اليمن يطلب تمويلاً طارئاً من صندوق النقد الدولي

الصعوبات زادت نتيجة منع الحوثيين تصدير النفط

لقاءات يمنية مكثفة لإقناع صندوق النقد الدولي بتقديم دعم طارئ (إعلام حكومي)
لقاءات يمنية مكثفة لإقناع صندوق النقد الدولي بتقديم دعم طارئ (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطلب تمويلاً طارئاً من صندوق النقد الدولي

لقاءات يمنية مكثفة لإقناع صندوق النقد الدولي بتقديم دعم طارئ (إعلام حكومي)
لقاءات يمنية مكثفة لإقناع صندوق النقد الدولي بتقديم دعم طارئ (إعلام حكومي)

كثَّف اليمن محادثاته مع صندوق النقد الدولي بغرض الحصول على تمويل طارئ يُمكنه من مواجهة الأزمة المالية التي تواجه الحكومة، والتي جعلتها عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في المناطق المحررة، فضلاً عن صعوبات في صرف رواتب الموظفين العموميين بشكل منتظم بسبب توقف تصدير النفط نتيجة هجمات الحوثيين على المواني منذ أكثر من عامين.

وذكرت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد المُشارك في اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في العاصمة الأميركية واشنطن، يُجري محادثات مكثفة مع المسؤولين في الصندوق من أجل الحصول على تمويل طارئ أسوة بالدول التي تمر بظروف مشابهة.

وأكدت المصادر أن هناك دعماً من الدول المؤثرة في الصندوق لهذا الطلب، لكنه يتطلب كثيراً من المباحثات للمُضي فيه.

ووفقاً لهذه المصادر، فإن الجانب الحكومي يواجه أزمة مالية خانقة نتيجة فقدانه أهم مصادر النقد الأجنبي، بسبب استهداف الحوثيين مواني تصدير النفط ومنع التصدير، إلى جانب تراجع إيرادات المواني خلال الأعوام الماضية، بعد سريان الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، وتم بموجبها إعادة فتح خطوط الملاحة إلى المواني الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

الحكومة اليمنية تعهدت بتنفيذ كافة اشتراطات صندوق النقد (إعلام حكومي)

ولهذا اختارت الحكومة اليمنية -حسب المصادر- اللجوء إلى صندوق النقد للحصول على التمويل الطارئ أسوة بدول تمر بظروف مشابهة للوضع الذي يعيشه اليمن نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل 10 أعوام.

سعي حثيث

في هذا السياق، التقى محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي، ووزير المالية سالم بن بريك، المدير التنفيذي لـ«المجموعة العربية والمالديف في صندوق النقد الدولي» محمد معيط، وناقشا معه آخر تطورات الأوضاع الاقتصادية في اليمن، في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من أحداث وصراع على النفوذ في التجارة الدولية، وانعكاسات ذلك على الأسواق المالية العالمية، ومدى تأثيرها على الدول الإقليمية ومنها اليمن.

ووفق الموقع الرسمي للبنك المركزي اليمني، جرى خلال اللقاء تأكيد ضرورة أن يقوم الصندوق بتيسير إجراءات حصول اليمن على برامج التمويلات الطارئة أسوة بالحالات المشابهة للدول الأعضاء، وأكد الجانب اليمني استعداده لتوفير كل البيانات المطلوبة بالتنسيق مع خبراء الصندوق.

اليمن يراهن على دور الهيئات الدولية في مساعدته على التغلب على الصعوبات (إعلام حكومي)

المسؤولان اليمنيان اجتمعا أيضاً مع جهاد أزعور، رئيس دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد، وجرى خلال اللقاء استعراض آخر المستجدات السياسية والاقتصادية في هذا البلد، مع استمرار التطورات الجارية وانعكاساتها على الوضع المعيشي والإنساني، في ظل شُح الموارد ونقص المساعدات، ودور الهيئات المالية الدولية والإقليمية للمساعدة في التغلُّب على الصعوبات.

