الحوثيون يعاودون تجنيد اللاجئين الأفارقة إجبارياً

عائلات تشكو ترويع الميليشيات وأخرى تستجيب للمغريات المالية

عناصر أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعاودون تجنيد اللاجئين الأفارقة إجبارياً

عناصر أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

عاودت ميليشيات الحوثي من جديد تدعيم صفوفها بمقاتلين أفارقة من خلال تجنيدهم تحت الضغط والإجبار، والزج بهم للقتال في صفوفها على مختلف الجبهات، خصوصاً بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدتها في مختلف ميادين المواجهات.
مصادر خاصة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات دشنت على مدى الأسبوعين الماضيين حملات تجنيد جديدة إجبارية لشباب وأطفال أفارقة في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها تحت شعار: «انفروا خفاقاً وثقالاً»، بعد أن أثبتت فشلها الذريع في إقناع القبائل اليمنية بمتابعة انخراط أبنائها في القتال معها.
وأشارت المصادر إلى مواصلة الميليشيات رفد جبهاتها بمقاتلين أفارقة جدد مقابل إغراءات مالية تصل إلى ما بين 80 و100 دولار لكل مقاتل أفريقي ينخرط في القتال بصفوفها.
وعينت الميليشيات الحوثية مؤخراً، بحسب المصادر، مشرفين على عمليات التجنيد ممن لديهم خبرات باللاجئين الأفارقة، بهدف إتمام مهمة الحشد والتعبئة للاجئين وفرز وتصنيف المجندين وفق خبراتهم في حمل السلاح، ونقلتهم إلى الجبهات.
ووفق المصادر نفسها، شملت حملات التجنيد أفارقة من مختلف الأعمار من الموجودين بصفتهم لاجئين في عدد من أحياء صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الميليشيات.
وأكد شهود عيان بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات بدأت في حشد مئات المرتزقة الأفارقة، لإشراكهم في القتال مع قواتها. وأشار الشهود إلى أن معظم العناصر الذين حشدهم المتمردون ينتمون إلى الجنسيتين «الإثيوبية» و«الصومالية».
ووفقاً للشهود، تقوم الميليشيات الإيرانية بعد تسجيلهم بإجراء دورات تدريبية للمجندين الأفارقة الجدد، وعددهم يتجاوز الـ76 مجنداً، إلى جانب مجندين آخرين في أماكن سرية وغير مكشوفة.
وأشار الشهود، الذين تحتفظ «الشرق الأوسط» بأسمائهم حرصاً على سلامتهم، إلى اتخاذ بعض منازل قيادات ميليشياوية أماكن يتلقى فيها المجندون دورات ودروس شحن طائفي.
بدورها؛ شكت عائلات من جنسيات صومالية وإثيوبية في حي «الصافية» وأحياء أخرى بصنعاء من تعرضهم مؤخراً لعمليات ترويع وابتزاز من قبل الميليشيات، لإجبارهم على تجنيد أبنائهم للقتال معها. وأكد أفراد من تلك العائلات لـ«الشرق الأوسط» تعرضهم لظروف معيشية صعبة وقاسية في صنعاء منذ الانقلاب الحوثي على الشرعية واجتياح صنعاء ومدن يمنية أخرى.
وفي محصلة ما أوردوه، ورغم الظروف التي يعانونها؛ «تريد الجماعات الحوثية أن تضم أولادنا للقتال في حروبها... يعني هربنا من حرب ومواجهات في بلدنا إلى حرب أخرى ومواجهات في اليمن».
وتتحدث العائلات عن استمرار مداهمات ميليشيا الحوثي منذ مطلع شهر رمضان المبارك حاراتها ومساكنها بهدف إخافتهم والضغط عليهم للرضوخ لتجنيد أبنائهم.
وبحسب عضو في المجلس المحلي بأمانة العاصمة، فقد كثفت قيادات حوثية من الصفين الثاني والثالث من زياراتهم حديثاً أحياء في صنعاء يقطنها لاجئون من جنسيات أفريقية، في محاولة جديدة منها لإقناعهم بشكل أو بآخر بالمشاركة فيما سموه «الحشد البشري والتعبئة العامة للجبهات»، مقابل مبالغ مالية ومساعدات غذائية ستمنحها الميليشيات لكل أسرة وافقت على رفد الجبهات بالمقاتلين.
وأكد عضو المجلس المحلي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» أن اللاجئين الذين يقطنون أحياء متفرقة بصنعاء، يتعرضون في هذه الأثناء لحملات تجنيد واسعة من قبل الميليشيات التي تعمد إلى ترويعهم من أجل الزج بهم إلى القتال.
وأوضح أن الميليشيات لم تقف عند الزيارات واقتحام المنازل فحسب؛ بل عمدت أيضاً إلى ملاحقة الشباب والأطفال الأفارقة الذين تركوا منازلهم هرباً منهم، وجرى خطف بعضهم من أماكن أعمالهم ببعض شوارع وأسواق صنعاء واقتيادهم إلى جهات غير معروفة.
