«حكماء زوارة» الليبية دعوا «الوحدة» للتنسيق بشأن معبر «رأس جدير»

اتهموها بـ«التقصير في مكافحة التهريب»

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
TT

«حكماء زوارة» الليبية دعوا «الوحدة» للتنسيق بشأن معبر «رأس جدير»

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)
اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

اتهم رئيس مجلس حكماء مدينة زوارة، غالي الطويني، حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالتقصير في مكافحة التهريب، بالإضافة إلى تجاهل المجلس وعدم التواصل معه بشأن معبر «رأس جدير»، فيما واصلت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة» التلويح باستخدام القوة العسكرية لاستعادة السيطرة على معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس.

صورة من اللقطات التى بثتها داخلية «الوحدة» للاعتداء على معبر «رأس جدير»

ووزعت الوزارة، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، لقطات مصورة، تظهر الاعتداء على آلياتها وأفرادها وتدمير بعض الممتلكات، ضمن ما وصفته بهجوم قالت إن «عصابات التهريب شنته على معبر رأس جدير وعلى أجهزة وزارة الداخلية، بعد عملية ضبط وإيقاف المهربين».

كما أظهرت لقطات أخرى، تحدث بعض عناصر «إنفاذ القانون» مع مجموعة ممن وصفتهم بـ«المهربين» دون استخدام القوة.

وقالت الوزارة، في بيان مقتضب، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، إنه «أصبح جلياً أمام الشعب الليبي كافة، من يريد العبث والتخريب والاستمرار بالفوضى والتهريب»، وشددت على أنه «لا أحد فوق القانون، الذي سيكون السيف الرادع لقطع دابر المجرمين والمفسدين»، على حد تعبيرها.

صورة من اللقطات التى بثتها داخلية «الوحدة» للاعتداء على معبر «رأس جدير»

وكرر وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي تهديده بالرد على ما وصفه بـ«إهانة عناصر الشرطة مؤخراً في معبر رأس جدير»، وتوعد بأن الأمر «لن يمر بسهولة، كما في السابق».

كان الطرابلسى قد أوضح أن اجتماع «مجلس الدفاع وبسط الأمن»، الذى شارك فيه، مساء الأحد، برفقة رئيس حكومة «الوحدة» وزير الدفاع عبد الحميد الدبيبة، وبرئاسة عضوي المجلس الرئاسي، موسى الكوني، وعبد الله اللافي، وبحضور رئيس الأركان العامة محمد الحداد، ومعاونه صلاح الدين النمروش، وقادة الاستخبارات العامة والأمن الداخلي، ناقش الأوضاع العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية وفي كل المناطق، وقرر بالإضافة إلى الخطوات المتخذة لبسط الأمن فيها تكليف رئاسة الأركان بتشكيل قوة من بعض الوحدات العسكرية لمساندة الأجهزة الأمنية في تنفيذ المهام الموكلة لها».

بدوره، استغرب غالي الطويني، رئيس مجلس حكماء زوارة، «عدم تواصل الدبيبة معه حتى اللحظة» بعد ما شهده معبر رأس جدير، في الوقت الذي تواصل معنا أعضاء من النواب والدولة ووزراء بالحكومة».

اصطفاف السيارات أمام معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة)

وتساءل الطويني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، حول ما إن كان الدبيبة «موافقاً على ما يفعله الطرابلسي وزير الداخلية، الذي بالنسبة إلى مجلس الحكماء، ليس وزيراً للداخلية ولا يعترف به؛ وحديثه أن رأس جدير هو أكبر منفذ تهريب، يعد كذباً».

ونفى الطويني أي معارضة للإجراءات الأمنية التي تجريها حكومة الدبيبة، لكنه لفت في المقابل إلى أن «محاولات فرضها وتعمّد عدم التنسيق ومحاولات التحجيم أمر مرفوض».

وتابع: «إذا كانت هناك أي إجراءات أمنية ستتخذ بخصوص المعبر، فيجب التنسيق مع الجهات الأمنية في زوارة»، مشيراً إلى أنه «سبق لإدارة إنفاذ القانون تنفيذ أعمال ومهام بالمعبر، ولم نعترض عليها ذلك، لأنها تمت بعد تنسيق معنا». ورأى أن حكومة الدبيبة «مقصرة في مكافحة التهريب، وإذا قررت البدء بمعبر رأس جدير فلتقم بالإجراءات ذاتها في كافة المعابر والمنافذ».

جانب من وصول قوات أمنية ليبية إلى معبر «رأس جدير» مع تونس (إدارة إنفاذ القانون الليبية)

كما اتهم الطويني الحكومة بتجاهل نقص الوقود في المنطقة الغربية، وقال إن «المهربين في معبر رأس جدير معروفون للجميع بأسمائهم وصفاتهم، واجتماع القائد الأعلى برؤساء الأركان بحث الأحداث التي شهدها المعبر».

وفى شأن آخر، قالت حكومة «الوحدة» إن وزيرها للتربية والتعليم موسى المقريف بحث مساء الأحد مع السفير البريطاني لدى ليبيا مارتن لونغدين في سبل دعم تعليم اللغة الإنجليزية لطلاب المراحل التعليمية المختلفة في ليبيا.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تتعهد مجدداً إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة

شمال افريقيا نائبة المبعوث الأممي مع المنفي (المجلس الرئاسي)

«الوحدة» الليبية تتعهد مجدداً إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة

طالب عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة بطرح الدستور للاستفتاء الشعبي، فيما تعهد الطرابلسي وزير داخليته مجدداً بإخلاء طرابلس من الميليشيات.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

غضب ليبي واسع بعد حديث عن سجن هانيبال القذافي «تحت الأرض»

تصاعدت حدة الغضب في ليبيا إثر تداول تصريح لهانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يشتكي فيه احتجازه في لبنان بسجن «تحت الأرض» ويعاني «وضعاً سيئاً».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)

جدل ليبي بشأن تلقي «النواب» ملفات مرشحين لـ«الحكومة الجديدة»

أثار إعلان مجلس النواب الليبي تلقيه ملفات عدد من المرشحين لرئاسة «الحكومة الجديدة» جدلاً وانتقاداً واسعَين وسط الليبيين.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا النائب العام الليبي خلال لقائه مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية (مكتب النائب العام)

«الوحدة» الليبية تتجاهل مطالب محلية بإجراء الانتخابات البلدية

النائب العام يبحث «تطورات قضية الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في مدينة ترهونة»

خالد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري ستيفاني خوري نائبة للممثل الخاص للشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (البعثة الأممية)

تحليل إخباري هل يمكن حل الأزمة الليبية على يد الأميركية خوري؟

انشغل الليبيون بأنباء وصول المستشارة الأممية ستيفاني خوري إلى العاصمة طرابلس، وسط تباين عما يمكن أن تقدم الدبلوماسية الأميركية لبلدهم الذي يعاني جموداً سياسياً.

جمال جوهر (القاهرة)

حرب السودان... المسيّرات تهدد باتساع رقعتها

حرب السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة بما في ذلك المستشفيات (رويترز)
حرب السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة بما في ذلك المستشفيات (رويترز)
TT

حرب السودان... المسيّرات تهدد باتساع رقعتها

حرب السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة بما في ذلك المستشفيات (رويترز)
حرب السودان دمرت كثيراً من المرافق العامة بما في ذلك المستشفيات (رويترز)

أدى استخدام الطائرات المسيّرة من دون طيار إلى اتساع رقعة الحرب في السودان لتصل إلى أماكن كان يُعتقد حتى وقت قريب، أنها بمنأى عن ساحة الحرب. فخلال ثلاثة الأسابيع الماضية، أُعلن عن هجمات بالمسيّرات استهدفت مناطق تبعد عن العاصمة الخرطوم وعن مناطق أخرى تشهد قتالاً، بنحو 400 كيلومتر، لتصل إلى مدن مثل عطبرة وشندي ومروي، وكلها مدن في الشمال.

