التفتت سلطات شرق ليبيا إلى مدينة سرت، التي كانت مُهملة منذ أن دمّرها تنظيم «داعش» قبيل خروجه منها نهاية عام 2016 على يد قوات عملية «البنيان المرصوص» التابعة لـ«المجلس الرئاسي» السابق في طرابلس العاصمة.

وقال أسامة حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في شرق ليبيا، إن مدينة سرت تشهد صيانة معظم المرافق التعليمية، وتأهيل المباني العامة، وشق الطرق وصيانة المتضرر منها، وإنشاء جسور حديثة، وتطوير شبكات الكهرباء والمياه بما يلبي تطلعات أهلها.
وسرت - الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط (على بعد 450 كيلومتراً من طرابلس وفي منتصف المسافة بينها وبين بنغازي) - هي مسقط رأس الرئيس الراحل معمر القذافي. وقد سبق أن سيطر عليها تنظيم «داعش» في عام 2015 وجعلها أبرز معاقله في شمال أفريقيا.
وإبان «ثورة 17 فبراير/ شباط» 2011 كانت آخر مدينة شهدت معركة حاسمة بين «كتائب القذافي» وقوات المعارضة، وفيها كُتبت النهاية الدامية للقذافي في أكتوبر (تشرين الأول) 2011؛ إذ قُتل في ضواحيها؛ ما تسبب في تعرض أجزاء كبيرة منها إلى دمار واسع خلال المعارك الدامية.

وكانت سرت في تلك الفترة آخر ساحة لحكمه، حيث انتهت فيها فصول نظامه، الأمر الذي أدى إلى دمار كبير في أحياء المدينة وبناها التحتية، لكنها راهناً بدأت «تنهض عمرانياً»، وفق ما تعكس الحكومة وأطياف مختلفة من سكانها.
وأعلن «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا» برئاسة بلقاسم حفتر، أنه افتتح السبت المرحلة الأولى من مشروع صيانة وتطوير جامعة سرت، في إنجاز عدّه «محطة فارقة في مسيرة إعادة إعمار مؤسسات الدولة» و«ترسيخاً لأولوية التعليم كركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة».
وقال حمّاد في كلمته خلال احتفالية افتتاح عدد من المرافق بجامعة سرت، إن المدينة «عانت من التهميش والإهمال، وتفاقم وضعها في زمن سيطرة الإرهاب. واليوم - بدعم أهلها - تستعيد عافيتها وتحقق إنجازات يلمسها كل الليبيين».
وتابع: «نقف اليوم على أعتاب مرحلة فارقة في مسيرة مدينة سرت العريقة وهي تستعيد عافيتها بثبات، وتنهض من جديد»، ولفت إلى أنها «تشهد صيانة معظم المرافق التعليمية، وتدشين جسور حديثة، وتطويراً واسعاً في الشبكات الأرضية والكهربائية».
وتحدث حمّاد عن التطوير الذي لحق بجامعة سرت، وقال: «أصبحت منارة للعلم، وحاضنة لأجيال تصنع مستقبل الوطن وتواصل مسيرة نهضته»، وزاد: «نشهد جميعاً ثمار ما أنجزه صندوق التنمية إدارةً وأعضاء، وجهودهم المتواصلة في ربوع الوطن».
وانتهى حمّاد قائلاً: «ما نعيشه اليوم من عودة الحياة إلى سرت إنما هو ثمرة إصرار أهلها على أن تكون أقوى وأجمل مما كانت عليه. ولتكن قلب الوطن النابض».

وتضمنت المرحلة الأولى، بحسب الحكومة، تنفيذ حزمة من الأعمال التطويرية التي شملت تجهيز الجامعة بـ«أحدث القاعات الدراسية والمعامل المتخصصة والمرافق الأكاديمية، وفق أعلى المعايير العالمية، بما يعيد مكانتها كمؤسسة تعليمية مرموقة قادرة على مواكبة التطورات العلمية الحديثة، وتخريج كفاءات مؤهلة تسهم في خدمة الوطن وصناعة المستقبل».
ونوهت إدارة «الصندوق» بأن هذا المشروع يأتي ضمن «الخطة الاستراتيجية الشاملة» التي ينفذها، والهادفة إلى إعادة تأهيل وتطوير البنية التحتية في مختلف القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع التعليم، «باعتباره حجر الأساس في بناء الدولة وترسيخ نهضتها».
وكان فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق الوطني» السابقة، أعلن في 17 ديسمبر (كانون الأول) انتهاء العمليات العسكرية وتحرير مدينة سرت، التي كانت تعد أهم معاقل التنظيم، بعد قتال خلّف آلاف القتلى والجرحى، وأتى على مناطق عمرانية كاملة.
وسرت القريبة من الهلال النفطي (منطقة المواني النفطية الكبرى في ليبيا) تعد خط تماس مهماً بين «الجيش الوطني» في شرق ليبيا، وقوات طرابلس الموالية لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة.




