آثار يمنية تتعرض للنهب والتهريب... والمتهم عصابات حوثية

باحث كشف عن بيع قطع جديدة بمزادات خارجية

جانب من مخزن آثار يتبع أحد المتاحف اليمنية في العاصمة صنعاء (إكس)
جانب من مخزن آثار يتبع أحد المتاحف اليمنية في العاصمة صنعاء (إكس)
TT

آثار يمنية تتعرض للنهب والتهريب... والمتهم عصابات حوثية

جانب من مخزن آثار يتبع أحد المتاحف اليمنية في العاصمة صنعاء (إكس)
جانب من مخزن آثار يتبع أحد المتاحف اليمنية في العاصمة صنعاء (إكس)

​كشفت مصادر يمنية مطلعة عن تعرض عشرات المواقع الأثرية في محافظة إب لعمليات تجريف وحفر عشوائي واسع النطاق، من قبل عصابة متخصصة في سرقة الآثار وتهريبها إلى خارج البلاد للمتاجرة بها، مرتبطة بقيادات في الجماعة الحوثية.

جاء ذلك في وقت كشف فيه باحث يمني في مجال الآثار عن عرض عشرات التماثيل والقطع الأثرية اليمنية التي سبق أن تم السطو عليها من متاحف ومواقع عدة؛ خصوصاً في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) للبيع عبر مزادات خارجية.

تحف وآثار يمنية تم بيعها مطلع هذا العام في مزاد علني بنيويورك (فيسبوك)

ومن ضمن معالم إب الأثرية التي تعرضت أخيراً للتعدي والحفر العشوائي والنهب على أيدي عصابات ممولة حوثياً، موقع «العصيبية» في عزلة جبل عصام بمديرية السدة، وجبل «الرئسي» في عزلة حبير بمديرية ذي السفال، وضريح «الحداد» في عزلة عينان في مديرية السبرة، وحصن «العرافة» بمدينة ظفار التاريخية، وموقع «مريت» الأثري في السياني، وقبة وسد «يُم» في العدين، وباحة «جامع العمري» في المشنة، وجبل «العود» التاريخي في مديرية النادرة.

وأكدت المصادر أن تلك المواقع وغيرها في إب لا تزال تشهد عمليات نهب وتنقيب عشوائي، بحثاً عن آثار ونقوش قديمة من قبل عصابات الآثار؛ حيث تتواصل من خلالها مساعي الجماعة الحوثية لتدمير وطمس الهوية التاريخية لحضارة اليمن.

واتهم مهتمون بالآثار -في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»- جماعة الحوثي بمواصلة التجريف والنهب الواسع للآثار بمدينة إب وعدد من مديرياتها، وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) والمنظمات المهتمة بالتراث في أوروبا بالتدخل الفوري لمنع تداول الآثار اليمنية المهربة بالأسواق التجارية والمزادات العالمية، والعمل على إعادتها.

تهريب وبيع في المزادات

عبر سلسلة منشورات بموقع «فيسبوك»، أفاد باحث الآثار اليمني عبد الله محسن بتمكن عصابة متخصصة في سرقة الآثار والمتاجرة بها في غضون شهرين ماضيين، من تهريب أشكال متعددة ومختلفة من القطع والتماثيل والمنقوشات والمخطوطات الأثرية اليمنية؛ حيث تم عرض بعضها للبيع تباعاً، بمزادات علنية في دول عربية وغربية.

وأوضح محسن أنه تم عرض مجسم نسائي استثنائي ونادر مع نقش مسند ومجموعة من التحف اليمنية القديمة، سبق تهريبها من قبل عصابات إلى خارج اليمن، للبيع على منصة «كاتاويكي» للمزادات عبر الإنترنت، بالفترة من 13- 18 من الشهر الجاري.

آثار منهوبة سابقاً من متحف ظفار في إب وعرضت للبيع في صنعاء (فيسبوك)

وقبل ذلك بأيام، كشف الخبير اليمني عن عرض دار آثار بدولة عربية تمثالاً برونزياً من آثار اليمن، تم اقتناؤه بمبلغ 400 ألف يورو من مزاد بيير بيرج (باريس).

ووصف محسن ذلك التمثال المعروض للبيع بأنه استثنائي برونزي، ويبلغ ارتفاعه 80 سنتيمتراً، ويعود للفترة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الأول الميلادي.

ويشير المتخصص اليمني في تتبع ورصد الآثار المهربة، إلى عرض تمثال يمني قديم للبيع، بأواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، بمزاد علني في العاصمة البريطانية لندن.

ويقول الباحث محسن إن دار مزادات «سوذبيز» كانت قد عرضت ذلك التمثال للبيع يوم 7 من ديسمبر (كانون الأول) العام الفائت، بمزاد النحت القديم والأعمال الفنية في جزئه الثاني؛ حيث تم التنافس عليه.

وكان الباحث اليمني قد كشف في وقت سابق عن اعتزام تل أبيب بيع 15 قطعة، إضافة إلى تمثال برونزي من آثار اليمن، بمزاد علني تقرر وقتها إقامته في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وذكر أن تمثالاً برونزياً لشاب من آثار اليمن يبلغ ارتفاعه نحو 61 سنتيمتراً، يعود للفترة من القرن الرابع إلى القرن الثاني قبل الميلاد، يعرض في مزاد الدكتور روبرت دويتش على منصة المزادات العالمية «بيدسبريت».