وأشار المسؤول المحلي إلى وجود حالة خوف وهلع شديدة في أوساط الجالية الأفريقية التي يتعرض أبناؤها للاعتداءات والإهانات المباشرة من قبل الميليشيات في حال رفضهم الانصياع لطلباتها.
وازداد عدد اللاجئين الأفارقة في الأراضي اليمنية خلال العامين الماضيين، رغم الحرب والانقلاب اللذين يعاني منهما اليمنيون منذ نحو 4 أعوام.
وقدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين الأفارقة الموجودين في اليمن بأكثر من 171 ألف لاجئ، معظمهم صوماليون وإثيوبيون. وأشارت المفوضية إلى أنه عدد يفوق تعداد من كانوا موجودين من قبل.
وتتداول تقارير منظمات محلية يمنية أعداداً مهولة لتدفق اللاجئين الأفارقة إلى اليمن. وأكدت ارتفاع عدد اللاجئين وطالبي اللجوء من دول القرن الأفريقي إلى أكثر مليون لاجئ، وهو العدد الذي تقول المفوضية في اليمن إنه يشكل حالياً موضع اهتمام من قبلها.
وخلال سنوات أربع ماضية فقط، وصل عدد اللاجئين إلى اليمن من دول القرن الأفريقي، وفق المفوضية، إلى قرابة ربع مليون شخص، بواقع 65 ألف لاجئ عام 2013، و91 ألفاً و500 لاجئ عام 2014، و82 ألفاً و446 لاجئ عام 2015، و255 ألفاً عام 2017، معظمهم من دولتي إثيوبيا والصومال.
وتعدّ منظمات محلية مهتمة بشؤون اللاجئين أن اليمن منذ مطلع التسعينات أصبح ملاذاً آمناً للاجئين من دول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي. في حين يعدّ عدد كبير من اللاجئين اليمن بلاد الأحلام، ويلجأون إليه إما للعمل بحرية، أو للحصول على اللجوء والدعم والمعونات الخارجية. ورأت أن هناك عدداً أكبر من الصوماليين غير المسجلين لدى الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية والذين تعج بهم مختلف المدن اليمنية.
ويأتي لجوء الميليشيا الحوثية لتجنيد اللاجئين الأفارقة الشباب والأطفال في الوقت الذي فشلت فيه مؤخراً، بحسب مراقبين، في إقناع اليمنيين بلانخراط في صفوفها والقتال على جبهاتها.
ويؤكد مراقبون أن جماعة الحوثي تعاني في الوقت الحاضر من أزمة حادة، تتمثل في نقص عدد المقاتلين المنضوين بصفوفها نتيجة اشتداد المعارك وإحراز قوات الشرعية تقدمات كبيرة بمختلف الجبهات، الأمر الذي دفع بالميليشيات إلى الاستعانة بأعداد كبيرة من اللاجئين الأفارقة لإجبارهم على القتال معها.
ويتخذ معظم المهاجرين الأفارقة من خط «المخا - البرح» منفذاً للعبور إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية في محافظة إب؛ ومنها إلى ذمار والبيضاء وصنعاء، أو إلى صعدة وحجة، مشياً على الأقدام.
وأكدت مصادر مقربة من جماعة الحوثي لـ«الشرق الأوسط» أن العاصمة صنعاء شكلت النصيب الأوفر فيما يتعلق بتجنيد شريحة الشباب والأطفال الأفارقة، تلتها محافظة الحديدة بالمرتبة الثانية، ثم محافظتا تعز وإب، والبيضاء في المرتبة الأخيرة.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الحوثيين استطاعوا تحت قوة الضغط والترهيب والإغراء بالمال والمساعدات الغذائية أن يكسبوا كثيراً من المقاتلين الأفارقة بمن فيهم «صغار السن» في صنعاء، ودفعهم بشكل إجباري نحو التجنيد والقتال في الصفوف الأمامية معهم.
وزجت الميليشيات بالطفل الصومالي «علاء عطا الله» المكنى «أبو جهاد» في الخطوط الأمامية للقتال بصفوفها في جبهة تعز، وعاد علاء أواخر العام الماضي أشلاء مقطعة مصحوبة بموكب احتفالي مغطى بالألوان الخضراء وسط طلقات ابتهاجية حوثية، كما يفيد والده لـ«الشرق الأوسط» وعيناه تذرف دموع الحزن والحسرة والندامة.
من جهته، يكشف مسؤول بوزارة الصحة (الخاضعة لسيطرة الانقلابيين) عن أن هيئات «مستشفى الثورة العام» و«الجمهوري» و«العسكري» بصنعاء استقبلت منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي أكثر من 22 جثة لمجندين أفارقة بينهم أطفال، في حين استقبلت العام الماضي أكثر من 98 جثة لمجندين أفارقة من مختلف الأعمار لقوا حتفهم أثناء قتالهم بصفوف الجماعة بجبهات مختلفة كالحديدة وتعز والبيضاء ونهم وحجة... غيرها.
