فتح مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، تحقيقاً رسمياً حول وقائع وفيات وإصابات لمسجونين في معتقل بالعاصمة طرابلس، خلال الاشتباكات التي وقعت بين الميليشيات المسلحة في مايو (أيار) الحالي، فيما وثق عدد من الحقوقيين شهادات تتهم القائمين على هذا السجن بارتكاب وقائع «قتل متعمد».

وتحدث حقوقيون ليبيون عن وقوع جرائم قتل في «سجن الجديدة» بطرابلس، المعروف بـ«مؤسسة الإصلاح والتأهيل»، الذي كان يخضع لإمرة المسؤول السابق بالجهاز، والميليشياوي (المطلوب دولياً) أسامة نجيم. وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على رد من إدارته لكن دون جدوى.
واكتفى رئيس قسم الإعلام بمكتب النائب العام، عمر بن الأمين، بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر «لا يزال رهن التحقيق، وسنعلن عن النتائج بعد الانتهاء منها».
وبحسب رواية سابقة لجهاز الشرطة القضائية، التابع لوزارة العدل بحكومة «الوحدة»، فقد شهد «سجن الجديدة» هروب نزلاء «خطيرين» جراء «اشتباكات شهدتها العاصمة طرابلس في 13 مايو الماضي أمام السجن وفي محيطه». وكشف الجهاز حينذاك عن «هروب عدد كبير من المحتجزين، معظمهم من ذوي الأحكام الكبيرة والقضايا الجنائية الخطيرة».
في المقابل، نقل الناشط الليبي، ناصر الهواري، رئيس منظمة «ضحايا» لحقوق الإنسان، عن أحد نزلاء «سجن الجديدة» حدوث «إطلاق نار عشوائي على المساجين لحظة هروبهم للنجاة بحياتهم من الاشتباكات»، وتحدث عن «وفاة 5 أشخاص، وسقوط عدد كبير جرحى».

وأمام تساؤلات عديدة بشأن ما يحدث داخل السجن، قرر مكتب النائب العام، فجر الجمعة، تشكيل لجنة تحقيق لبحث أسباب وفاة بعض نزلاء «مؤسسات الإصلاح والتأهيل»؛ وإصابة متظاهرين، ورجال أمن خلال المظاهرات في مدينة طرابلس.
ويعدّ «سجن الجديدة»، الذي يقع في حي «سوق الجمعة»، إحدى كبرى مؤسسات الإصلاح في طرابلس، وهو يخضع لإشراف «مؤسسة الإصلاح والتأهيل»، التابعة للشرطة القضائية، ضمن سجون أخرى هي معيتيقة والرويمي وعين زارة.
وعلى مدى 4 سنوات ارتبط «سجن الجديدة» بانتهاكات حقوقية ترتقي لـ«جرائم حرب»، تقول المحكمة الجنائية الدولية إن نجيم تورط فيها، عندما كان يعمل مديراً لإدارة العمليات والأمن القضائي التابع لجهاز الشرطة القضائية، قبل أن يقرر رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، تفكيك وحل هذه الإدارة وإقالة نجيم.
وسبق أن طالب المدعي العام لـ«الجنائية الدولية» في منتصف مايو الحالي، «النائب العام الليبي بتوقيف نجيم، وتسليمه إلى المحكمة حتى يمثل أمامها، لاتهامه بارتكاب عدد من الجرائم».
وفي واقعة أخرى عن ليلة اشتباكات العاصمة طرابلس، نقل الناشط الليبي عبد الحكيم خضر، تفاصيل التعرف على جثمان أحد نزلاء «سجن الجديدة» من قبل والده، يدعى عادل بن غزي، وهو من أبناء مدينة سرت، وكان ضمن مقاتلي «البنيان المرصوص» التابعة لسلطات طرابلس، ضد تنظيم «داعش» في عام 2016.
الرواية نفسها أكدها أحد أقارب القتيل، يدعى عادل أبوليفة، الذي أشار في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إلى أن شقيقه تسلم جثة القتيل «وعليها آثار رصاص، قبل دفنه في مقبرة (بن همال) بمدينة سرت ليلة الخميس»، مبرزاً أن «الأمر متروك للتحقيق من جانب الجهات القضائية في طرابلس».
وأمام الاتهامات بارتكاب «وقائع قتل»، يلتزم القائمون على «سجن الجديدة» الصمت أمام اتهامات أيضاً بمصادرة ملابس وأغراض شخصية وأغطية من سجناء آخرين، وأنهم يعيشون في أوضاع إنسانية صعبة.



