وفد أميركي إلى القاهرة لبحث تسهيل تدفق المساعدات لغزة

قوافل إغاثية من السعودية والإمارات والكويت تصل إلى مطار العريش

تفريغ شحنة طائرة إغاثة سعودية مقدمة لغزة لدى وصولها الخميس مطار العريش في مصر (إ.ب.أ)
تفريغ شحنة طائرة إغاثة سعودية مقدمة لغزة لدى وصولها الخميس مطار العريش في مصر (إ.ب.أ)
TT

وفد أميركي إلى القاهرة لبحث تسهيل تدفق المساعدات لغزة

تفريغ شحنة طائرة إغاثة سعودية مقدمة لغزة لدى وصولها الخميس مطار العريش في مصر (إ.ب.أ)
تفريغ شحنة طائرة إغاثة سعودية مقدمة لغزة لدى وصولها الخميس مطار العريش في مصر (إ.ب.أ)

تزامناً مع وصول قوافل إغاثية من المملكة العربية السعودية، والإمارات، والكويت إلى مطار العريش. قالت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، إن وفداً أميركياً سيزور مصر؛ للإعراب عن «تقدير واشنطن لدور القيادة المصرية في دعم وصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين عبر معبر رفح».

ووفق إفادة لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية بمصر، الخميس، فإن «الخارجية الأميركية» ذكرت في بيان لها أن «الوفد الأميركي الذي تترأسه وكيلة وزارة الخارجية للأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان، عزرا زيا، سوف يلتقي خلال زيارته للقاهرة مع مسؤولين مصريين وممثلي وكالات الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى؛ لمناقشة الشراكة المستمرة في تسهيل التدفق السريع والمستدام للمساعدات إلى غزة».

مساعدات إغاثية

ووصلت إلى مطار العريش الدولي، الخميس، الطائرة الإغاثية السعودية الأولى، التي تحمل على متنها مساعدات إغاثية متنوعة شملت مواد غذائية وإيوائية بوزن إجمالي يبلغ 35 طناً، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين داخل قطاع غزة. وذكرت «وكالة أنباء العالم العربي» أن الطائرة الإغاثية السعودية الأولى تأتي ضمن الحملة الشعبية لإغاثة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة، والتي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

ووفق الوكالة: «كان في مقدمة مستقبلي الطائرة، الخميس، نائب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر، عبد الرحمن بن سالم الدهاس، والقنصل العام السعودي في السويس، خالد بن عالي الشمراني»، مضيفة أن «هذه المساعدات تعد امتداداً لدعم المملكة لفلسطين في شتى القطاعات الإنسانية والإغاثية، وتجسيداً للدور الإنساني الكبير الذي تقوم به المملكة عبر ذراعها الإنسانية (مركز الملك سلمان للإغاثة) تجاه الدول الشقيقة والصديقة في مختلف الأزمات والمحن».

متطوعون يتولون تفريغ شحنة إغاثية سعودية مقدمة لغزة الخميس بمطار العريش في مصر (إ.ب.أ)

كما أرسلت دولة الإمارات العربية، الخميس، طائرة تحمل على متنها 25 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية المتنوعة إلى العريش، تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، بالتنسيق مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة. كما وصلت إلى مطار العريش أيضاً طائرة إغاثية من الكويت محملة بمساعدات ومواد طبية مكونة من ثلاث سيارات إسعاف و32 طناً من المواد الإغاثية و14 طناً من المساعدات الغذائية.

وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية للإغاثة، إبراهيم الصالح، «مواصلة تقديم المساعدات الإغاثية بصورة عاجلة استجابة للأوضاع الإنسانية الصعبة للفلسطينيين في قطاع غزة جراء الاعتداءات الإسرائيلية».

