تنديد عربي بنهب الآثار اليمنية وتدميرها

تنديد عربي بنهب الآثار اليمنية وتدميرها
TT

تنديد عربي بنهب الآثار اليمنية وتدميرها

تنديد عربي بنهب الآثار اليمنية وتدميرها

نددت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بالانتهاكات الحوثية ضد المخطوطات والآثار اليمنية بما في ذلك السطو على نفائس المخطوطات التاريخية وإتلافها وتهريب النادر منها من المكتبات والمواقع الأثرية.
وجاء الاستنكار العربي للسلوك الحوثي عقب اتهام الحكومة اليمنية في بيان رسمي للجماعة الحوثية بتدمير دور المخطوطات ونهبها وإقصاء الموظفين المختصين والاستيلاء على قواعد البيانات الخاصة بالمكتبات التاريخية. وقالت «ألكسو»، وهي إحدى الهيئات التابعة للجامعة العربية في بيان أمس (الثلاثاء)، إن التراث الثقافي في اليمن يتعرض «لعمليات مصادرة وإتلاف من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية حيث تعمدت الجماعة تدمير مقتنيات المتاحف من الآثار وإخفاء وتهريب المخطوطات النادرة والقديمة من المكتبات والمواقع الأثرية والتاريخية والمعالم الدينية بصنعاء وشبام وصعدة وذمار وزبيد وجبلة والجند، حيث توجد كميات ضخمة من المخطوطات النادرة التي توثق للذاكرة الثقافية الإنسانية في اليمن عبر قرون».
وأوضحت المنظمة في بيان لها أن أعمال التدمير والنهب والتهريب من قبل الحوثيين استهدفت «نفائس الآثار» و«بصائر الوقف» في الجامع الكبير بصنعاء، ومحتويات خزائنه والأضرحة والمكتبات الموجودة بها، وقد تمّ تسجيل اختفاء مخطوطات قديمة ونادرة يعود بعضها إلى القرنين السادس والسابع للهجرة، تنوّعت ما بين «مصاحف ووثائق لأملاك الوقف ورقوق قرآنية».
وأضافت: «ولطمس آثار هذه الأفعال التي يُجرمها القانون الدولي وتسهيل تهريب هذا الجزء الهام من الرصيد الثقافي الإنساني، فقد استولت هذه العصابات المُتطرفة على قاعدة بيانات المخطوطات بدار المحفوظات اليمنية وأتلفتها». وفي حين عبرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن مُساندتها الكاملة للنداء الذي أطلقته السلطات اليمنية للتصدي الفوري لهذه الجرائم، جددت الدعوة للمنظّمات الدولية والإقليمية، وفي مقدمها اليونيسكو وجميع شركائها من الحكومات وممثّلي المجتمع المدني «للعمل المشترك والتحرك العاجل من أجل حماية التراث الثقافي الإنساني في اليمن مما يتهدده من أعمال نهب واتجار غير مشروع بمُكوّناته».
وأعلنت المنظمة عن استعدادها التام لوضع إمكانياتها وخبراتها وخُبرائها لمساعدة البلدان العربية التي تمُر بظروف أمنية استثنائية من أجل التصدي لمثل هذه الأفعال التي وصفتها بـ«الدنيئة» ووضع الخطط العملية اللازمة بهدف الحفاظ على نفائس ما خلّفته الحضارات السابقة من مأثورات لتستفيد منها الأجيال المُتعاقبة في محاولة لصون ما يُكوّن الذّاكرة الحية للإنسانية جمعاء.
وكانت الحكومة اليمنية اتهمت الجماعة الحوثية بالاستمرار في العبث بالمخطوطات اليمنية القديمة والاستيلاء على قواعد البيانات في دور المخطوطات وإقصاء الموظفين المؤهلين للحفاظ على الآثار وإحلال أشخاص مكانهم من غير ذوي الاختصاص ومن الموالين للجماعة.
