النيابة الفلسطينية تحبس سمير حليلة 15 يوماً على ذمة التحقيقات

TT

النيابة الفلسطينية تحبس سمير حليلة 15 يوماً على ذمة التحقيقات

رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة (صفحته على «فيسبوك»)
رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة (صفحته على «فيسبوك»)

قالت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن النيابة الفلسطينية قررت حبس رجل الأعمال سمير حليلة، الذي قدم نفسه قبل نحو شهر حاكماً محتملاً لقطاع غزة، 15 يوماً على ذمة التحقيقات.

وأوضحت المصادر أن حليلة خضع للتحقيقات أمام النيابة، بعد إحالته من قبل «جهاز الأمن الوقائي»، بينما أشارت مصادر قضائية إلى أن الاتهامات الموجهة للرجل تتعلق غالبيتها بـ«إثارة النعرات» في ضوء حديثه عن قبوله المحتمل لمنصب حاكم قطاع غزة.

وكانت مصادر أمنية فلسطينية قالت لـ«الشرق الأوسط» يوم الأربعاء إن «أجهزة السلطة اعتقلت رجل الأعمال سمير حليلة، الذي قدم نفسه قبل نحو شهر حاكماً محتملاً لقطاع غزة». وقالت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها إن «جهاز الأمن الوقائي اعتقل (يوم الأربعاء) حليلة في رام الله، بعد أيام من عودته من رحلة من الخارج».

وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن «عملية الاعتقال تمت داخل مطعم في حي الطيرة بمدينة رام الله». ولم توضح المصادر طبيعة الاتهام الموجه إلى حليلة، واكتفت بالقول إن الإجراء تم «بأوامر عليا».

وأفادت إذاعة «كان» الإسرائيلية بأن حليلة كان «موضع متابعة» في الفترة الأخيرة؛ نظراً لارتباط اسمه بمباحثات حول مستقبل الحكم في القطاع.

وكان حليلة قدم نفسه قبل أسابيع مرشحاً لتولي إدارة قطاع غزة بدعم أميركي، وقال آنذاك إنه عرض الأمر على الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدة مرات.

لكن بياناً رسمياً صدر عن السلطة، الشهر الماضي، وصف حديث حليلة بأنه «أكاذيب»، واتهمه بـ«محاولة الزج باسم السلطة الفلسطينية ومسؤولين كبار بها ضمن خطة تلتف على الموقف الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية الرافض لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية»، ضمن مشروع إسرائيلي.

وقالت الرئاسة الفلسطينية إن إدارة قطاع غزة من اختصاص السلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية دون غيرها. ولاحقاً طالب مسؤولون فلسطينيون حليلة بالتوقف، وقالوا له إنه غير مخول بالتدخل في هذه القضية، وتحدثوا عن أطراف «مشبوهة» و «استخباراتية» مرتبطة بالقضية.

ووفق مصادر «الشرق الأوسط»، فإن الرئيس عباس نفسه أخبر حليلة في مرحلة مبكرة بأن ينأى بنفسه عن المسألة.

ويمثل اعتقال حليلة رسالة من السلطة بأنها ترفض أي طرح لتشكيل إدارات حتى لو من فلسطينيين لحكم قطاع غزة خارج إطارها الرسمي.

وكان عباس أكد مراراً أن السلطة ستحكم قطاع غزة بعد الحرب، ولا تمانع مشاركة عربية أو دولية.

وبدأت الأنظار تتجه لحليلة عندما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» قبل نحو شهر تقريراً أكد وجود اتصالات سرية خلف الكواليس لتعيين حليلة حاكماً لقطاع غزة.