ومنذ بداية الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» قبل أكثر من عام، استُخدمت المسيّرات في المواجهات، ومعظمها كانت مسيّرات «بدائية» تنتجها هيئة التصنيع العسكري في السودان، ويملكها الجيش. غير أن «قوات الدعم السريع» حصلت على بعضها عندما استولت أثناء المعارك على منشآت تابعة للتصنيع العسكري، في حين تردد أيضاً أن دولاً خارجية زودت الطرفين بأنواع مختلفة من المسيّرات.

«المهاجر 6»

وتوسع الحديث عن المسيّرات إثر ذيوع معلومات عن حصول الجيش على مسيّرات إيرانية متطورة، أبرزها «المهاجر 6»، استطاعت تحويل سير المعارك لصالحه، وبرز ذلك في استرداده لحي أم درمان القديمة والهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، بعد طرد «قوات الدعم السريع» منها، ثم راج أيضاً أن «قوات الدعم السريع» حصلت على مسيّرات «أكثر تطوراً» من جهات لم يُكشف النقاب عنها.

وبدأ القتال في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل (نيسان) 2023، ثم اتسعت دائرته لتصل إلى ولايتي دارفور وكردفان في غرب البلاد، وولاية الجزيرة في الوسط، وتخوم ولايات النيل الأبيض وسنار والقضارف. وفي تطور لافت وصلت الحرب إلى شمال السودان وشرقه، وهي مناطق كان يُعتقد حتى وقت قريب أنها بعيدة عن مرمى نيران «قوات الدعم السريع»، وآليات قتالها الأساسية المتمثلة في سيارات الدفع الرباعي سريعة الحركة.

مسيّرات الشمال والشرق

وكان لافتاً أن نيران الحرب لم تصل إلى شمال وشرق البلاد عبر سيارات الدفع الرباعي المعهودة التي تستخدمها «قوات الدعم السريع» في جميع معاركها، بل كانت هذه المرة عبر الطائرات المسيّرة؛ إذ حدثت عدة هجمات شنتها المسيّرات على مناطق عسكرية تابعة للجيش في تلك المناطق.

وأعلن الجيش، يوم السبت 27 أبريل، تصدي أنظمته الدفاعية لثلاث مسيّرات انتحارية هاجمت المطار العسكري في مدينة مروي التي تبعد نحو 400 كيلومتر شمال الخرطوم، ونشر الجيش صوراً لحطام مسيّرات بمحرك احتراق داخلي صغير. وفي يوم الثلاثاء 24 من الشهر ذاته، كشف الجيش أيضاً عن إسقاط مسيّرتين قرب قيادة «الفرقة الثالثة مشاة» في مدينة شندي (190 كيلومتراً شمال العاصمة). وفي التاسع من نفس الشهر، قصفت مسيّرتان انتحاريتان مقر جهاز المخابرات العامة ومقر الجهاز القضائي في مدينة القضارف التي تقع على بعد 450 كيلومتراً شرق العاصمة.

وبدأت حرب المسيّرات في الثاني من أبريل بمقتل 12 شخصاً وإصابة 30، إثر هجوم بمسيّرة على حفل إفطار رمضاني نظمته «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية التي تقاتل بجانب الجيش، في مدينة عطبرة على بعد 300 كيلومتر شمال الخرطوم.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا في أم درمان (الجيش السوداني)

نيران صديقة

لم يوجه الجيش اتهامات مباشرة لـ«قوات الدعم السريع»، لكنه قال في بيان إن المسيّرات التي استهدفت مدينة مروي أطلقها «العدو»، في حين ترددت أنباء أن مجموعة من داخل الجيش نفسه أو تقاتل معه هي التي قامت بالاعتداء. ومن جانبها، نفت «قوات الدعم السريع»، على لسان متحدثين باسمها، تبعية تلك المسيّرات لها.

وانتشرت على نطاق واسع معلومات أن المسيّرات ربما أُطلقت من «مواقع صديقة للجيش»، رداً على ما تردد أيضاً بأن قيادة الجيش انتقدت كتائب الإسلاميين الحليفة له بأن ظهورها المكثف أدى إلى تخلي بعض الدول عن دعم الجيش. واتجهت أصابع الاتهام، وفق المعلومات الشائعة، إلى «كتائب البراء».

وقال الخبير العسكري المتقاعد، الطيب مالكابي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المسيّرات التي تُستخدم في الحرب السودانية «نوعية بدائية يغلب عليها الطابع الانتحاري، وإن قطعها لمسافات طويلة يطرح عدة أسئلة، مثل من أين أُطلقت، ومن يتحكم فيها».

ويؤكد مالكابي أن سهولة إسقاط تلك المسيّرات يفسر الهدف من إطلاقها، قائلاً: «الهدف من إطلاق هذه المسيّرات ليس هدفاً عسكرياً، بل هدف سياسي بغرض التأثير على معنويات الطرف الآخر».

مسلحون من أنصار المقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني (أ.ف.ب)

رسائل سياسية

وأضاف مالكابي: «أما المسيّرات التي عادت أدراجها فهي في الغالب استطلاعية، خاصة تلك التي حلقت حول خزان مروي وحول مدينة عطبرة، فهذه أرسلت رسائل سياسية أكثر من كونها عمليات عسكرية». وأوضح أن المسيّرات الانتحارية المستخدمة في السودان قادرة على قطع مسافات طويلة بالفعل، لكنها بالمقابل تفقد القدرة على إصابة الهدف بدقة كلما طالت المسافة، أما التي أصابت أهدافها فمن المؤكد أنها أُطلقت من مسافات قريبة.

وأضاف: «بما أن القوات المسلحة لم تصدر بياناً تتهم فيه جهة محددة، و(قوات الدعم السريع) لم تتبنَّ تلك العمليات، فإن الاحتمالات تتعدد حول ماهية جهة الإطلاق ومكانها». وتفسيراً للمعلومات المتداولة عن احتمال أن تكون تلك المسيّرات نيراناً صديقة، قال مالكابي: «لهذا الاتهام حيثياته القائمة على التجاذبات بين القادة العسكريين الرافضين لاستقلال الكتائب عن الجيش، ومن يتبنون وجودها المستقل. كما أن هناك حيثيات أخرى للاتهام، وهي أن (كتائب البراء) تملك مسيّرات، بل إن الذين أشرفوا على شراء تلك المسيّرات وجلبوها هم ضباط إسلاميون في الجيش».

ولأن الجيش لم يتهم «قوات الدعم السريع» بتلك المسيّرات صراحة في بياناته، واكتفى ببيان حول عملية مروي باستخدام مفردة «العدو»؛ فإن السؤال يظل قائماً: من هو «العدو» المقصود؟ أهو «الدعم السريع» أم عدو آخر لم يحن الوقت لتسميته؟

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

ثغرة أمنية كبيرة

من جهته، أشار الخبير العسكري المتقاعد عمر أرباب، لراديو «دبنقا» السوداني الذي يبث من هولندا، إلى أن مجرد وصول مسيّرتين إلى مدينة شندي يعد ثغرة أمنية كبيرة في دفاعات الجيش، ومؤشراً خطيراً يجب تداركه.

