وفاة 14 فلسطينياً بسبب البرد... وانهيار منازل في غزة

«حماس» عدّت الأمر «امتداداً لكارثة حرب الإبادة»

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
TT

وفاة 14 فلسطينياً بسبب البرد... وانهيار منازل في غزة

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

توفي 14 فلسطينياً على الأقل، في غضون 24 ساعة، إثر المنخفض الجوي الشديد الذي ضرب الأراضي الفلسطينية على مدار 3 أيام، وتعمق خلال الخميس والجمعة بشكل كبير، ما تسبب في كثير من الحوادث التي أدت لهذه الوفيات التي كانت غالبيتها بفعل انهيار منازل متضررة بفعل الحرب الإسرائيلية التي استمرَّت عامين على القطاع.

وأُعلن عن وفاة 6 أفراد من عائلة «بدران» إثر سقوط منزلها المتضرر بفعل القصف الإسرائيلي، في منطقة بئر النعجة غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بينما انتُشل من تحت أنقاضه شخصان مصابان، وصفت حالة أحدهما بأنها «حرجة».

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وتوفي فلسطينيان شقيقان من عائلة «حنونة» إثر انهيار جدار منزل متضرر على خيام للنازحين موجودة بجواره؛ ما أدى لوقوع إصابات عدة أخرى، في المكان، بينما توفي شاب آخر إثر انهيار جدار آخر في منزل متضرر بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

وانتُشل جثمانا فلسطينيَّين آخرَين من منزل لعائلة «نصار» بحي الشيخ رضوان بعد انهياره بالسكان الموجودين فيه، في حين انشغلت طواقم الدفاع المدني بمحاولة إنقاذ آخرين من تحت أنقاض المنزل الذي كان متضرراً؛ نتيجة غارة إسرائيلية سابقة طالت منازل مجاورة له خلال الحرب.

وتوفي، فجر الجمعة، رضيع إثر البرد الشديد في مخيم الشاطئ، بينما توفيت طفلة نتيجة الظروف ذاتها في مأوى للنازحين بحي النصر في مدينة غزة، بينما توفيت أمس طفلة بالظروف نفسها في خان يونس جنوب قطاع غزة.

وتسببت الأمطار الغزيرة التي لم تتوقف على مدار 3 أيام، بانهيار أحد أبواب المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، والذي كان قد تعرَّض لقصف سابق.

نازحون يستخدمون عربة يجرها حمار للتنقل وسط شارع فاضت فيه مياه الأمطار بمدينة غزة الجمعة (رويترز)

وسجَّل جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، انهيار ما لا يقل عن 15 منزلاً في مختلف أنحاء القطاع، مشيراً إلى أن طواقمه ما زالت تحاول مساعدة السكان رغم إمكاناتها المحدودة، والتي دُمِّرت غالبيتها بفعل الحرب.

وبيَّن الجهاز أنه سجَّل منذ بداية المنخفض الجوي، وحتى ساعات الظهيرة من يوم الجمعة، أكثر من 3500 نداء استغاثة منذ بداية المنخفض، معظمها تتعلق بانهيارات، وتسرب مياه، وغرق خيام، ونزوح عائلات، مبيناً أن المنخفض أدى إلى غرق آلاف الخيام التي تقيم فيها العائلات، ما ضاعف المأساة الإنسانية بشكل كبير.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن المنخفض تسبب بانجراف وغرق أكثر من 27 ألف خيمة من خيام النازحين التي غمرتها المياه أو جرفتها السيول أو اقتلعتها الرياح الشديدة، في حين تضرر بشكل مباشر أكثر من ربع مليون نازح بفعل مياه الأمطار والسيول والانهيارات التي جاءت على خيامهم المهترئة.

البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وأشار إلى أن إسرائيل ما زالت تمنع إدخال المساعدات الإغاثية ومواد الإيواء، كما تمنع إدخال 300 ألف خيمة وبيت متنقل وكرفان، وتمنع إنشاء أو تجهيز ملاجئ بديلة للنازحين، عادّاً أن هذه «السياسات غير الإنسانية تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتعرض مئات آلاف المدنيين لمخاطر جسيمة نتيجة المناخ واستمرار العدوان بطرق متعددة دون أي حماية أو بدائل آمنة».

في حين عدّ حازم قاسم الناطق، باسم حركة «حماس»، ما جرى بأنه «امتداد لكارثة حرب الإبادة»، وأنه «دليل صارخ على عجز المنظومة الدولية عن إغاثة غزة، وفشل المجتمع الدولي في كسر الحصار المفروض على أهل القطاع».