وخرج حليلة وأكد التقرير، وقال إنه ليس جديداً، وإنه على تواصل مع كل الجهات المرتبطة بقضية غزة، وإنه تلقى بالفعل قبل أشهر طويلة اتصالاً من مقاول كندي يعمل مع الإدارة الأميركية، لتولي إدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن حليلة أنه موافق على التكليف ضمن إطار فلسطيني وتوافق عربي. وبعد جدل واسع قال حليلة إنه لن يقدم على الخطوة إلا بانتهاء الحرب، وفتح المعابر، والاتفاق على إعمار قطاع غزة، وبمباركة جميع الأطراف، بما فيها السلطة الفلسطينية، لكنه لم يقل إنه سيتنحى عن المسألة، ثم طالب، في مقابلة مع إذاعة «كان» الإسرائيلية، السلطة الفلسطينية و«حماس» بأن يفكرا في مصالح الشعب الفلسطيني قبل أي اعتبار آخر.

وحليلة، رجل اقتصاد معروف، شغل منصب الأمين العام للحكومة الفلسطينية التي قادها الراحل أحمد قريع في عام 2005، وترأس مجلس إدارة المعهد الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية، ومجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني (بال تريد)، والرئيس التنفيذي لشركة فلسطين للتنمية والاستثمار (باديكو)، ثم عين رئيساً لمجلس إدارة البورصة الفلسطينية منذ عام 2022 حتى مارس (آذار) الماضي.

كما شارك أيضاً في الوفد الفلسطيني المفاوض ضمن «اتفاقية أوسلو» مع إسرائيل في المجال الاقتصادي، وتسلم بعض ملفات بروتوكول باريس الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

المشرق العربي خيام يستخدمها النازحون الفلسطينيون في وسط قطاع غزة الذي يواجه أجواء ممطرة (رويترز) play-circle

مجلس الأمن يصوت على «قوة غزة» غدا... ومواجهة أميركية - روسية في الأفق

يصوت مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين على مشروع قرار أميركي بدعم دولي وإسلامي وعربي لتبني خطة الرئيس دونالد ترمب في شأن غزة، فيما ظهر شبح استخدام روسيا «الفيتو».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - أ.ب)

عباس يوجّه الحكومة ببحث مواءمة مناهج التعليم الفلسطينية مع معايير «اليونيسكو»

وجّه الرئيس الفلسطيني الحكومة بإرسال وفد رفيع المستوى للتشاور مع «اليونيسكو» حول مواءمة مناهج التعليم الفلسطينية للمعايير الدولية التي تعتمدها المنظمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي مسلحون من حركة «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتجهون إلى شرق مدينة غزة للبحث عن جثث الرهائن (أ.ب)

«حماس»: سنسلم إسرائيل جثة أحد الأسرى مساء اليوم

أعلنت «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم الخميس، أنها ستقوم بتسليم جثة أحد الأسرى الإسرائيليين في الثامنة من مساء اليوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمسك بيد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لدى وصوله الثلاثاء إلى قصر الإليزيه (د.ب.أ) play-circle

فرنسا تسعى لدعم خطة ترمب ووضعها في سياق «حل الدولتين»

هناك حرص فرنسي على دعم خطة ترمب ووضعها في سياق «حل الدولتين»، مع تحذير باريس من «تشطير» غزة بين إسرائيل و«حماس» إذا بقي «الخط الأصفر» قائماً.

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية جندي إسرائيلي أثناء اشتباك مع متظاهرين فلسطينيين قرب طولكرم في الضفة الغربية المحتلة - 7 نوفمبر الحالي (رويترز) play-circle

إسرائيل تطلق مناورات واسعة في الضفة تحاكي «7 أكتوبر محتملاً»

الجيش الإسرائيلي أطلق مناورات واسعة في الضفة تستهدف محاكاة هجوم محتمل يماثل 7 أكتوبر وتستهدف أيضاً رفع الجاهزية لصد هجمات أخرى حدودية وعبر الطائرات المسيرة.