احتياجات غزة

وفي السياق ذاته، أفاد «الهلال الأحمر الفلسطيني»، الخميس، بأن «طواقمه تسلمت (مساء الأربعاء) 106 شاحنات من (الهلال الأحمر المصري) مُحملة بالمساعدات». وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نيبال فرسخ، إن الشاحنات تحتوي على غذاء وماء ومساعدات إغاثية ومُستلزمات طبية وأدوية. وأكد أمين عام «الهلال الأحمر المصري» بشمال سيناء، رائد عبد الناصر، أن «عدد الشاحنات التي دخلت إلى غزة حتى (صباح الخميس) 756 شاحنة». وأشار في بيان لـ«الهلال الأحمر المصري» إلى أن «55 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية وطبية توجهت، الخميس، إلى معبر العوجة التجاري الحدودي مع إسرائيل؛ لإنهاء إجراءات التفتيش ثم العودة مرة أخرى إلى معبر رفح لتسليمها إلى (الأونروا) و(الهلال الأحمر الفلسطيني)، مساء الخميس».

قوافل مساعدات مصرية في طريقها للمرور من معبر رفح (الهلال الأحمر المصري)

وذكر وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن «مصر قدمت مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة منذ اندلاع الحرب بلغت نحو 5400 طن من المساعدات، وذلك رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد». وأوضح شكري خلال كلمته في «مؤتمر باريس الدولي» بشأن الأوضاع في غزة، الخميس، أن «ما تم إدخاله من مساعدات حتى الآن لا يكفي على الإطلاق الاحتياجات المدنية في غزة، كما أن الإجراءات المعقدة والمتعمدة التي تفرضها إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية، إنما تفاقم من الأوضاع المتدهورة في القطاع وتثير الشكوك حول أهدافها».

علاج الجرحى

وعلى الصعيد الطبي، قال وزير الصحة والسكان المصري، خالد عبد الغفار، إن السلطات الصحية المصرية «تبذل كافة سبل الدعم الممكنة لتقديم المساعدات والرعاية الطبية الفورية للمصابين والجرحى الفلسطينيين القادمين عبر معبر رفح».

وأكد عبد الغفار، الخميس، خلال جلسة الإحاطة الافتراضية الوزارية التي نظمها المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط؛ لمناقشة المستجدات في غزة وسبل توصيل المساعدات الإنسانية للقطاع، «استمرار استقبال المزيد من الجرحى والمصابين عبر معبر رفح بشكل يومي من خلال تقديم الخدمات التشخيصية الدقيقة والخدمات العلاجية اللازمة لهم داخل المستشفيات المصرية»، مؤكداً «أهمية تضامن المجتمع الدولي لدعم الدولة الفلسطينية والفلسطينيين في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات الحاسمة لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة لهم».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
TT

القاهرة تعزز مشاركتها في قوات حفظ السلام بأفريقيا

بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

تأكيدات مصرية على لسان وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، بشأن «الدور النبيل» الذي تقوم به القوات المصرية ضمن بعثات حفظ السلام عبر «تعزيز السلم والأمن» في أفريقيا، وأنها تعكس «الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في القارة السمراء».

تصريحات وزير الخارجية جاءت خلال زيارته للكتيبة المصرية ضمن قوات حفظ السلام في الكونغو الديمقراطية، التي تأتي أيضاً قبيل أسابيع من مشاركة جديدة مرتقبة مطلع العام المقبل في الصومال ضمن قوات حفظ سلام أفريقية، وسط تحفظات إثيوبية التي أعلنت مقديشو استبعاد قواتها رسمياً، وأرجعت ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الزيارة المصرية للقوات التي يمر على وجودها نحو 25 عاماً، تعد بحسب خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تأكيداً على «الحضور المتنامي للقاهرة، وتعزيزاً لمشاركاتها بالقارة السمراء»، مستبعدين أن تتحول أي تحفظات إثيوبية تجاه الوجود المصري بمقديشو لمواجهات أو تصعيد عسكري.

وبحسب ما كشفته «الخارجية المصرية» في أواخر مايو (أيار) 2024، «فمنذ عام 1960، عندما أرسلت مصر قواتها إلى عمليات الأمم المتحدة في الكونغو، خدم ما يزيد على 30 ألفاً من حفظة السلام المصريين في 37 بعثة لحفظ السلام في 24 دولة، وبصفتها واحدة من كبريات الدول التي تسهم بقوات نظامية في عمليات حفظ السلام، تنشُر مصر حالياً 1602 من حفظة السلام من النساء والرجال المصريين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان والصحراء الغربية».