وقال قاسم في تصريح صحافي: «يعكس ذلك حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي خلفتها هذه الحرب الصهيونية الإجرامية، ويؤكد أن الحرب لا تزال مستمرة، وإن تغيرت أدواتها، ما يستدعي حراكاً جاداً من جميع الأطراف لوضع حد لهذه الإبادة عبر الشروع الفوري في عملية إعمار قطاع غزة، وتوفير متطلبات الإيواء».


مقالات ذات صلة

مساعدات إنسانية سعودية تعبر منفذ رفح نحو غزة

الخليج شاحنات محمَّلة بالمساعدات الإنسانية السعودية لدى عبورها منفذ رفح (مركز الملك سلمان للإغاثة)

مساعدات إنسانية سعودية تعبر منفذ رفح نحو غزة

عبَرت، الخميس، دفعة جديدة من المساعدات الإنسانية السعودية منفذ رفح الحدودي، تمهيداً لإيصالها إلى المتضررين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح)
العالم العربي كانت هذه الأسياخ يوماً ما تحمل جدران البيوت أما اليوم فهي تُستخدم في نصب الخيام التي تشتد الحاجة إليها مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً (أ.ف.ب)

من الركام إلى الخيام... قضبان الحديد تساعد سكان غزة على الصمود في برد الشتاء

مع اشتداد برد الشتاء في قطاع غزة، يشق نازحون فلسطينيون طريقهم كل يوم إلى بيوتهم التي دمرها القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية نازحة بأحد المخيمات في يوم ممطر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وفاة رضيعة وسط انعدام المأوى... سكان غزة وجهاً لوجه مع الشتاء القارس

توفيت رضيعة فلسطينية، اليوم الخميس، نتيجة البرد القارس في مدينة خان يونس وسط موجة من الطقس البارد في قطاع غزة الذي يعاني انعدام المأوى والعلاج.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج حملت الطائرة الإغاثية سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى المتضررين داخل غزة (واس)

وصول الطائرة السعودية الـ75 لإغاثة أهالي غزة

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأربعاء، الطائرة الإغاثية الـ75 التي يُسيّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (العريش)
المشرق العربي نازحون يسيرون أمام المباني المدمرة في حي تل الهوى بالجزء الجنوبي من مدينة غزة (أ.ف.ب)

«تفاصيل إسرائيلية» جديدة تهدد تقدم «اتفاق غزة»

أحاديث إسرائيلية جديدة بشأن رسم خط حدودي جديد وشكل مغاير لبنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتقاطع مع تقديرات بقرب الانتقال للمرحلة الثانية.

محمد محمود (القاهرة )

واشنطن تضغط على «التنسيقي» العراقي بشأن الفصائل

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

واشنطن تضغط على «التنسيقي» العراقي بشأن الفصائل

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

تتجه مشاورات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة نحو مزيد من التعقيد، مع تمسك القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي» باستكمال التفاهمات حول هوية رئيس الوزراء المقبل، وسط ضغوط أميركية متزايدة تدعو إلى استبعاد الفصائل المسلحة من المشهد السياسي، وفق ما أفاد به قادة سياسيون ومسؤولون.

وقال عامر الفايز، النائب عن تحالف تصميم، إن اجتماعات الإطار مستمرة «للتوصل إلى توافق بشأن المرشح الأنسب لرئاسة الحكومة»، لكنه شدد على أن قادة الفصائل المسلحة «لم يحضروا الاجتماع الأخير»، في نفي واضح لتقارير تحدثت عن مشاركتهم في النقاشات.

ونقلت وكالة «شفق» عن الفايز أن اجتماعات قادة الإطار، ومنها اجتماعهم الدوري الاثنين الماضي، شهدت تقدماً في مناقشة آليات اختيار رئيس الوزراء، لافتاً إلى أن التصويت الداخلي على المرشح «سيحسم بعد استكمال التوافقات مع القوى الوطنية».

مرشح «مفاجأة»

من جهته، قال سلام الزبيدي، المتحدث باسم «ائتلاف النصر»، إن اجتماع الإطار ناقش أعمال اللجنة المكلفة باختيار رئيس الوزراء، موضحاً أن الملف «يشهد تطوراً ملحوظاً في ظل التحولات الإقليمية والضغوط الأميركية»، وأن النقاشات حُصرت بعدد محدود من المرشحين، بينهم شخصية «قد تكون مفاجِئة»، على حد تعبيره.

وفي واشنطن، قال مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق مارك سافايا إن بلاده ترى أن العراق يمر «بلحظة حاسمة»، مؤكداً أن «لا دولة يمكن أن تنجح في ظل وجود جماعات مسلّحة تنافس الدولة».