كفاح زبون (رام الله)

«الاتحادية» العراقية تنهي عمل البرلمان وتحدد وظيفة «تصريف الأعمال» للحكومة

مؤيدو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحتفلون بفوزه الانتخابي في ساحة التحرير ببغداد 12 نوفمبر 2025 (أ.ب)
مؤيدو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحتفلون بفوزه الانتخابي في ساحة التحرير ببغداد 12 نوفمبر 2025 (أ.ب)
TT

«الاتحادية» العراقية تنهي عمل البرلمان وتحدد وظيفة «تصريف الأعمال» للحكومة

مؤيدو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحتفلون بفوزه الانتخابي في ساحة التحرير ببغداد 12 نوفمبر 2025 (أ.ب)
مؤيدو رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يحتفلون بفوزه الانتخابي في ساحة التحرير ببغداد 12 نوفمبر 2025 (أ.ب)

أنهت المحكمة الاتحادية العليا عمل مجلس النواب العراقي، وحكمت، الاثنين، بتحويل صلاحيات مجلس الوزراء وتحديدها بالأمور التي تتعلق بـ«تصريف الأمور اليومية».

ويأتي الحكم بعد أسبوع واحد من إجراء الانتخابات العامة التي من المقرر إعلان نتائجها النهائية اليوم، وسط تشكيك بعض الخبراء القانونيين بصحة الحكم الصادر، خاصة أن أعمال مجلس النواب تنتهي رسمياً في الثامن من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

في المقابل، تذهب آراء أخرى إلى أن القرار «يقطع الطريق أمام توظيف المنصب وموارد الدولة للعودة إلى السلطة»، في إشارة إلى سعي رئيس الوزراء محمد السوداني للفوز بولاية ثانية.

https://www.iraqfsc.iq/news.5413/

ووجدت المحكمة الاتحادية، في البيان الذي أصدرته، أن «يوم الاقتراع العام لانتخاب مجلس النواب الجديد (11 نوفمبر) يعني انتهاء ولاية مجلس النواب السابق، وانتهاء صلاحيته في سنِّ القوانين، وأعمال الرقابة على أداء السلطة التنفيذية من الناحية الفعلية».

عراقيون في مركز اقتراع في مدينة كركوك 11 نوفمبر 2025 (أ. ب)

ووجدت أيضاً أن ذلك يعني «تحول صلاحيات مجلس الوزراء من الصلاحية الكاملة إلى الصلاحية المحدودة في تصريف الأمور اليومية، والمتمثلة في اتخاذ القرارات، والإجراءات غير القابلة للتأجيل، التي من شأنها ضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة، والمرافق العامة بانتظام، واطراد».

ولا يحق لمجلس الوزراء بحسب الاتحادية «التوقيع على المعاهدات، والاتفاقيات الدولية، وإبرام العقود ذات التأثير في الجانب السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي للبلاد، كما لا يدخل من ضمنها اقتراح مشاريع القوانين، أو عقد القروض، أو التعيين في المناصب العليا في الدولة، أو الإعفاء منها، أو إعادة هيكلة الوزارات، والدوائر».

ورأت المحكمة أن «اليوم الذي يتم فيه إجراء الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب يعدُ حداً فاصلاً بين شرعية منتهية وأخرى متجددة». بمعنى أنها أخذت بنظر الاعتبار تاريخ 11 نوفمبر الجاري الذي جرت فيه الانتخابات، وأنهت أعمال البرلمان، والحكومة، ولم تأخذ بنظر الاعتبار تاريخ 9 يناير المقبل الذي ينتهي فيه عمل البرلمان بحسب المواد الدستورية.

