سلطات ليبيا المنقسمة لاحتواء تداعيات السيول بالجنوب

وسط غياب التنسيق بينها

جسر جوي خصصه «الجيش الوطني» الليبي لنقل مساعدات إلى مناطق السيول بجنوب البلاد (القوات البرية)
جسر جوي خصصه «الجيش الوطني» الليبي لنقل مساعدات إلى مناطق السيول بجنوب البلاد (القوات البرية)
TT

سلطات ليبيا المنقسمة لاحتواء تداعيات السيول بالجنوب

جسر جوي خصصه «الجيش الوطني» الليبي لنقل مساعدات إلى مناطق السيول بجنوب البلاد (القوات البرية)
جسر جوي خصصه «الجيش الوطني» الليبي لنقل مساعدات إلى مناطق السيول بجنوب البلاد (القوات البرية)

غاب التنسيق بين حكومتي «الوحدة» الليبية المؤقتة، و«الاستقرار» المتنازعتين على السلطة بشأن تقديم المساعدات العاجلة لسكان المناطق المنكوبة بالسيول جراء الأمطار الغزيرة في جنوب البلاد، بينما أجرى المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» تغييرات في بعض المناصب القيادية بالجيش.

وفي ظل تحذيرات «المركز الوطني للأرصاد الجوية»، من امتداد موجة الطقس الماطر والعاصف إلى وسط وشرق ليبيا، تسعى الحكومتان إلى احتواء التأثيرات السلبية للسيول التي ضربت مناطق في الجنوب من خلال تقديم المساعدات العاجلة.

وأعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» تسيير قافلة مساعدات طبية إلى مدينة سبها مساء الأحد، تتضمن أدوية ومعدات طبية مجهزة لحالات الطوارئ إلى المناطق المتضررة من التقلبات الجوية بمدينة سبها.

وقالت حكومة «الوحدة» إنه «تنفيذاً لتوجيهات رئيسها عبد الحميد الدبيبة، وتعليمات وفاء الكيلاني وزيرة الشؤون الاجتماعية بتقديم الدعم اللازم والرعاية الاجتماعية للأهالي في سبها والشاطي، فقد وصلت قوافل الوزارة للبدء في عمليات توزيع المساعدات العينية على الأسر المتضررة».

وأعلن وزير الصحة بالحكومة ذاتها حالة الطوارئ في المنطقة الجنوبية وتشكيل غرفة طوارئ، ووجه بنقل المصابين للعلاج في طرابلس.

وكان بدر الدين التومي وزير الحكم المحلي بالحكومة رئيس «لجنة الطوارئ والاستجابة» قد بحث مساء الأحد الإجراءات التي اتخذتها اللجنة للتعامل مع تداعيات الأمطار الغزيرة، وتنسيق جهود الاستجابة وتقديم الدعم وإدارة المعلومات للحد من الأضرار الناجمة عن هذه الأمطار.

وأوضح التوني أنه تم خلال الاجتماع الوقوف على الاحتياجات الضرورية للمركز الوطني للأرصاد الجوية لضمان قدرته على إجراء عمليات الرصد على كامل التراب الليبي وتقديم معلومات دقيقة حول الأرصاد الجوية المحتملة، بالإضافة للاطمئنان على توافر الإمكانات والموارد اللازمة للتعامل مع تداعيات هذه الأزمة لدى جميع الجهات المعنية.

وكانت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد أعلنت حالة الطوارئ في مدينة سبها ومناطق الجنوب الغربي، وقررت تشكيل «لجنة الطوارئ والاستجابة السريعة» لمواجهة تداعيات السيول هناك.

في غضون ذلك، أعلن حفتر، تغييرات في مناصب قيادية بـ«الجيش الوطني»، شملت رئاسة أركان القوات الجوية ورئاسة أركان قوات الدفاع الجوي والكليات العسكرية، وبعض الإدارات الأخرى.

صورة أرشيفية للواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم حفتر

وقال اللواء أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم حفتر لـ«الشرق الأوسط» والذي تم تكليفه أيضاً برئاسة أركان الدفاع الجوي إن «هذه التعديلات روتينية وتحدث من حين لآخر، حسب مقتضيات الحاجة».

