طهران تعلّق رحلاتها إلى بيروت حتى 18 فبراير

الجيش يردّ على اتهامات «حزب الله»: تدخلنا بعد إصابة 23 عنصراً في اعتصام السبت

خلال الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» مساء السبت على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
خلال الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» مساء السبت على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
TT
20

طهران تعلّق رحلاتها إلى بيروت حتى 18 فبراير

خلال الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» مساء السبت على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
خلال الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» مساء السبت على طريق المطار رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)

استجابت إيران للطلب اللبناني بتعليق رحلاتها الجوية إلى بيروت حتى 18 فبراير (شباط) الحالي كحد أدنى، في وقت لا تزال فيه تداعيات منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي مستمرة داخلياً، إذ ردّ الجيش اللبناني على اتهامات وُجّهت إليه خلال الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله»، السبت، مؤكداً أن تدخله لفض الاعتصام وفتح الطريق أتى بعد إصابة 23 عنصراً في صفوفه بينهم 3 ضباط.

والأحد، أعلن رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية حسين بورفرزانه تعليق الرحلات إلى لبنان حتى 18 فبراير (شباط) على الأقل بسبب «القضايا الأمنية التي تسود مطار بيروت حالياً». وقال بورفرزانه للصحافيين: «في ضوء ما دار خطياً بين منظمة الطيران المدني الإيرانية ولبنان، فقد طلب الجانب اللبناني منا، نظراً للظروف الأمنية الخاصة في بيروت، وإلغاء جميع الرحلات الخارجية، تعليق الرحلات الإيرانية المتجهة إلى هذا البلد حتى 18 من شهر فبراير».

وكانت السلطات اللبنانية قررت منع طائرتين كان مقرراً أن تقلعا، الخميس والجمعة، من طهران، من التوجه إلى مطار بيروت، بعد تبلّغ تحذير من الجانب الأميركي بأن إسرائيل «سوف تستهدف» المطار في حال هبوطهما، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر أمني، مشيراً إلى أنه «نقل للدولة اللبنانية عبر الأميركيين أن إسرائيل سوف تستهدف المطار في حال جاءت الطائرة الإيرانية، الخميس، إلى لبنان».

وفي بيان له، الأحد، طالب «حزب الله» الحكومة بـ«التراجع عن قرار منع الطائرات الإيرانية من الهبوط ‌‏في مطار بيروت، واتخاذ إجراءات جدية لمنع الجيش الإسرائيلي من فرض إملاءاته والتعدي على السيادة ‌‏الوطنية»، مع العلم أن وزير الأشغال اللبناني فايز رسامني كان قد أكد أنه يتم العمل على حل لإعادة اللبنانيين من إيران بكل الطرق المتاحة.

«حزب الله» والجيش

وفي وقت يواجه فيه «حزب الله» قرار السلطات اللبنانية بمنع هبوط الطائرة الإيرانية بالمواقف السياسية العالية السقف والتحركات الشعبية التي كان آخرها، يوم السبت، برز حملة ضد الجيش اللبناني، تصاعدت حدّتها إثر الاعتصام الذي دعا إليه الحزب، مساء السبت، على طريق المطار، حيث اتهم عناصر الجيش بـ«الاعتداء على المتظاهرين»، مطالباً بـ«إجراء تحقيق».

وتؤكد مصادر عسكرية في هذا الإطار، أنه حدث اعتداء على الجيش الذي ردّ عناصره على المعتدين، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «القوى الموجودة على الأرض هي التي تتخذ القرار بشأن كيفية الرد والتعامل مع الاعتداء عليها».

وقال الجيش في بيان: «توضيحاً لما يُتداول عبر وسائل الإعلام من تدخُّل الجيش خلال الاعتصام على طريق مطار رفيق الحريري الدولي، تؤكّد قيادة الجيش أنّه تم التنسيق مسبقاً مع منظمي الاعتصام لناحية الالتزام بالتعبير السلمي عن الرأي، وعدم قطع الطريق المؤدي إلى المطار، غير أن عدداً من المحتجين عمد لاحقاً إلى قطع الطريق والتعرض لعناصر الوحدات العسكرية المكلَّفة بحفظ الأمن، والتعدي على آلياتها، ما أدى إلى إصابة 23 عسكرياً، بينهم 3 ضباط، بجروح مختلفة، ما اضطر هذه الوحدات إلى التدخل لمنع التعدي على عناصرها وفتح الطريق».

