معالم موجة غلاء جديدة في اليمن بفعل جبايات الانقلابيين

الجماعة ضاعفت الرسوم على البضائع بنسبة 100%

قادة حوثيون يتفقدون أحد المنافذ الجمركية المستحدثة في محافظة البيضاء (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يتفقدون أحد المنافذ الجمركية المستحدثة في محافظة البيضاء (إعلام حوثي)
TT

معالم موجة غلاء جديدة في اليمن بفعل جبايات الانقلابيين

قادة حوثيون يتفقدون أحد المنافذ الجمركية المستحدثة في محافظة البيضاء (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يتفقدون أحد المنافذ الجمركية المستحدثة في محافظة البيضاء (إعلام حوثي)

بدأت معالم موجة غلاء جديدة في عموم المحافظات اليمنية، بموازاة أزمة افتعلها الانقلابيون الحوثيون أخيراً، إثر إقرار آلية لتحصيل الإيرادات الجمركية البرية؛ حيث فرضت الجماعة دفع رسوم بنسبة 100 في المائة على الواردات القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، كما كثفت الجبايات لتمويل فعالياتها ذات الصبغة الطائفية.

وتقول مصادر تجارية في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الانقلابيين الحوثيين فرضوا على «مجموعة هائل سعيد أنعم التجارية» وهي أكبر البيوت التجارية في اليمن، التبرع بأكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 530 ريالاً) لصالح الاحتفال بالمولد النبوي، وذلك قبل شهر ونصف من موعده، مؤكدة أن المجموعة دفعت المبلغ نفسه العام الماضي لصالح الفعالية نفسها، لتجنب أي إجراءات تعسفية ضدها.

وسبق للانقلابيين الحوثيين التلويح بتأميم «مجموعة شركات هائل سعيد أنعم» ومصادرة أموالها وأصولها، بعد حملات عدّة جرى فيها إغلاق كثير من فروع شركات المجموعة في أكثر من محافظة يمنية خاضعة للانقلابيين، تحت مزاعم عدم الالتزام بالأسعار التي تفرضها الميليشيات.

أطفال يمنيون ينتظرون تناول وجبتهم البسيطة بمنزلهم المتواضع في صنعاء (رويترز)

ووفقاً للمصادر؛ فإن الانقلابيين الحوثيين يبدأون حملة جباياتهم لصالح المولد النبوي كل عام بالجباية لصالح الاحتفال بذكرى مقتل زيد بن علي، والتي تعد أشبه ما تكون بالبروفة السنوية للاحتفال بالمولد النبوي.

زيادة الجمارك

في غضون ذلك، أصدر الانقلابيون الحوثيون قراراً بتحصيل الرسوم الضريبية والعوائد الأخرى على كافة السلع القادمة إلى مناطق سيطرتهم، عبر المنافذ الجمركية التي استحدثوها، بنسبة 100 في المائة توريداً نقدياً من إجمالي القيمة الجمركية، في إجراء يهدف إلى دفع المستوردين إلى الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع لهم، والسيطرة على الشحن التجاري.

وحسب المصادر نفسها؛ فإن المجموعات التجارية الكبرى تفاوض الانقلابيين الحوثيين للحصول على إعفاءات نسبية من الزيادات الجمركية، مقابل ما يتم تحصيله منها لصالح المناسبات الطائفية وجبهات القتال، إلا أن الانقلابيين يردون على ذلك بالتلميح لأصحاب هذه الشركات بأن دفع الجبايات قد يؤدي إلى التغاضي عن رفع أسعار السلع والبضائع، وعدم إلزامها بتسعيرة محددة، أو اتخاذ إجراءات ضدها.

أقر الحوثيون رفع رسوم الضريبة الجمركية في المنافذ البرية لزيادة إيراداتهم والإضرار بالإيرادات الحكومية (إكس)

ومنذ ما يزيد على شهرين، نفذ الحوثيون انقلاباً على قيادة الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية اليمنية، بعد رفض الأخير الإجراءات التعسفية ضد التجار، وعيّنوا موالين لهم على رأس الاتحاد.