وطبقاً للمصادر الرسمية، فإن اللقاءات المستمرة مع بعثة الصندوق خلال هذه الفترة تهدف إلى التحضير لاستئناف مشاورات المادة الرابعة مع اليمن، واستكمال هذه المشاورات في أقرب فرصة ممكنة حتى تتمكن البلاد من الاستفادة من برامج الدعم المالي والفني التي يقدمها الصندوق.

آلية الدعم

تُحدد المادة الرابعة من لائحة الصندوق التزامات الدول الأعضاء وواجبات كل عضو في الصندوق في سبيل تحقيق استقرار النظام النقدي، من خلال توجيه سياساتها الاقتصادية والمالية نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتجنُّب التلاعب بأسعار الصرف أو بالنظام النقدي لتحقيق مزايا تنافسية غير عادلة، والتعاون مع الصندوق ومع باقي الدول لتحقيق الاستقرار المالي.

ووفقاً لهذا النص، يُمارس الصندوق رقابة منتظمة على سياسات الدول الأعضاء المتعلقة بأسعار الصرف والاستقرار الاقتصادي. وتجري مشاورات منتظمة (غالباً سنوية) مع كل دولة عضو.

وتشمل هذه المشاورات مراجعة الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية للدولة، وتقديم توصيات أو تحذيرات عند الحاجة.

وعادةً ما يُرسل الصندوق سنوياً فريقاً من خبرائه إلى الدولة المعنية لمراجعة سياساتها والتشاور مع مسؤوليها، وتُنشر نتائج هذه المشاورات غالباً في تقارير علنية بعد موافقة الدولة ذاتها.

المسؤولون اليمنيون يكافحون في سبيل الحصول على دعم دولي للحكومة (إعلام حكومي)

وضمن هذه المناقشات، التقى محافظ البنك المركزي ووزير المالية اليمنيان مع فريق الإدارة القانونية وإدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي لبحث أوجه الدعم الفني الذي يقدمه الصندوق.

وحسب الإعلام الرسمي، تمت مناقشة احتياجات اليمن لتحديث التشريعات وتعزيز قدراته في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ أبدى الصندوق استعداده لتقديم الدعم في هذا الجانب، واتفق الجانبان على عقد ورشة موسعة يشارك فيها البنك المركزي ووحدة جمع المعلومات واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال.


مقالات ذات صلة

«الصحة» اليمنية تحذر من وضع كارثي لتفشي الكوليرا في عدن

العالم العربي مركز علاج الكوليرا في عدن يواجه نقصاً شديداً في الكادر والأدوية (إعلام حكومي)

«الصحة» اليمنية تحذر من وضع كارثي لتفشي الكوليرا في عدن

أكد مكتب الصحة العامة في مدينة عدن، التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، أن الوضع الوبائي لمرض الكوليرا فيها يزداد سوءاً وأصبح كارثياً

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الجماعة الحوثية فشلت في إخفاء الخسائر التي لحقت بها فلجأت إلى اعتقال النشطاء (إعلام محلي)

حملة اعتقالات حوثية تستهدف إعلاميين وناشطين في الحديدة

بعد أيام من وضع الجماعة الحوثية محافظة الحديدة اليمنية تحت إشراف علي حسين الحوثي نجل مؤسسها، شنت حملة مداهمات واعتقالات طالت إعلاميين، وناشطين، ووجهاء

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي أطلقت الجماعة الحوثية الكثير من نوعه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

هجمات الحوثيين تجاه إسرائيل تتصاعد وسط مخاوف من ردّ انتقامي

وسط اتهامات للجماعة الحوثية بالتعتيم على مقتل وجرح عشرات المدنيين في صنعاء، إثر انفجار مستودع للصواريخ والمتفجرات، صعّدت الجماعة من هجماتها باتجاه إسرائيل.