وجاءت الاتهامات الحكومية للميليشيات في بيان رسمي لوزارة الثقافة ضمنته تحذيراً «من محاولات العبث بمحتويات دار المخطوطات ومخطوطات الجامع الكبير في صنعاء، كما دعت فيه اليونيسكو للتدخل من أجل وضع للسلوك الحوثي الممنهج.
وقالت الوزارة إنها «تتابع بقلق كبير ممارسات ميليشيا الحوثي الانقلابية في دار المخطوطات ومخطوطات الجامع الكبير بصنعاء منذ استيلائها على الدار من قبل أحد أتباعها الذين عينته في منصب وكيل وزارة ثقافة الانقلاب».
وأشار بيان وزارة الثقافة اليمنية إلى أن الجماعة الحوثية تمارس الترهيب على الموظفين وتمنعهم من دخول مكاتبهم وممارسة أعمالهم وتجعل أمر دار المخطوطات محصورا على عناصرها المعينين من خارج ذوي الاختصاص. واتهم البيان الحكومي القيادات الحوثية «بتهميش الكوادر الإدارية والفنية لدار المخطوطات وقيامهم بالعبث بمحتويات الدار ومحاولات الاستيلاء على المخطوطات النادرة وكذلك على قواعد بيانات المخطوطات».
وقال إن «تلك الممارسات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي من عبث في المخطوطات المهمة والنادرة تجلت واضحة أخيراً من خلال تمكينهم لعدة جهات وبشكل غير رسمي أو قانوني من العبث بمرافق ومحفوظات الدار، حيث تقوم الجماعة بإرسال فرق إلى دار المخطوطات بأهداف غير معلومة وغير واضحة».
ووصفت الحكومة اليمنية الممارسات الحوثية غير القانونية بأنها «تنم عن سوء نية واضحة للعبث بمحتويات دار المخطوطات وبخاصة أن أغلب موظفي الدار ممنوعون من دخول الدار وممارسة أعمالهم». ويؤكد ناشطون ومصادر حكومية أن الجماعة الموالية لإيران منذ انقلابها على الشرعية، نبشت ونهبت وهرّبت قطعاً أثرية ومخطوطات تاريخية وتحفاً ومقتنيات يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وذلك بطريقة منظمة عبر المنافذ البرية والبحرية لليمن.
وتتهم المصادر الحكومية الجماعة بأنها وضعت يدها على آثار مهمة جداً، جزء كبير منها غير مقيد في السجلات التابعة للمتاحف اليمنية، أو مصنف لدى الهيئة العامة للآثار التي تتبع وزارة الثقافة اليمنية، الأمر الذي يصعب معه تحديد عدد الآثار والمخطوطات التي هربتها وباعتها الميليشيات في الأسواق الخارجية.
ويقول أكاديميون يمنيون وموظفون في قطاع الآثار والمخطوطات إن «الجماعة الحوثية قامت بنهب وتهريب كميات ضخمة من المخطوطات الأثرية القيمة الموجودة في مكتبات المساجد التاريخية، فضلاً عن القيام بأعمال تدمير ممنهجة لمئات المخطوطات القديمة التي تتعارض مع أفكار الجماعة الطائفية».
وكانت مصادر عاملة في مجال الآثار والمخطوطات اليمنية كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن أن الميليشيات الانقلابية تقوم بالتنقيب في الجوامع التاريخية والأثرية بصنعاء، وفي شبام كوكبان بالمحويت، وفي كل من مساجد صعدة وذمار وزبيد وصنعاء القديمة وجبلة والجند، حيث تحتوي الجوامع على كميات ضخمة من المخطوطات، وتمثل ذاكرة اليمن عبر القرون الماضية. وسعت الجماعة - بحسب المصادر - خلال خمس سنوات من الانقلاب إلى إخفاء وتدمير مئات المخطوطات والكتب التي تخالف فكر الجماعة الحوثية أو تحاول تسليط الضوء على جرائم حكم الأئمة في اليمن خلال القرون الماضية.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».