وسبق أن أثار مقال لرئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، نشر في صحيفة «الشرق الأوسط»، جدلاً دستورياً حول موعد إجراء الانتخابات العامة الذي جرى في 11 نوفمبر (الجاري)، وذكر زيدان أن الموعد «مخالفة دستورية صريحة»، لأن الانتخابات يجب أن تجرى في 24 من الشهر نفسه، أي قبل (45) يوماً من تاريخ انتهاء الدورة النيابية القائمة. وبالنظر إلى أن الدورة الحالية بدأت في 9 يناير 2022، وتستمر (أربع سنوات تقويمية)، فإن الموعد الدستوري لإجراء الانتخابات، بحسب زيدان كان يجب أن يكون في 24 من نوفمبر الجاري.

مبنى المحكمة الاتحادية العراقية (أرشيفية)

وتنص المادة (56) من الدستور على أنه «أولاً: تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسةٍ له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة. ثانياً: يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة».

ويتواصل الجدل منذ أسبوعين حول طبيعة المادة 56، والشروط المتعلقة بإجراء الانتخابات، وإنهاء عمل البرلمان، والحكومة، وأتى الحكم الجديد للمحكمة الاتحادية ليزيد من سخونة تلك النقاشات.

وتحدث قاضي النزاهة السابق رحيم العكيلي لـ«الشرق الأوسط» عن فترة الـ45 يوماً من عمل البرلمان التي تجرى فيها الانتخابات، ورأى أن نص المادة 56 ثانياً «نص معيب الصياغة لقلة خبرة ومعرفة من وضعه».

وقال: «المقصود هو إجراء الانتخابات قبل ما لا يقل عن 45 يوماً من انتهاء عمر البرلمان، لأن المدة هنا هي مدة تنظيمية تستعصي طبيعتها أن تحدد بعدد حتمي، وإلا كانت معضلة تطبيقية، لأن القول بأنها 45 يوماً لا أقل ولا أكثر يكون أمراً تحكمياً لا معنى له، ولا غاية معتبرة خلفه».

ويعتقد العكيلي أن «في النص استخداماً خاطئاً للأعداد في الصياغة القانونية».

ومع ذلك، يشدد على أن «إجراء الانتخابات قبل أكثر من 45 يوماً -إذا اعتبرناه مخالفة دستورية- فإنها مخالفة لا تترتب عليها آثار، لأن مخالفة المدد التنظيمية لا يترتب عليها بطلان الإجراء، مثلها مثل مخالفة مدد تشكيل الحكومات التي غالباً ما اخترقناها في كل تجارب تشكيل الحكومات السابقة».


مصدر من السويداء يكشف عن تحضيرات أردنية لاستضافة وفد تطبيقاً لـ«خريطة الطريق»

الشيباني والصفدي والمبعوث الأميركي توم براك خلال مؤتمر صحافي في دمشق حول خريطة طريق للسويداء (إ.ب.أ)
الشيباني والصفدي والمبعوث الأميركي توم براك خلال مؤتمر صحافي في دمشق حول خريطة طريق للسويداء (إ.ب.أ)
TT

مصدر من السويداء يكشف عن تحضيرات أردنية لاستضافة وفد تطبيقاً لـ«خريطة الطريق»

الشيباني والصفدي والمبعوث الأميركي توم براك خلال مؤتمر صحافي في دمشق حول خريطة طريق للسويداء (إ.ب.أ)
الشيباني والصفدي والمبعوث الأميركي توم براك خلال مؤتمر صحافي في دمشق حول خريطة طريق للسويداء (إ.ب.أ)

كشف مصدر درزي في محافظة السويداء بجنوب سوريا، عن تحضيرات أردنية لعقد اجتماع في المملكة لوفد من أهالي المحافظة من أجل بحث تطبيق خريطة الطريق لحل الأزمة التي تعيشها منذ أشهر عدة. وبينما لم يتم تحديد موعد الاجتماع، ولم تُعرف طبيعة الشخصيات التي سيتألف منها الوفد (عسكرية، سياسية، ثقافية)، ذكر مصدر مقرب من الشيخ حكمت الهجري أن الأخير «لا علاقة له بهذا الوفد».