علي ربيع (صنعاء)
العالم العربي غالبية أطفال النازحين في اليمن يلجأون إلى العمل للمساعدة في توفير المعيشة (إ.ب.أ)

اليمن: توقع أممي بتدهور حاد في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة

توقعت تقارير أممية أن تشهد أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تدهوراً إضافياً خلال الأشهر الأربعة المقبلة مع استمرار العوامل المسببة لها وانخفاض المساعدات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ملايين اليمنيين يعانون الجوع ويُجبَر الآلاف منهم على التظاهر مع الحوثيين (إعلام محلي)

كيف استفاد الحوثيون من القبضة الأمنية لنظام الأسد؟

استنسخ الحوثيون القبضة الأمنية لنظام الأسد وتلقوا تدريبات في دمشق على القمع والإدارة والسيطرة على المؤسسات والاقتصاد، وتسهيلات للمرور إلى لبنان وإيران

محمد ناصر (تعز)

تكتم حوثي على تبعات كارثية لانفجار مخزن أسلحة

أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
TT

تكتم حوثي على تبعات كارثية لانفجار مخزن أسلحة

أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)
أهالي الحي المنكوب في مديرية بني حشيش يتفقدون آثار الدمار الذي خلفته الانفجارات (إكس)

تسببت انفجارات مخازن أسلحة تابعة للحوثيين بمقتل وجرح العشرات من سكان مديرية بني حشيش شمال شرقي العاصمة صنعاء، إلى جانب تدمير عدد من المنازل، وإثارة الهلع في أوساط الأهالي، في حين شنت الجماعة الحوثية حملات مداهمة واختطافات في محاولة لمنع نشر أخبار أو صور عن الواقعة.

وشهد حي سكني بين منطقتي «خشم البكرة» و«صَرِف» في مديرية بني حشيش، صباح الخميس، ثلاثة انفجارات عنيفة مجهولة السبب، قبل أن يتضح أنها ناتجة عن مخزن ذخيرة استحدثته الجماعة الحوثية وسط المباني السكنية في المنطقة، وعقب الانفجار الأخير اندلعت النيران في المكان لتتواصل بعدها انفجارات الذخيرة في المخزن، مؤدية إلى مقتل وإصابة عشرات السكان، ونقل العشرات منهم إلى المستشفيات القريبة.

وتقدر مصادر محلية عدد القتلى بأكثر من 50 شخصاً، مع احتمالية استمرار الوفيات خلال الأيام القادمة بسبب سوء حالة المصابين الذين يصعب تقدير أعدادهم، خصوصاً أن الشظايا وصلت إلى مناطق وقرى مجاورة، في حين أحصى أحد شهود العيان تهدم وتضرر قرابة 30 منزلاً ومبنى بالقرب من موقع الحادثة.

ويتوقع أن تكون الانفجارات ناجمة عن سوء تخزين الذخائر، بسبب استعجال الجماعة الحوثية في نقلها لمنع استهدافها من الطيران العسكري الأميركي أو الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية.

وذكر سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة الأمن التابعة للجماعة الحوثية فرضت طوقاً أمنياً على المنطقة، ونشرت فيها عدداً من نقاط التفتيش، ومنعت السكان من العبور منها وإليها إلا بعد إجراء تحريات حولهم والتحقيق معهم حول أسباب تحركاتهم وتنقلاتهم، برغم أن غالبيتهم كانوا يحاولون الهرب من الانفجارات أو يسعون للاطمئنان على أقاربهم.

وقال أحد أهالي المنطقة إن الانفجارات استمرت أكثر من ساعة ونصف الساعة وكأنها انفجار واحد متصل، وارتفعت أعمدة الدخان الذي غطى السماء، في حين كانت شظايا الذخائر المنفجرة تتساقط في كل الاتجاهات.