ورجح أرباب احتمال أن تكون «قوات الدعم السريع» ضالعة في إطلاق تلك المسيّرات، وقلل من كون إطلاقها يعد تصفية حسابات بين الجيش وبعض الكتائب الإسلامية الموالية له، قائلاً: «صحيح أنه خلاف قائم، لكنه لا يرقى لمرحلة استهداف بعضهم بعضاً. واستخدمت (قوات الدعم السريع) هذا الخلاف لصالحها، عبر إرسال رسالة بأنها قادرة على ضرب أهداف في عمق مناطق سيطرة الجيش دون إثبات لتورطها في الأمر».

وتابع: «لا أحد يستطيع الجزم بمن هو المقصود بـ(العدو) المشار إليه في بيان الجيش عن عملية مروي، لكن تهديدات الإسلاميين العلانية لبعض قادة الجيش، بمن فيهم القائد العام ونائبه، لمنعهم من التفاوض مع (الدعم السريع)، تخلق وضعاً رمادياً عن الجهة التي قامت بالهجوم».

وفي كل الأحوال، فإن المسيّرات المستخدمة في حرب السودان، بغض النظر عن فاعليتها، فقد نقلت الحرب إلى أماكن بعيدة كان يُظن أنها آمنة ولن تصل إليها الحرب، مما يؤكد توسع نطاق الحرب يوماً بعد يوم.


كيف تستفيد مصر من مركز «البيانات والحوسبة السحابية»؟

السيسي خلال افتتاح مركز «البيانات والحوسبة الحسابية» في العاصمة الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاح مركز «البيانات والحوسبة الحسابية» في العاصمة الجديدة (الرئاسة المصرية)
TT

كيف تستفيد مصر من مركز «البيانات والحوسبة السحابية»؟

السيسي خلال افتتاح مركز «البيانات والحوسبة الحسابية» في العاصمة الجديدة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال افتتاح مركز «البيانات والحوسبة الحسابية» في العاصمة الجديدة (الرئاسة المصرية)

أثيرت تساؤلات حول مدى استفادة مصر من مركز «البيانات والحوسبة السحابية الحكومية» الذي افتتحه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد. وعدد بعض الخبراء في تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي بمصر، مجموعة من المكاسب يُمكن أن تحققها الدولة المصرية من تدشين المركز الجديد، من بينها، «إضافة تطبيقات رقمية تخدم المواطن، وتخدم الأغراض الحكومية لزيادة فاعليتها، وتوفير سرية وتأمين المعلومات».

ومركز «البيانات والحوسبة السحابية الحكومية» يعد الأول في مصر وأفريقيا، بحسب وزارة الاتصالات المصرية، التي أشارت إلى أن المركز يعمل على «تقديم التطبيقات الحرجة والمدفوعات، والتطبيقات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة لصناعة القرار على المستويات كافة، وتحليل البيانات الحكومية، وتوطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي».

وتحدّث الرئيس المصري خلال افتتاح المركز عن أهمية مراكز البيانات، بقوله إنها «ستغير شكل وحجم وسرعة العمل في الحكومة المصرية»، مشيراً إلى أن «مجال تكنولوجيا المعلومات أكبر قطاع يوفر فرص عمل، ويحتاج لحوالي مليون شخص في العام من الكوادر المدربة والمؤهلة».

ورأى استشاري الابتكار والتحول الرقمي في مصر، الدكتور محمد خليف، أن مصر يمكن أن تستفيد من المركز الجديد عبر «إضافة تطبيقات رقمية تخدم المواطن، وتخدم الأغراض الحكومية لزيادة فاعليتها وكفاءتها في العمل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة المصرية تستهدف أن تكون على خريطة الاستثمارات في قطاع مراكز البيانات والحوسبة، وأن تستفيد من موقعها الاستراتيجي الذي يمر به حوالي 90 في المائة من كابلات البيانات العالمية».

وعلى صعيد العمل الحكومي في مصر، عدّ خليف أن المركز الجديد سوف يُسهم في «تعزيز التكامل بين الوزارات والهيئات الحكومية، وسيتيح بيئة معلوماتية للحكومة تساعدها على اتخاذ القرارات المبنية على بيانات سليمة، كما تفيد تقنيات الذكاء الاصطناعي في رسم سيناريوهات مستقبلية لأي قرارات أو خطوات تستهدفها الحكومة المصرية»، لافتاً إلى أن مثل هذه المراكز تحتاج لكوادر مدربة ومميزة في مجال تطوير التطبيقات وأمن المعلومات، وبالتالي «توفر فرص عمل سنوية في هذا القطاع».

الرئيس المصري يستمع لشرح حول المركز (الرئاسة المصرية)

وكان وزير الاتصالات المصري، الدكتور عمرو طلعت، قد أشار خلال افتتاح المركز، الأحد، إلى أن «114 جهة حكومية بمصر انتقلت إلى العاصمة الإدارية الجديدة، كما جرى تسجيل وأرشفة البيانات الورقية الحكومية كافة، وبالتالي يعد مركز البيانات هو عقل الحكومة المصرية».

في السياق أشار رئيس شعبة البرمجيات في «الجمعية المصرية للمعلومات والاتصالات»، الدكتور محمد سعيد، إلى بعض الفوائد التي تعود على المصريين من تدشين المركز الجديد، عبر «توفير خدمات حكومية للمواطنين بجودة وكفاءة عالية وبسرعة عالية». وفسر سعيد درجة التأمين المتبعة في المركز، التي أشار إليها الرئيس المصري، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المراكز توفر درجة عالية جداً من السرية وأمن المعلومات، والمركز الجديد يوفر خاصية النسخ الاحتياطي لأنظمة المعلومات العاملة في الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية، وبالتالي يحقق الاستدامة في أداء الخدمات الحكومية والدقة المطلوبة».

وكان السيسي قد تحدث عن تقدم التكنولوجيا المستخدمة في مركز «البيانات والحوسبة السحابية». وقال إنها «متقدمة للغاية، ولا يستطيع أحد الدخول على هذه الشبكة نظراً لتأمينها بشكل كبير».


«الوحدة» الليبية تتعهد مجدداً إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة

نائبة المبعوث الأممي مع المنفي (المجلس الرئاسي)
نائبة المبعوث الأممي مع المنفي (المجلس الرئاسي)
TT

«الوحدة» الليبية تتعهد مجدداً إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة

نائبة المبعوث الأممي مع المنفي (المجلس الرئاسي)
نائبة المبعوث الأممي مع المنفي (المجلس الرئاسي)

رداً على مساعي مجلس النواب الليبي لتشكيل «حكومة جديدة» في البلاد، أكد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة قدرة الأجهزة الأمنية على تأمين الاستحقاق الانتخابي، وطالب بطرح الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية، للاستفتاء على الشعب، فيما تعهد وزير داخليته عماد الطرابلسي مجدداً بإخلاء العاصمة طرابلس من كل التشكيلات المسلحة، لكنه لم يحدد خطة زمنية لذلك.

واستغل الدبيبة حضوره، مساء السبت، بمطار طرابلس العالمي، الجمع العام لمنتسبي وزارة الداخلية، للتأكيد على قدرة أجهزته الأمنية على تأمين الانتخابات والذهاب بالبلاد إلى بر الأمان، عبر تمكين الشعب من اختيار قادته مثل الشعوب الأخرى.

وعدّ أن عناصر الداخلية أرسلوا رسالة واضحة بأن تحقيق إرادة الليبيين أمر قطعى ومحسوم، وأضاف: «وضعنا خطة أمنية لتنفيذ الانتخابات، بالتواصل بين مديريات الأمن وفروع مفوضية الانتخابات».