المصادر أفادت بأن محمد المطهر وزير التجارة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، لوّح لعدد من المسؤولين في كبريات المجموعات التجارية بتحميلهم مسؤولية مطالب الموظفين العموميين برواتبهم المنقطعة منذ 7 أعوام؛ حيث زعم بأن غلاء أسعار السلع التي يبيعونها هو سبب معاناة الموظفين، زاعماً بأن حكومة الانقلاب تبذل جهدها لتخفيف معاناتهم، وتأتي زيادات الأسعار لتنسف تلك الجهود.

منافسة الحكومة على الموارد

ويرى خبير اقتصادي يمني أن الزيادة الجمركية التي أقرها الانقلابيون ستؤثر على أسعار السلع التي تصل إلى مناطق سيطرتهم قادمة من المحافظات المحررة، متوقعاً وصول الزيادة السعرية إلى أكثر من 100 في المائة؛ حيث يهدف الانقلابيون من خلال هذه الزيادة إلى منافسة الحكومة الشرعية على أحد أهم مواردها ومصادر سيادتها.

ويوضح الخبير الاقتصادي الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته؛ نظراً لإقامته في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيون، أن الزيادة السعرية لن تقتصر على أسواق مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين فحسب، وذلك لأن كثيراً من الشركات والوكالات التجارية ما زالت تتخذ من العاصمة صنعاء مقراً لها.

يغلق الحوثيون مقرات الشركات في إجراءات تعسفية لابتزازها وإجبارها على دفع الإتاوات (إعلام حوثي)

ويتابع: «كانت هذه الشركات والوكالات خلال الفترة الماضية تستورد بضائعها عبر ميناء عدن، وبسبب إجراءاتها الداخلية البيروقراطية؛ فإنها تنقل هذه البضائع إلى مخازنها في العاصمة صنعاء، لتعيد توزيعها على مختلف فروعها في المحافظات، الأمر الذي يتسبب في تأثير التحصيلات الجمركية للانقلابيين على أسعار السلع في المحافظات المحررة».

ونبه إلى أن قرار الانقلابيين الحوثيين السيطرة على النقل البحري، والاستئثار بالإيرادات الجمركية، والحصول على الضرائب الجمركية بشكل كامل في المنافذ البرية المستحدثة، سيؤدي إلى رفع أسعار سلع أخرى كثيرة يتم استيرادها عبر المنافذ الحدودية البرية للبلاد؛ سواء من السعودية أو عُمان، إلى جانب المنتجات الزراعية والصناعية المحلية.

ويزعم الانقلابيون الحوثيون منح الشركات التجارية التي تستورد عبر ميناء الحديدة امتيازات عدّة، مثل السماح لها ببيع سلعها بالأسعار التي تحددها، بزعم أن سعر الدولار الجمركي في ميناء الحديدة يقل عن سعره في ميناء عدن بـ500 ريال، في حين أنها تقدم اعتماداتها عبر البنك المركزي في عدن، والذي يفوق سعر الدولار فيه سعر الدولار في مناطق سيطرة الانقلاب.


مقالات ذات صلة

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

العالم العربي مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال لتمويل احتفالاتها بما تسميه «جمعة رجب».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

بعد مصادرة أرباح الودائع أطلقت الجماعة الحوثية وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين في البنوك على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال 17 عاماً

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عنصر حوثي يحمل مجسماً لصاروخ وهمي في صنعاء خلال تجمع لأتباع الجماعة (أ.ف.ب)

الحوثيون يتبنون أولى هجمات السنة الجديدة باتجاه إسرائيل

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أولى هجماتها في السنة الميلادية الجديدة باتجاه إسرائيل، الجمعة استمرارا لتصعيدها الذي تزعم أنه يأتي لمناصرة الفلسطينيين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

بدأ العام الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل اليمن على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

سكان صنعاء يتخوفون من انهيار معيشي جراء التصعيد مع إسرائيل

تزداد مخاوف السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء يوماً بعد آخر من التدهور للأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».