الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

«القمة المغاربية المصغرة» بطرابلس ستبحث الملف وتداعياته على الدول الثلاث

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
TT

الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

سيكون تسيير المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس، واستغلالها بما يحفظ حقوق وحاجيات كل بلد للموارد المائية، أحد الملفات الأساسية التي ستبحثها «القمة المغاربية المصغرة»، المقرر تنظيمها في طرابلس، التي لم يحدد لها تاريخ بعدُ.

وزراء الموارد المائية الجزائري والليبي والتونسي في اجتماعهم يوم 24 أبريل 2024 (وكالة الأنباء الجزائرية)

وتضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، الصادر الأسبوع الحالي، مرسوماً يخص تصديق الرئيس عبد المجيد تبون على اتفاقية ثلاثية تخص إطلاق «آلية للتشاور حول المياه الجوفية المشتركة» مع تونس وليبيا، على مستوى الصحراء الشمالية. علماً أن وزراء الزراعة والموارد المائية بالدول الثلاث التقوا بالجزائر في 24 من أبريل (نيسان) الماضي لبحث التعاون بشأن تسيير المياه الجوفية المشتركة.

وأكد المرسوم أن «الآلية» التي لم يحدد اسمها حتى الساعة، سيكون مقرها بالجزائر، وسيتمثل دورها في «التشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا؛ تنفيذاً لمخرجات اللقاء التشاوري الأول لقادة الدول الثلاث: عبد المجيد تبون، وقيس سعيّد، ومحمد يونس المنفي، الذي عقد بتونس في 22 أبريل الماضي». في إشارة إلى «القمة المغاربية المصغرة» التي عقدت اجتماعها الثاني بالعاصمة التونسية، بعد أن عقدت اجتماعها الأول بالجزائر في فبراير (شباط) الماضي، بمبادرة من الرئيسين الجزائري والتونسي، عبد المجيد تبون وقيس سعيّد، ورئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، يونس المنفي.

صورة توضح حجم الجفاف الذي تعاني منه مناطق بجنوب الجزائر (أ.ف.ب)

وأكدت مصادر دبلوماسية تابعت لقاء تونس أن القادة الثلاثة «اتفقوا على تعميق التبادل حول تسيير المياه الجوفية بالمناطق الحدودية المشتركة، في اجتماع طرابلس» المنتظر.

يشار إلى أن اتفاقاً مبدئياً تم بين الزعماء الثلاثة أثناء إطلاق «القمة المصغرة»، يقضي بعقدها مرة كل ثلاثة أشهر في أحد البلدان الثلاثة، لبحث مختلف القضايا، وعلى رأسها الأمن بالحدود، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي.

وطرحت فكرة «التشاور حول المياه الجوفية» في «قمة المناخ» التي عقدت بمصر عام 2022، حيث دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، الحكومات بدول شمال أفريقيا إلى «إنشاء لجنة مشتركة لتطوير الموارد المائية، في الأحواض النهرية المشتركة»، وكان يقصد، ضمناً، نزاعاً خفياً بين الجزائر وتونس وليبيا حول تقاسم المياه الجوفية.

وكانت تقارير صحافية في تونس قد نقلت أن الجزائر «تأخذ كميات كبيرة من المياه الجوفية بالمنطقة الحدودية التي تتبع تونس»، كما تحدثت عن تضرر منسوب وادي مجردة وضفافه، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة، وبناء الجزائر سدوداً على مستوى المنبع بمنطقة سوق أهراس (جنوب شرقي الجزائر)، الأمر الذي أثّر على الكميات التي تصل إلى المصب، حسب التقارير ذاتها. لكن امتعاض التونسيين من هذه المشكلة لم يتطور إلى احتجاج رسمي ضد الجزائر.

ووفق خبراء جزائريين في مجال الزراعة والموارد المائية، فإن الدول الثلاث «تفطنت إلى أهمية إطلاق تشاور حول المياه الجوفية المشتركة بينها، لتفادي أزمة سياسية محتملة، وهذا بسبب الجفاف الذي يضرب منطقة شمال أفريقيا عموماً، حيث بات مصدر تهديد لمياه الشرب والسقي في المنطقة، وهو ما يهدد الحياة برمتها في شمال أفريقيا».

بسبب قلة التساقطات باتت تونس وليبيا والجزائر تعاني من شح في المياه الجوفية (رويترز)

وعلى الرغم من أن كميات المياه المشتركة بين تونس والجزائر في المنطقة الشمالية محدودة، فإن هناك منطقة جوفية كبيرة في الجنوب تشترك فيها الدول الثلاث، وهي «حوض غدامس» التي قد تصبح مصدراً للنزاعات حول توزيع حصص استغلاله بين هذه الدول، في تقدير الخبراء نفسه.

