هل يزيد اتفاق «أرض الصومال» مخاطر الإرهاب بالقرن الأفريقي؟

بعد تحذير مستشار شيخ محمود من نشاط تنظيمات متطرفة في المنطقة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانونا يلغي اتفاق «أرض الصومال» مع إثيوبيا (الرئاسة الصومالية - منصة إكس)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانونا يلغي اتفاق «أرض الصومال» مع إثيوبيا (الرئاسة الصومالية - منصة إكس)
TT

هل يزيد اتفاق «أرض الصومال» مخاطر الإرهاب بالقرن الأفريقي؟

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانونا يلغي اتفاق «أرض الصومال» مع إثيوبيا (الرئاسة الصومالية - منصة إكس)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانونا يلغي اتفاق «أرض الصومال» مع إثيوبيا (الرئاسة الصومالية - منصة إكس)

لا يزال الاتفاق الذي وقعته الحكومة الإثيوبية مطلع الشهر الحالي مع منطقة «أرض الصومال» للحصول على ميناء وقاعدة عسكرية على خليج عدن بالبحر الأحمر يثير المزيد من ردود الفعل، إذ تصاعدت تحذيرات من إمكانية أن يتسبب الاتفاق في تحريك تنظيمات إرهابية ومتطرفة تنشط في منطقة القرن الأفريقي، أبرزها حركة «الشباب» الموالية لتنظيم «القاعدة»، وكذلك بعض الجماعات الموالية لتنظيم «داعش».

واعتبر الدكتور عبد الرحمن باديو، كبير مستشاري الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لشؤون السلام والمصالحة في مقال نشره، الثلاثاء، على موقع «الصومال اليوم» Somaliatoday الإخباري، أن «أخطر الآثار المترتبة على توقيع مذكرة التفاهم هو إحياء المتطرفين مثل (حركة الشباب) و(داعش)، والتي تضاءلت بشكل كبير منذ عام 2023 في الصومال».

وحذر باديو من أن «يستخدم هؤلاء المتطرفون مذكرة التفاهم كذريعة للدفاع عن الدولة الصومالية المسلمة من الإثيوبيين، حيث تزودهم بدافع متجدد وقوة دافعة لتعبئة الشعب الصومالي والأجيال الشابة خاصة باسم الجهاد ضد مسيحيي إثيوبيا».

كان المتحدث باسم «حركة الشباب»، علي محمود راجي، وصف الاتفاق بين الحكومة الإثيوبية و«أرض الصومال» بأنه «ينتهك بشكل صارخ السيادة الصومالية»، ووصفه بأنه «غير قانوني»، وأعلن أن «الدماء ستُراق ردا على العدوان الإثيوبي».

وتوقع كبير مستشاري الرئيس الصومالي لشؤون السلام والمصالحة أن تتجلى تداعيات هذه المعارضة في توسع عمليات «حركة الشباب»، والتي من المحتمل أن تستهدف كلاً من «أرض الصومال» وإثيوبيا «في المستقبل القريب جدا».

واختتم باديو مقاله بالتأكيد على أن مذكرة التفاهم الموقعة بين أبي أحمد وموسى بيهي (رئيس إقليم أرض الصومال) «خطيرة، وتشكل تهديداً كبيراً للصومال وإثيوبيا وسكان القرن الأفريقي الأوسع»، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق «لا يعرض استقرار منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر ذات الأهمية الاستراتيجية للخطر فحسب، بل يحمل أيضا إمكانية إثارة صراع له تداعيات واسعة النطاق»، داعيا إلى تدخل المجتمع الدولي بشكل استباقي لمنع الصراع الوشيك ومواجهة السياسات التي وصفها بـ«العدوانية» التي ينتهجها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

ورفضت الحكومة الصومالية بحسم توقيع المذكرة بين الحكومة الإثيوبية و«أرض الصومال»، ووصف الرئيس شيخ محمود الاتفاق بأنه «انتهاك غير مشروع» من جانب أديس أبابا للسيادة الصومالية، مؤكداً أنه «لن يمكن لأحد أن ينتزع شبراً من الصومال». كما استدعت مقديشو سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، ولاحقا وقع الرئيس الصومالي قانونا يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا.

وحذرت دول ومنظمات إقليمية ودولية عدة من بينها الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي من خطورة الخطوة الإثيوبية على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي.

تداعيات خطيرة

بدورها، أكدت الدكتورة نرمين توفيق الباحثة في الشؤون الأفريقية والمتخصصة في شؤون التنظيمات المتطرفة أن الاتفاق «غير الشرعي وغير القانوني» الذي وقعته أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي ستكون له تداعيات خطيرة، وسيؤدي إلى اضطرابات تهدد دول القرن الأفريقي. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق يثير حفيظة دول القرن الأفريقي الصومال وجيبوتي وحتى إريتريا التي تحالفت سابقا مع رئيس الوزراء الإثيوبي، لافتة إلى أن تلك الاضطرابات السياسية قد تتحول سريعا إلى اضطرابات أمنية بالنظر إلى البيئة الأمنية الهشة في تلك المنطقة.

وأوضحت الباحثة في الشؤون الأفريقية أن «حركة الشباب» التي تنشط في جنوب ووسط الصومال لديها مرتكز فكري يعتمد على مقاومة أي وجود أجنبي على أرض الصومال، والحركة تعتبر منطقة «أرض الصومال» جزءا من الأراضي الصومالية وبالتالي فإن أي وجود إثيوبي بها سيدفع عناصر الحركة إلى استهدافه.

