المدرسة بسبب عدم دفع الرسوم والجبايات

الأمم المتحدة: الصراع دمّر بنية التعليم

تلاميذ يمنيون في أحد الصفوف الدراسية (أ.ف.ب)
تلاميذ يمنيون في أحد الصفوف الدراسية (أ.ف.ب)
TT

تلامذة يمنيون خارج المدرسة بسبب عدم دفع الرسوم والجبايات

تلاميذ يمنيون في أحد الصفوف الدراسية (أ.ف.ب)
تلاميذ يمنيون في أحد الصفوف الدراسية (أ.ف.ب)

يتوجه الفتى اليمني سمير كل يوم صوب إحدى الآبار القريبة؛ لجلب مياه الشرب النظيفة لأسرته التي تقطن أحد أحياء العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بعد طرده من المدرسة؛ بسبب عدم مقدرة والده على دفع المبلغ المتبقي عليه من رسوم الدراسة؛ بسبب الأوضاع المادية والمعيشية المتدهورة التي يعانيها منذ فترة.

يقول سمير، الذي يدرس في الصف السادس لـ«الشرق الأوسط»، إن وكيل المدرسة الأهلية التي يتلقى التعليم فيها بنطاق مديرية معين في صنعاء طرده وعدداً من زملائه في المراحل الدراسية الأخرى بشكل مفاجئ بذريعة عدم دفع الرسوم المتبقية عليه، التي تعادل نحو 140 دولاراً.

تلميذات يمنيات في أحد الصفوف الدراسية في ضواحي العاصمة صنعاء (إ.ب.أ)

ووسط سوء الأوضاع التي يكابدها ملايين اليمنيين في صنعاء، يبدي سمير حزنه العميق لعدم تمكّنه من مواصلة تعليمه، كما يعبّر عن خشيته من ضياع سنة دراسية كاملة جراء عجز والده، بسبب حدة الظروف، عن تسديد بقية الرسوم.

ويَملك والد سمير، وهو أب لخمسة أولاد، محلاً تجارياً صغيراً لبيع الملابس بإحدى أسواق صنعاء، ويتحدث لـ«الشرق الأوسط» شاكياً من انهيار وضعه وأسرته المعيشي للعام التاسع على التوالي؛ نتيجة استمرار تراجع القدرة الشرائية لدى غالبية السكان جراء ظروفهم البائسة بفعل الصراع الدائر منذ سنوات.

جبايات بالقوة

على الجانب الآخر، يشكو أولياء أمور تلامذة في مدارس حكومية خاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء من تعميمات جديدة وُصفت بـ«الجبائية» أصدرتها قيادات تتحكم بإدارة العملية التعليمية، وتضمنت فرض مبالغ مالية على جميع الطلبة بزعم المساعدة في توفير «طائرات مسيّرة»، ودعماً لما تسمى «القوة الصاروخية»الحوثية.

مصادر تربوية مطلعة في صنعاء، ذكرت أن مشرفين حوثيين شنوا، منذ مطلع الأسبوع الحالي، حملات لجمع التبرعات المالية من طلبة المدارس الحكومية؛ دعماً للمجهود الحربي، ولاستمرار هجمات الحوثيين المتكررة على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب.

ويتعرّض الآلاف من طلبة المدارس في صنعاء وضواحيها للتوبيخ اليومي والتهديد بالفصل غير القانوني من مدارسهم حال عدم استجابة ذويهم للدفع، بينما جاءت هذه السلسلة التي لا حصر لها من المعاناة في وقت تقدر فيه مصادر تربوية في صنعاء انضمام مئات الآلاف من الطلبة العام الماضي إلى أكثر من مليوني طفل يمني لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس لأسباب معظمها على صلة بسوء المعيشة.

طالبات يمنيات لدى عودتهن إلى الدراسة في العام الجديد (إ.ب.أ)

ويتحدث ولي أمر طالب في صنعاء، فضّل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن حرمان الجماعة ابنه مهند من دخول المدرسة الكائنة في حي مذبح، شمال صنعاء، لتلقي التعليم أسوة بزملائه. وأرجع الأسباب إلى عدم دفع المبلغ الشهري الذي فرضته الجماعة منذ سنوات على كل طالب.

وأفاد بأن هذه ليست المرة الأولى التي يحرم فيها ابنه من حضور الحصص الدراسية، بعد طرده المتكرر، وكذلك عدد من زملائه من المدرسة على يد عاملين تربويين موالين للجماعة الحوثية.

توسع المعاناة

يعد سمير ومهند من بين آلاف الطلبة اليمنيين في المدارس الخاصة والحكومية الخاضعة للحوثيين، الذين لا يزالون يتعرضون منذ نحو 9 أعوام لمختلف أشكال التعسف والابتزاز والحرمان من حق التعليم، ولجرائم أخرى متعددة منها الاستهداف بالتطييف والتجنيد الحوثي القسري.

وكانت تقارير دولية وأخرى محلية أفادت بأن الصراع الدائر في اليمن قاد إلى تدهور القطاع التعليمي، وتسرب ملايين الطلاب من التعليم، وانقطاع آلاف المعلمين عن التدريس؛ نتيجة انقطاع الرواتب، وفرارهم من منازلهم جراء بطش وتنكيل الحوثيين، كما تمّ تدمير مئات المرافق التعليمية، وتحوُّل بعضها لثكنات عسكرية.

وفي تغريدة حديثة على «فيسبوك»، أكدت منظمة الطفولة الأممية (يونيسيف) وجود أكثر من مليوني طفل في اليمن خارج المدرسة، غالبيتهم من الفتيات، موضحة أن التعليم الأساسي لا يزال غير متاح للفتيات، خصوصاً في الريف.

طلبة يمنيون في «مدرسة ابن ماجد» بصنعاء يخضعون لمحاضرات ذات صبغة طائفية (فيسبوك)

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الصراع المستمر في اليمن أدى إلى تدمير البنية التحتية للتعليم، كما تسبب في تسرب ملايين الطلاب من المدارس.

وأكد المكتب، في بيان حديث أن أكثر من 2400 مدرسة تضررت أو دُمّرت أو استُخدمت لأغراض غير تعليمية جراء الصراع، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الطلاب والطالبات يواجهون تحديات كثيرة، وأن أكثر من 45 مليون طفل خارج المدرسة.

وأوضح أنه يعمل مع شركائه على إصلاح المدارس وتوفير المواد التعليمية، مما يمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً. وأكد أنه من خلال دعم المشروعات التي تعزز الوصول إلى التعليم، أو التي تعزز جودة التعليم، سيتمكّن من إحداث تأثير حقيقي في تشكيل غد أفضل.


مقالات ذات صلة

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.