هل توقفت جهود الوساطة المصرية للتهدئة في غزة؟

بعد تأكيد بايدن عدم اتفاقه مع بعض قيادات تل أبيب

دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هل توقفت جهود الوساطة المصرية للتهدئة في غزة؟

دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

رغم الدعم «غير المحدود» الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل لتواصل عملياتها العسكرية في قطاع غزة؛ فإن الرئيس الأميركي جو بايدن ألمح إلى وجود «خلافات» في العلاقة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مشيراً إلى أنه كان لكل منهما نصيبه من الخلافات على مر السنين وفي الوقت الحالي.

تصريحات بايدن جاءت خلال حفل استقبال بالبيت الأبيض، مساء الاثنين، بمناسبة عيد يهودي، وأشار فيها إلى أن إسرائيل في «موقف صعب، ولديّ خلافات مع بعض القيادات الإسرائيلية»، وهو ما عده مراقبون «إشارة مهمة» يُمكن أن تكون مؤشراً إلى بدء العد التنازلي للمهلة الأميركية لإسرائيل لوقف عملياتها في قطاع غزة، وفتح المجال أمام «مفاوضات جادة» تقودها الوساطة المصرية - القطرية تُفضي إلى «هدنة إنسانية وتبادل جديد للأسرى بين إسرائيل وحركة (حماس)».

الجيش الإسرائيلي يفرض قيوداً صارمة على القوافل الطبية في قطاع غزة (رويترز)

تأكيدات حاسمة

إشارة الرئيس الأميركي إلى «خلافات» مع قيادات إسرائيلية، رافقتها كذلك تأكيدات حاسمة بشأن قوة الدعم المقدم من واشنطن إلى تل أبيب؛ إذ شدد بايدن على أنه بغض النظر عن الخلافات مع القيادة الإسرائيلية، فإن «التزامه» تجاه «الدولة اليهودية المستقلة لا يتزعزع»، مضيفاً أن المساعدة لإسرائيل «ستستمر حتى تتم هزيمة (حماس)»، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن الرأي العام «قد يمر بتحول خطير على أمن إسرائيل».

وأضاف بايدن أن الولايات المتحدة «ستواصل العمل من أجل تحرير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة وتسريع تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، والتأكيد لأصدقائنا الإسرائيليين على أننا بحاجة إلى حماية حياة المدنيين».

في المقابل، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأن واشنطن وتل أبيب «تختلفان بشأن المرحلة اللاحقة للحرب في غزة». وقال نتنياهو، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل في أهدافها المتمثلة في القضاء على «حماس» واستعادة المحتجزين لدى الحركة الفلسطينية، لكنه أشار إلى أن الحليفتين «تختلفان بشأن المرحلة اللاحقة للحرب في غزة».

تباينات في الرأي

من جانبه، أشار خبير الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سعيد عكاشة، إلى صعوبة الحديث عن «خلافات» بين الإدارة الأميركية وبين الحكومة الإسرائيلية، لكن ثمة «تباينات» في الرأي حول بعض القضايا المتعلقة بإدارة الحرب، والأهداف التي تسعى حكومة نتنياهو لتحقيقها. وأضاف عكاشة لـ«الشرق الأوسط» أن تلك «التباينات» سابقة على اندلاع الحرب الراهنة، إلا أنه يصعب تصور أن «تؤدي إلى ممارسة الإدارة الأميركية ضغوطاً كبيرة على تل أبيب لوقف إطلاق النار، وإلا ما استخدمت واشنطن (الفيتو) في مجلس الأمن لإفساح المجال أمام إسرائيل لاستكمال عملياتها في القطاع».

الخبير في الشؤون الإسرائيلية أشار في الوقت ذاته إلى أن تلك «التباينات» قد تكون مؤشراً إلى رغبة الولايات المتحدة «في الانتقال إلى مرحلة تالية بفتح المجال أمام هدنة إنسانية تتضمن اتفاقاً لتبادل الأسرى من الجانبين، باعتبار ذلك هدفاً لم يتحقق بالعمل العسكري، بل تم فقط عبر الوساطة المصرية - القطرية»، لافتاً إلى أن وجود «تباينات» في وجهات النظر لا يعني عدم قدرة واشنطن على الضغط على تل أبيب، فالولايات المتحدة تبقى هي «الوحيدة القادرة على التحكم في القرار الإسرائيلي».