ولم يقف الحد عند استغلال الميليشيات الحوثية فاقة وظروف اللاجئين الأفارقة وإجبارهم بقوة السلاح وبالمال والمساعدات على الانخراط في صفوفها، بل سعت دولة عربية هي الأخرى، (بحسب مركز عربي للدراسات والبحوث)، إلى لعب الدور ذاته من خلال استغلالها فقر وعوز سكان دول أفريقية بعضها مجاور لليمن، في تقديم الدعم المادي لهم مقابل تجنيدهم وإرسالهم للقتال بصفوف الميليشيات الحوثية ضد التحالف بقيادة السعودية والإمارات لإعادة الشرعية في اليمن.
وكشف مركز «المزماة العربي للدراسات والبحوث»، في تقرير صادر عنه، عن قيام أذرع تابعة لدولة «قطر» في الصومال، وتشاد، وإريتريا، ومالي، وإثيوبيا، ونيجيريا، بتشكيل شبكات سرية مهمتها استقطاب الشباب والجماعات شديدة الفقر والحاجة في تلك الدول، لتجنيدها وتدريبها عسكرياً وإرسالها بعد مدها بكل الإمكانات للقتال مع جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن.
وعدّ المركز تلك الأعمال مشاركة قطرية فعلية للميليشيات في «مسلسلها الإجرامي المستمر بقتل الشعب اليمني، وخيانة كبرى لليمنيين أولاً؛ وللأمة العربية والإسلامية بالدرجة الثانية»، وعدتها «انتهاكاً صارخا لكل الأعراف والمعاهدات والقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان».
وصنف المركز تلك التصرفات بـ«الأعمال الإجرامية»، وقال إنها تدخل في نطاق المتاجرة بالبشر واستغلال فقر الناس وحاجتهم ودفعهم إلى محارق الموت.
وأعلنت الحكومة اليمنية في وقت سابق عن وجود أدلة جديدة لديها تثبت تورط الحوثيين في «تجنيد لاجئين أفارقة»، وذكرت أنها تجهز ملفاً متكاملاً يثبت تورط الميليشيا الانقلابية المرتبطة بالنظام الإيراني في تجنيد أجانب لقتال القوات الشرعية.
وقال الجيش الوطني إنه قتل وضبط خلال فترات سابقة أعداداً كبيرة من الأفارقة الذين يقاتلون في صفوف الميليشيات بعدد من جبهات القتال.
وكشف العميد ركن عبده مجلي، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية، في تصريحات صحافية سابقة، عن أن ميليشيا الحوثي أدخلت خلال الأيام الماضية العشرات من المقاتلين الأجانب من القارة الأفريقية إلى مدينة الحديدة من الجهة الشمالية للمدينة. وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي بهدف تكثيف الميليشيا تعزيزاتها العسكرية والقيام بأعمال قتالية داخل المدينة.
وبالتوازي؛ أكدت تقارير يمنية ضبط الجيش اليمني لاجئين إثيوبيين يحملون هويات عسكرية. وكشفت التحقيقات عن قيام جهات تابعة للميليشيات باستقدام أعداد كبيرة من القوات المدربة، وإدخالها الأراضي اليمنية بحجة بحثهم عن الرزق والعمل. وتطرقت التقارير إلى وجود دور فاعل لإيران ودول عربية أخرى في تمويل المرتزقة الأفارقة.
وفيما يتعلق بالأجانب القابعين في سجون مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية في صنعاء، كشف مصدر مسؤول في المصلحة (الخاضعة لسيطرة الميليشيات) لـ«الشرق الأوسط» عن وجود أكثر من 1800 معتقل بسجون المصلحة من جنسيات عربية مختلفة.
وقال إن معظم السجناء من الجنسيات الصومالية والإثيوبية والسورية والعراقية، فيما يعود البقية إلى السودانية والمصرية واللبنانية والأردنية. وأشار المصدر إلى أن السجناء مخالفون لنظام الإقامة ودخلوا اليمن بطرق غير شرعية، ولفت إلى أن غالبيتهم ممن تم ترحيلهم أو فروا إلى اليمن من دول مجاورة.
وأضاف: «بدلاً من أن تقوم الميليشيات بالتنسيق مع سفارات بلدانهم أو مكاتب الأمم المتحدة لترحيلهم، نقلت منتصف العام الماضي نحو 600 سجين منهم (أغلبهم من الجنسيات الأفريقية) إلى أماكن مجهولة، وسط تأكيدات باستخدامهم في المواجهات المسلحة على أكثر من جبهة».
وبحسب المسؤول الحكومي: «تلجأ الميليشيات بين الحين والآخر لتنفيذ دورات ودروس طائفية لسجناء المصلحة، في محاولة منها لإغوائهم بأنهم هم المنقذون الوحيدون للأمة العربية والإسلامية من كل المخاطر المحدقة بها، وتغري بعض المعتقلين بالذهاب إلى جبهات القتال ومن ثم العودة مقابل منحهم فرص العودة إلى بلدانهم».
وفي خضم ذلك، تبدي منظمات دولية بصنعاء تخوفها من إرسال الميليشيات الحوثية معتقلين أجانب للقتال في صفوفها على بعض الجبهات. وتسعى تلك المنظمات في الوقت الحالي لتقصي ذلك الأمر، خصوصاً بعد تلقيها بلاغات عدة تفيد بأن الجماعة الحوثية قادت أعداداً من المهاجرين الأفارقة إلى معسكراتها لتدريبهم والزج بهم في مناطق الصراع.


