«قمة جوار» بمصر لبحث «إنهاء الصراع» في السودان

تعقد الخميس المقبل

تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
TT

«قمة جوار» بمصر لبحث «إنهاء الصراع» في السودان

تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)
تصاعد الدخان فوق العاصمة الخرطوم جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (أ.ب)

تستضيف مصر، (الخميس)، قمة لدول جوار السودان؛ للتباحث حول «سبل إنهاء الصراع الحالي»، ووضع «آليات فاعلة لتسوية الأزمة بصورة سلمية»، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى، وفق بيان رئاسي مصري. ويشهد السودان منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي، معارك عنيفة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي». وأدى النزاع إلى مقتل أكثر من 2800 شخص ونزوح أكثر من 2.8 مليون شخص، لجأ من بينهم أكثر من 600 ألف إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، خصوصاً مصر شمالاً وتشاد غرباً.

وتأتي القمة التي تستضيفها مصر في 13 يوليو (تموز) الحالي، حرصاً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المُباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة كلها»، كما أشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الأحد).

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاء سابق مع توت جلواك المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان (الرئاسة المصرية)

آليات فاعلة

وتبحث القمة، بحسب البيان، «سُبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار؛ لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى». وكان طرفا النزاع أبرما أكثر من هدنة، بوساطات دولية، سرعان ما كان يتم خرقها. كما يحاول كل من الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد للتنمية بشرق أفريقيا التوسط لحل الأزمة في السودان.

وفي مايو (أيار) الماضي، قال توت جلواك، المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان، خلال زيارته القاهرة، إن «رؤساء دول جوار السودان سيعقدون قمة في مصر؛ لبحث الأزمة السودانية»، دون أن يحدد موعداً لذلك. وأوضح المستشار الأمني أن «كل دولة من دول الجوار لها خطتها وأفكارها فيما يخص السودان... لا بد من وجود جلسة قريبة بين الرؤساء لوضع خطة مشتركة، لتخرج بتوصيات محددة وستكون في مصر». وبشأن أطراف القمة، توقع حضور كل من جنوب السودان وتشاد بوصفهما أكثر الدول المتأثرة بهذه الأزمة في المقام الأول.

مسارات إقليمية ودولية

وتأتي قمة الجوار المرتقبة في مصر، ضمن مسارات إقليمية ودولية تعمل عليها مصر منذ اندلاع الحرب، على أمل إيجاد حل سياسي يجنّب السودان مزيداً من التدهور الأمني والسياسي والإنساني، كما تشير الدكتورة سماء سليمان وكيل لجنة الشؤون الخارجية والعربية والأفريقية بمجلس الشيوخ المصري. وتوضح سليمان لـ«الشرق الأوسط»، أن «أولوية قصوى توليها مصر لأمن وسلامة الشعب السوداني، فمنذ بداية الأزمة حرصت على الترحيب بالنازحين السودانيين إلى أراضيها، كما تقوم بجهود سياسية لحل الأزمة، والتوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار؛ حفاظاً على السودان من جهة، ولأن السودان يمثل أمناً قومياً بالنسبة إلى مصر من جهة أخرى».

ولفتت البرلمانية المصرية إلى «عديد من الاتصالات والتحركات السياسية، العلنية والسرية، التي تقوم بها مصر مع دول الجوار والقوى الكبرى؛ لتشجيع الأطراف المتناحرة كافة على الالتزام بوقف إطلاق النار».

سودانيون وأجانب هاربون من المعارك في العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

التنسيق والتشاور

وفور اندلاع الحرب أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، جولة شملت دولتي تشاد وجنوب السودان لـ«التنسيق والتشاور مع دول جوار السودان حول تطورات الأزمة وتأثيراتها الإقليمية والدولية وسبل تنسيق الجهود من أجل حلها». واتفق شكري، خلال لقائه مسؤولي البلدين على «التواصل عن قرب على مختلف المستويات خلال المرحلة المقبلة، وتنسيق المواقف على المستويين الإقليمي والدولي؛ بهدف وقف الحرب الدائرة، والحفاظ على سلامة السودان ووحدته وسيادته».

تتركز المعارك حالياً في العاصمة (الخرطوم) ومناطق قريبة منها، بالإضافة إلى إقليم دارفور، حيث حذرت الأمم المتحدة من أن ما يشهده قد يرقى إلى «جرائم ضد الإنسانية» والنزاع فيه يتخذ أكثر فأكثر أبعاداً عرقية. وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الأحد) بالغارة الجوية على أمدرمان في منطقة الخرطوم الكبرى، التي أسفرت (السبت) عن 22 قتيلاً على الأقل وعشرات الجرحى، محذراً من أن السودان «على حافة حرب أهلية شاملة» قد تزعزع استقرار المنطقة برمتها.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
TT

الدبيبة متحدياً من «يريدون السلطة» في ليبيا: لن تحكمونا

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)
الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

أثار عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، حفيظة وغضب أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وعدد من أطياف المجتمع الراغبين في السلطة، بعدما تعهّد «بعدم إعادتهم إلى حكم البلاد مرة ثانية».