وقال المصدر الدرزي المعارض لسياسات الهجري، لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم إخباره من الأردن بتحضيرات تجريها المملكة لعقد اجتماع يضم شخصيات من أهالي السويداء وقد «تمت دعوتنا» للمشاركة فيه.

وأوضح المصدر، أنه لم يتم بعد تحديد موعد عقد الاجتماع بعد، كما لا توجد معلومات عن هوية الشخصيات التي ستتم دعوتها (عسكرية، سياسية، ثقافية)، ولا تفاصيل بعد عن برنامج الاجتماع.

مؤتمر صحافي للجنة التحقيق الوطنية بأحداث السويداء في وزارة الإعلام بدمشق يوم الأحد (سانا)

وأوضح مصدر قريب من الوساطات الجارية لتسوية أزمة السويداء، أن عقد اجتماع في المملكة لوفد من أهالي السويداء «ما زال قيد التحضير». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المبادرة الأردنية تتضمن البدء بتطبيق خريطة الطريق التي تم الإعلان عنها في دمشق بتاريخ 16 سبتمبر (أيلول) الماضي.

في المقابل، نشر مصدر مقرب من الهجري في حسابه على موقع «فيسبوك» نفياً للمشاركة في الاجتماع الذي يحضّر له الأردن بقوله: «لا علاقة للسويداء ولقائدها الشيخ الهجري بالوفد».

وأعلن عشرات المثقفين والناشطين في محافظة السويداء، الجمعة الماضي، مبادرة تحمل اسم «إعلان جبل العرب»، وقالوا إنها تهدف لإطلاق «مسار إنقاذ وطني يقوم على المواطنة والقانون والعدالة الانتقالية واحترام التنوّع» في المحافظة. وذكر أحد الناشطين الذين عملوا على المبادرة، أنه «لا علم لنا» حتى الآن إن كان سيتم توجيه دعوة لمثقفين وناشطين من السويداء للمشاركة في اجتماع عمان.

تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات بين مقاتلين من العشائر وفصائل درزية محلية في السويداء يوليو الماضي (د.ب.أ)

يذكر أن أزمة السويداء انفجرت اشتباكاتٍ دامية في يوليو (تموز) الماضي، بين فصائل مسلحة درزية ومسلحين من البدو وعشائر عربية وقوات من الحكومة السورية من جهة أخرى. وتدخلت إسرائيل عسكرياً في الاشتباكات بزعم حماية الدروز.

الحكومة السورية بدأت الإعلان عن خريطة الطريق للحل بدعم من أميركا والأردن لتنفيذ بنودها في مسعى لحل الأزمة؛ إذ فتحت طريق دمشق - السويداء وأمَّنت الحماية لها، مع إرسالها بشكل يومي قوافل المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية والطحين والمحروقات. كما أفرجت عن عشرات المحتجزين الدروز، بالإضافة إلى عملها المستمر لإرسال رواتب الموظفين الحكوميين، وتعاونها مع لجنة التحقيق الأممية التي زارت المحافظة مرتين.

«الهلال الأحمر السوري» يرعى تسليم موقوفين من أهالي السويداء (سانا)

بيد أن خطوات الحكومة لم تقابَل بالمثل من قِبل الشيخ الهجري، الذي استمر في إصدار بيانات معادية لدمشق، والمطالبة بانفصال السويداء عن الدولة السورية، بينما تصاعدت في الأيام القليلة الماضية عمليات استهداف نقاط تابعة لقوى الأمن الحكومية والقرى الواقعة تحت سيطرتها في ريف المحافظة من قِبل مسلحي الفصائل التابعة للهجري. وشهدت المحافظة ليلة الجمعة، اشتباكات بين فصائل مسلحة وقوات الأمن السوري؛ ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى من تلك القوات.