وأكد أن «تدخُّل الجيش جاء تطبيقاً لقرار السلطة السياسية بهدف منع إقفال الطرقات والتعديات على الأملاك العامة والخاصة، ولضمان سير المرافق العامة والحفاظ على أمن المسافرين وسلامتهم، حفظاً على الأمن والاستقرار».

وكان «حزب الله» قال إن «الاعتصام الشعبي الذي نظّمه، السبت، استنكاراً للتدخل الإسرائيلي السافر في الشؤون اللبنانية ‌‏واستباحة السيادة الوطنية، كان تحركاً سلمياً وتعبيراً حضارياً عن موقف شعبي رافض للخضوع غير المبرر ‌‏للإملاءات الخارجية»، مشيراً إلى «أنّ المعتصمين فوجئوا بإقدام بعض عناصر الجيش اللبناني على إطلاق القنابل ‌‏المسيلة للدموع باتجاههم، في تصرّف مُستهجن يُشكّل اعتداءً غير مُبرّر على مواطنين سلميين. وهو ‌‏محاولة مشبوهة لزج الجيش في مواجهة مع أهله وشعبه».‏

ودعا الحزب «قيادة الجيش إلى فتح تحقيق عاجل عن هذا ‏الاعتداء المدان واتخاذ ‏الإجراءات المناسبة حفاظاً على دور المؤسسة العسكرية في حماية الاستقرار والسلم الأهلي». ‏

من جهة أخرى، أدان الحزب «الحادثة التي تعرضت لها قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، الجمعة، في ‌‏محيط ‏مطار رفيق الحريري الدولي، ويؤكد رفضه القاطع لأي استهداف لها، وكذلك لأي مسّ بالممتلكات ‏العامة ‏والخاصة».

ونفذ الحزب اعتصام، السبت، بعد الاعتداء على قافلة لـ«اليونيفيل» خلال تحرك الجمعة لمجموعة كانت ترفع أعلاماً وشعارات لـ«حزب الله» على خلفية منع هبوط الطائرة الإيرانية، ما أدّى إلى إصابة اثنين من ضباطها بجروح أحدهما نائب قائدها المنتهية ولايته، وعملت بعدها السلطات اللبنانية على معالجتها عبر توقيف أكثر من 25 مشتبهاً بهم في الاعتداء مع تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون على أن قوات الأمن «لن تتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد».

الجيش اللبناني يطلق الغاز المسيّل للدموع بعد الاعتداء على عناصره لتفريق المشاركين في الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)
الجيش اللبناني يطلق الغاز المسيّل للدموع بعد الاعتداء على عناصره لتفريق المشاركين في الاعتصام الذي دعا إليه «حزب الله» رفضاً لمنع هبوط طائرة إيرانية في بيروت (د.ب.أ)

رسالة سلبية

وتلقى تحركات «حزب الله» رفضاً لبنانياً واسعاً، ورأى حزب «الكتائب اللبنانية» في هذا الإطار، أن ما يقوم به «حزب الله» رسالة بالغة السلبية إلى الداخل والخارج والشعب سيواجهها.

وقال في بيان له: «يصر (حزب الله) على الوقوف في مواجهة اللبنانيين، أولاً عبر ترويعهم وقطع الطرقات والتعدي على القوى الأمنية الشرعية، وصولاً إلى الاعتداء على (اليونيفيل)، وثانياً عبر عراضات التحدي والتخوين، في محاولة خطرة لإعادة تثبيت معادلات سقطت إلى غير رجعة».

ورأى «الكتائب» أنه «كان من المفترض، بعد كل الويلات والدمار والموت والاحتلال التي جرَّها على لبنان، أن يفهم (حزب الله) أنه لا يمكنه التنصّل من الالتزامات التي وافق عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، كما أننا لن نسمح له بضرب مسيرة العهد الجديد وانطلاق عمل الحكومة؛ لأن اللبنانيين لن يساوموا على أمنهم واستقرارهم لأي حجة كانت».

وتأتي هذه الأحداث كأول اختبار بين «حزب الله» وعهد رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان يتولى قيادة الجيش في السنوات الماضية، وكان قد تعرض لحملة من قِبل الحزب خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة ومباحثات إنهاء الحرب وتطبيق القرار 1701 الذي ينص على بسط سلطة الجيش في كامل الأراضي اللبنانية.