مقالات ذات صلة

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

عاودت الجماعة الحوثية هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل بصاروخ فرط صوتي بالتزامن مع استهدافها سفينة تجارية جديدة ووعيد باستمرار هذه الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)
نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

في تصعيد جديد للتوترات الصومالية - الإثيوبية، اتهمت حكومة مقديشو، أديس أبابا، بـ«تسليح ميليشيات بشكل غير قانوني»، في منطقة غوبالاند، بهدف «عرقلة استقرار البلاد، وتقويض الأمن، وإثارة الصراع الداخلي».

الاتهامات الجديدة، جاءت عقب إعلان الصومال، على لسان نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة، عبد الرحمن يوسف العدالة، رصد هبوط طائرتين إثيوبيتين، تحملان أسلحة غير قانونية، في مدينة كيسمايو (عاصمة إقليم غوبالاند)، في خطوة عدّها مراقبون صوماليون «إمعاناً من أديس أبابا للتدخل في الشأن الصومالي»، وحلقة جديدة من مسلسل التوترات بين البلدين، الذي أعقب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع الإقليم الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة، وسط رفض الصومال ودول الجامعة العربية.

وأدان الصومال «إدخال» إثيوبيا أسلحة بشكل غير قانوني إلى داخل غوبالاند، وقال نائب وزير الإعلام إن «بلاده رصدت هبوط طائرتين تابعتين للخطوط الجوية الإثيوبية في مدينة كيسمايو، تحملان أسلحة غير قانونية، ونقلت أيضاً أشخاصاً إلى إثيوبيا، بينهم نائب رئيس ولاية غوبالاند السابق محمود سيد آدم، وبعض أنصاره».