بعد 20 عاماً... أدلة تكشف تورط جنديين من «المارينز» في قتل عائلة عراقية

جنود أميركيون في العراق (أرشيفية - رويترز)
جنود أميركيون في العراق (أرشيفية - رويترز)
TT

بعد 20 عاماً... أدلة تكشف تورط جنديين من «المارينز» في قتل عائلة عراقية

جنود أميركيون في العراق (أرشيفية - رويترز)
جنود أميركيون في العراق (أرشيفية - رويترز)

كشف تحقيق أجرته شبكة «بي بي سي» البريطانية عن أدلة تُشير إلى تورط اثنين من مشاة البحرية الأميركية (المارينز)، لم يُحاكما قط، في مقتل عائلة في مدينة حديثة العراقية في محافظة الأنبار.

وتُثير الأدلة، ومعظمها إفادات وشهادات أُدلي بها في أعقاب عملية القتل، شكوكاً حول التحقيق الأميركي فيما حدث في ذلك اليوم، وتطرح أسئلة جوهرية حول كيفية محاسبة القوات المسلحة الأميركية.

وتعود الواقعة إلى يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، عندما اقتحم جنود مشاة البحرية الأميركية منزل عائلة بمدينة حديثة وأطلقوا النار على الأم والأب وأبنائهما الخمسة، بالإضافة إلى أخت الأم.

كان مقتل هذه العائلة، التي لم يتبق منها إلا طفلة تدعى صفاء، جزءاً مما عُرف لاحقاً بـ«مذبحة حديثة»، عندما قتل جنود مشاة البحرية الأميركية 24 مدنياً عراقياً، بينهم أربع نساء وستة أطفال، في أحد أسوأ الجرائم التي وقت بعد الغزو الأميركي للعراق في 2003. فقد اقتحم الجنود ثلاثة منازل، فقتلوا كل من كان بداخلها تقريباً، بالإضافة إلى سائق وأربعة طلاب في سيارة كانوا في طريقهم إلى الجامعة.

وأثارت هذه المذبحة أطول تحقيق أميركي في جرائم الحرب خلال حرب العراق، لكن لم يُدن أحدٌ في عمليات القتل.

وقال جنود مشاة البحرية إن إطلاق النار جاء «ردَّ فعلٍ» بعد مقتل أحد أفراد فرقتهم وإصابة اثنين آخرين في انفجار عبوة يدوية الصنع زُرعت على قارعة طريق في قرية حديثة.

لكن صفاء، التي كانت في الثالثة عشرة من عمرها آنذاك، قالت لـ«بي بي سي»: «لم نُتهم بأي شيء. لم يكن لدينا حتى أي أسلحة في المنزل».

ونجت صفاء من خلال التظاهر بالموت بين جثث أشقائها، الذين كان أصغرهم في الثالثة من عمره، لتصبح الناجية الوحيدة من بين عائلتها بأكملها.

تورط اثنين من «المارينز»

ووُجّهت في البداية تهمة القتل إلى أربعة من مشاة البحرية، لكنهم قدموا روايات متضاربة عن الأحداث، ومع مرور الوقت، أسقط المدعون العسكريون الأميركيون التهم الموجهة إلى ثلاثة منهم، مانحين إياهم حصانة من الملاحقة القانونية.

هذا جعل قائد الفرقة، الرقيب فرانك ووتريتش، الوحيد الذي واجه المحاكمة عام 2012.

الرقيب فرانك ووتريتش (رويترز)

وفي تسجيل فيديو لجلسة استماع ما قبل المحاكمة، لم يُبثّ من قبل، وحصلت عليه «بي بي سي» مؤخراً، تم استجواب أصغر عضو في الفريق، وهو الجندي هامبرتو ميندوزا، والذي أعاد تمثيل ما حدث في منزل صفاء.

وفي التسجيل، اعترف ميندوزا، الذي لم توجه إليه أي تهم، بقتل والد صفاء عندما فتح الباب الأمامي لمشاة البحرية.