وحذّر سافايا من أن قرارات المرحلة المقبلة ستحدد ما إذا كان العراق سيمضي نحو «السيادة والقوة أو الانزلاق إلى التفكك والاضطراب».

وأضاف سافايا، في تدوينة على منصة «إكس»، أن استمرار الجماعات المسلحة خارج سيطرة الدولة «يهدد مكانة العراق ويخنق اقتصاده»، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية مستعدة لدعم بغداد «إذا التزمت قيادة مسؤولة بتعزيز مؤسسات الدولة».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مبعوثه الخاص إلى العراق المُعيّن حديثاً مارك سافايا (إكس)

هجمات الميليشيات

في السياق ذاته، قال القائم بالأعمال الأميركي في بغداد، جوشوا هاريس، إنه أبلغ مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بضرورة «حماية البنية التحتية الحيوية من هجمات الميليشيات المرتبطة بإيران»، وذلك خلال لقاء ناقش فيه الطرفان سبل تعزيز الشراكة الأمنية بين البلدين.

وتأتي هذه المواقف في وقت تواجه فيه البنية التحتية للطاقة في العراق ضغوطاً متزايدة، آخرها استهداف حقل غاز كورمور في إقليم كردستان أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بطائرات مسيّرة، ما أدى إلى توقف إمدادات الغاز لمحطات توليد الكهرباء وخسائر قُدّرت بـ7.41 مليون دولار يومياً، وفق مرصد «إيكو عراق».

وتشير تقديرات دبلوماسيين ومراقبين سياسيين إلى أن الضغوط الأميركية، ولا سيما الدعوات لحصر السلاح بيد الدولة، قد تزيد من صعوبة التوصل إلى تسوية داخل الإطار التنسيقي حول التشكيلة الحكومية المقبلة، في ظل تمسك بعض القوى بدور سياسي للفصائل وتأثيرها في اختيار رئيس الوزراء.

موازنة الضغوط

يقول محللون سياسيون إن المواقف الأميركية الأخيرة، سواء بشأن تشكيل الائتلاف الحكومي أو دور الفصائل المسلحة، تضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى مفاوضات «الإطار التنسيقي»، التي تحاول الموازنة بين الضغوط الخارجية ومتطلبات التوافق الداخلي قبل اختيار رئيس الوزراء الجديد.

وكانت وكالة الأنباء العراقية قد نقلت عن وزير الخارجية فؤاد حسين قوله للمبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، إن «الديمقراطية والنظام الاتحادي مثبتان في الدستور العراقي»، وإن بغداد «متمسكة ببناء المؤسسات ونبذ أي شكل من الديكتاتورية». كما أبدى «استغراب الحكومة العراقية من تصريحات المبعوث الأميركي بشأن الوضع الداخلي».

وكان برّاك قد قال إن «رئيس الوزراء العراقي جيد جداً، لكنه بلا أي سلطة وليس لديه نفوذ، لأنه لا يستطيع تشكيل ائتلاف داخل البرلمان»، واتهم المبعوث الأميركي لسوريا «الأطراف الأخرى، خصوصاً (الحشد الشعبي)، بلعب دور سلبي على الساحة السياسية».


إسرائيل تثبّت استراتيجية الفصل بين التفاوض وقصف «حزب الله»

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة إقليم التفاح في جنوب لبنان (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة إقليم التفاح في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تثبّت استراتيجية الفصل بين التفاوض وقصف «حزب الله»

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة إقليم التفاح في جنوب لبنان (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة إقليم التفاح في جنوب لبنان (د.ب.أ)

رفعت إسرائيل، الجمعة، وتيرة التصعيد العسكري في لبنان، إذ استهدفت مناطق في شمال الليطاني، جنوب لبنان، من ضمنها قضاء الزهراني الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن الحدود، للمرة الأولى منذ إطلاق المفاوضات المدنية قبل أسبوعين، وذلك على وقع تهديدات إسرائيلية بشن حرب واسعة في لبنان ضد «حزب الله».

وأعادت سلسلة غارات جوية عنيفة طالت مناطق متفرقة في أربعة أقضية هي النبطية وجزين والزهراني والبقاع الغربي، تثبيت معادلة الضغط بالنار بوصفها الإطار الحاكم للمسار التفاوضي القائم، في وقت تتكثف فيه الحركة الدبلوماسية لتجنيب لبنان حرباً واسعة.

