سعي رئاسي يمني للحصول على دعم اقتصادي دولي

بن مبارك: التغاضي عن انتهاكات الحوثيين لن يقود للسلام

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن نائب المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن نائب المبعوث الأممي (سبأ)
TT

سعي رئاسي يمني للحصول على دعم اقتصادي دولي

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن نائب المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن نائب المبعوث الأممي (سبأ)

بدأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي، لقاءات في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، مع الفاعلين الدوليين والإقليميين سعياً للحصول على مساندة لدعم الاقتصاد المتأثر بفعل توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير.

جاء ذلك بالتزامن مع تصريحات لرئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك انتقد فيها التغاضي الدولي عن انتهاكات الحوثيين، مؤكداً أن ذلك لن يقود إلى تحقيق السلام في بلاده.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي التقى في الرياض سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن، عبدة شريف، وبحث معها مستجدات الأوضاع الوطنية والإقليمية، ومسار الإصلاحات الحكومية، والدعم الدولي المطلوب للحد من التداعيات الكارثية «للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وسفن الشحن البحري».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يسعى لاستجلاب دعم دولي وإقليمي للاقتصاد (سبأ)

وبحسب وكالة «سبأ» الحكومية، تطلع العليمي إلى دعم دولي لخطة الإنقاذ الاقتصادي، ومصفوفتها العاجلة لتعزيز موقف العملة اليمنية.

وجدّد رئيس مجلس الحكم اليمني التمسك بنهج السلام الشامل والعادل بموجب المرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والانفتاح على جميع المبادرات التي من شأنها تخفيف المعاناة التي صنعتها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.

وكان العليمي قد غادر عدن، الثلاثاء، إلى السعودية في طريقه إلى مصر للمشاركة في المنتدى الحضري العالمي الذي تنطلق أعماله الأسبوع المقبل.

وبحسب مكتب الرئاسة اليمني، سيجري العليمي في الرياض مشاورات مع فاعلين إقليميين ودوليين حول مستجدات الأوضاع المحلية، وسبل حشد الدعم إلى جانب الإصلاحات الشاملة التي تنفذها الحكومة، ومواجهة التحديات الاقتصادية الماثلة وتداعياتها الإنسانية التي فاقمتها الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية.

وأكد المصدر الرئاسي حرص مجلس القيادة والحكومة على تحمل كامل المسؤولية في التخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية، والعمل على إنفاذ خطة للإنقاذ الاقتصادي، واتخاذ التدابير اللازمة لمحاصرة عجز الموازنة العامة، والحد من التأثيرات الجانبية للتقلبات السعرية على الأوضاع المعيشية، وإبقاء الانتباه على المعركة المصيرية لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي.

انتقاد التغاضي الأممي

بالتزامن مع السعي الرئاسي اليمني لاستجلاب الدعم الاقتصادي، أكد رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك أن استمرار تعاطي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالآلية ذاتها مع الجماعة الحوثية، والتغاضي عن انتهاكاتها وجرائمها التي وصلت إلى حملات القمع والاختطاف والتنكيل ضد الموظفين الأمميين والدوليين لن يؤدي إلى تحقيق السلام.

جاءت تصريحات بن مبارك خلال لقائه في عدن نائب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن سرحد فتاح، حيث أكد للأخير دعم الحكومة لجهود المبعوث الأممي ولكل الجهود الدولية والإقليمية الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن نائب المبعوث الأممي (سبأ)

وأورد الإعلام الرسمي أن بن مبارك استمع من المسؤول الأممي إلى إحاطة حول نتائج التحركات الأخيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية من أجل خفض التصعيد، وأولويات المرحلة المقبلة، لإحياء العملية السياسية، التي انقلب عليها الحوثيون.

وخلال اللقاء، ناقش رئيس الوزراء اليمني مع نائب المبعوث الأممي «استمرار عرقلة ميليشيا الحوثي تنفيذ التفاهمات الاقتصادية وانعكاسات ذلك على الوضع الإنساني الكارثي، ومسؤوليات الأمم المتحدة».

وكان نائب المبعوث الأممي أنهى زيارة إلى صنعاء التقى فيها قيادات في الجماعة الحوثية، ضمن السعي الأممي لمحاولة تحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية المستعصية بفعل تصعيد الانقلابيين الإقليمي وهجماتهم ضد السفن.

على صعيد آخر، شدد بن مبارك خلال استقباله في عدن، الأربعاء، الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية، أرسينيو دومينجيز، على مسؤولية المنظمة الأممية والدول الأعضاء فيها بدعم الحكومة اليمنية لاستعادة السيطرة على الشواطئ اليمنية لضمان أمن البحر الأحمر باعتبار ذلك مصلحة وطنية وإقليمية ودولية.


مقالات ذات صلة

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

العالم العربي ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين يعيشون تحت سطوة القمع (أ.ب)

المحققون الأمميون يُحمّلون الحوثيين مسؤولية التدهور في اليمن

حمَّلَ التقرير الجديد لفريق خبراء مجلس الأمن الدولي المعني باليمن، الحوثيين مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن وعرقلة جهود السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي جرافة حوثية تهدم منزلاً في صنعاء (فيسبوك)

حملات تعسف تغلق أسواقا وتهدم منازل في صنعاء

نفذّت الجماعة الحوثية حملات تعسف، استهدفت بالإغلاق والهدم أسواقاً ومتاجر ومنازل شعبية في صنعاء، وذلك ضمن عملية ممنهجة تهدف إلى فرض مزيد من الإتاوات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عناصر حوثيون في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

شكاوى من تصاعد السرقات في مناطق سيطرة الحوثيين

شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية ارتفاعاً في منسوب جرائم السرقة بمختلف أنواعها، في ظل اتهامات بالتقاعس الأمني

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مجلس الوزراء اليمني يكافح للسيطرة على تدهور سعر العملة المحلية (سبأ)

الحكومة اليمنية تشدد على تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة

شددت الحكومة اليمنية على اتخاذ تدابير حازمة لردع المضاربة بالعملة في ظل استمرار تهاوي الريال اليمني، وشح الموارد بسبب توقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% هذا العام (البنك الدولي)

البنك الدولي: توقف تصدير النفط في اليمن فاقم تدهور الأمن الغذائي

أفاد البنك الدولي بأن الحصار الذي يفرضه الحوثيون على تصدير النفط أوصل تدهور الأمن الغذائي في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».