الدبيبة والطرابلسي في استعراض قوات الداخلية بمطار طرابلس (حكومة «الوحدة»)

عدم طرح الدستور

وتساءل الدبيبة عن أسباب عدم طرح الدستور، الذي كتبته اللجنة المنتخبة من الشعب للاستفتاء، ليقول كلمته فيه، وإجراء الانتخابات التشريعية، لتجديد السلطة التشريعية بدلاً من تمديد الأجسام الجاثمة على صدر البلاد منذ سنوات، التي قال إنها سبّبت في تعاقب الحكومات والإنفاق الموازي، وعدّ أن مصادرة إرادة الشعب عبر الحجج الواهية وتطويعه لإرادة الطبقات السياسية أو الحزبية أو العسكرية المستفيدة من الوضع أمر لم يعد مقبولاً أبداً.

وعاد الدبيبة مجدداً إلى خلافه مع مجلس النواب، ومحافظ المصرف المركزي، بشأن فرض ضريبة على النقد الأجنبي، وقال: «نواجه مشكلة تسبب بها الصامتون والراضون بالإنفاق الموازي المعلوم والمجهول. واليوم يطالبون الشعب بدفع ثمنه، وحذرنا من الإنفاق الموازي منذ أشهر، وقد ثبت اليوم صدقنا، بعد أن طالبوا الشعب بتحمل تكاليفه».

كما عدّ الدبيبة، الذي رصدت وسائل إعلام محلية، اصطحابه نجله عبد الرحمن بالمناسبة، أن حكومته «التي رفعت شعار الاستقرار وعودة الحياة لم تكن جزءاً من المشهد الحالي الأمني، ولا العسكري، بكل مسمياته ولا تعقيداته الحالية، وهو إرث ثقيل فرضته الحروب والفوضى عبر سنوات».

لا موعد لتنفيذ الإخلاء

بدوره، تعهد عماد الطرابلسي، وزير الداخلية بحكومة «الوحدة»، للمرة الثانية، بإخلاء العاصمة طرابلس بالكامل من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية، خلال ما وصفه بفترة قريبة مقبلة. ولم يحدد الطرابلسي موعداً زمنياً لتنفيذ هذا التعهد الجديد، لكنه قال إنه سيتم إرجاع كل هذه الأجهزة إلى ثكناتها، باستثناء الجهات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، على أن يقتصر العمل الأمني على الداخلية.

وقال إنه سيقوم خلال الأيام المقبلة بتأمين مصرف ليبيا المركزي ومطار معيتيقة، وجميع المؤسسات، وحذّر أي شخص من العبث والمساس بالأمن في العاصمة طرابلس والمناطق المحيطة بها.

ورأى أن جمع عناصر وزارة الداخلية سابقة هي الأولى في تاريخها، لإيصال رسالة إيجابية بأنها موجودة للمحافظة على الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن هذه العناصر من مناطق ومدن ليبيا كافة دليلٌ على أن الداخلية يد واحدة وتعمل للمحافظة على الأمن بعيداً عن القبلية والجهوية.

المنفي مع سفير فرنسا بطرابلس (المجلس الرئاسي)

من جانبه، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إنه بحث اليوم (الأحد) في طرابلس مع سفير فرنسا، مصطفى مهراج، آخر المستجدات السياسية والاقتصادية والأمنية في ليبيا، وخطوات المنفي للوصول إلى تسوية سياسية شاملة تفضي لانتخابات برلمانية ورئاسية، يشارك فيها كل الليبيين دون إقصاء لأي أحد.

كما أعلن مهراج أنه ناقش مع رئيس مجلس الدولة محمد تكالة آفاق إعادة إطلاق العملية السياسية، والتعاون البرلماني بين البلدين.

https://twitter.com/AmbaFranceLibye/status/1784498789228720237

في المقابل، أشاد عماد السايح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، خلال ندوة حوارية، مساء السبت، بجميع الإسهامات الوطنية لمنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وكافة الشركاء المعنيين بالعملية الانتخابية، لتقريب وجهات النظر ذات العلاقة بمستقبل ليبيا وتطلعات الليبيين إلى الاستقرار والنهضة والبناء.

وأكد على دور الأحزاب في دعم نجاح العمليات الانتخابية، داعياً إلى نشر الثقافة الانتخابية والوعي الديمقراطي وثقافة التداول السلمي على السلطة.

صورة وزّعها مكتب محافظ المصرف المركزي للقائه مع الرئيس التركي في أنقرة

دور المصرف المركزي

في غضون ذلك، قال الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استقبله بمدينة إسطنبول التركية، مساء السبت، للاطمئنان على الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي في ليبيا، والتحديات التي تواجه المصرف في أداء مهامه، في ظل ما وصفه بالانقسام الحكومي ودور المصرف المركزي في المحافظة على الاستدامة المالية للدولة، مشيراً إلى أنه تم التطرق إلى زيادة التعاون المشترك في المجال المصرفي.

https://twitter.com/CentralBankOfLy/status/1784301605409431753

وفي أول ظهور منذ وصولها إلى العاصمة طرابلس، شاركت ستيفاني خوري، نائبة المبعوث الأممي، في حفل معايدة أقامه المنفي، مساء السبت، بمناسبة عيد الفطر المبارك، بحضور السفراء المعتمدين، الذين نقل عنهم إشادتهم بما وصفه بـ«جهوده الكبيرة وسعيه المتواصل» لتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف، لتحقيق رغبة الليبيين، والوصول بالبلاد لمرحلة الانتخابات.

بدوره، أشاد السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، لدى زيارته موقع لبدة الأثري، بجهود أهالي الخمس ومصلحة الآثار الليبية، للحفاظ على هذا الكنز من تاريخ ليبيا الغني. وأعرب في بيان عبر منصة «إكس»، مساء السبت، عن تطلع الولايات المتحدة للعمل مع نظرائها الليبيين من خلال مذكرة التفاهم المشتركة، حول حماية الممتلكات الثقافية، التي تم تجديدها العام الماضي، للحفاظ على هذا التراث.

https://twitter.com/USEmbassyLibya/status/1784298178956714436

كما بحث نورلاند مع محمد الرعيض، من الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة، في مدينة مصراتة، سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية.


غضب ليبي واسع بعد حديث عن سجن هانيبال القذافي «تحت الأرض»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
TT

غضب ليبي واسع بعد حديث عن سجن هانيبال القذافي «تحت الأرض»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

تصاعدت حدة الغضب في ليبيا إثر تداول تصريح لهانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يشتكي فيه احتجازه في لبنان بسجن «تحت الأرض» ويعاني «وضعاً سيئاً أهدر سنوات عديدة من عمره دون ارتكاب جريمة». وهانيبال موقوف في لبنان منذ ما يزيد عن 8 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وأظهرت صور لهانيبال منسوبة لقناة «الجديدة» اللبنانية، تواجده في مكان ضيق، كما نقلت عنه أن «وضعه غير جيد، حيث يحتجز في غرفة تحت الأرض تتسع لبعض الاحتياجات والأدوية، وتتضمن حماماً بكرسي أرضي، ويفتقد للأكسجين». وطالب ليبيون السلطات التنفيذية والقضائية في بلدهم بـ«التحرك العاجل»، والعمل على إطلاق سراحه، مشيرين إلى أن السلطات اللبنانية «لم تخضعه للمحاكمة، أو تُصدر بحقه حكماً، لذا من الظلم تجاهله، وإبقاؤه رهن الاعتقال».

جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية

«رهينة سياسية»

وفي

غمرة الغضب الليبي مما ظهر عليه نجل القذافي، دعا رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد عبد الحكيم حمزة، سلطات بلاده إلى «اللجوء للآليات الدولية في محاسبة لبنان على ما يقوم به في حق هانيبال القذافي» الذي عدّه «رهينة سياسية»، متسائلاً في تصريحات صحافية: «إلى متى تستمر السلطات الليبية في تجاهل قضية المواطن هانيبال»؟

ومن بين ما نسبته قناة «الجديد» لنجل القذافي قوله «إنه يعيش بهدلة، ومعتقل سياسي، وقضيته مرتبطة بملف لا يعرف عنه شيئاً»، وقال «كل ما أذكره أن والدي كان يحب الإمام موسى الصدر، وأنا أحببته عن طريقه، وكان يخبرنا بأنه خرج من ليبيا إلى روما، وهناك اختفى أثره».