ومنذ عام 1991 أعلن إقليم «أرض الصومال» نفسه دولة مستقلة تحت اسم «جمهورية أرض الصومال»، وهو استقلال لم تعترف به السلطة المركزية في مقديشو، وخلال 3 عقود عمل الإقليم على نيل اعتراف دولي باستقلاله لكنه لم يفلح في هذا المسعى، ويتضمن الاتفاق الأخير مع أديس أبابا اعتراف الأخيرة بالإقليم دولة مستقلة.

العدو التاريخي

وتشير توفيق إلى أن إثيوبيا كانت «العدو التاريخي» للصومال على مدى عقود، رغم محاولات الحلحلة التي قادها أبي أحمد خلال السنوات الأخيرة، فضلا عما تتمتع به «حركة الشباب» من قدرات على تنفيذ عمليات في العديد من دول المنطقة، وسبق لها أن نفذت عمليات في إثيوبيا وكينيا وأوغندا، ومن ثم فإنه من غير المستبعد أن تكون «أرض الصومال» وأي وجود إثيوبي مستقبلي فيها هدفا لـ«حركة الشباب».

وأشارت الخبيرة المصرية إلى وجود تنظيم «داعش» الصومال، وهو تنظيم أضعف نسبيا من «حركة الشباب» لكنه ينشط في شمال الصومال بالقرب من إقليم «أرض الصومال»، مرجحة أن يسعى التنظيم كذلك إلى استغلال الظروف المضطربة والتوتر الناجم عن الاتفاق لتنفيذ عمليات والتواجد في هذه المنطقة الاستراتيجية.

وتخوض الحكومة الصومالية مواجهات ضارية ضد «حركة الشباب»، وأطلق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في أغسطس (آب) 2022 المرحلة الأولى من عمليات مواجهة التنظيمات الإرهابية، وحققت القوات الصومالية مكاسب كبيرة على صعيد تحجيم «حركة الشباب»، لا سيما في إقليمي شبيلي الوسطى والسفلى بوسط البلاد.

وأسفر القتال ضد «حركة الشباب» عن انحسار نطاق سيطرة الجماعة المتطرفة بنحو الثلث، وتكبُّدها نحو ثلاثة آلاف قتيل (أي ثلث إجمالي مقاتليها البالغ قوامهم نحو تسعة آلاف مقاتل تقريباً)، واعتقال واستسلام نحو 700 آخرين، بينهم قادة ميدانيون، وانخفاض حجم هجماتها بنسبة 70 في المائة، وفقاً لرئيس الوزراء حمزة عبدي بري، الذي أكد في 4 مايو (أيار) الماضي، تحرير أكثر من 80 قرية وبلدة من سيطرة الحركة، وتحسن أمن العاصمة مقديشو بشكل كبير.

تصاعد خطر التطرف

وتوقعت عبير مجدي الباحثة في «مركز رع للدراسات الاستراتيجية» بمصر أن يؤدي قطع الصومال علاقته الدبلوماسية مع إثيوبيا إلى عدم استمرار الوجود القانوني للجنود الإثيوبيين في الصومال الذين يقاتلون «حركة الشباب»، حيث يوجد حاليا ما لا يقل عن 4 آلاف جندي إثيوبي منتشرين كجزء من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، وألف جندي آخر منتشرين كجزء من الاتفاقيات الثنائية، لذلك عند سحب إثيوبيا قواتها قد يعقد الأمر بشكل كبير خطط الحكومة الصومالية بتطهير جنوب الصومال من «حركة الشباب» بحلول نهاية عام 2024.

ورجحت في تحليل منشور لها على الموقع الإلكتروني للمركز أن تزيد «حركة الشباب» هجماتها الانتقامية ضد القوات الإثيوبية لتوسيع حركاتها بالتمدد في الداخل الإثيوبي من خلال شن هجمات انتقامية، إضافة إلى استغلال توتر العلاقات بين إثيوبيا والصومال في تعزيز التجنيد ودعم التمويل، فضلاً عند تمدد الحركة في إقليم «أرض الصومال» للقتال ضد إثيوبيا، الأمر الذي قد يعزز من تصاعد خطر التطرف والعنف في منطقة القرن الأفريقي.


مقالات ذات صلة

الاتفاقية الدفاعية المصرية - الصومالية لاحتواء «الطموح» الإثيوبي وموازنة «النفوذ» التركي

المشرق العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء سابق مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

الاتفاقية الدفاعية المصرية - الصومالية لاحتواء «الطموح» الإثيوبي وموازنة «النفوذ» التركي

أثار «اجتماع استثنائي» للحكومة الصومالية لإقرار اتفاقية دفاعية مع مصر تساؤلات وردود فعل حول توقيت الاجتماع وآثار الاتفاقية الموقعة على منطقة القرن الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد بأكرا (الاتحاد الأفريقي)

«قمة الاتحاد الأفريقي التنسيقية» لمناقشة التكامل الإقليمي وتعزيز الاندماج

تشارك مصر بوفد رسمي، برئاسة رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في «الاجتماع التنسيقي السادس للاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مصر تدشن خط طيران مباشراً إلى جيبوتي والصومال (وزارة الطيران المدني في مصر)

مصر لتعزيز التعاون مع جيبوتي والصومال

في خطوة تستهدف «تعزيز التعاون مع دول القرن الأفريقي»، دشّنت مصر، الجمعة، خط طيران مباشراً بين القاهرة وجيبوتي ومقديشو.

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري ونظيره الصومالي خلال لقاء في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدد على أهمية أمن واستقرار الصومال

شددت مصر على «أهمية تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في الصومال لما يمثله ذلك من ركيزة أساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة كلها».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.