وعندما سأله المحامي: «هل رأيت يديه؟» أجاب ميندوزا: «نعم سيدي»، ثم أكد أن والد صفاء لم يكن مسلحاً. فسأله المحامي: «لكنكم قتلتموه على أي حال؟» فأجاب: «نعم سيدي».

وفي تصريحاته الرسمية، كان ميندوزا قد ادعى في البداية أنه بعد دخوله المنزل، فتح الباب إلى غرفة النوم، حيث كانت صفاء وعائلتها، لكنه عندما رأى أن الغرفة كانت تضم نساءً وأطفالاً فقط، لم يدخل، بل أغلق الباب.

مع ذلك، في تسجيل صوتي تم اكتشافه حديثاً من محاكمة ووتريتش، يُقدم ميندوزا رواية مختلفة. حيث يقول إنه سار نحو 2.4 متر في غرفة النوم.

ويعدّ هذا أمراً بالغ الأهمية، وفقاً لخبير الطب الشرعي مايكل مالوني. فقد أرسلته وكالة التحقيقات الجنائية البحرية إلى حديثة في عام 2006 للتحقيق في المذبحة، وقام بفحص غرفة النوم التي قُتلت فيها عائلة صفاء.

وباستخدام صور مسرح الجريمة التي التقطها مشاة البحرية في وقت الحادث، استنتج أن اثنين من «المارينز» دخلا الغرفة وأطلقا النار على النساء والأطفال.

وعندما عرضت «بي بي سي» على مالوني التسجيل الذي يقول فيه ميندوزا إنه دخل الغرفة، قال خبير الطب الشرعي: «هذا مذهل بالنسبة لي، ما نسمعه الآن لم أسمع به من قبل».

وقال إن ذلك يُظهر أن ميندوزا كان يقف في المكان الذي استنتج مالوني أن مطلق النار الأول كان يقف فيه، عند نهاية السرير.

وأضاف مالوني: «لو سألتني: (هل هذا اعتراف من نوع ما؟) لقلت: (اعترف ميندوزا بذلك بكل شيء باستثناء إطلاق النار)».

وقدمت صفاء إفادة مصورة للمدعين العسكريين عام 2006، لكنها لم تُعرض في المحكمة، وصفت فيها كيف ألقى الجندي الذي فتح باب غرفة النوم قنبلة يدوية لم تنفجر، ثم دخل الرجل نفسه الغرفة وأطلق النار على عائلتها.

وميندوزا هو الجندي الوحيد الذي زعم أنه فتح الباب.

ولم ينكر جندي آخر، وهو ستيفن تاتوم، مشاركته في إطلاق النار، لكنه قال إنه تبع قائد الفرقة، ووتريتش، إلى غرفة النوم، وادعى في البداية أنه لم يكن يعلم بوجود نساء وأطفال هناك بسبب ضعف الرؤية.

ولكن في ثلاثة تصريحات لاحقة حصلت عليها «بي بي سي»، قدم تاتوم رواية مختلفة.

وقال لدائرة التحقيقات الجنائية البحرية في أبريل (نيسان) 2006: «رأيت أن الأطفال كانوا في الغرفة جاثين على ركبهم. لا أتذكر العدد الدقيق ولكن كان عددهم كبيراً. أنا مدرب على إطلاق رصاصتين على الصدر واثنتين على الرأس، وقد اتبعت تدريبي».

وبعد شهر من الإدلاء بهذا التصريح، قال تاتوم إنه «تمكن من التعرّف بشكل قاطع على هوية الأشخاص في الغرفة، وهم نساء وأطفال، قبل إطلاق النار عليهم».

ثم بعد أسبوع من ذلك، قال: «هنا رأيت الطفل الذي قتلته. على الرغم من علمي أنه طفل، فإنني قتلتُه». ووصف الطفل بأنه كان يرتدي قميصاً أبيض، واقفاً على السرير، وكان شعره قصيراً.

