«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

وسط استهدافات إسرائيلية... وتحذير أميركي لـ«حماس»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استهدافات إسرائيلية تعود بشكل لافت في قطاع غزة، وتحذيرات أميركية لحركة «حماس»، تتسارع مع بطء في محادثات بشأن مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القاضي بتمديد اتفاق الهدنة، وسط اشتراط الحركة أن يكون بداية لمفاوضات المرحلة الثانية المعطلة منذ بداية مارس (آذار) الجاري.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الاتفاق المتعثر دخل «مرحلة تبادل ضغوط»، الأولى يقودها ويتكوف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة للمفاوضات واستئناف الاستهدافات بالقطاع واستمرار منع المساعدات، والثانية تتمسك فيها «حماس» بورقة الرهائن الرابحة، والحرص على عدم فقدها دون اتفاق شامل. وتوقع الخبراء التوصل لتمديد المرحلة الأولى مع تغييرات بشكل المرحلة الثانية كحل وسط خلال 72 ساعة لو هناك إرادة أميركية.

وبعد محطات من المحادثات بين القاهرة والدوحة متواصلة منذ الأسبوع الماضي، أفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خاصة أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

وسبق أن أعلن ويتكوف في بيان، الخميس، أنه «قدم اقتراحاً لتضييق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي ينتهي في 20 أبريل (نيسان) المقبل، وإتاحة الوقت للتفاوض على إطار عمل لوقف إطلاق نار دائم»، لافتاً إلى أن «(حماس) على علم بالموعد النهائي، والولايات المتحدة سترد بمقتضى ذلك إذا انقضى الموعد المحدد»، دون أن يذكره.

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وذكرت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تسلّمت، الخميس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، وردت عليه موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية مع جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية».

وتجاوزاً لورطة مغازلة «حماس» لواشنطن، أعلن مكتب نتنياهو في بيان، مساء السبت، أن الأخير «أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) بالإفراج الفوري عن 11 رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى»، مستبعداً بذلك عرض «حماس» الإفراج عن رهينة إسرائيلي - أميركي وإعادة جثث 4 آخرين، ومخالفاً لمقترح ويتكوف.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أننا «إزاء مرحلة يتبادل فيها الضغوط باحتراف، خاصة بعد عودة نتنياهو للمفاوضات ليفوت الفرصة على (حماس) التي قبلت بالإفراج عن رهينة أميركية، وتضغط في ظل إدراكها بوجود موجة داخلية عالية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، سواء باستطلاعات للرأي العام التي تشير إلى أن 70 في المائة يطالبون بخروج الرهائن أو خلافاته مع الأجهزة الأمنية».

في المقابل، ستستمر واشنطن عبر ويتكوف في الضغط على «حماس»، بحسب تقدير أنور، مشيراً إلى أن مبعوث ترمب لا يعلي سقف التطلعات هكذا؛ إلا وهو يدرك أن هناك تقدماً بالمفاوضات، ويريد نسبته لإدارته وضغوطها.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو يحاول أن يرمي الكرة في ملعب «حماس» ويتهمها بأنها من تعطل تنفيذ الاتفاق ويبرر أي عودة مستقبلية للقتال، متوقعاً أن تستمر ضغوط ويتكوف لأجل إقرار مقترحه، خاصة أن هناك موعداً نهائياً من واشنطن لم يعلن لكن يبدو أنه قريب.

منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وسط تبادل الشد والجذب بين أطراف المحادثات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، الأحد، وصول 29 قتيلاً و51 مصاباً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، «جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي»، فيما توقعت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن تعطي حكومة نتنياهو الإذن باستئناف القتال «على مراحل»، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، فيما لا تزال «حماس» تحتجز 59 إسرائيلياً، بينهم 24 على قيد الحياة و35 يُعتقد أنهم فارقوا الحياة، بعدما أتاحت أول مرحلة بالاتفاق إعادة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، في حين أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني من سجونها، وأفرجت الفصائل الفلسطينية عن 5 رهائن تايلانديين خارج إطار عمليات التبادل هذه.

