موقف عربي موحد لعودة سوريا وتفهم لوجهة نظر الغرب

بن فرحان: نطمح إلى الوصول قريباً لهدنة في السودان تمهد لحل النزاع

وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
TT

موقف عربي موحد لعودة سوريا وتفهم لوجهة نظر الغرب

وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي في جدة (أ.ف.ب)

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن وجهة النظر السعودية هي وجهة النظر العربية نفسها، حول أن الوضع القائم في سوريا لا يمكن أن يستمر ولا حل للأزمة السورية إلا بالحوار مع الحكومة السورية، متفهماً في الوقت نفسه موقف الغرب من قرار عودة دمشق للجامعة العربية.

وأوضح بن فرحان خلال مؤتمر صحافي عقده مساء الجمعة في ختام قمة جدة، أن وجهة نظر السعودية هي وجهة نظر الجامعة العربية وأعضائها، وهي أن الوضع القائم (في سوريا) لم يكن قابلاً للاستدامة ولا حل للأزمة إلا بالحوار مع الحكومة السورية.

وأضاف: «مكان سوريا هو داخل الجامعة ليكون الحوار سليماً، نفهم وجهة نظر الولايات المتحدة وشركائنا في الغرب لكن لمعالجة التحديات القائمة لا بد من مقاربة جديدة، وسنتحاور مع شركائنا لمعالجة مصادر القلق».

وأشار بن فرحان إلى أن «هناك أزمة إنسانية، ولاجئين يريدون العودة، وهناك وضع اقتصادي صعب نتيجة للوضع القائم، ضرره على المواطن السوري قبل أي أحد، ونحن مهتمون بإيجاد عملية واقعية».

وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت التسوية السياسية في سوريا ستسبق الخطوات الاقتصادية، أجاب الوزير بقوله «لن يسبق شيء شيئا، الأمر خطوة بخطوة».

وبشأن الأزمة السودانية، أفاد الأمير فيصل بأن المملكة تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة للوصول إلى هدنة إنسانية، وقال: «نطمح إلى أن نصل قريباً لهدنة تؤسس لما يأتي بعدها من حوار لحل النزاع». داعياً «جميع الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية والجنوح للحوار والابتعاد عن استخدام السلاح».

وأكد بن فرحان أن دعوة الرئيس الأوكراني لقمة جدة جاءت من باب سماع وجهة نظر جميع الأطراف، مشيراً إلى أن الدول العربية اتخذت منذ البداية مبدأ الحياد الإيجابي، والانخراط في فتح الحوار مع الطرفين، أملاً في الوصول إلى سيبل فتح الباب للحل.

وأضاف أن «الأزمة لن تحل إلا بالحوار بين الطرفين، وهذا يستلزم التواصل والسماع من الجميع، ونحن حريصون على علاقتنا بأوكرانيا، وحريصون على الحفاظ على علاقتنا بروسيا». مبيناً أن القمة رحبت برسالتي الرئيس بوتين والرئيس الصيني الموجهة للقمة.

ولفت وزير الخارجية السعودي إلى أن قمة جدة ناقشت أبرز القضايا الإقليمية والدولية المتعلقة بالعمل العربي المشترك، وركزت مخرجاتها على تعزيز العمل العربي المشترك، ومواكبة التطورات بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار.

وكشف الأمير فيصل في رده على سؤال «الشرق الأوسط» عن أن المبادرات التي ستعمل عليها المملكة خلال رئاستها للقمة العربية مستوحاة من «رؤية 2030» للتنمية المستدامة، وستركز على توفير سلاسل الإمداد للسلع الغذائية الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي.

فيصل بن فرحان خلال لقائه وزير خارجية تونس في جدة (واس)

ولفت إلى أن من أهم المبادرات أيضا «مبادرة البحث والتميز في صناعة تحلية المياه، لا سيما مع شح مصادر المياه في العالم العربي، ما يستدعي تعزيز الأمن المائي العربي».

وتابع: «لا نريد الاعتماد على الآخرين واستيراد كل التقنيات من العالم، لدينا تجارب نيرة في تحلية المياه نستطيع مشاركتها مع بقية العالم العربي، وكذلك لدى الدول العربية تجارب ستشاركنا بها».