ويمتد الحوض المشترك بين الدول الثلاث على مساحة تبلغ مليون متر مربع، حسب بيانات توفرها وزارة الموارد المائية الجزائرية، يشغل الجزء الأكبر منها 700 ألف كيلومتر مربع في الجزائر، ونحو 260 ألف كيلومتر مربع في ليبيا، ونحو 60 ألف كيلومتر مربع في تونس. ويعد هذا الحوض أكبر خزان للمياه الجوفية في المنطقة، إلا أن معدلات تجديده ضئيلة للغاية، بحسب خبراء جزائريين.

وفي الوقت الحالي، يتركز استغلال المياه في عدد من النقاط والآبار، حيث يوجد نحو 6500 بئر في الجزائر، و1200 بئر في تونس، ونحو 1000 بئر في ليبيا. وتقدر الكميات المستغلة بنحو 2.2 مليار متر مكعب، منها 1.33 مليار في الجزائر و0.55 مليار في تونس و0.33 مليار في ليبيا.


مقالات ذات صلة

ولي العهد السعودي يؤكد خلال اتصالات دولية وإقليمية أهمية خفض التصعيد وضبط النفس

الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

ولي العهد السعودي يؤكد خلال اتصالات دولية وإقليمية أهمية خفض التصعيد وضبط النفس

بحث ولي العهد السعودي، خلال اتصالات إقليمية ودولية، تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران بما في ذلك الاستهداف الأميركي للمنشآت النووية الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الدورة الـ51 لمجلس وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي» (واس)

السعودية تدعو إلى العودة للمسار التفاوضي بين إيران والمجتمع الدولي

جددت السعودية، السبت، إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية تجاه إيران، داعية إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية والعودة إلى المسار التفاوضي بين إيران والمجتمع الدولي.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)
شمال افريقيا الوزير السابق سيدنا عالي ولد محمد خونا (متداولة)

موريتانيا تعتقل وزيراً سابقاً موالياً للرئيس ولد عبد العزيز

قالت «جبهة العهد الديمقراطي» المعارضة، المؤيدة للرئيس الموريتاني السابق، إن رئيسها الوزير السابق سيدنا عالي ولد محمد خونا «اعتقل» فجر السبت من منزله.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

محادثات سعودية - إيطالية - أوروبية تناقش مستجدات المنطقة

تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي اتصالين هاتفيين، الاثنين، من نظيره الإيطالي والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي وكيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس الوزراء اليوناني (الخارجية السعودية)

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء اليوناني يبحثان تداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بحثا تداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران.

«الشرق الأوسط» (جدة)

الانقسام يتعمّق بين تكالة والمشري بشأن رئاسة «الأعلى للدولة» الليبي

محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
TT

الانقسام يتعمّق بين تكالة والمشري بشأن رئاسة «الأعلى للدولة» الليبي

محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)

في مؤشر على تعمُّق الانقسام داخل «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، سعى محمد تكالة لتأكيد استمراره رئيساً للمجلس، في مواجهة خصمه خالد المشري، على الرغم من صدور حكم قضائي مؤخراً عن المحكمة العليا بشأن رئاسة المجلس، رأى فيه المشري «حسماً للخلاف على رئاسة المجلس لصالحه».

خالد المشري في لقاء سابق مع لجنة التواصل والحوار للقيادات الاجتماعية الليبية في المنطقة الغربية (صفحة المشري على «فيسبوك»)

وبينما يُنظر إليه على أنه تكريس للانقسام، قال تكالة إنه تابع، مساء الأحد، في اجتماعه مع مكتب رئاسة المجلس بحضور نائبَيْه الأول والثاني ومُقرره «سير العمل داخل مقر المجلس، وبحث مستجدات الحالة السياسية والأمنية المتعلقة بالشأن الليبي محلياً ودولياً»، مشيراً إلى أنه ناقش معهم «ما تم إنجازه بشأن مبادرته الهادفة إلى تنفيذ انتخابات مبكرة وتوحيد المجلس المنقسم».

وكان المشري قد قال إنه وجَّه خطاباً رسمياً خلال الأسبوع الماضي إلى المجلس الرئاسي، أحاطه فيه بالحكم القضائي الصادر عن المحكمة العليا، وقال إنه «حسم الخلاف حول رئاسة المجلس لصالحه»، لكن تكالة لم يعتدّ بذلك ومضى في ممارسة مهامه رئيساً من مقر آخر منفصل.