غارات جوية

فيما سجل غياب أي ملاحقة لعناصر «حزب الله» في الجنوب منذ مطلع الشهر الحالي، استهدفت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، جبل الرفيع ومحيط بلدة سجد في منطقة إقليم التفاح وجبل صافي وجباع (النبطية)، ووادي زلايا في البقاع الغربي (شرق البلاد)، إضافة إلى أطراف بلدات وعرمتى والريحان والجرمق والمحمودية (جزين)، ووادي بنعفول وتبنا والزرارية (الزهراني). وترافق ذلك مع تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض فوق البقاع وبعلبك، فيما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية عند أطراف منطقة اللبونة.

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ سلاح الجو «أغار على مجمع تدريب وتأهيل استخدمته وحدة (قوة الرضوان) التابعة لـ(حزب الله) بغية تدريب وتأهيل عناصرها»، مشيراً إلى أنّ الغارات شملت أيضاً «بنى تحتية عسكرية إضافية لـ(حزب الله) في مناطق عدة بجنوب لبنان».

غارات إسرائيلية استهدفت منطقة تبنا في الزهراني بجنوب الليطاني (متداول)

تأتي الغارات في موازاة حراك دبلوماسي غربي وعربي يسعى للفصل بين المسار الدبلوماسي والتطورات الميدانية، لكن إسرائيل لم تقدم أي ضمانات فعلية بوقف القصف. فواشنطن، وإن كانت تؤكد دعمها منع الانزلاق إلى حرب شاملة وتفعيل «الميكانيزم»، تتعامل مع الضربات الإسرائيلية ضمن إطار الفصل بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وتضغط في المقابل على لبنان للإسراع في تنفيذ التزاماته بحصر السلاح بيد الدولة.

أما باريس، التي تواصل دورها كحلقة وصل سياسية وعسكرية عبر قنوات الجيش واليونيفيل، فتركّز على منع انهيار الوضع في لبنان، لكنها تصطدم بواقع ميداني يتجاوز قدرتها على الضبط، وبعجز لبناني عن تحويل الرعاية الدولية إلى مظلة حماية سياسية أو ميدانية، حسبما تقول مصادر لبنانية مواكبة للاتصالات.

مفاوضات تحت النار

قال مصدر نيابي لبناني مواكب لحركة المبعوثين الدوليين لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «موقف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يعكس رفضاً واضحاً للمفاوضات تحت النار، إذ يضع وقف النار وتثبيته شرطاً مسبقاً لأي مسار تفاوضي، ويرفض تحويل لجنة (الميكانيزم) إلى قناة حوار تعمل تحت القصف»، مشيراً إلى أنّ هذا الموقف، على وضوحه، «لم يُترجم بعد إلى استراتيجية تفاوضية لبنانية متكاملة».

وأضاف المصدر أنّ «التصعيد العسكري المتواصل يعكس عملياً فشل المسار التفاوضي القائم حتى الآن»، لافتاً إلى أنّ «لبنان يجد نفسه اليوم في موقع المفاوضات تحت النار، وهي معادلة غير منطقية ولا يمكن البناء عليها».

وأوضح أنّ «اللافت هو إجراء مفاوضات في ظل استمرار القصف الإسرائيلي، من دون أن يمتلك الجانب اللبناني أوراق ضغط فعلية أو تصوراً تفاوضياً واضحاً»، متسائلاً: «ما الذي يحمله لبنان إلى طاولة التفاوض؟ هل هناك استراتيجية محددة؟ وهل الحديث يدور عن تفعيل (الميكانيزم)، أم عن وقف إطلاق النار، أم عن وقف الطلعات الجوية؟».

وشدّد المصدر على أنّ «غياب الهدف التفاوضي الواضح يجعل من هذا المسار أقرب إلى إدارة أزمة، لا إلى مفاوضات حقيقية»، مؤكداً أنّ «أي تفاوض جدي يحتاج إلى رؤية، وإلى عناصر قوة متبادلة، وهو ما لا يبدو متوافراً حتى الآن».

غارات إسرائيلية استهدفت الجبل الرفيع في إقليم التفاح بجنوب لبنان (متداول)

ولفت المصدر إلى أنّ «(حزب الله) يعتمد في هذه المرحلة سياسة الصمت والتكتم، ولا يعلّق إلا في أطره الرسمية»، مذكّراً بأنّ «آخر موقف معلن له، أبدى فيه قبولاً بالترتيبات جنوب الليطاني، مقابل حساسية عالية لأي طرح يتعلق بشمال الليطاني». ورأى أنّ «ما يجري هو شكل من أشكال الحرب المستمرة بوتيرة مضبوطة»، مضيفاً أنّ «إسرائيل تفصل شكلياً بين التفاوض والتصعيد، لكنها عملياً تستخدم الضغط العسكري لتحسين شروطها السياسية، فيما تبقى المعضلة الأساسية في غياب رؤية لبنانية موحّدة وواضحة».

«حزب الله»

يطالب «حزب الله»، الدولة اللبنانية، بالضغط على الخارج لإلزام إسرائيل بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وقال النائب حسن فضل الله، بعد لقائه وزميله أمين شري رئيس الحكومة نواف سلام: «لا نزال نشهد هذا العدوان الإسرائيلي المتمادي على بلدنا، كما حصل اليوم، وكما يحصل في أغلب الأيام، وفي الوقت الذي يلتزم فيه لبنان بالكامل باتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، فإن العدو يواصل هذه الخروق لذلك الاتفاق والاعتداء على السيادة اللبنانية». وأكد «ضرورة بذل كل جهد ممكن في سبيل وقف هذا العدوان الإسرائيلي، وإلزام العدو بتطبيق ذلك الاتفاق الذي يبقى هو الإطار الوحيد الآن بيننا وبين هذا العدو الإسرائيلي، بمعزل عن كل التفاصيل الأخرى أو كل الطروحات الأخرى».


إسرائيل تخطط لشن هجوم واسع النطاق على أهداف «حزب الله» في لبنان

جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا في 25 مارس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا في 25 مارس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تخطط لشن هجوم واسع النطاق على أهداف «حزب الله» في لبنان

جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا في 25 مارس (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي يقف عند نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان المحتلة والمطلة على جنوب سوريا في 25 مارس (أ.ف.ب)

يخطِّط الجيش الإسرائيلي لشنِّ هجوم واسع النطاق على أهداف «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان، في حال فشلت جهود الحكومة اللبنانية وجيشها في نزع سلاح الحزب، والتي أمهلت حتى نهاية الشهر الحالي لتنفيذ القرار بوصفه خطوةً من خطوات اتفاق وقف إطلاق النار.

وأفادت «هيئة البث الإسرائيلية العامة»، بأن هذه الخطط «وضعها كبار قادة الجيش الإسرائيلي بمشاركة القيادة الشمالية، ومديرية الاستخبارات، ومديرية العمليات، وتم تجهيزها للتنفيذ مع قرب نهاية الموعد النهائي الذي حددته الحكومة اللبنانية لنزع سلاح (حزب الله) مع نهاية العام الحالي». وأشارت إلى أنه كجزء من الاستعدادات لتنفيذ هذا المخطط عند ذلك الحين، أجرت القوات الجوية الإسرائيلية، تدريبات مكثفة في الأيام الأخيرة في سماء إسرائيل وفوق البحر الأبيض المتوسط بمشاركة طائرات حربية مقاتلة، وأخرى من أنواع وذات مهام مختلفة، للتدرُّب على تنفيذ العملية.

إبلاغ واشنطن

ونقلت القناة عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع، قوله إنه تم إبلاغ الولايات المتحدة بأنه في حال لم يقم «حزب الله» بنزع سلاحه بشكل فعال، فإن إسرائيل ستفعل ذلك بنفسها، حتى لو أدى ذلك إلى أيام من القتال أو حتى تجدد القتال في الشمال على نطاق واسع.

وذكرت القناة أن الولايات المتحدة نقلت هذا التحذير الإسرائيلي إلى الحكومة اللبنانية، لكن اللبنانيين أكدوا أن عملية تنفيذ «حصرية السلاح» مستمرة ومعقَّدة، وبحاجة إلى مزيد من الوقت لتحقيق أهدافها.

جندي إسرائيلي قرب منزل تضرر بفعل صواريخ «حزب الله» في المطلة بشمال إسرائيل خلال الحرب الأخيرة (أ.ف.ب)

تحذيرات للبنان

وتلقى لبنان بالفعل هذه المعلومات، إذ أقرّ وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، بأن بيروت تلقت تحذيرات من جهات عربية ودولية مفادها أن إسرائيل تحضِّر لعملية عسكرية واسعة ضد لبنان، مشيراً إلى أن هناك اتصالات دبلوماسية مكثفة لتحييد لبنان ومرافقه عن أي ضربة إسرائيلية متوقعة، مؤكداً أن بلاده تسعى للعودة إلى اتفاقية الهدنة مع إسرائيل.

وقال رجي في تصريحات تلفزيونية، إن «حزب الله» يرفض تسليم سلاحه، رغم محاولات إقناعه المستمرة بذلك، مشيراً إلى أن هذا السلاح أثبت عدم فاعليته بإسناد غزة والدفاع عن لبنان، وجَلَبَ الاحتلال الإسرائيلي.