وأشار العدالة، في مؤتمر صحافي الاثنين بمقديشو، إلى أن «التصرفات الإثيوبية تدعم الإرهابيين، وتخلق مؤامرات ضد الحكومة الصومالية»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا، منشغلة منذ فترة بالتدخل في أراضي الصومال، وتسليح ميليشيات لعرقلة استقراره»، منوهاً بأن «مقديشو اتخذت إجراءات صارمة لحماية البلاد، وأن كل من يوالي النظام الإثيوبي سيتم تقديمه للعدالة».

وتوترت العلاقة بين قادة ولاية غوبالاند مع الحكومة الفيدرالية بالصومال مؤخراً، على خلفيه عدم اعتراف الحكومة الفيدرالية بالانتخابات الرئاسية التي جرت بالإقليم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتي فاز فيها أحمد مدوبي بولاية ثالثة.

ويعتقد نائب وزير الإعلام الصومالي، أن التحركات الإثيوبية، «تتعارض مع المحادثات المرتقبة بين البلدين (مقديشو وأديس أبابا)، بشأن أزمة الاتفاق مع إقليم (أرض الصومال)».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات لم تصل إلى اتفاق. بينما أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي «اعتزامه التوسط مع نظيره الأوغندي، يوري موسيفيني، لحل النزاع بين الصومال وإثيوبيا»، ولم يعلن الطرفان رسمياً التجاوب مع تلك المبادرة.

وتستهدف التحركات الإثيوبية الأخيرة «إشعال النزاعات الداخلية بالصومال، لضرب استقراره»، وفق تقدير رئيس حزب العدالة الصومالي ووزير الإعلام الأسبق، زكريا محمود الحاج، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا تواصل تدخلها في الشأن الصومالي، بتسليح القبائل المتاخمة للحدود بين البلدين، وبعض المناطق الداخلية»، عادّاً أن «إثيوبيا لا تريد استقراراً داخلياً بالصومال».

وسبق أن اتهم الصومال، إثيوبيا، بـ«إرسال شحنة غير مرخصة من الأسلحة والذخيرة إلى ولاية بونتلاند»، في خطوة عدّتها «الخارجية» الصومالية في سبتمبر (أيلول) الماضي، «تشكل انتهاكاً لسيادة البلاد».

ويعتقد الحاج أن «وحدة وقوة الدولة الصومالية، ستحبطان مخطط إثيوبيا في إيجاد منفذ بحري لها، عبر الصومال»، مشيراً إلى أن «مقديشو تواجه التحركات الإثيوبية بمساعٍ جادة لدعم الوحدة والسيادة الكاملة على أراضيها»، إلى جانب «تعزيز تحالفاتها مع قوى إقليمية ودولية مثل مصر وتركيا، لدعم قدرات مؤسساتها».

وفي منظور وزير الإعلام الصومالي الأسبق، فإن «الصومال، ليس في حاجة لقوات تحارب معه، وإنما لدعم عسكري ولوجيستي لدعم قدراته العسكرية والأمنية».

ويتوقف خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، مع توقيت التحركات الإثيوبية الأخيرة داخل الصومال، مشيراً إلى أنها «تأتي في وقت مفترض أن تخرج فيه القوات الإثيوبية، المشاركة في بعثة حفظ السلام الأفريقية المنتهية ولايتها بنهاية العام الحالي، من الصومال»، عادّاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أديس أبابا، تستهدف افتعال مزيد من المشكلات للتأثير على مهمة البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الداخل الصومالي، والمقررة بداية العام المقبل».

ويرفض الصومال، مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهلت مقديشو، أديس أبابا، حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعدّ وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

ويرجح زهدي «تصعيد النزاع الصومالي - الإثيوبي خلال الشهر الحالي، قبل بدء مهام بعثة حفظ السلام الجديدة»، وقال إن «أديس أبابا تسعى لإثارة التوترات بما يتيح لها السيطرة على الوضع هناك»، ورأى أن «الخلاف بين الطرفين سيتخذ مستويات تصاعدية».