مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

مساعد وزير الخارجية قال إن المنطقة تقع في بؤرة اهتمام القوى الكبرى

مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)
مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)
TT

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)
مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات. وقال مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السفير إيهاب عوض، إن المنطقة «تقع حالياً في بؤرة اهتمام القوى الدولية فيما يتعلق بمستقبل بناء وتشغيل الممرات البحرية، الاستراتيجية الاقتصادية المهمة».

وشارك الدبلوماسي المصري في مؤتمر نظمه «المركز المصري للفكر والدراسات»، الخميس، بالقاهرة، تحت عنوان «الصراعات في القرن الأفريقي... وتداعياتها على الأمن الإقليمي والمصري».

وقال عوض إن «الأوضاع في القرن الأفريقي تتسم بالتعقيد، وهناك حاجة لفهم أدوار القوى الخارجية في هذا الإقليم»، مشيراً إلى «الارتباط الوثيق للمنطقة بطرق الملاحة البحرية والدولية، بجانب ارتباط هذه المنطقة وموانئها بخطط نقل المعادن الثمينة والنفيسة من المناطق الداخلية الحبيسة في أفريقيا ومنطقة البحيرات العظمى وغيرها إلى أقرب الموانئ الآمنة».

وتحدث عن مذكرة التفاهم الأخيرة بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال»، وتطلعات إثيوبيا للوجود على البحر الأحمر ليس فقط تجارياً، لكن أيضاً عسكرياً.

وسلط الضوء على تنامي الاهتمام الخارجي بالمنطقة من خلال تسارع وتيرة تطوير الموانئ والمناطق اللوجيستية، فضلاً عن مشروعات تنموية ومساعدات إنسانية. وأوضح أن «التوجه الدولي تجاه منطقة القرن الأفريقي تاريخياً، استند إلى حتمية إيجاد (وكيل إقليمي) لحماية مصالحها والحفاظ على الاستقرار والتوازن في المنطقة».

كما نبه مساعد وزير الخارجية إلى أن «الاعتداءات الأخيرة على حرية الملاحة البحرية في البحر الأحمر أدت إلى عسكرة متزايدة للترتيبات الأمنية في البحر الأحمر»، محذراً من أن «هذه الترتيبات قد تحمل معها المزيد من التدخلات الخارجية في المنطقة، وقد يفاقم من الصراعات المركبة التي تعاني منها».

ناقش المؤتمر، الذي حضره مجموعة من الدبلوماسيين والمتخصصين من مصر ودول أفريقية، شبكة من الصراعات المعقدة في منطقة القرن الأفريقي، ما بين صراعات إثنية وحدودية، وصراعات بسبب الموارد والمياه، وأخرى تتعلق بتأثير التغيرات المناخية، والتدخلات الدولية، وحذروا من الارتدادات الإقليمية لصراعات دول القرن الأفريقي، خصوصاً على أمن منطقة البحر الأحمر.

وحذر رئيس المركز المصري خالد عكاشة، مما سمّاه «تنامي الصراعات الانفصالية بدول القرن الأفريقي»، كما رأى رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز أحمد أمل، أن «التنافس الدولي بين القوى الدولية أحد مسببات الصراع بالقرن الأفريقي»، داعياً «تدخل القوى الدولية بمشروعات لإحلال السلام وتفكيك الصراعات».

وفيما يتعلق بقضايا المياه، حذر الخبراء من تحول الخلاف حول «سد النهضة» الإثيوبي، بين إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى، إلى صراع إقليمي بمنطقة القرن الأفريقي. ودعا الخبراء إلى «ضرورة عودة الاهتمام الغربي، وخصوصاً الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بقضية المياه في القرن الأفريقي»، وأعادوا ذلك إلى «تهديدات محتملة لاشتعال صراع إقليمي».

وقال نائب مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إبراهيم الدويري: «السياسة المائية الإثيوبية تؤثر بشكل مباشر على الأمن الإقليمي والأمن القومي المصري»، وأشار إلى أن «الجانب الإثيوبي قابل مساعي التفاوض مع مصر والسودان لوضع حلول عادلة وملزمة حول السد بتعنت مستمر على مدى أكثر من عشر سنوات من المفاوضات».

وانتقد الدويري غياب الدعم الدولي لحقوق دولتي المصب مصر والسودان في قضية السد الإثيوبي، وقال: «لم يساعدنا أحد في تلك الأزمة»، مشيراً إلى «تأثيرات تعرض لها السودان بسبب السياسات الإثيوبية المنفردة في ملء وتشغيل السد».

ودعت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، راوية توفيق، إلى ضرورة «عودة الاهتمام الغربي، وتحديداً من الولايات المتحدة والدول الأوروبية والقوى الدولية الأخرى، بملف المياه في القرن الأفريقي»، وأشارت إلى أن «تدخل طرف رابع، من شأنه أن يمنع نشوب صراعات بسبب المياه في المنطقة».