ومن جهة أخرى، أعلنت رئاسة أركان القوات البرية التابعة للجيش استمرار الجسر الجوي الذي خصص اعتباراً من مساء الأحد لنقل المساعدات لبلدية سبها في جنوب البلاد، حتى الساعات الأولى من صباح الاثنين لنقل مساعدات إنسانية لسكان المناطق المتضررة في بلديتي سبها والشاطي الغربي ولمناطق أخرى عقب السيول، التي غمرت أحياء من المدينة.

وأعلنت أن الجسر «سيستمر لأيام محملاً بالأغذية والأدوية، والأغطية، والخيام. وغيرها من المواد اللوجيستية».

الدبيبة يتفقد مركزاً طبياً فى مصراتة بغرب ليبيا (حكومة الوحدة)

بدوره، شدد الدبيبة، خلال تفقده مساء الأحد لـ«المعهد القومي لعلاج الأورام» بمدينة مصراتة بغرب البلاد، على ضرورة «وضع كافة السبل والتسهيلات لمواجهة المعوقات التي تواجه المعهد في تقديم الخدمات العلاجية للمرضى، وآلية توفير الأدوية والتجهيزات الطبية اللازمة الضرورية لتقديم الجرعات العلاجية للحالات المرضية».

كما أكد خلال تفقده لمبنى قسم الأطفال «ضرورة تجهيز المبنى بالمعدات والتجهيزات الطبية لتخفيف العبء عن المواطنين من كافة ربوع ليبيا».

بموازاة ذلك، استعاد محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي»، كلمات المناضل عمر المختار، في ذكراه الـ93 قبل إعدامه على يد الاحتلال الإيطالي: «أما أنا فإن عمري أطول من عمر شانقي»، لافتاً إلى أنه «بينما طوى النسيان جلاديه، فقد صار المختار منارة وعَلماً للعالمين وذكرى للشهيد».

إلى ذلك، طعن الصديق الكبير المحافظ السابق لـ«المصرف المركزي» في مصداقية تقرير الإدارة الجديدة للمصرف المكلفة من «المجلس الرئاسي» عن الإيرادات والنفقات عن الشهر الماضي، واعتبره «تضليلاً للرأي العام، يستهدف إخفاء بعض المبالغ».

وقال في تصريح نقله موقع «الوسط» الليبي إن إطفاء الدين العام «لا يتم بجرة قلم وهو من اختصاص السلطتين التنفيذية والتشريعية»، لافتاً إلى أن «إخفاء الالتزامات القائمة من جدول استخدامات النقد الأجنبي المقدرة بمبلغ 6.12 مليار دولار، رغم كونها التزامات قائمة يجب على المصرف سدادها عند استحقاقها، هو لإخفاء الحقائق». وحذر من أن هذه «المخالفات، وتشويه الحقائق والأرقام يمس بسمعة المصرف»، وطالب مجدداً الأجهزة الرقابية والقضائية بالقيام بدورها في التصدي «لهذه الممارسات الخطيرة واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاهها».

وفى شأن آخر، نفى عبد الباسط البدري، سفير ليبيا لدى الأردن، تورطه في الإشراف على لقاء الدبيبة، وصهره إبراهيم الدبيبة مع عناصر من «الموساد» الإسرائيلي في الأردن.

وكان البدري تقدم بشكوى الأحد إلى الصديق الصور النائب العام، ورئيس جهاز المخابرات العامة، حسين العائب، ورئيس جهاز الأمن الداخلي، لطفي الحراري، وعدّ تصريحات عضو مجلس الدولة، صالح جعودة بالخصوص، «مجرد اتهامات وأكاذيب باطلة، الغرض منها التشويه فقط».

وطالب البدري بالتحقيق مع جعودة، ومحاسبته على توجيه «اتهامات خطيرة» دون سند أو دليل ومساءلته عن التحقيق وسبب صمته سابقاً، وقال إنه يضع نفسه رهن كل الجهات المختصة بالدولة الليبية، والمخولة قانوناً بالتحري والتحقيق والمحاسبة.