الدبيبة خلال فعالية شبابية في مصراتة الليبية (من مقطع فيديو بثته منصة «حكومتنا»)

وكان الدبيبة يلقي كلمة أمام فعاليات ختام «ملتقى شباب ليبيا الجامع» في مصراتة، مساء السبت، وتطرَّق فيها إلى «الذين يريدون العودة إلى السلطة»، مثل النظام السابق ومؤيدي «الملكية الدستورية»، بالإضافة إلى من يريد «العسكر»، وقال متحدياً: «لن يحكمونا».

ووجّه حديثه لليبيين، وقال: «هناك 4 مكونات هي أسباب المشكلة في ليبيا».

وتُعدّ هذه المرة الأولى التي يوجه فيها الدبيبة انتقادات لاذعة لكل هذه الأطراف مجتمعة، من منطلق أن «الحكم في ليبيا يحدَّد بالدستور وليس بخشم البندقية».

حفتر في لقاء سابق مع عدد من قادة قواته ببنغازي (الجيش الوطني)

ودون أن يذكر أسماء أشخاص، قال: «هناك من يريد الحكم بالسلاح، وآخرون يتخذون من الدين شعاراً ويريدون السلطة، بجانب من يدعون للعودة إليها مرة ثانية؛ سواء الملكية أم نظام القذافي»؛ في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، وأنصار «الملكية الدستورية» الذين يستهدفون تنصيب الأمير محمد السنوسي ملكاً على البلاد.

واستطرد الدبيبة: «النظام العسكري لن يحكمنا مرة أخرى، ولا تفكروا فيمن تجاوز الثمانين أو التسعين عاماً وما زال يحلم بحكم ليبيا»؛ في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.

وخرجت صفحات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موالية للنظام السابق، تنتقد الدبيبة، وتتهم حكمه بـ«الفساد»، رافضة تلميحاته بشأن المشانق التي كانت تُعلَّق بالمدن الرياضية إبان عهد القذافي. وذلك في معرض تعليقه على هتاف مجموعة من الشباب للقذافي، بعد خسارة منتخبهم أمام بنين في تصفيات «أمم أفريقيا».

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وبجانب انتقاده النظم السابقة، التي قال إنها «تريد العودة لحكم ليبيا»، تطرّق الدبيبة أيضاً إلى من «يستخدمون الشعارات الدينية»، ومن «ينادون بحكم القبيلة».

وتحدّث الدبيبة أمام جموع الشباب في أمور مختلفة؛ من بينها المجموعات المسلَّحة، التي كرر رغبته في «دمجها في مؤسسات الدولة، ومنح عناصرها رواتب»، مذكّراً بأن عماد الطرابلسي «كان زعيم ميليشيا، والآن لديه مسؤوليات لحفظ الأمن والاستقرار بصفته وزيراً للداخلية في حكومتي الشرعية».

وللعلم، أتى الدبيبة إلى السلطة التنفيذية في ليبيا، وفق مخرجات «حوار جنيف» في 5 فبراير (شباط) 2021 بولاية مؤقتة مدتها عام واحد فقط، للإشراف على الانتخابات العامة، لكنه يؤكد عدم تخليه عن السلطة إلا بإجراء انتخابات عامة في البلاد.

محمد السنوسي يتوسط شخصيات ليبية من المنطقة الغربية (حساب محمد السنوسي على «إكس»)

وكثّف الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي لقاءاته بشخصيات ليبية في إسطنبول مؤخراً، ما طرح عدداً من الأسئلة حينها حول هدف الرجل المقيم في بريطانيا من مشاوراته الكثيرة مع أطياف سياسية واجتماعية مختلفة.

ومحمد الحسن هو نجل الرضا السنوسي، الذي عيَّنه الملك إدريس السنوسي ولياً للعهد في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1956، وتُوفي في 28 من أبريل (نيسان) 1992.

ولوحظ أن السنوسي، الذي لم يزرْ ليبيا منذ كان صبياً، يكثّف لقاءاته في الخارج بشخصيات ليبية مختلفة، بعضها ينتمي لقبائل من المنطقة الغربية، بالإضافة إلى الأمازيغ والطوارق؛ وذلك بهدف «إنجاح المساعي نحو حوار وطني شامل، تحت مظلة الشرعية الملكية الدستورية».

ولا تزال شروط الترشح لمنصب الرئيس في ليبيا عائقاً أمام التوافق بشأن القوانين اللازمة للاستحقاق المؤجل، في ظل وجود معارضة بشكل كامل لترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، والذين عليهم أحكام جنائية لهذا المنصب.