ويستغرب ليبيون موالون لنظام القذافي من ارتهان نجله هانيبال في لبنان بتهمة معرفته معلومات عن اختفاء الصدر، وسبق لمستشار اتحاد القبائل الليبية للعلاقات الخارجية، خالد الغويل، القول لـ«الشرق الأوسط» إن الاستمرار في اعتقال هانيبال «يعد إجراءً تعسفياً، لأنه لا توجد أي أدلة أو تهم توجه له، بالنظر إلى أن عمره في ذاك الوقت كان عامين، ومن ثم فإن الاستمرار في اعتقاله يعد أمراً سياسياً، وليس قانونياً».

«معاملة خاصة»

وراجت معلومات مؤخراً حول أن هانيبال يلقى «معاملة خاصة في محبسه الانفرادي»، وأنه «خضع لعملية تجميل، ويحظى بمتابعة طبية دائمة»، لكنه رد عبر ما هو منسوب له بأنه يعيش «وضعاً سيئاً»، متسائلاً: «أين المعاملة الخاصة؟ وما هو مفهومكم عن الـVIP»؟ وقال «فليأخذوا شعري وأسناني التي يتحدثون عنها، ويعطونني حريتي».

ورأى الحقوقي ناصر الهواري، في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «لو كانت ليبيا دولة ذات سيادة، وتملك قرارها، لما ظل هانيبال القذافي معتقلاً في لبنان».

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، أعاد الحديث في أغسطس 2023 عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال في تصريحات تلفزيونية إنه «أدلى بمعلومات في عشرات الصفحات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982؛ وتورّط عبد السلام جلود، رئيس وزراء ليبيا سابقاً عام 1978، والضابط الليبي محمد علي الرحيبي، في هذه الجريمة».

غير أن عدداً من المدافعين عن هانيبال، رفضوا هذه الرواية، وقالوا إن نجل القذافي «أُخضع للتعذيب، والصور ومقاطع الفيديو المسرّبة من لبنان تظهر مدى وحشية سجّانيه»، وكرروا تساؤلاتهم في استنكار: «كيف لطفل عمره عامان أن يُتهم في قضية لا يعلم عنها شيئاً»؟

صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه

ملف القضية دون تقدم

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية تواصلتا يناير (كانون الثاني) الماضي، بشأن هانيبال، حيث زار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار بوزارة العدل بحكومة «الوحدة» بيروت لمتابعة ملف نجل القذافي، واتفقوا على التعاون في قضتيه.

وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي، لاستكمال التباحث حول في القضية، لكنه بحسب مصادر بالوزارة لم يحدد موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن.

وقال الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، إنه ينبغي أن «يخضع حبس هانيبال لضوابط القضاء، وأحكام إدارة وتنظيم السجون من حيث أسلوب المعاملة والمعيشة، وبالشكل الذي يضمن سلامة السجين الجسمية والنفسية»، داعياً كافة المنظمات الإنسانية والحقوقية المحلية والعربية والدولية، على رأسها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لضرورة التدخل السريع.

ويرى دلهوم في تصريحات لمجلة «الشراع» المحلية، أن هانيبال «مسجون لأسباب سياسية لا علاقة له بتبعاتها»، منوهاً إلى ضرورة «وجود تفتيش حقوقي يضمن سلامته، والعمل الجاد على إنقاذ حياته وتحريره، لأنه يتعرض للاعتقال القسري الظالم الشبيه بالإخفاء خارج حماية القانون».

عائشة القذافي

ونسبت بعض الصفحات الموالية للنظام السابق تصريحات لعائشة القذافي، التي تقيم خارج ليبيا، تعلق على صوره في زنزانته المزعومة، بقولها: «هذا بن الذي انتزع الاعتذار الإيطالي ورد كرامة كل الليبيين، هذا هانيبال القذافي أيتها القبائل الليبية الشريفة». ولم يثبت أن لعائشة القذافي صفحات موثوقة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكان طاهر السني، مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، قال في يونيو (حزيران) إنه بحث قضية هانيبال القذافي مع كميهيرو إيشيكاني، مندوب اليابان لدى الأمم المتحدة، الذي يرأس «لجنة العقوبات» المنشأة بقرار عام 1970.

وأوضح السني حينها أنه نقل للسفير الياباني موقف حكومة «الوحدة الوطنية» من مسؤولية لجنة العقوبات عمّا سمّاه «الوضع غير الإنساني الذي يتعرض له المواطن هانيبال القذافي، المحتجز قسراً في لبنان دون أي حق أو سند قانوني».


السيسي يدافع عن إنفاق مليارات الدولارات في مشاريع نقل البيانات

السيسي خلال فعالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال فعالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يدافع عن إنفاق مليارات الدولارات في مشاريع نقل البيانات

السيسي خلال فعالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال فعالية سابقة في القاهرة (الرئاسة المصرية)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «مصر أنفقت مليارات الدولارات لتجهيز بنية أساسية متكاملة لنقل البيانات بسرعة تتناسب مع التطور الذي يشهده العالم في هذا المجال، وإنه في الماضي، كانت مصر تحفظ بياناتها في الخارج بمبالغ طائلة، لكن الآن استطاعت الحكومة المصرية توطين بياناتها على أراضيها».

وأشار السيسي، خلال افتتاح مركز «البيانات والحوسبة السحابية الحكومية» في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، الأحد، إلى أن إنشاء «المركز يُساهم في الحفاظ على بيانات مصر داخل أراضيها»، مؤكداً في هذا الصدد على «أهمية الحفاظ على دور مصر كنقطة رئيسية لنقل البيانات في العالم».

و«مركز البيانات والحوسبة السحابية» الذي تم إنشاؤه في العاصمة الإدارية الجديدة «يُعد أول مركز يقدم خدمات تحليل ومعالجة البيانات الضخمة عبر الذكاء الاصطناعي في مصر وشمال أفريقيا»، وفقاً لوزارة الاتصالات المصرية. ويستخدم المركز «تكنولوجيا الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تحليل البيانات الحكومية، بالإضافة إلى عمله كمركز موحد لبيانات التعافي من الكوارث، وتوطين استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي».

وقال السيسي، خلال افتتاح المركز، الأحد، إن «90 في المائة من الكابلات البحرية الموجودة في العالم تمر عبر مصر بوصفها محوراً رئيسياً لنقل البيانات والاتصالات بالعالم»، مؤكداً «ضرورة الاستفادة من الموقع الجيد لبلاده التي جعلها نقطة رئيسية لنقل البيانات والاتصالات بين الشرق والغرب».

وتحدث الرئيس المصري عن بداية اهتمام بلاده بمجال المعلومات والبيانات، قائلاً إن مصر بدأت في مجال تطوير البيانات والريادة منذ عام 2018 بالتوازي مع بناء العاصمة الإدارية الجديدة، لافتاً إلى طبيعة عمل الحكومة المصرية في الماضي، حيث كان لكل وزارة «سيرفر بيانات» (خادم الويب) خاص بها دون التأكد من مدى تأمينه ومدى قدرته على التفاعل مع باقي الوزارات المصرية، موضحاً أن «المركز الرئيسي للبيانات سيكون شاملاً لكل الوزارات، وبه كل البيانات الخاصة بها، ولا يستطيع أحد الدخول على هذه الشبكة نظراً لتأمينها بشكل كبير للغاية، والصالات التي تحوي (السيرفرات) ومراكز البيانات لا يمكن لأحد دخولها نهائياً، حتى الأشخاص القائمون على إدارتها لا يستطيعون الدخول لها»، مؤكداً أن «الحكومة سعت لأن يكون المركز الرئيسي للبيانات الخاص بها على أعلى مستوى، وفقاً للمعايير العالمية».