مقالات ذات صلة

«سبها» الليبية تحصي خسائرها بسبب السيول

شمال افريقيا أعمال شفط المياه في سبها (المجلس البلدي)

«سبها» الليبية تحصي خسائرها بسبب السيول

شرعت مدينة سبها بالجنوب الليبي في إحصاء خسائرها جراء السيول التي تعرضت لها بسبب الأمطار الغزيرة مؤخراً

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع نورلاند مع حسام زكي في مقر الجامعة العربية بالقاهرة (السفارة الأميركية بالقاهرة)

تعهد عربي - أميركي بالحفاظ على «وحدة ليبيا وسيادتها»

تزامنا مع التعهد الأميركي- العربي، بالحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها، بدأ بلقاسم نجل المشير خليفة حفتر قائد "الجيش الوطني" أول زيارة رسمية له إلى واشنطن.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا خطوط الأنابيب ورصيف التحميل بميناء مرسى الحريقة النفطي في مدينة طبرق شرق طرابلس بليبيا (رويترز)

هل يعمّق تنقيب تركيا عن النفط الخلافات الليبية الداخلية؟

أعاد حديث وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، بشأن تلقي بلده عرضاً للتنقيب عن الطاقة من سلطات طرابلس قبالة سواحل ليبيا، الجدل ثانية، وطرح تساؤلات عدة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الإدارة الجديدة لمصرف ليبيا المركزي (المصرف)

ليبيا: إطالة مفاوضات أزمة «المركزي» تزيد الضغوط على سلطات طرابلس

يشير سياسيون ليبيون إلى أنه مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية «المحتملة» بسبب إغلاق النفط، فإن شرائح اجتماعية قد تحمّل سلطات طرابلس المسؤولية بسبب أزمة «المركزي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

تداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات أشهر الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي توصف بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

منظمة الصحة العالمية تحذر: المجاعة في السودان تنتشر في كل مكان

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)
متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)
TT

منظمة الصحة العالمية تحذر: المجاعة في السودان تنتشر في كل مكان

متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)
متطوع يوزّع الطعام على النازحين في أحد أحياء أم درمان بالسودان (أرشيفية - رويترز)

حذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار المجاعة في السودان، الذي يعاني من حرب أهلية دامية منذ أبريل (نيسان) 2023، وأكدت أن الوضع في البلاد «كارثي»، ويتطلب اهتماماً دولياً عاجلاً.

جاء ذلك بعد زيارة رئيس المنظمة، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، للسودان، حيث التقى بالنازحين، وزار مستشفيات تشهد معاناة غير مسبوقة.

وقال غيبريسوس في مقابلة مع إذاعة «بي بي سي»: «الوضع في السودان مقلق للغاية... النزوح الهائل هو الأكبر في العالم حالياً، والمجاعة تنتشر في كل مكان».

وأشار إلى أن ما يزيد على 12 مليون شخص قد نزحوا بالفعل، وأن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان البلاد، بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني.

تجاهل دولي واتهامات بالتمييز العرقي

وتطرق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إلى قلة الاهتمام الدولي بما يجري في السودان، مشيراً إلى أن العرق قد يكون عاملاً مؤثراً في هذا التجاهل.

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور بالسودان خلال يناير 2024 (رويترز)

وأضاف: «السودان لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه، وهذه الحال تتكرر في صراعات أخرى داخل القارة الأفريقية. ما أشعر به هو أن العرق يلعب دوراً في ذلك».

وقال تيدروس، الذي نشأ في إثيوبيا خلال فترة حرب أهلية، إنه يشعر بتأثير النزاعات المسلحة بشكل شخصي، مشيراً إلى أن رائحة وصوت الحرب مألوفة لديه، وأن الوضع في السودان يجعله يستعيد ذكريات الحرب الأهلية في وطنه.

أزمة إنسانية غير مسبوقة

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو، قتل الآلاف، وأصبح ملايين السودانيين يعيشون في ظروف إنسانية قاسية.

وزار تيدروس مخيمات النازحين والمستشفيات التي تعج بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، وقال: «ترى العديد من الأطفال وكأنهم جلد وعظام».

وفي تقرير صدر عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة في أغسطس (آب) الماضي، أُعلن عن وقوع مجاعة في مخيم يضم نصف مليون نازح قرب مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور، إحدى أكثر المناطق تضرراً.

تقصير عالمي في الاستجابة

وأعرب رئيس منظمة الصحة العالمية عن استيائه من الفجوة الكبيرة في الاستجابة الإنسانية، مشيراً إلى أن السودان وأزمات أخرى في أفريقيا لم تحظ بنفس الاهتمام الدولي الذي حصلت عليه أزمات إنسانية أخرى، مثل النزاع في أوكرانيا.

ودعا الإعلام الدولي إلى التركيز بشكل أكبر على الأزمة في السودان التي وصفها بأنها مأساة إنسانية.