ملاحقات أمنية

ضاعفت الإجراءات الحوثية من هلع السكان خلال اندفاعهم للهرب والنزوح من المنطقة هرباً من الانفجارات، وبينما كانوا يحاولون الهرب لتجنب وصول الانفجارات والشظايا إليهم، أجبرتهم نقاط تفتيش على الانتظار لساعات طويلة.

وأكّد شهود عيان أن عدداً من المنازل القريبة من المخازن التي تعرضت للانفجارات تهدمت بسرعة عند بدء الانفجارات دون أن يُتاح لساكنيها ترتيب هروبهم منها أو حمل مقتنياتهم الثمينة، ولم يعرف مصير الكثير منهم بسبب حالة الهلع وإجراءات الجماعة الحوثية.

وأدى الدخان الكثيف الذي غطى المباني والطرقات إلى حجب الرؤية وعدم قدرة السكان على الاطمئنان على بعضهم خلال هروبهم من المنازل.

سكان نازحون يراقبون مشاهد الانفجارات وأعمدة الدخان (فيسبوك)

وحاول العديد من أصحاب المحال التجارية نقل بضائعهم لتقليل خسائرهم بعد أن طالت الشظايا والحرائق غالبية المباني، الأمر الذي ضاعف من حالة الإرباك والزحام في الطرقات، في حين اضطر غالبيتهم للسعي للنجاة بأنفسهم فقط.

وتلاحق أجهزة أمن الجماعة الحوثية رواد مواقع التواصل الاجتماعي من أهالي المنطقة بتهمة نشر معلومات وصور وتسجيلات فيديو عن الواقعة.

وتستند الجماعة، وفق المصادر المحلية، إلى مواقع وزوايا التصوير في ملاحقتها، حيث داهمت المنازل والمباني التي التقطت منها الصور وتسجيلات الفيديو من جهة، واختطفت عدداً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وأجبرتهم على حذف ما نشروا من معلومات أو صور ومقاطع فيديو، وصادرت هواتف العديد منهم.

مطالبات بالإدانة

داهمت أجهزة أمن الجماعة المستشفيات التي نُقل إليها الجرحى للتحفظ عليهم ومنع تصويرهم أو نقل شهاداتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

آثار انفجارات مخازن أسلحة تابعة للحوثيين في حي سكني شرقي العاصمة صنعاء الخميس الماضي (إكس)

وكشفت مصادر طبية أن أقسام الطوارئ في مستشفيات الشرطة وزائد والمؤيد والسعودي الألماني القريبة من المنطقة، اكتظت بالجثث والمصابين الذين كان أغلبيتهم من النساء والأطفال.

وبحسب المصادر فإن أجهزة أمن الجماعة عملت على التحفظ على الجثث والمصابين ومنع التواصل معهم، وحذرت الأطباء والممرضين وموظفي المستشفيات من نقل أي معلومات لأي جهة كانت، وصادرت هواتف المصابين ومسعفيهم.

وتظهر الصور ومقاطع الفيديو التي تسعى الجماعة الحوثية إلى منع انتشارها مشاهد لتدافع السكان المذعورين من المنطقة، وأخرى للانفجارات والحرائق وأعمدة الدخان.

واتهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الجماعة الحوثية بالاستمرار في عسكرة الأحياء السكنية وتحويلها إلى مخازن أسلحة ومواقع إطلاق للصواريخ والطائرات المسيّرة، مما يعرض المدنيين للخطر، ويخالف القوانين الدولية التي تحظر استخدامهم كدروع بشرية.

ووصف «المركز الأميركي للعدالة» (ACJ)، الواقعة بالكارثة الإنسانية، والخرق الجسيم للقانون الدولي الإنساني.

وعدّ الاستمرار في تخزين الأسلحة والمتفجرات وسط الأحياء السكنية انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، داعياً إلى ملاحقة جميع القيادات الحوثية المتورطة في مثل هذه الممارسات.

وطالب بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل لتحديد ملابسات الحادث، ومحاسبة المسؤولين عنه، وإخلاء الأحياء السكنية من أي مخازن أسلحة.