ووفق تقديرات نقلتها «هيئة الاستعلامات» المصرية الرسمية، منتصف يونيو (حزيران) 2022، تسترشد مصر في عمليات حفظ السلام بثلاثة مبادئ أممية أساسية، وهي «موافقة الأطراف والحياد، وعدم استعمال القوة إلا دفاعاً عن النفس، ودفاعاً عن الولاية».

بدر عبد العاطي يصافح كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في حفظ السلام بالكونغو (الخارجية المصرية)

وتاريخياً، شاركت مصر في قوات حفظ السلام بأفريقيا في «الكونغو أثناء فترة الحرب الأهلية من 1960 إلى 1961، ثم من نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، وكوت ديفوار لمساعدة الأطراف الإيفوارية على تنفيذ اتفاق السلام الموقع بينهما في يناير (كانون الثاني) 2003، والصومال في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) 1992 إلى فبراير (شباط) 1995، وأفريقيا الوسطى من يونيو 1998 إلى مارس (آذار) 2000، وأنغولا من 1991 وحتى 1999، وموزمبيق من فبراير 1993 إلى يونيو 1995، وجزر القمر من 1997 وحتى 1999، وبوروندي منذ سبتمبر (أيلول) 2004، وإقليم دارفور بالسودان منذ أغسطس (آب) 2004».

وضمن متابعة مصرية لقواتها، التقى بدر عبد العاطي، الجمعة، مع أعضاء كتيبة الشرطة المصرية المُشاركة في مهام حفظ السلام ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ الاستقرار في الكونغو الديمقراطية خلال زيارته التي بدأت الخميس، واستمرت ليومين إلى العاصمة كينشاسا، لتعزيز التعاون بكل المجالات، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وقال عبد العاطي إن «مصر إحدى كبرى الدول المساهمة في قوات حفظ السلام الأممية»، مؤكداً أن «وجود الكتيبة المصرية في الكونغو الديمقراطية يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية الشراكة الاستراتيجية مع دول حوض النيل الجنوبي». كما نقل وزير الخارجية، رسالة إلى رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدي، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتضمن سبل تعزيز العلاقات، وإحاطة بما تم توقيعه من اتفاقيات تعاون خلال زيارته وتدشين «مجلس أعمال مشترك».

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن كلمة السر في مشاركة مصر بشكل معتاد ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا بشكل عام هي «طبيعة القوات المصرية حيث تتجلى الإمكانات العالية والخبرات التاريخية المتراكمة، ما جعل مصر دائمة المشاركة والحضور ضمن قوات حفظ السلام منذ أزمان بعيدة»، مؤكداً أن لمصر تجارب عدة في العمل ضمن بعثات حفظ السلام في كثير من دول أفريقيا التي شهدت نزاعات وأوضاع أمنية بالغة التعقيد، مثل ساحل العاج، والكونغو، وأفريقيا الوسطى، وأنغولا، وموزمبيق، وليبيريا، ورواندا، وجزر القمر، ومالي وغيرها.

جانب من كتيبة الشرطة المصرية المشاركة في مهام حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية (الخارجية المصرية)

الحاج أشار إلى أنه رغم أن الاضطرابات السياسية التي تشهدها كثير من دول أفريقيا «تزيد من تعقيد» عمل بعثات الأمم المتحدة الخاصة بحفظ السلام في أفريقيا، وعدم قدرة هذه البعثات على إحراز أي تقدم في ظل نقص المؤسسات الديمقراطية الفعالة في عدد من البلدان الأفريقية؛ فإن مصر تدرك جيداً مدى أهمية تكثيف حضورها الأمني في القارة السمراء، باعتبار أن «العدول عن المشاركة المصرية ضمن بعثات حفظ السلام، سوف يترك فراغاً عريضاً» ربما تستغله دول أخرى تنافس مصر في خارطة التمركز الفاعل في أفريقيا.