من جانبه، أكد أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية أن قمة جدة اتسمت بالتوافق قبل القمة، وخلالها وفي خلاصتها، وهذا ما بدا واضحاً من سرعة إنجاز الاجتماعات.

وتحدث أبو الغيط عن أن هنالك «شعورا واضحا أن العرب يرغبون في امتلاك ناصية التفاعل مع المشكلات العربية وعدم تركها للقوى الأجنبية والإقليمية، كما أن هناك حالة من الهدوء مع الجوار العربي، وينبغي أن تلتقط الخيط إيران وتركيا تحديداً». وأضاف بقوله «تم تهدئة القرارات وإعطاء الفرصة لدول الجوار لبدء صفحة جديدة».

وفيما يتعلق بعودة سوريا، قال أمين عام الجامعة العربية إن هناك رغبة وعزما على أن تكون عودتها بداية لانخراط عربي أكثر في حل الأزمة السورية واستعادة سوريا لوضعها الطبيعي في المنظومة العربية وتجاوز الظروف الصعبة التي مرت بهذا البلد. مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج لمساعدة إخوانها وفي الوقت نفسه ينبغي أن تتفاعل مع هذه الخطوة التي قامت بها المجموعة العربية».

وتابع: «هناك حيوية وحركية جديدة في العالم العربي، نتطلع إلى أن تكون قمة جدة بداية لأن يأخذ العرب أمورهم بأيديهم، المنطقة العربية مرت ربما بعقد كامل من الصعوبات، وآمل أنها في طريقها للخروج منها».

واعترف أحمد أبو الغيط أن «غالبية الأزمات العربية كانت تعالج خارج الإطار العربي، لكن قرارات قمة جدة تظهر محاولة للانخراط في المشكلات العربية، فهناك لجنة من خمس دول خاصة بسوريا وأخرى خاصة بالسودان، وهناك تفاعل من الجامعة مع الأزمة الليبية في الإطار الدولي». مشيراً إلى أن «اللجنة المعنية بسوريا ستعقد اجتماعا قريبا».

وأضاف: «موضوع سوريا سوف يحظى بأولوية، قرار العودة يسعى إلى التسوية التدريجية للوضع السوري من خلال خطوة مقابل خطوة، وهذا يتطلب نقاشاً مع الحكومة السورية».

وفي رده على سؤال حول معارضة بعض القوى الغربية لقرار عودة سوريا، قال أبو الغيط «يجب العمل بمعزل عن رؤية القوى الخارجية لهذه الخطوة تحديدا، لأن هذا أمر خاص بالعالم العربي والشأن العربي، سوريا دولة منشأة للجامعة العربية واستعادة مقعدها شأن عربي، وعلينا إقناع القوى الأخرى بصحة المنهج العربي».

وأضاف: «لا نسعى لصدام أو اختلاف مع القوى الخارجية». معرباً عن أمله ألا تقرر بعض الدول الغربية المعارضة مقاطعة الاجتماع المقبل بين المجموعتين العربية والأوروبية، قائلا: «نرغب في إقامة العلاقات الطيبة بالجميع، وآمل أن يتفاعل الجميع مع هذه الرغبة».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي صورة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على غلاف تقرير فوق مكتب بمقر حزب البعث حيث ينتظر جنود الجيش السابقون تسجيل أسمائهم في «عملية المصالحة» في دمشق (أ.ب)

فصيلان درزيان من السويداء يعلنان استعدادهما للانضمام إلى الجيش السوري الجديد

أعرب فصيلان درزيان من محافظة السويداء في جنوب سوريا الاثنين عن استعدادهما للانضمام إلى الجيش السوري الجديد بعد إطاحة بشار الأسد من السلطة الشهر الماضي.

شؤون إقليمية الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

ماكرون يطرح مقاربة بلاده لحروب ومسائل الشرق الأوسط ويرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع السلطات السورية في دمشق ويؤكد أن فرنسا لن تتخلى عن الأكراد.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية سلامي يتوسط الرئيس مسعود بزشكيان وقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني خلال مراسم ذكرى سليماني في طهران الخميس الماضي (تسنيم)

قائد «الحرس الثوري»: «حزب الله» فرض إرادتَه على إسرائيل

كررت طهران حرصها على احترام إرادة السوريين، فيما قال عضو بلجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني إن بلاده درّبت 130 ألفاً من المقاتلين في سوريا «جاهزون للتحرك».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.