ويتوقع أنور أن تتوقف عودة الاستهدافات والتلويح بالحرب حال وجود إرادة أميركية للضغط على إسرائيل والذهاب لحلول وسط، مرجحاً تغيير دراماتيكي خلال 72 ساعة نحو إبرام اتفاق، وتغييرات بشكل المرحلة الثانية حال توافرت الإرادة والتفاهمات الجادة.

وبتقديرات مطاوع فإن الضغوط المتصاعدة حالياً ستجبر «حماس» على قبول الاتفاق والتمديد خاصة، والحركة ليست لديها خيارات مع الوضع المتدهور في القطاع ومع الاستهدافات ومنع المساعدات.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يتوغل في شمال وجنوب قطاع غزة وسط قصف مكثف

المشرق العربي الدبابات العسكرية الإسرائيلية تتمركز على طول الحدود الجنوبية لإسرائيل مع شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يتوغل في شمال وجنوب قطاع غزة وسط قصف مكثف

أفادت إذاعة «الأقصى» الفلسطينية، اليوم (الجمعة)، بأن مجموعة من آليات الجيش الإسرائيلي توغَّلت في حي تل السلطان، الواقع في غرب رفح، بجنوب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير (الجيش الإسرائيلي)

رئيس الأركان الإسرائيلي: هدف هزيمة «حماس» يشمل الضفة الغربية أيضاً

قال رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، اليوم الخميس، إن هدف هزيمة حركة «حماس» يشمل أيضاً الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مخيم النصيرات في غزة وسط استمرار الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع 20 مارس 2025 (أ.ف.ب)

غزة... من «حرب انتقام» دامت 16 شهراً إلى «حرب تهجير»

هناك فارق كبير بين الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة قبل 16 شهراً، والحرب التي تشنها اليوم.

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يُسرعون بنقل رجل مصاب في غارات إسرائيلية لتلقي العلاج في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري إعادة طرح «صفقة ويتكوف» تدعم خيارات العودة للهدنة في غزة

إعادة واشنطن فتح الباب مجدداً أمام إقرار صفقة طرحها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس دونالد ترمب للشرق الأوسط، بشأن الرهائن، تأتي وسط تصعيد عسكري ومناشدات بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي دبابات إسرائيلية عند الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:29

الجيش الإسرائيلي يبدأ عملية برية في كامل غزة... و«القسام» تستهدف تل أبيب

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الخميس، إن الجيش يشن حالياً هجمات في أنحاء قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصر تنفي كلياً استعدادها لنقل نصف مليون مقيم من غزة مؤقتاً لشمال سيناء

شاحنات تصطف لإدخال المساعدات لقطاع غزة في مدينة العريش شمال سيناء 10 مارس 2025 (رويترز)
شاحنات تصطف لإدخال المساعدات لقطاع غزة في مدينة العريش شمال سيناء 10 مارس 2025 (رويترز)
TT
20

مصر تنفي كلياً استعدادها لنقل نصف مليون مقيم من غزة مؤقتاً لشمال سيناء

شاحنات تصطف لإدخال المساعدات لقطاع غزة في مدينة العريش شمال سيناء 10 مارس 2025 (رويترز)
شاحنات تصطف لإدخال المساعدات لقطاع غزة في مدينة العريش شمال سيناء 10 مارس 2025 (رويترز)

نقل تلفزيون «القاهرة الإخبارية»، الجمعة، عن الهيئة العامة للاستعلامات المصرية نفي مصر القاطع «الادعاءات» باستعدادها لنقل نصف مليون مقيم من غزة بشكل مؤقت إلى مدينة في شمال سيناء جزءاً من إعادة الإعمار.

وأكدت هيئة الاستعلامات المصرية «كذب هذه الادعاءات الباطلة التي تتنافى جذرياً مع موقف مصر الثابت بالرفض القاطع والنهائي لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين».