سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

الأمطار هدّمت عشرات المنازل في سبها... وتعلّق الرحلات الجوية بالمدينة

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً
TT

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

سوء طقس الصيف «يراوغ» ليبيا... وجنوبها الأكثر تضرراً

تداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات أشهر الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول التي توصف بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.

الأمطار الغزيرة حاصرت بلدية غات أغسطس الماضي (بلدية غات)

وتعرضت مدينة سبها الموصوفة بـ«عروس الجنوب» الليبي، إلى طقس سيئ ليلة السبت/الأحد، أسفر عن وقوع قتيلين على الأقل و39 جريحاً، إضافة إلى تضرر عشرات المنازل، بسبب الأمطار الرعدية الغزيرة، ما اضطر «الجيش الوطني» إلى الدفع بقوات لإجلاء العالقين.

وأمام غرق مناطق عدة بالمدينة، عدّ عميد بلدية سبها بلحاج علي، الأوضاع هناك بأنها «كارثية»، وتحتاج إلى مساعدات عاجلة، في حين أظهرت بيانات «المركز الوطني للأرصاد» أن كمية الأمطار اللي هطلت على سبها بلغت 63 ملليمتراً، وقال إنها «غير معتادة وغير مسبوقة»، ما يتسبب في جريان الأودية.

وهذه «المراوغة» من الطقس المتقلب تعمق من جراح سكان الجنوب، بالنظر إلى افتقادهم للبنية التحية التي تُساعد على مواجهة الأمطار والسيول. وشهدت مناطق في شمال غربي وجنوب ليبيا عدة موجات، تسببت في خسائر مادية واسعة خلال الشهر الماضي.

نقل أحد الليبيين المصابين من الأمطار إلى مركز سبها الطبي (المركز)

وقالت «وكالة الأنباء الليبية»، التابعة لحكومة «الاستقرار»، الأحد، إن إدارة مطار سبها الدولي أعلنت تعليق الرحلات من وإلى المطار بسبب الأضرار الناجمة عن الأمطار الغزيرة، منوهة بأن المياه غمرت صالة الركاب، وأنها تجري معاينة لحجم الأضرار لاستئناف الرحلات بشكل طبيعي.

ونقلت قناة «ليبيا الحدث» الموالية لسلطات شرق ليبيا، أن الطريق الرابط بين العوينات وأوباري «انهار، وخرج عن الخدمة» بسبب السيول الجارفة.

واستجابة لسكان سبها وضواحيها، دفع «الجيش الوطني» بوحدات مسلحة للمساعدة في عمليات فتح المسارات، وتأمين خروج العالقين في الأحياء السكنية التي تعرضت لارتفاع منسوب المياه.

جانب من السيول التي أغرقت مناطق بجنوب غربي ليبيا منتصف أغسطس الماضي (بلدية تهالا)

وقالت الحكومة المُكلفة من مجلس النواب، التي تبسط سيطرتها على مدن بالجنوب، إن رئيسها أسامة حماد، وجّه وزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والكهرباء، «بسرعة التعامل مع الأزمة» في سبها وضواحيها جراء ازدياد هطول الأمطار التي تسببت في «سيول وفيضانات وانقطاع الكهرباء وسقوط عدد من الضحايا بين وفيات وإصابات».

وأهابت الحكومة في بيان بالمواطنين توخي الحذر عند التنقل بين المدن والمناطق في الجنوب، خصوصاً المحاذية للأودية ومناطق جريان السيول، منوهة بأن التوقعات تشير إلى استمرار «سوء الأحوال الجوية، وهطول كميات كبيرة من الأمطار».

وقال نائب رئيس الحكومة، سالم الزادمة، إنه ناقش هاتفياً مع النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، مصباح دومة، الأوضاع الخدمية بمدينة سبها عقب هطول الأمطار الغزيرة، وارتفاع منسوب المياه بعدد من أحيائها، مشيراً إلى أنها خلفت أضراراً في الممتلكات والأرواح.

ونوه الزادمة إلى أنه تابع التنسيق بشأن وصول المساعدات العاجلة والإمدادات والاحتياجات التشغيلية والدعم اللوجستي، لمواجهة آثار الأضرار على الممتلكات العامة والخاصة بسبها.

وقال المجلس البلدي في سبها، إن الأمطار تسببت في وفاة شخصين، وجرح 39 آخرين، حتى مساء الأحد، مشيراً إلى انهيار نحو 150 منزلاً جراء الأمطار والسيول. وفيما أشار إلى أن «فرق الطوارئ والقوات المسلحة وأفراد الأمن يسهمون في إنقاذ العائلات العالقة»، أهاب بالمواطنين كافة «التواصل مع فرق الطوارئ والالتزام بتعليمات السلامة».

وأوصى المجلس المواطنين غير المتضررين بالبقاء في منازلهم «تجنباً للمخاطر المرتبطة بالأمطار الغزيرة والرياح»، مشدداً على ضرورة «تجنب المناطق المعرضة للغرق» والابتعاد عن أسلاك الكهرباء، والتوقف عن قيادة السيارات خوفاً من الانزلاق.

ووجّه عميد بلدية سبها الأجهزة المحلية المعنية، بحصر الأضرار الناجمة عن هطول الأمطار بأحياء المدينة. في وقت واصلت فرق الإنقاذ إخلاء المنازل الآيلة للسقوط، إضافة إلى توفير ممرات آمنة للعائلات، ومساكن لهم.

أمطار غزيرة وصلت إلى حد تكوين سيول جارفة ضربت مناطق عدة في شمال غربي ليبيا نهاية أغسطس الماضي (مديرية أمن طرابلس)

وتشهد ليبيا تقلبات جوية سيئة من وقت إلى آخر. وتكررت هذه الأجواء المتقلبة 3 مرات خلال أغسطس (آب) الماضي، عندما ضربت سيول مدينة الكفرة بجنوب شرق ليبيا، وبعدها تعرضت عدة مدن بالجنوب الغربي إلى أمطار غزيرة، من بينها غات وتهالا والعوينات والبركت وتينكاوية، ما تسبب في أضرار متفاوتة.


مقالات ذات صلة

ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

شمال افريقيا مشاركون في ملتقى الأعيان برعاية المجلس الرئاسي الليبي (المجلس)

ليبيا: الخصوم السياسيون يستدعون «أذرعهم الشعبية» لتعزيز مواقفهم

يدفع الانقسام السياسي في ليبيا الخصوم السياسيين إلى استدعاء الموالين لهم بقصد توفير الدعم لملفات يعملون عليها، من بينها «المصالحة الوطنية» أو «الحكومة الجديدة».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اللافي خلال مشاركته في حفل شركة نفطية (المجلس الرئاسي)

«الرئاسي» الليبي يدعو إلى إبعاد مؤسسة النفط عن التجاذبات السياسية

أكدت أميركا مجدداً حرصها على دعم الاستقرار في ليبيا. وجدد مجلس النواب «رفضه لأي وجود أجنبي على الأراضي الليبية».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صالح وخوري في لقاء سابق (مكتب صالح)

هل حقاً حاول «النواب» ومجلس الدولة «عرقلة» جهود خوري لحلحلة الأزمة الليبية؟

كانت خوري أعلنت قبل أسبوعين عن تشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية 

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)

تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

يرى سياسيون ليبيون أن زيارة وفد حكومة «الوحدة» إلى سوريا وإن كان عنوانها الترحيب ودعم الإدارة الجديدة بقيادة الشرع، فإنها تسلط الضوء على التباين السياسي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)

توتر عسكري جنوب ليبيا بعد سيطرة قوات حفتر على معسكر لـ«الرئاسي»

سادت حالة من التوتر العسكري بجنوب ليبيا، إثر تقارير تتحدث عن سيطرة قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير حفتر على معسكر تابع للمجلس الرئاسي، وسط صمت من الجانبين.

خالد محمود (القاهرة)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)
لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)
لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، في ظل وجود نحو 21 مليون نازح سوداني، عدّتهم الأمم المتحدة «الأكثر ضعفاً»، تغافل المجتمع الدولي مساعدتهم، في أزمة وصفت بـأنها «الأسوأ في التاريخ».

وأعلنت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان (أوتشا) كليمنتاين نكويتا سلامي، إطلاق الخطة لعام 2025، قائلة إن المنسقية تسعى لجمع 4.2 مليار دولار أميركي لمعالجة الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، لنحو 21 مليون شخص من الأكثر ضعفاً في السودان.

وقالت سلامي، الخميس، وفقاً لتقرير صحافي إن الأزمة الإنسانية في السودان بلغت «أبعاداً غير مسبوقة»، وإن أكثر من نصف السكان بحاجة ملحة لمساعدات إنسانية عاجلة وخدمات الحماية، بينهم 16 مليون طفل. وتابعت: «وصل انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستويات تاريخية، وخاصة في المناطق المتضررة من الصراع في دارفور والخرطوم وكردفان».

وبعد أكثر من 20 شهراً من الحرب، يشهد السودان واحدة من «كبرى الأزمات الإنسانية في العالم»، وأدى استمرار النزاع المسلح وما نتج عنه من هجمات ضد المدنيين والنزوح والجوع وسوء التغذية وتفشي الأمراض والصدمات المناخية، إلى جعل نحو ثلثي السكان بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية وخدمات الحماية.

مطالب بتدخل دولي

وأوضحت سلامي، أن خطورة الأزمة الإنسانية في السودان، تستدعي تدخل المجتمع الإنساني لتهدئة الصراع بشكل عاجل، وإتاحة الوصول الإنساني غير المقيد، بما في ذلك عبر حدود التماس بين القوات، من أجل مكافحة المجاعة وتمكين العمل الإنساني الفعال. وتابعت: «ندعو جميع الأطراف لتسهيل وصول المساعدات وضمان حماية العمليات الإنسانية وعمال الإغاثة في الميدان».

منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي (إكس)

وحثت المسؤولة الأممية المجتمع الدولي على توفير «التمويل الفوري المرن»، وعدّته أمراً بالغ الأهمية من أجل توسيع مظلة ونطاق المساعدات الحيوية والمنقذة للحياة، بما في ذلك المساعدات النقدية وخدمات الحماية لملايين الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.

وبحسب بيان المنسقة، فإن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 تستند إلى تحليل مشترك للاحتياجات الإنسانية في السودان وتحليل ثلاث صدمات رئيسية تتمثل في «الصراع، الفيضانات، تفشي الأمراض»، وما تتركه من تأثيرات على السكان والخدمات الأساسية، مع اعتبار التأثير الواسع النطاق لهذه الصدمات الثلاث، وأثرها على جزء كبير من السكان.

وتبعاً لبيانات سابقة صادرة عن الأمم المتحدة، بلغت خطة الاستجابة الإنسانية للسودان للعام الماضي 2.7 مليار دولار، ولم يتم تحصيل إلا نحو 1.5 مليار دولار.

البرهان ينكر وجود مجاعة

وتنكر الحكومة السودانية التي تتخذ من بورتسودان عاصمة مؤقتة، وجود مجاعة في السودان، وقال قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، إن الحكومة السودانية استجابت لمطلوبات العمل الإنساني وإيصال المساعدات للمحتاجين، وستظل ملتزمة بالقوانين الدولية لحماية المدنيين، مشيراً في خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال يوم الثلاثاء إلى أن «ما يشاع عن المجاعة محض افتراء قصد منه التدخل في الشأن السوداني».

البرهان يحيي مؤيديه في أم درمان غرب الخرطوم يوم 29 يونيو 2019 (أ.ب)

وحسب إحصائيات لمنظمات سودانية، فإن 28.9 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية بسبب الحرب في البلاد، وإن الفجوة بين واردات المساعدات الإنسانية واحتياجات الاستجابة الإنسانية تبلغ نحو 82 في المائة، وإن 16.3 مليون شخص خارج خريطة المساعدات الإنسانية.

ووفقاً لهذه التقديرات، فإن الاحتياجات الإنسانية العاجلة المنقذة للحياة، خلال أشهر ديسمبر (كانون الأول)، ويناير (كانون الثاني) من عام 2024، تقدر بنحو 840 ألف طن متري، منها 51 في المائة للأمن الغذائي، و49 في المائة لقطاعات أخرى، بما في ذلك المأوى الطارئ وإصحاح البيئة والخدمات الصحية.

إحصائيات «أوتشا»

وحسب آخر تقديرات صادرة عن «أوتشا»، بلغ عدد الأشخاص الذين هم بحاجة لمساعدات إنسانية (بشكل عام) في عام 2025 نحو 30.4 مليون شخص، من إجمالي السكان البالغ 47.5 مليون نسمة، وإن 14.8 مليون شخص فروا من القتال ونزحوا لمناطق أخرى من البلاد، ولجأ 3.3 مليون منهم إلى دول الجوار العام الماضي، وزاد العدد الآن بنحو 23 في المائة، حيث بلغ عدد النازحين نحو 24.8 مليون نازح.

وتفاقمت الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها «أسوأ أزمة نزوح في العالم»، بسبب تصاعد حدة القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانتشاره في مساحات أوسع، واضطر خلاله ملايين السكان للنزوح إلى المناطق الأقل عرضة لتأثيرات الحرب، وإلى اللجوء إلى دول الجوار.

وبينما لا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد ضحايا الحرب من القتلى والجرحى، فإن أكثر التقديرات تفاؤلاً تشير إلى نحو 16 ألف قتيل، بينما قدّرته أبحاث أميركية 130 ألفاً، في واحد من أكثر الصراعات دموية على مستوى العالم. وأوضحت أن 19 ألفاً قتلوا بشكل مباشر في الحرب، بينما لقي 111 ألفاً مصرعهم بسبب الجوع وعدم القدرة على الحصول على الغذاء والدواء، والأمراض الناجمة عن تأثيرات الحرب.