أشخاص يشاهدون من فوق أحد الأسطح قصفاً إسرائيلياً بالقرب من رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

حق النقض

واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) الأسبوع الماضي، لعرقلة إصدار مجلس الأمن قراراً بوقف إطلاق النار في غزة، وهي المرة الثانية منذ اندلاع القتال بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي تستخدم فيها واشنطن «الفيتو» للحيلولة دون التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، رغم ما تواجهه إدارة بايدن في الداخل الأميركي وعلى الساحة الدولية من انتقادات بسبب دعمها المطلق لإسرائيل، وتمسكها بما تسميه «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، بحسب مراقبين.

في حين وصف سفير فلسطين السابق في القاهرة، بركات الفرا، الحديث عن خلافات أميركية - إسرائيلية بأنه «أمر قد يحمل مبالغة في التقييم»، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية الحالية قدمت لإسرائيل دعماً «غير مسبوق» على مختلف الأصعدة. وأضاف الفرا لـ«الشرق الأوسط» أن حجم الدعم العسكري والسياسي والغطاء الدبلوماسي الذي وفرته الولايات المتحدة لإسرائيل كي تواصل «حرب الإبادة الجماعية» في قطاع غزة، «يجعل من واشنطن شريكاً في تلك الحرب»، وبالتالي فإنها «ربما تحاول التخفيف من حدة الانتقادات التي تواجهها الإدارة في الداخل الأميركي، وحتى في أروقة الحزب الديمقراطي، قبيل دخول عام الانتخابات».

شاحنات محملة بالمساعدات خلال عبورها من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة (الهلال الأحمر المصري)

الاتصالات المصرية - القطرية

وأعرب سفير فلسطين السابق في القاهرة عن اعتقاده بأن الاتصالات المصرية - القطرية من أجل الوساطة لإقرار هدنة إنسانية «لم تتوقف»، رغم كل العراقيل الإسرائيلية والانسحاب من آخر جولات التفاوض قبل كسر الهدنة، مشيراً إلى أن «التفاوض سيكون هو المرحلة التالية، في ظل عجز الإسرائيليين عن تحقيق أي إنجاز حقيقي سوى قتل المزيد من المدنيين».

وكانت مصر وقطر قد أكدتا عقب عدم تمديد الهدنة التي جرى التوصل إليها في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بوساطة مصرية - قطرية - أميركية، ولم تصمد سوى أسبوع واحد، أنهما «ستواصلان السعي من أجل التوصل إلى هدنة جديدة، وسط تفاقم للأزمة الإنسانية في قطاع غزة».

وانسحبت إسرائيل في وقت سابق من اجتماعات أمنية رفيعة المستوى استضافتها العاصمة القطرية الدوحة، وشارك فيها رؤساء أجهزة الاستخبارات في مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، إضافة لمسؤولين قطريين لبحث سبل تمديد الهدنة. وحذر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بالانسحاب من الحكومة إذا ما تم تمديد الهدنة، «واشترطت إسرائيل إطلاق سراح كل المحتجزين لدى (حماس) وتسليم قادة الحركة أنفسهم للجيش الإسرائيلي لوقف القتال». في المقابل، أعلنت «حماس» أنها لن تخوض أي مفاوضات جديدة «إلا إذا أوقف العدو (الإسرائيلي) عدوانه بشكل تام، وانسحبت قواته من كامل قطاع غزة».


مقالات ذات صلة

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

العالم العربي أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي على اليمين صورة لمريم إبراهيم قبل الإصابة في الحرب... ويساراً صورة لها بعد الإصابة (وسائل إعلام محلية - إ.ب.أ)

نجاح عملية معقّدة لفتاة فقدت جزءاً من جمجمتها في حرب غزة

نجت فتاة من غزة كانت تعاني من إصابة في جمجمتها، جراء شظية إسرائيلية، بعد جراحة تمت لها في الأردن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات حول التنفيذ.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي فلسطينيون أمام معبر رفح من جهة قطاع غزة في نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

معبر رفح وجبهتها يُسخّنان ملف غزة

أعاد خلاف مصري – إسرائيلي حول فتح معبر رفح وهجوم لمسلحين يُرجح أنهم من «حماس» ضد قوات جيش الاحتلال في الجبهة ذاتها، تسخين ملف غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة – تل أبيب) محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي أطفال فلسطينيون يستدفئون بالنار في خان يونس (رويترز) play-circle 00:36

5 قتلى وعشرات المصابين في غارات إسرائيلية على خان يونس

قُتل 5 فلسطينيين على الأقل وأصيب آخرون، مساء الأربعاء، في قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على جنوب وشرق قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
TT

مسيرة جديدة في تونس للمطالبة بـ«إطلاق الحريات»

تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتة كُتب عليها «المعارضة ليست جريمة» (أ.ف.ب)

خرج متظاهرون يمثلون مختلف التيارات السياسية، السبت، في مسيرة جديدة وسط العاصمة تونس للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفع القيود عن الحريات، وفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الأنباء الألمانية». وتأتي المظاهرة الثالثة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة لزيادة الضغط على السلطات، بعد حملة إيقافات لمعارضين وأحكام قضائية مشددة في قضية «التآمر على أمن الدولة».

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة التونسية السبت (أ.ف.ب)

وتجمع المتظاهرون، ومن بينهم عائلات المعتقلين، في ساحة بمنطقة «باب الخضراء»، ورفعوا صور السياسيين الموقوفين في السجون. مرددين: «لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب»، و«حريات حريات دولة البوليسوفات (انتهت)»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و «المعارضة ليست جريمة» و«الحرية لتونس»، كما حملوا صور عشرات القادة والنشطاء المعتقلين، وقال يوسف الشواشي، شقيق السياسي المعارض والوزير السابق غازي الشواشي الموقوف في قضية التآمر، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «لم تعد لنا ثقة في القضاء، ولا مؤسسات الدولة. لم يبق لنا غير الشارع للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين».

المسيرة الجديدة وسط العاصمة تونس طالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ورفع القيود عن الحريات (أ.ف.ب)

وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت قبل أيام أغلب الأحكام، التي صدرت ضد العشرات من السياسيين ورجال الأعمال والنشطاء الموقوفين، منذ فبراير (شباط) 2023 في قضية التآمر على أمن الدولة، في جلسات محاكمة لقيت انتقادات من المعارضة ومنظمات حقوقية. ووصلت تلك الأحكام في أقصاها إلى السجن مدة 45 عاماً، وأعقبتها إيقافات طالت زعيم «جبهة الخلاص الوطني» السياسي البارز، أحمد نجيب الشابي (82 عاماً) والمحامي العياشي الهمامي، والناشطة السياسية شيماء عيسى، لتطبيق عقوبات سجنية بحقهم. وتتهم السلطة الموقوفين بمحاولة قلب نظام الحكم وتفكيك مؤسسات الدولة، بينما تتهم المعارضة النظام القائم بتلفيق تهم سياسية إلى السجناء وإخضاع القضاء إلى أوامره. من جهته، قال الناشط في المجتمع المدني، مسعود الرمضاني، خلال مشاركته في مسيرة اليوم إن التحركات السلمية «هي السبيل الوحيد لفرض إرادة الناس. الوضع تعيس، ووصل إلى مرحلة خطيرة على مستوى الحريات، وحتى على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية». وتابع الرمضاني مشدداً على ضرورة أن يتحرك الشعب «للمطالبة بحقوقه التي أتت بها الثورة، والحق في أن يكون له مجتمع مدني وحياة سياسية. برنامج السلطة الحالية هو القضاء على المجتمع المدني والأحزاب والعودة إلى ما قبل الثورة». وتتصاعد موجة الاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيد، وسط اتهام منظمات حقوقية له باستخدام القضاء والشرطة لقمع المعارضين، وترسيخ حكم فردي استبدادي، وهي اتهامات ينفيها الرئيس سعيد.

وأمس، الجمعة، دعت عدة مكونات سياسية ومدنية معارضة إلى تنظيم مسيرة اليوم، تحت شعار «المعارضة ليست جريمة».

وجاء في نص الدعوة أنه «لا يمر أسبوع دون أن تشهد البلاد سلسلة من الاعتقالات والمحاكمات والتضييقات، آخرها اعتقال المعارضين السياسيين شيماء عيسى والعياشي الهمامي، وأحمد نجيب الشابي بعد صدور الأحكام النهائية في قضية (التآمر)».

الناشطة السياسية شيماء عيسى (أ.ف.ب)

وأكد الداعون أن «رواية (المؤامرة) تحولت إلى أداة للهيمنة والشيطنة، يستخدمها النظام الحالي لقمع معارضيه، والزج بهم في السجون، وتثبيت حكم فردي استبدادي بالقوة والعقاب، بينما فشل النظام في مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية التي تعيشها البلاد».

وشدّدت هذه المكونات على أن «الوضع القاتم الذي يسعى النظام لفرضه عبر العقاب والتخويف، لا يمكن مواجهته إلا بمواصلة النضال المدني والسياسي الديمقراطي، والتمسك بحق التعبير عن المعارضة، الذي يحاول النظام تجريمه بالسجون والمحاكم».

ودعت المكونات المعارضة إلى «مسيرة ضد الظلم وضد تجريم العمل السياسي المعارض»، للتأكيد على حق المواطنين في التظاهر السلمي والمطالبة بالحرية والعدالة.


توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
TT

توجيه رئاسي بـ«عقوبات مشددة» للمتورطين في «الغش» بامتحانات «الثانوية المصرية»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه وزير التربية والتعليم في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي السبت (الرئاسة المصرية)

وجَّه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بـ«تشديد العقوبات المُوقَّعة على مَن يثبت تورطهم في الغش بامتحانات الثانوية العامة»، في خطوة تستهدف ضمان تأمين منظومة الامتحانات مع استحداث نظام «البكالوريا» الذي يتم تطبيقه للمرة الأولى على المرحلة الثانوية هذا العام.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن السيسي «شدَّد على ضرورة التعامل بحزم مع حالات الغش في (الثانوية)»، وذلك خلال اجتماع عقده، السبت، مع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف.

وتواجه وزارة التربية والتعليم المصرية انتقادات عدة؛ نتيجة استمرار وقائع «الغش» و«تسريب الامتحانات»، ولم تعلن الوزارة خلال امتحانات العام الماضي أعداد الطلاب الذين تمَّ ضبطهم بتهمة «الغش»، غير أنها أعلنت في امتحانات الثانوية العامة عام 2024 إحالة 425 طالباً إلى جهات التحقيق؛ بسبب مخالفة قانون أعمال الامتحانات، بعد أن تم عمل محاضر غش لهم خلال أدائهم الامتحانات.

وخلال السنوات الماضية تمكَّنت «جروبات للغش» عبر تطبيقات عدة، من بينها «تلغرام»، من نشر أوراق الامتحانات خلال خوضها أو قبلها، وتعلن «التربية والتعليم» إحالة عدد من الطلاب للتحقيق، في بيانات رسمية تصدرها عقب الانتهاء من كل امتحان.

وفرض قانون «مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات» عقوبات مغلظة على جرائم الغش أو الشروع فيه، وتصل العقوبة إلى «الحبس سنتين ولا تزيد على 7 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية) ولا تزيد على 200 ألف جنيه على كل مَن طبع أو نشر أو أذاع أو روَّج، بأي وسيلة، أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بالنظام العام للامتحانات».

ويُعاقَب على الشروع في ارتكاب الغش بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وهي عقوبات يتم تطبيقها على المشاركين في أعمال الامتحانات وليس الطلاب.

في حين يعاقب القانون الطالب الذي يرتكب غشاً أو شروعاً فيه بالحرمان من أداء الامتحان في الدور الذي يؤديه والدور الذي يليه من العام ذاته، ويعدّ راسباً في جميع المواد، وفي حالة الامتحانات الأجنبية يُحرَم الطالب من أداء امتحانات المواد اللازمة للمعادلة وفقاً للنظام المصري دورَين متتاليَين.

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية داخل إحدى المدارس (وزارة التربية والتعليم)

عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري (البرلمان)، جيهان البيومي، أكدت أن «تغليظ العقوبات على الطلاب والتأكد من تطبيق القانون يعدّ أمراً مهماً للحد من ظاهرة الغش في امتحانات الثانوية العامة، والمشكلة تبدو على نحو أكبر تجاه اللوائح التنفيذية لقوانين مكافحة الغش، التي يترتب عليها قصور في إحالة أي طالب تورط في الغش للتحقيقات وعمل محضر فوري له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن التوجيهات الرئاسية تستهدف الحدَّ من السلوكيات السلبية داخل لجان الامتحانات، والتأكيد على ضرورة تفعيل العقوبات مع بدء تطبيق منظومة «البكالوريا» لأول مرة هذا العام.

وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية تطبيق منظومة «البكالوريا» بشكل اختياري على طلاب المرحلة الثانوية هذا العام، وهي نظام تعليمي يمتد لـ3 سنوات يركز على تنويع المسارات التعليمية والتقييم المستمر مع فرص امتحانية متعددة (بما فيها فرص تحسين المجموع).

واستعرض وزير التربية والتعليم خلال لقائه الرئيس السيسي، مزايا منظومة «البكالوريا» مشيراً إلى «أن هذا النظام ينهي امتحان الفرصة الواحدة في نظام الثانوية العامة»، موضحاً «ازدياد إقبال الطلبة على نظام (البكالوريا)، حيث تجاوزت نسبة الالتحاق به في العام الدراسي الحالي 90 في المائة من إجمالي عدد طلاب المرحلة الأولى من الثانوية».

ووجَّه السيسي بـ«فرض الانضباط وترسيخ القيم الأخلاقية والإيجابية داخل المنظومة التعليمية، وعدم التهاون في هذا الأمر، مع اتخاذ إجراءات محاسبة عاجلة وحاسمة تجاه أي تجاوز أو انفلات».

وأكد خبير التعليم والاستشاري في «استراتيجية التعليم والتحول الرقمي»، تامر عبد الحافظ، أن العقوبات التي تقرها وزارة التربية والتعليم بشأن «الغش» تكفي لضبط منظومة الامتحانات، وأن التركيز يمكن أن ينصب بشكل أكبر على إجراءات عقد الامتحانات وتدريب المراقبين والملاحظين على مواجهة أساليب الغش الحديثة، وتدشين حملات توعية وطنية لأولياء الأمور والطلاب بخطورة هذه الممارسات على المجتمع بوجه عام.

وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود أنظمة إحصائية لمراجعة درجات الطلاب، والتيقن ما إذا كانت نتيجة لمحاولات غش أم بمجهودهم الفردي، يمكن أن تستفيد منها وزارة التربية والتعليم، وفي حال ثبوت «الغش» فإنه يمكن إلغاء الامتحان بوجه عام أو إلغاؤه في بعض اللجان ومعاقبة المتورطين في تلك المخالفات.

وفي كل عام تحدد وزارة التربية والتعليم المصرية قائمة من المحظورات خلال فترة أداء امتحانات الثانوية العامة، ومنها عدم اصطحاب أجهزة التابلت والهواتف المحمولة إلى لجان الامتحانات، وإن كانت مغلقة، وعدم ارتداء ساعات ذكية أو سماعات لاسلكية (بلوتوث).


ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: عمليات إجلاء وتحذيرات رسمية للمواطنين من سيول محتملة

تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)
تصريف مياه الأمطار في العاصمة طرابلس (وكالة الأنباء الليبية)

تشهد عدة مناطق في ليبيا أحوالاً جوية صعبة نتيجة الأمطار الغزيرة، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ضربت مدن الشرق والغرب، فيما أجلت الجهات العسكرية والأمنية والإغاثية عائلات متضررة، وسط دعوات رسمية للمواطنين بتوخي الحذر، والابتعاد عن مجاري السيول.

وأجلت الوحدة البحرية للضفادع البشرية، التابعة للقوات الخاصة بالجيش الوطني، مساء الجمعة، عائلات عالقة في بعض أحياء مدينة بنغازي التي غمرتها مياه الأمطار، بالإضافة إلى فرق مديرية أمن بنغازي وفرق الهلال الأحمر الليبي، التي أجلت أيضاً عدداً من العائلات من منازلها في منطقة الكيش القديم، بعد تسرب مياه الأمطار التي ارتفع منسوبها.

عناصر عسكرية مشاركة فى إجلاء العالقين بسبب أمطار بنغازي (إعلام محلي)

وقال المسئول بجهاز الإسعاف والطوارئ بالمنطقة الشرقية، أنور صالح، إن الجهات الأمنية والإغاثية نقلت الأسر المتضررة إلى أماكن أكثر أماناً، لافتاً إلى إجلاء 6 عائلات من منزل واحد نتيجة ارتفاع منسوب المياه. فيما أعلنت مديرية أمن بنغازي الكبرى إخراج عدد من العائلات من منازلهم إلى مواقع أكثر أماناً، تحسّباً لأي طارئ قد يُهدد سلامتهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة وفرق الطوارئ.

وأظهرت مقاطع مصورة متداولة معاناة عدد من العائلات في المنطقة من دخول مياه الأمطار إلى منازلهم؛ حيث شهدت عدة شوارع بمدينة بنغازي ارتفاعاً ملحوظاً في منسوب مياه الأمطار جرّاء التقلبات الجوية. كما استجابت دوريات جهاز الحرس البلدي لبلاغات سكان حي الشعبية بمنطقة توكرة شرق المدينة.

وطبقاً لمسؤول الإعلام بجهاز الحرس البلدي، العقيد صلاح الساحلي، فقد باشرت دوريات الجهاز بالتعاون مع هيئة السلامة الوطنية وشركة المياه والصرف الصحي، التعامل مع مياه الأمطار التي غمرت بعض البيوت والشوارع بالمنطقة، مشيراً إلى إجراء عمليات الشفط للمياه لضمان وصول الخدمات، وتقديم الدعم للعائلات المتضررة.

غرق مناطق في بنغازي (وسائل إعلام محلية)

وبسبب غرق عدد من مناطق مدينة بنغازي، وإغلاق الطرق السريعة، بالإضافة إلى تضرّر مداخل عدد من المدارس وامتلائها بالمياه، بما يعوق دخول الطلبة، أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة «الاستقرار» تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الطلبة، وحرصاً على حمايتهم من أي مخاطر صحية أو بيئية.

بدورها، أعلنت وزارة الكهرباء بالحكومة، إعادة التيار الكهربائي إلى 3 مناطق في مدينة بنغازي، بعد انقطاع بسبب العواصف المطرية، التي تسببت في أضرار وأعطال واسعة في الشبكة.

وكررت وزارة الموارد المائية تحذيراتها لمستخدمي الطرق من المخاطر الناتجة عن الأمطار الغزيرة التي هطلت على عدد من المناطق، وما خلّفته من تجمعات كبيرة للمياه وسط الطرق وعلى أطرافها، ولا سيما في الطرق السريعة خارج المدن، وكذلك داخل مدينة بنغازي، مشيرة إلى أنها لاحظت أوضاعاً قد تُشكّل خطورة مباشرة على مستخدمي الطرق.

وطالبت المواطنين بتوخي أقصى درجات الحيطة والحذر والالتزام بالتعليمات، والابتعاد عن مواقع تجمع المياه حفاظًا على سلامتهم. كما دعت الوزارة إلى تجنب الأودية وتقليل السرعة على الطرقات، مشيرة إلى أنه من المتوقع سقوط أمطار متوسطة إلى غزيرة على الساحل من سرت حتى مساعد، حتى يوم الثلاثاء المقبل.

وكانت الوزارة قد حذرت مستخدمي الطرق الممتدة من أجدابيا حتى المخيلي من التقلبات الجوية الشديدة التي قد تترافق مع هطول أمطار غزيرة، وجريان السيول، وانخفاض مستوى الرؤية. لكنها طمأنت المواطنين بأن السدود في المناطق التي تشهد تقلبات جوية آمنة تماماً، ولا تُشكل أي خطر، مؤكدة أن كميات المياه الواردة إليها من الأمطار تحت السيطرة.

ونقلت «وكالة الأنباء الليبية» عن مدير إدارة السدود أن الجريان المسجل في الوديان يقع على الطرق الرئيسية، ولا علاقة له بالسدود.

شفط مياه الأمطار في عدد من أحياء طرابلس (شركة المياه)

بدوره، أعلن «جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة»، التابع لحكومة «الاستقرار»، رفع درجة حالة الطوارئ القصوى في جميع الوحدات والأجهزة الأمنية والخدمية، مشيراً إلى تسيير الدوريات وتقديم المساندة والدعم اللوجيستي والتنسيقي لجميع الأجهزة الأمنية والخدمية لضمان حماية المواطنين، وتوفير كل ما يلزم خلال هذه الظروف.

كما رفعت الهيئة الليبية للإغاثة والمساعدات الإنسانية درجة الطوارئ إلى المستويات القصوى في كل فروعها بمختلف المدن، وأكدت أن فرقها الميدانية وفرق الاستجابة السريعة باشرت تنفيذ خطط الطوارئ المعتمدة للتعامل مع أي أضرار محتملة، مع رفع الجاهزية لتقديم الدعم والإغاثة للأسر المتضررة، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

ودعت الهيئة المواطنين إلى توخي الحيطة، ومتابعة تعليمات السلامة الصادرة عن الجهات المختصة، مؤكدة استمرارها في متابعة الأوضاع أولاً بأول حتى انتهاء الظروف الجوية الحالية

في المقابل، أصدرت وزارة الموارد المائية بحكومة «الوحدة المؤقتة»، تحذيراً مماثلاً من تقلبات جوية تشهدها البلاد، استناداً إلى توقعات المركز الوطني للأرصاد الجوية. وأوضحت الوزارة أن التوقعات تُشير إلى أجواء باردة على مختلف مناطق البلاد، مع استمرار فرصة هطول أمطار من حين لآخر على مناطق الشمال الغربي، ما قد يؤدي إلى تجمع المياه في الأماكن المنخفضة.

ودعت المواطنين إلى توخي الحيطة والحذر والابتعاد عن مجاري الأودية، والمناطق المعرضة لتجمع المياه، واتباع الإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وبدأت فرق الشركة العامة للمياه والصرف الصحي إزالة مياه الأمطار المتراكمة في عدد من المناطق بالعاصمة طرابلس، لتحسين الظروف البيئية، والتخفيف من الأضرار الناتجة عن الأمطار الغزيرة.

وأوضحت الشركة أن قسم خدماتها في غرب طرابلس تعامل مع تجمعات المياه في عدة مناطق، بما في ذلك تشغيل مضخة ثابتة لنزح المياه المتراكمة في منطقة السراج، بهدف تسهيل حركة المركبات، وفتح المسارات أمام حركة المرور.

وأظهرت لقطات مصوّرة لوسائل إعلام محلية محاولات قوة العمليات المشتركة إنقاذ الأسر العالقة في سياراتها جرّاء الأمطار الغزيرة، التي أغرقت شوارع مدينة مصراتة بغرب البلاد.