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وذكر السيسي أن «الحكومة المصرية تبذل جهوداً كبيرة، ولو طوّرنا البرامج الحكومية بشكل مستمر فسيكون الأداء أكثر تقدماً وتطوراً وجودة»، مؤكداً أن ما تم بذله من جهود لتطوير مجال البيانات والمعلومات في مصر «يفوق الخيال»، منتقداً دعوات البعض «المطالبة بالتوقف عن هذه المشاريع»، قائلاً إن «ما تم إنجازه حلم تم على أرض مصر»، مشدداً على أن «هذه المواقع تم تأمينها بشكل كامل، ولا يستطيع أحد استهدافها بأي شكل».

وأكمل السيسي أن مصر في بداية دخولها هذا المجال لم تجد سوى العشرات فقط مؤهلين لدراسة البرمجة، معبراً عن خيبة أمله في ذلك، مؤكداً استعداد الدولة المصرية لإنفاق 30 إلى 60 ألف دولار للفرد الواحد لتعليمه فنون البرمجة حتى تستفيد البلاد منه، وأن هذا المجال قادر على مساعدة مصر في تجاوز أي أوضاع اقتصادية صعبة (الدولار الأميركي يساوي 47.86 جنيه في البنوك المصرية).

وعانت مصر خلال الأشهر الماضية من أزمة حادة، في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي. لكن «تدفقات دولارية» ضخمة حصلت عليها مصر أخيراً، بما في ذلك اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، واستثمارات عربية، أسهمت في توفير العملة الصعبة. ومطلع مارس (آذار) الماضي، سمح البنك المركزي المصري للجنيه بالانخفاض، وإعلان التحول إلى نظام صرف مرن، وفق «آليات السوق».

في السياق، أكد السيسي أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعد أحد أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل، لافتاً إلى أن الدولة تهدف إلى توجيه الجميع، سواء الحكومة أو وزارة التربية والتعليم والإعلام والمثقفون، بضرورة الاستثمار في الإنسان، لأن مصر ليست لديها موارد سوى الإنسان، ويجب الاهتمام بتعليمه. وطالب المصريين بضرورة «الاهتمام بتعليم أبنائهم فنون البرمجة وعلوم البيانات لأهميتها في مستقبل العالم»، قائلاً إن «مصر بها جامعات وكليات وبرامج بعدد ضخم، ونستهدف أرقاماً طموحة جداً لنخرج مما نحن فيه، ونلحق بركب العالم المتقدم».


صورة «الميركافا» الإسرائيلية خلال زيارة السيسي للكلية العسكرية تثير تفاعلاً

الرئيس المصري خلال تفقده الأكاديمية العسكرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال تفقده الأكاديمية العسكرية (الرئاسة المصرية)
TT

صورة «الميركافا» الإسرائيلية خلال زيارة السيسي للكلية العسكرية تثير تفاعلاً

الرئيس المصري خلال تفقده الأكاديمية العسكرية (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال تفقده الأكاديمية العسكرية (الرئاسة المصرية)

أثارت صورة نشرت خلال تفقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأكاديمية العسكرية، في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة (السبت)، تفاعلاً واسعاً عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أظهرت تلقي الطلاب تدريبات على المواصفات الفنية للدبابة الإسرائيلية «ميركافا».

و«الميركافا» هي دبابة إسرائيلية محلية الصنع بدأ العمل عليها منذ عام 1970، وظهرت نسختها الأولى عام 1979، وشهدت عمليات تطوير عدة حتى وصلت للجيل الرابع الذي يشارك حالياً في «حرب غزة».

وبرز اسم «الميركافا» الإسرائيلية إعلامياً مع بداية عملية «طوفان الأقصى»، ووصفتها تقارير إعلامية عدة بأنها «الدبابة الرئيسية والأهم» لدى إسرائيل، وتتميز بـ«نظام حماية نشط قادر على تدمير ومقاومة الصواريخ التي تهاجمها، ومزودة بمحرك خلفي بخلاف المحرك الأمامي مما يوفر حماية إضافية لطاقمها»، حسب إعلام إسرائيلي.

وربط مدونون بين توقيت نشر الصورة والتحذيرات المصرية لإسرائيل من عملية عسكرية في رفح الفلسطينية، وسط مخاوف مصرية من تهجير قسري للغزيين إلى سيناء.

وحظيت الصورة بانتشار سوشيالي واسع، وأعاد الإعلامي الإسرائيلي، إيدي كوهين، نشر مقطع الفيديو المتداول على صفحته بمنصة «إكس» (تويتر سابقاً) قائلاً بتعليق: «صدق أو لا تصدق... أثناء زيارة السيسي للأكاديمية الحربية تم عرض صور لدبابة الميركافا ومميزاتها».

فيما رأي البعض أن تناولها في الأكاديمية العسكرية المصرية يهدف إلى دراستها ومعرفة نقاط قوتها وضعفها، وكيفية مواجهتها، ما يبعث برسائل الطمأنينة للمصريين بشأن قدرات الأكاديميات العسكرية المصرية على مسايرة العلم ودراسة كل أنواع الأسلحة والتعامل معها.

ويعدُّ رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق للقوات المسلحة، اللواء نصر سالم، التعرف على الأسلحة الإسرائيلية أكاديمياً «أمراً طبيعياً»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «دراسة سلاح العدو تكون بإبراز نقاط قوته لفهمها وكيفية التعامل معها، ونقاط ضعفه لاستغلالها في تدميره عند المواجهة المباشرة».

وأضاف: «الدراسة العسكرية الأكاديمية تكون شاملةً لكافة معدات وأسلحة العدو، وهو أمر راسخ منذ سنوات بالمعاهد والأكاديميات العسكرية على اختلاف مستوياتها»، مؤكداً أن «الدراسة تشمل كافة الأسلحة وتدرجها حتى لا تكون هناك مفاجأة حال نشوب حرب ومواجهة مباشرة مع العدو».

بدوره، قال المدير الأسبق للشؤون المعنوية للقوات المسلحة اللواء سمير فرج لـ«الشرق الأوسط»، إن الصورة حملت رسائل سياسية وعسكرية للمصريين بأن «الجيش مستعد وجاهز للتعامل مع أي شيء يحدث»، والثانية للجانب الإسرائيلي بـ«جاهزية القوات المسلحة للرد على أي تهديد للأمن القومي».

ويثير اجتياح رفح مخاوف من «تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء»، وسبق أن حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكثر من مرة من تنفيذ عملية عسكرية في رفح، مؤكداً «رفض بلاده المخطط الإسرائيلي الساعي لتنفيذ عملية عسكرية في رفح الفلسطينية؛ لما له من تداعيات إنسانية على سكان القطاع».

كما حذّر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، من إعادة احتلال «محور فيلادلفيا» (صلاح الدين) (جنوب غزة على الحدود المصرية)، وقال إنه سيؤدي إلى «تهديد خطير وجدِّي للعلاقات المصرية - الإسرائيلية»، عادّاً ذلك «خطاً أحمر يضاف إلى الخط المعلن سابقاً بخصوص تهجير الفلسطينيين من غزة».

ويتفق المدير الأسبق للشؤون المعنوية ورئيس هيئة الاستطلاع الأسبق بالجيش على «تمسك مصر بالحفاظ على السلام والاستقرار، مع التأكيد بأن التمسك بالسلام لا يعني غياب الجاهزية للردع حال تعرض البلاد للخطر».


نائب البرهان: منفتحون على كل مبادرات حقن الدماء «في إطار الشرعية»

تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

نائب البرهان: منفتحون على كل مبادرات حقن الدماء «في إطار الشرعية»

تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
تصاعد الدخان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكد نائب القائد العام للقوات المسلّحة السودانية، شمس الدين كباشي، في لقاء مع وفد روسي، برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، اليوم الأحد، انفتاح السودان على كل مبادرات حقن الدماء، «ولكن في إطار الشرعية والرؤية السودانية التي تضمن وتحفظ حقوق الشعب السوداني كاملة».

وأشاد كباشي، عضو مجلس السيادة الانتقالي السوداني، بمواقف روسيا «الداعمة للشرعية السودانية».

وبحث كباشي وبوغدانوف، المبعوث الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا، العلاقات الثنائية بين السودان وروسيا وسبل تعزيز التعاون سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً، وذلك بحضور وزير الخارجية المكلف حسين عوض علي، وفق إعلام مجلس السيادة.

وكان الوفد الروسي قد وصل إلى بورتسودان، في زيارة تستغرق يومين، ومن المنتظر أن يلتقي أيضاً رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه مالك عقار.

وخلال اجتماعه مع وزير المعادن السوداني محمد بشير أبو نمو، في وقت سابق اليوم، قال بوغدانوف إن روسيا تعدّ مجلس السيادة الانتقالي الممثل الشرعي للشعب السوداني.

وأضاف بوغدانوف: «روسيا لديها سفارة وسفير معتمد لدى الحكومة السودانية، وهو يمارس مهامّه بصورة طبيعية، كما أن السودان لدية سفارة وسفير في روسيا، وهو يقوم بدروه بصورة اعتيادية».

وتابع بوغدانوف قائلاً إن روسيا تُقدّر العمل المشترك في العلاقات السياسية والإنسانية والاقتصادية، مؤكداً الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة «بما يدعم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين».

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في أبريل (نيسان) من العام الماضي، بعد خلافات بين الطرفين حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلَّحة. وتسببت الحرب في ظروف إنسانية مروّعة، ونزوح الملايين داخل السودان وخارجه.


حركات مسلحة بدارفور: وقفنا إلى جانب الجيش للحفاظ على السودان من مخططات التقسيم

أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)
أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

حركات مسلحة بدارفور: وقفنا إلى جانب الجيش للحفاظ على السودان من مخططات التقسيم

أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)
أفراد من الجيش السوداني (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال تجمع فصائل سودانية يصف نفسه بأنه قوى الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية المساندة للقوات المسلحة بدارفور، اليوم (الأحد)، إنه خرج عن الحياد «للحفاظ على السودان من مخططات التقسيم والتفتيت».

وأضاف التجمع المساند للقوات المسلحة بإقليم دارفور في بيان نشرته «حركة جيش تحرير السودان» على صفحتها في «فيسبوك» اليوم: «وضعنا خطة لاستعادة المدن التي يسيطر عليها الدعم السريع... ووضعنا خريطة سياسية للتواصل مع رموز وقيادات المجتمع والمقاومة الشعبية للتعبئة العامة».

وأكد المجتمعون «التزامهم بالوقوف جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة المؤسسة الوطنية ومؤسسات الدولة الشرعية لمنع انهيار الدولة السودانية عبر العمل المدني والعسكري».

وأشار البيان الصادر عقب «ملتقى البركل لقضايا دارفور» على مدى 3 أيام، إلى أن التجمع سيتواصل مع البعثات الأجنبية والمنظمات الحقوقية «لكشف جرائم الدعم السريع»، متهماً «الدعم السريع» بالاستعانة بمرتزقة أجانب من دول الجوار الأفريقي والعربي للقتال وتلقي الدعم من دول «لتفكيك السودان».

وأكد أيضاً العمل على تعزيز العمل المشترك بين حركات الكفاح المسلح، وصولاً إلى وحدتها في المستقبل. كما شدد البيان على جملة من الأمور؛ أهمها ضرورة الانتقال المدني الديمقراطي «بعد هزيمة الميليشيا»، وفق ما نقلته وكالة «أنباء العالم العربي».

وأوضح البيان أن هذا التحرك يأتي في إطار «المسؤوليات الوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقنا جراء ما تعرضت له البلاد من تمرد ميليشيا الدعم السريع وأعوانها من المرتزقة الوافدين»، من أجل الاستيلاء على السلطة بالقوة واختطاف البلاد، بحجة شعارات التحول الديمقراطي والحكومة المدنية.

ومن بين القوى الموقعة على البيان حركة جيش تحرير السودان قيادة مناوي، وحركة العدل والمساواة السودانية، وتجمع قوى تحرير السودان، والتحالف السوداني، وحركة جيش تحرير السودان - المجلس الانتقالي، وحركة جيش تحرير السودان المجلس القيادي، وحركة تحرير السودان قيادة مصطفى تمبور.


الوكالة الأميركية للتنمية تحذر من تبعات هجوم «الدعم السريع» على الفاشر

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)
لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)
TT

الوكالة الأميركية للتنمية تحذر من تبعات هجوم «الدعم السريع» على الفاشر

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)
لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)

قالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامنثا باور، اليوم (السبت)، إن هجوم قوات الدعم السريع المحتمل على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور سيفاقم الوضع الإنساني «الكارثي» بالفعل في السودان.

وأضافت عبر حسابها على منصة «إكس»، أن الهجوم "سيؤدي على الأرجح لارتكاب فظائع ضد المدنيين في دارفور».

وأضافت: «الولايات المتحدة تدعو قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي إلى وقف التصعيد فوراً، وتدعو الدول التي لها تأثير على الجانبين لحثهما على وقف القتال والاستعداد لإجراء مفاوضات لإنهاء هذا الصراع».


السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
TT

السودان يطالب مجلس الأمن ببحث «عدوان الإمارات»

أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
أرشيفية لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

تقدم السودان بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث ما سمّاه «عدوان الإمارات على الشعب السوداني»، ومساندتها «قوات الدعم السريع» في الحرب التي تخوضها مع الجيش، حسب دبلوماسي سوداني تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية. فيما ناشدت الخارجية الإماراتية، المجلس الدولي، باتخاذ ما يلزم لإنهاء النزاع، ووصول المساعدات إلى جميع أنحاء السودان، معربةً عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في شمال دارفور.

ووفقاً لمسؤول سوداني تحدث للوكالة الفرنسية، لم تذكر اسمه، قال: «تقدّم مندوبنا الدائم لدى الأمم المتحدة، الجمعة، بطلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث عدوان الإمارات على الشعب السوداني، وتزويد الميليشيا الإرهابية بالسلاح والمعدات».

كذلك أفادت وكالة أنباء السودان (سونا) بأن مندوب الخرطوم الحارث إدريس قدم الطلب «رداً على مذكرة مندوب الإمارات للمجلس»، وشدّد على أن «دعم الإمارات لميليشيا (الدعم السريع) الإجرامية التي شنت الحرب على الدولة يجعل الإمارات شريكة في كل جرائمها».

ويتصاعد التوتر منذ أشهر بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين الإمارات العربية المتحدة. ويتهم الجيش، أبوظبي، بدعم «قوات الدعم السريع» وقائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في النزاع الذي اندلع بينهما في أبريل (نيسان) 2023.

أبوظبي ترفض الاتهامات

ورفضت أبوظبي في رسالة إلى مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، هذه الاتهامات.

وقالت إن «كافة الادعاءات المتعلقة بتورط الإمارات في أي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار في السودان، أو تقديمها لأي دعم عسكري أو لوجستي أو مالي أو سياسي لأي فصيل في السودان هي ادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أدلة موثوقة لدعمها»، وفق الرسالة التي نشرتها الخارجية الإماراتية على موقعها.

وأدت الحرب في السودان إلى مقتل الآلاف ودفعت البلاد البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 ملايين شخص، حسب الأمم المتحدة.

آثار الدمار الذي لحق بأحد البنوك جنوب الخرطوم بسبب الحرب (أ.ف.ب)

وفي ديسمبر (كانون الأول)، طلب السودان من 15 دبلوماسياً إماراتياً مغادرة البلاد، بعدما اتّهم قائد بارز في الجيش، أبوظبي، بمساندة «قوات الدعم السريع». وتزامن مع ذلك خروج مظاهرات في مدينة بورتسودان (شرق) تطالب بطرد السفير الإماراتي.

من جهته، عبرت الإمارات، السبت، عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في شمال دارفور بالسودان. ودعت الخارجية الإماراتية، في بيان، «جميع الفصائل المسلحة، بما في ذلك (قوات الدعم السريع)، والقوات المسلحة السودانية، لإنهاء القتال، والعودة إلى الحوار». وحث البيان «جميع الأطراف المتحاربة إلى الامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي واتخاذ إجراءات فورية حاسمة لتخفيف حدة التوتر وتجنّب انزلاق السودان إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار»، حسب البيان. كما دعا إلى «تعزيز الاستجابة الإنسانية الدولية وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين في السودان والدول المجاورة».

وعبّرت الخارجية الإماراتية عن قلقها البالغ إزاء تقارير بشأن «العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وارتفاع خطر المجاعة والقصف الجوي العشوائي، واستمرار معاناة وتشريد الآلاف من المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء وكبار السن».

سودانيون فروا من الصراع في دارفور أثناء عبورهم الحدود إلى تشاد في 4 أغسطس 2023 (رويترز)

وناشدت الإمارات، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، باتخاذ «ما يلزم من إجراءات لضمان إنهاء النزاع، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان»، مؤكدة «موقفها الثابت المطالب بوقف فوري لإطلاق النار وحل سياسي للأزمة، ودعمها للعملية السياسية وجهود تحقيق التوافق الوطني نحو حكومة يقودها مدنيون».

كان مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قال الجمعة إن ما لا يقل عن 43 شخصاً لقوا حتفهم في مدينة الفاشر ومحيطها بشمال دارفور جراء القتال بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ 14 أبريل (نيسان) الحالي.

مجاعة في الخرطوم

وفي الخرطوم، تنحدر الأوضاع الإنسانية من الأسوأ إلى مستويات حرجة للغاية، يخشى معها ازدياد حالات الوفيات بصورة مضطردة، حسبما أفاد بذلك عدد من النشطاء المتطوعين في توفير المساعدات الغذائية للمواطنين في الأحياء الشعبية بمدن العاصمة.

وتعاني 5 محافظات بالخرطوم تقع تحت سيطرة «الدعم السريع» من انعدام حاد في مياه الشرب والغذاء، في حين يستمر انقطاع الكهرباء وخدمات الاتصالات والإنترنت لأكثر من 10 أشهر على التوالي.

دبابة مدمرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

والأسبوع الماضي أعلنت غرفة طوارئ محلية أمبدة، شمال أم درمان، وفاة 3 أشخاص جوعاً من بينهم طفل بعد توقف الوجبات التي تقدمها المطابخ الخيرية. ووفقاً للغرفة، يفرض الجيش حصاراً شديداً على أمبدة التي تعد أكبر محلية بمدينة أمدرمان من حيث المساحة والتعداد السكاني، ويمنع التجار من إدخال المواد الغذائية إلى المنطقة بحجة وجود عناصر «الدعم السريع».

وقال المتحدث باسم غرفة جنوب الحزام، التي تضم أحياء جنوب الخرطوم، محمد كندش، إن العطش يضرب المنطقة، وإن المواطنين يصطفون في طوابير لساعات طويلة للحصول على المياه التي يتم سحبها من الآبار الجوفية، أو التوجه إلى شراء برميل من «التناكر»، ويصل سعره ما بين 7 إلى 10 آلاف جنيه سوداني، ما يعادل حوالي 7 دولارات.

وأضاف في إفادات على حساباتها بمنصات التواصل الاجتماعي أن كل الخدمات من المياه والكهرباء والاتصالات مقطوعة تماماً في جنوب الخرطوم، بالإضافة إلى الإشكالات التي يعاني منها المواطنون على المستوى الصحي. ويعيش عشرات الآلاف من المواطنين على وجبة واحدة توفرها غرف الطوارئ من الدعم المالي الذي تتلقاه من تبرعات الخيرين لشراء المواد الغذائية وتوزيعها على المواطنين في الأحياء السكنية.

مخاوف من انقطاع الاتصالات

ويخشى النشطاء من توقف خدمة الإنترنت التي تعمل بالأقمار الاصطناعية عبر أجهزة «ستار لنك»، نهاية أبريل (نيسان) الحالي، والتي تشكل الوسيلة الوحيدة المتبقية للتحويلات المالية من داخل وخارج البلاد.

وحسب غرف الطوارئ، لم تصل أي مساعدات إنسانية من التي دخلت البلاد خلال الفترة الماضية إلى الأعداد الكبيرة من المواطنين بولاية الخرطوم.

وقال مقيمون في منطقة «الحاج يوسف» بمحلية شرق النيل إنه على الرغم من توفر السلع الضرورية من السكر واللحوم والخضروات، فإن ارتفاع الأسعار فوق طاقة الشراء بالنسبة لكثير من سكان المنطقة.

مسلحون من أنصار المقاومة الشعبية الداعمة للجيش السوداني في القضارف بشرق السودان (أ.ف.ب)

وقالت المواطنة فاطمة الحاج لــ«الشرق الأوسط»، إن الكثير من المواطنين لم يعد بوسعهم إعالة أسرهم بسبب توقف أعمالهم، وعلى وجه الخصوص من يعملون في قطاع الأعمال الحرة والأسواق.

وأفاد عدد من المواطنين بأحياء «الوحدة» و«التكامل» و«دار السلام» بـ«الحاج يوسف»، تحدثوا للصحيفة، بأن كل الأموال التي بحوزتهم نفدت تماماً، وأنهم اضطروا لبيع أثاثات منازلهم وحتى هواتفهم الجوالة لتوفير ثمن «الطعام».

وقال حامد الحاج جاد الله (55 عاماً) يعمل في بناء المنازل: «منذ اندلاع الحرب، لم أحصل على عمل، وكذلك أبنائي فقدوا كل وظائفهم». وأضاف: «نعيش على الكفاف ومساعدة الأهل بما يرسلونه لنا من مصاريف».

وكشف أحدث تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، السبت، عن مستويات مثيرة للقلق من انعدام الأمن الغذائي.

وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإنابة، ثائر الشريدة: «نحاول التركيز على المناطق (الساخنة)، وأن 70 في المائة من السودانيين النازحين داخلياً ذهبوا إلى مدن السودان الأخرى الآمنة، ونسعى لتوفير الخدمات الأساسية التي من شأنها الحفاظ على التماسك الاجتماعي». وأشار المسؤول الأممي إلى أن الأزمة الإنسانية في اتساع مقارنة بالعام الماضي، وأن البرنامج بحاجة إلى مزيد من الجهد مع الجهات المانحة لتعزيز القدرة على الصمود والتعافي كجزء من استجابتنا الإنسانية. ووفق وكالات الأمم المتحدة، نصف سكان السودان في «حاجة ماسة» إلى المساعدات الإنسانية.