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أوضح أن هناك قوات لحفظ السلام تتبع الأمم المتحدة، وأخرى تتبع الاتحاد الأفريقي، وكل له ميزانية منفصلة؛ لكن يتعاونان في هذا المسار الأمني لحفظ الاستقرار بالدول التي تشهد اضطرابات ومصر لها حضور واسع بالاثنين، مؤكداً أن مشاركة القاهرة بتلك القوات يتنامى ويتعزز في القارة الأفريقية بهدف استعادة الحضور الذي عرف في الستينات بقوته، وكان دافعاً ومساهماً لتأسيس الاتحاد الأفريقي والحفاظ على استقرار واستقلال دوله.

وهو ما أكده وزير الخارجية المصري خلال زيارته للكتيبة المصرية بالكونغو الديمقراطية بالقول إن «المشاركة في بعثات حفظ السلام تعكس الالتزام المصري التاريخي بدعم الاستقرار في أفريقيا، والمساهمة الفاعلة في صون السلم والأمن الدوليين».

هذا التأكيد المصري يأتي قبل نحو شهر من المشاركة المصرية في قوات حفظ السلام الأفريقية، بالصومال، حيث أكد سفير مقديشو لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، أغسطس الماضي، أن «القاهرة في إطار اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي من يناير 2025 وتستمر حتى عام 2029. بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية»، قبل أن تعلن مقديشو، أخيراً «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة؛ بسبب انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (حساب الرئيس الصومالي على «إكس»)

ولم تعلق أديس أبابا رسمياً على هذا الاستبعاد، لكن تحدّث وزير الخارجية الإثيوبي السابق، تاي أصقي سيلاسي، في أغسطس الماضي، عن الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال، حيث طالب بـ«ألا تشكّل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً، لكنه تجنّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة»، مؤكداً أن بلاده «أصبحت قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وعدَّ الخبير الاستراتيجي المصري أن استمرار الوجود المصري في قوات حفظ السلام على مدار السنوات الماضية والمقبلة، لاسيما بالصومال له دلالة على قوة مصر وقدرتها على الدعم الأمني والعسكري وتقديم كل الإمكانات، لاسيما التدريب وتحقيق الاستقرار، مستبعداً حدوث أي تحرك إثيوبي ضد الوجود المصري في الصومال العام المقبل.

فيما يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن الاستعداد القوي الذي أظهرته مصر للمشاركة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يأتي من واقع الحرص المصري على استتباب الأمن في هذه البقعة الاستراتيجية في القرن الأفريقي؛ لأن استتباب الأمن في الصومال يعني تلقائياً تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ومن ثم ضمان انسياب الحركة التجارية الدولية عبر قناة السويس. فضلاً عن أن مصر لن تنزوي بعيداً وتترك الصومال ملعباً مميزاً للقوات الإثيوبية، خصوصاً بعدما أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مطلع العام مع إقليم «أرض الصومال» لاستغلال منفذ «بربرة» البحري المطل على ساحل البحر الأحمر.

وفي تقدير عبد الناصر الحاج فإن نجاح مصر في أي مشاركة فاعلة ضمن قوات حفظ السلام في أفريقيا، يتوقف في المقام الأول، على مدى قدرة مصر في انتزاع تفويضات واسعة من مجلس السلم والأمن الأفريقي لطبيعة عمل هذه البعثات، بحسبان أن إحدى المشكلات التي ظلت تسهم في إعاقة عمل بعثات حفظ السلام، هي نوعية التفويض الممنوح لها؛ وهو الذي ما يكون دائماً تفويضاً محدوداً وقاصراً يضع هذه البعثات وكأنها مُقيدة بـ«سلاسل».

وأوضح أنه ينبغي على مصر الاجتهاد في تقديم نماذج استثنائية في أساليب عمل قواتها ضمن بعثات حفظ السلام، بحيث يصبح الرهان على مشاركة القوات المصرية، هو خط الدفاع الأول لمدى جدواها في تحقيق غاية حفظ السلام.