وإلى جانب المخاطر المائية، تحدث الباحث في «مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية» حسام ردمان، عن مخاطر «تنافس التنظيمات الإرهابية على الوجود بالقرن الأفريقي، على أمن البحر الأحمر»، وأشار إلى تحركات ثلاث جماعات أساسية، بداية من جماعة «الحوثيين» في اليمن، ونشاط «حركة شباب المجاهدين» الصومالية، إلى جانب تنظيم «داعش» الإرهابي، وقال إن تلك التنظيمات «تسعى لإيجاد موطئ قدم لها بمنطقة البحر الأحمر».


مقالات ذات صلة

اجتماع للمعارضة في مقديشو... مبادرة للتوافق أم ورقة ضغط؟

شمال افريقيا معارضون يعقدون لقاءً في مقديشو لمناقشة أوضاع البلاد (وسائل إعلام صومالية)

اجتماع للمعارضة في مقديشو... مبادرة للتوافق أم ورقة ضغط؟

اجتماع للمعارضة في الصومال عقب تحضيرات للحكومة الفيدرالية لإجراء «حوار وطني» دعا إليه الرئيس حسن شيخ محمود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الصومالي خلال لقائه قيادات عدد من الولايات في وقت سابق (وكالة الأنباء الصومالية)

تحضيرات لـ«حوار وطني» في الصومال وسط أزمات داخلية متصاعدة

بدأت لجنة من الحكومة الفيدرالية اجتماعاتها أخيراً للتحضير لـ«الحوار الوطني» باجتماع مع ممثلي منظمات المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أفريقيا وزراء خارجية دول الساحل مع رئيس مفوضية مجموعة «إيكواس» الخميس في باماكو (صحافة محلية)

قلق وتصعيد دبلوماسي: غرب أفريقيا يتحرك لمواجهة خطر الإرهاب في الساحل

قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وتحالف دول الساحل، (الخميس)، تجاوز خلافاتهما الدبلوماسية والسياسية من أجل مواجهة خطر الإرهاب في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا قال متحدث باسم «تيك توك» إنه من الصعب تحديد عدد الحسابات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية (أ.ف.ب)

«بوكو حرام» تستخدم «تيك توك» لنشر دعايتها والترويج لأفكارها

كثف مقاتلو تنظيم «داعش في غرب أفريقيا» وجماعة «بوكو حرام» هجماتهم الإرهابية في ولاية بورنو، شمال شرقي نيجيريا، منذ أبريل (نيسان) الماضي؛ مما أثار مخاوف السكان.

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم العربي جنود من قوات حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)

تلويح «أميصوم» بتقليص قواتها يثير مخاوف من تنامي الإرهاب بالصومال

تقليص حجم بعثة الدعم والاستقرار في الصومال «أميصوم» بات خياراً مطروحاً أمام الاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

حرب غزة تضغط على طرفيها... «حماس» وإسرائيل

طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يبكي في انتظار الحصول على معونة غذائية في مركز توزيع بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

مع اقتراب حرب غزة من دخول شهرها العشرين، تزداد الضغوط على طرفيها الأساسيين، حركة «حماس» وإسرائيل، بشأن جدواها وتكاليفها. ففيما ارتفعت أصوات داخل “الليكود”، حزب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشكك في جدوى الحرب والقدرة على حسمها، قالت مصادر في «حماس» وأخرى من خارجها إن الحركة تعيش حالياً أصعب مراحلها منذ تأسيسها عام 1987.ففي تصريح نادر، وجّه العضو المفصول من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، عميت هليفي (من الليكود)، انتقادات لنتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، مؤكداً أنهما لا يملكان خطة واضحة لحسم الحرب. وقال: «هذه حرب احتيالية. لقد كذبوا علينا بشأن إنجازات الحرب. نحن في خطة قتال فاشلة منذ 20 شهراً. دولة إسرائيل غير قادرة على حسم الحرب مع (حماس)».

في المقابل، أكدت مصادر من «حماس» وأخرى من خارجها لـ«الشرق الأوسط» أن الحركة تواجه أوضاعاً لم تمر بها من قبل، سواء خلال الحرب الحالية أو في فترات سابقة. ولا تقتصر أزمات «حماس» على غزة، بل تمتد إلى الضفة الغربية والخارج، وتحديداً لبنان. وتواجه الحركة أزمات كبيرة اقتصادياً وأمنياً على هذه الجبهات الثلاث، فيما تشهد غزة خصوصاً أزمات إدارية وتراجعاً واضحاً في التأييد الشعبي لـ«حماس».