وادعى محامو تاتوم أن هذه الإفادات اللاحقة انتُزعت منه بالإكراه. وقد أُسقطت التهم الموجهة ضد تاتوم في مارس (آذار) 2008، وتم تجاهل أقواله في محاكمة ووتريتش.

وقال خبير الطب الشرعي مايكل مالوني إن إفادات ميندوزا وتاتوم تشير إلى أنهما الجنديان اللذان أطلقا النار على عائلة صفاء.

وطرحت «بي بي سي» الادعاءات على ميندوزا وتاتوم، لكن ميندوزا لم يُجب. وقد اعترف سابقاً بإطلاق النار على والد صفاء، لكنه قال إنه كان ينفذ الأوامر. ولم تُوجه إليه أي تهمة جنائية.

ومن خلال محاميه، قال تاتوم إنه يريد نسيان حادثة حديثة. ولم يتراجع عن شهادته بأنه أحد مطلقي النار في منزل صفاء.

تهمة «الإهمال والتقصير»

وصرح مالوني لـ«بي بي سي» بأن الادعاء «أراد أن يكون ووتريتش هو مطلق النار الرئيسي». ولكن قبل أن يتمكن مالوني من الإدلاء بشهادته، انتهت محاكمة ووتريتش بصفقة إقرار بالذنب.

وأصر ووتريتش على أنه لا يتذكر ما حدث في منزل صفاء، ووافق على الإقرار بالذنب في تهمة الإهمال والتقصير في أداء الواجب - وهي تهمة لا علاقة لها بأي تورط مباشر في عمليات القتل.

جنود أميركيون غرب العاصمة بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال محامي ووتريتش العسكري، هيثم فرج، وهو جندي بحرية سابق، لـ«بي بي سي» إن العقوبة كانت «تعادل صفعة على المعصم... مثل مخالفة السرعة».

وقال نيل باكيت، المحامي الرئيسي للدفاع عن ووتريتش، إن التحقيق والمحاكمة ضد موكله برمتهما كانا «فاشلَين».

وأضاف: «الادعاء، بمنح الحصانة لجميع شهوده وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم... جعل نفسه عاجزاً عن تحقيق العدالة في هذه القضية».

وأقرّ هيثم فرج بأن العملية كانت معيبة للغاية.

وقال: «دفعت الحكومة أموالاً لأشخاص ليأتوا ويكذبوا، ومنحتهم حصانة، وهكذا تمت إساءة استخدام العملية القانونية».

وأضاف أن «انطباعات الناجين عن أن المحاكمة كانت صورية دون نتيجة حقيقية، ودون معاقبة أحد، كانت صحيحة».

ولا تزال صفاء، البالغة من العمر الآن 33 عاماً، تعيش في حديثة ولديها ثلاثة أطفال. وتقول إنها لا تفهم كيف لم يُعاقب أي جندي على مقتل عائلتها.

وعندما عرضنا عليها فيديو ميندوزا، قالت: «كان يجب سجنه منذ لحظة وقوع الحادث، كان يجب أن يُحرم من رؤية النور».

وتقول عن اليوم الذي قُتلت فيه عائلتها: «يبدو الأمر كما لو أنه حدث العام الماضي. ما زلت أفكر فيه. أريد أن يُحاسب من فعلوا هذا وأن يُعاقبوا قانوناً. لقد مرّ ما يقرب من 20 عاماً دون محاكمة. هذه هي الجريمة الحقيقية».

ورداً على هذا التقرير، قالت قوات مشاة البحرية الأميركية إنها ملتزمة بإجراءات عادلة وعلنية بموجب القانون الموحد للقضاء العسكري، بما يضمن الإجراءات القانونية الواجبة. وأضافت أنها لن تعيد فتح التحقيق إلا إذا قُدّمت أدلة جديدة غير مدروسة ومقبولة.

ولم يستجب المدعي العام الرئيسي في القضية لطلب التعليق.