ودبّ الانقسام داخل صفوف المجلس الأعلى وتحوَّل إلى فريقَيْن يتبعان المشري وتكالة، منذ أغسطس (آب) 2024 بحصول الأول على 69 صوتاً، مقابل 68 للثاني، قبل أن يتفجَّر جدل واسع حول قانونية تصويت أحد الأعضاء، بعد كتابته اسم تكالة في غير المكان المخصص، وعلى أثر ذلك تم اللجوء إلى القضاء لحسم هذا الخلاف.

وكان تكالة قد أطلق مبادرة الشهر الماضي قال إنها تستهدف «توحيد المجلس المنقسم على نفسه، وتعتمد على إجراء انتخابات مبكرة لمكتب الرئاسة»، لكن المشري لم يتفاعل معها باعتباره «الأحق برئاسة المجلس».

محمد تكالة يترأس الاجتماع الدوري لرئاسة «المجلس الأعلى للدولة» (المجلس الأعلى)

في غضون ذلك، كلَّف عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، علي محمد اشتيوي، بمنصب رئيس جهاز الشرطة القضائية، بعد إعفاء صبري هدية من مهامه مع الاحتفاظ بمهامه الحالية وكيلاً عاماً لوزارة العدل.

وجاء تكليف اشتيوي الذى يُعدّ من الشخصيات المقربة من الدبيبة، بعد اتهامه بـ«التورط في حادث اقتحام مقر المصرف المركزي في العاصمة طرابلس»، علماً بأنه تولى سابقاً التحقيق في تقارير أممية تتعلّق بأداء جهاز الشرطة القضائية.

كما اعتمد الدبيبة مشروع وثيقة السجل الاجتماعي الموحّد، المقدّم من وزيرة الشؤون الاجتماعية وفاء الكيلاني، التي عرضت آليات عمل المشروع ومكوناته الأساسية، موضحة أنه يعتمد على قاعدة بيانات موحدة تُدمج المعلومات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين؛ بهدف تحديد الفئات المستحقة للدعم بدقة وشفافية.

وأوضحت أن المشروع يتضمّن نظام تصنيف يحدّد الأولويات بناء على معايير اجتماعية مثل مستوى الدخل، والحالة الصحية، وعدد أفراد الأسرة، إلى جانب تضمينه آليات تحديث دورية للبيانات لضمان استمرارية دقة المعلومات.

مذكرة احتجاج لليونان

من جهة أخرى، استدعت وزارة الخارجية في حكومة أسامة حماد، مساء الأحد، أغابيوس كالوغنوميس، قنصل اليونان، إلى مقرها بمدينة بنغازي في شرق البلاد، مشيرة إلى تسليمه مذكرة شفوية تتضمّن احتجاجاً رسمياً على خلفية إعلان السلطات اليونانية «فتح عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربونات في مناطق بحرية متنازع عليها جنوب جزيرة كريت، تُعد جزءاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة الليبية».

وأكدت الوزارة «رفضها التام لأي إجراءات أحادية الجانب من شأنها المساس بالحقوق السيادية لليبيا، داعية الجانب اليوناني إلى توضيح أسباب هذه التصرفات، والعودة إلى طاولة الحوار لتسوية هذا الملف وفقاً للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار».

وكانت الوزارة قد عبَّرت، في بيان رسمي، عن «استغرابها وإدانتها لهذه الخطوة اليونانية»، مؤكدة تمسّك ليبيا «بحقوقها الكاملة في مناطقها البحرية، واستعدادها للدفاع عنها بالسبل المشروعة كافّة».

وأعلنت السلطات اليونانية مؤخراً عزمها التعاقد مع شركات دولية لإجراء أعمال بحث وتنقيب عن النفط والغاز في منطقة متنازع عليها بين البلدَيْن، تقع جنوب وجنوب غربي جزيرة كريت.

ومن المقرر أن يبدأ وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابتريتيس، زيارة إلى ليبيا مطلع الشهر المقبل، حيث يناقش في طرابلس وبنغازي الخلاف بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن.

من جهته، قال القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، إنه بحث مع سفير المملكة المتحدة مارتن لونغدن، مساء الأحد، آخر المستجدات السياسية على الساحة المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون في المجالات محل الاهتمام المشترك، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدَيْن.

وأوضح مارتن أن الاجتماع ناقش آخر المستجدات في ليبيا، و«تأكيد الدعم للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة عقب مؤتمر برلين» الذي عُقد يوم الجمعة الماضي.