موقع أثري في إب تعرض قبل نحو عامين للنبش من قبل عصابات (إكس)

ولفت الباحث عبد الله محسن إلى أن النشر عن تلك القطع المعروضة للبيع يعد بلاغاً، ومن شأنه جعل المشتري الأجنبي والمحلي يُحجم عن الشراء. محمِّلاً الجماعة الحوثية كامل المسؤولية عن التساهل مع الجرائم والانتهاكات التي طالت وتطول الآثار اليمنية بالمناطق التي تقع تحت سيطرتها.

نداءات حكومية

طالبت الحكومة اليمنية غير مرة المجتمع الدولي بإصدار قرار أممي يمنع بيع الآثار اليمنية التي تشهد عمليات نهب وتهريب، زادت حدتها منذ اندلاع الحرب التي تشهدها البلاد منذ 9 سنوات.

ويقول عاملون يمنيون في مجال الآثار، إن الانقلاب الحوثي كان سبباً في نهب كبير ومنظم للآثار؛ حيث عمدت عصابات على ارتباط بقيادات في الجماعة، إلى تدمير ونهب تاريخ وحضارة وإرث اليمن، والتي كان أبرزها نهب أقدم مخطوطة يمنية في التوراة، والذهاب بها إلى إسرائيل في مارس (آذار) 2016.

ومنذ الانقلاب، قامت الجماعة بتكثيف اعتداءاتها ضد كثير من مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارة بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف والتحويل لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية.

آثار تم نهبها سابقاً من مواقع في إب اليمنية وعرضت للبيع بمزادات خارجية (فيسبوك)

وكان عاملون في مجال الآثار قد تحدثوا في أوقات سابقة عن استهداف الجماعة لأكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها أواخر عام 2014، مع تأكيدهم اختفاء 60 في المائة من مكنوزات المتحف الوطني بصنعاء.

وتتعرض المعالم الأثرية في محافظة إب على وجه الخصوص لمزيد من أعمال العبث والسرقة، من قبل العصابات المرتبطة بالجماعة الحوثية التي تحكم قبضتها على المحافظة منذ انقلابها.

ويتهم العاملون في مجال الآثار عصابة تتبع جماعة الحوثي بسرقة مقتنيات أثرية من متحف ظفار في إب، يعود بعضها -حسب باحثين- إلى عهد الدولة الحميرية التي حكمت اليمن بين عامي 115 قبل الميلاد و752 بعد الميلاد، منها ختم لأحد الملوك الحميريين، وأحد النقوش الذي يوثق حقبة من تاريخ اليمن القديم، وكثير من القطع الأثرية المهمة.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر حوثية في عرض عسكري بعد أن جندت الجماعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الماضية (غيتي)

قادة حوثيون يجردون رئيس حكومتهم الانقلابية من صلاحياته

منع الحوثيون رئيس حكومتهم الانقلابية الجديدة من اختيار مدير مكتبه بنفسه في سياق سعيهم لجعله مجرد واجهة لأجندة كبار قادة الجماعة المنتسبين لسلالة زعيمهم الحوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون بالقرب من ورشة عمل تضررت جراء انفجار غاز في عدن (أ.ف.ب)

مقتل 3 أشخاص وإصابة 18 آخرين بانفجار محطة غاز في مدينة عدن

لقى ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب 18 آخرون، في انفجار بمحطة غاز، مساء الجمعة، في مدينة عدن، جنوبي اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون استهداف السفينة «جروتون» في خليج عدن للمرة الثانية

صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر حريقاً على سطح ناقلة النفط «سونيون» التي استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

قالت جماعة الحوثي اليمنية المتمردة، السبت، إنها هاجمت السفينة «جروتون» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن للمرة الثانية، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين المدعومين من إيران في بيان: «انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، نفذت قواتنا المسلحة عملية عسكرية استهدفت السفينة (جروتون)، وذلك لانتهاك الشركة المالكة لها قرار حظر الدخول إلى مواني فلسطين المحتلة».

وأضاف سريع: «نفذت العملية القوات البحرية وسلاح الجو المسير والقوة الصاروخية. وقد أدت العملية إلى إصابة السفينة بشكل دقيق ومباشر».

وأشار إلى أن هذا الاستهداف «هو الثاني للسفينة بعد استهدافها في الثالث من أغسطس (آب) الحالي».

وأوضح المتحدث العسكري الحوثي أن قوات جماعته «أكدت نجاحها في منع الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وكذلك فرض قرار حظر الملاحة في منطقة العمليات المعلن عنها على جميع السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بغض النظر عن وجهتها أو السفن التابعة لشركات لها علاقة بهذا العدو».

كما أكد سريع استمرار عملياتهم البحرية في منطقة العمليات التابعة لهم «وكذلك استمرار إسنادها للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفي الضفة الغربية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 يواصل الحوثيون استهداف كثير من السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لغزة».