عجز «حزب الله»

وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي علي الأمين أن «حزب الله» يبدو عاجزاً عن تقبُّل أن الجيش سيكون صاحب السلطة العسكرية في لبنان، وهو عجز عن الرد على ما تقوم به إسرائيل، لذا يسعى لتفجير غضبه داخلياً.

ويقول الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «إعادة الحياة للمؤسسات الدستورية رئاسة وحكومة، والانخراط في عملية تنفيذ القرار 1701 واستعادة هيبة الدولة وحضورها، يشكل تحدياً لـ(حزب الله) الذي، رغم وجوده في هذه الدولة ومشاركته في مؤسساتها، يبدو عاجزاً عن تقبُّل أن الجيش اللبناني سيكون صاحب السلطة العسكرية الممسك بزمام الأمن والمعبِّر عن نفوذ الحكومة وسيطرتها». وأوضح أن «الحزب لم يألف بعد هذه الحقيقة التي تترسخ بدعم داخلي وعربي ودولي؛ لذا فهو إن كان لا يبدي رسمياً أي اعتراض على دور الجيش، إلا أنه لا يفوت أي فرصة لمزيد من التشكيك في المؤسسة العسكرية من خلال التجييش ضده، وهذا ما تقوم به أدوات الحزب الإعلامية من جهة، ومن خلال دفع مناصريه إلى خلق التوترات في الشارع عبر قطع الطرقات، واستدراج الجيش إلى المواجهة كما جرى ويجري على طريق المطار بعد منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري».

وذكر الأمين أن «قرار منع الطائرة الإيرانية في بيروت، جاء بعد تهديد إسرائيلي بقصف المطار، ومنع الهبوط كان حصيلة تشاور شارك فيه الجميع خصوصاً رؤساء الجمهورية جوزيف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام». وقال: «كان يمكن لـ(حزب الله) أن يتوجه لهؤلاء رسمياً وعلناً، وأن يقدم حلولاً تحمي مطار بيروت، لكنه فضَّل دفع مناصريه إلى الشارع والاصطدام مع الجيش، بدل أن يستقيل من الحكومة مثلاً؛ لذا الأرجح أن (حزب الله) لم يعد لديه خيار إلا دفع مناصريه لمواجهة الجيش في محاولة لإحداث شرخ داخلي في سعي لإظهاره أنه عاجز أو غير مؤهل لأنْ يكون الممسك بالأمن والمتفرد بالسلاح».

وأكد الأمين أن «(حزب الله) يعجز عن الرد على ما تقوم به إسرائيل؛ لذا يسعى لتفجير غضبه داخلياً، وهو يدرك أن ذلك يعني صداماً مع الجيش والقوى الأمنية، ولا يبدو أنه يتردد في دفع مناصريه لذلك».


مقالات ذات صلة

لبنان يدعو الدول الراعية لاتفاق وقف النار لردع الاعتداءات الإسرائيلية

المشرق العربي رجل يمشي بجوار مركبات متضررة في موقع غارة إسرائيلية على مبنى بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle

لبنان يدعو الدول الراعية لاتفاق وقف النار لردع الاعتداءات الإسرائيلية

دعا وزير الدفاع الوطني اللبناني اللواء ميشال منسى الأربعاء الدول الراعية لاتفاق وقف النار لردع اعتداءات إسرائيل على السيادة اللبنانية

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري جندي في الجيش اللبناني بموقع الاستهداف الإسرائيلي للقيادي بـ«حزب الله» حسن بدير في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب) play-circle

تحليل إخباري إسرائيل تطارد المرتبطين بالملف الفلسطيني في لبنان منذ 25 عاماً

يندرج اغتيال إسرائيل للقيادي في «حزب الله» حسن بدير في ضاحية بيروت، فجر الثلاثاء، ضمن سلسلة ملاحقات تنفذها إسرائيل منذ 25 عاماً لقيادات معنية بالملف الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني أمام قلم اقتراع في انتخابات عام 2016 (أرشيف - أ.ف.ب)

«الداخلية» اللبنانية تحسم موعد إجراء الانتخابات المحلية

حسم وزير الداخلية والبلديات في لبنان أحمد الحجار الجدل حول فرضيات تأجيل الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في مايو المقبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (غيتي)

لبنان: إجراءات أمنية وقضائية لتخفيف اكتظاظ السجون

أعلنت السلطات اللبنانية أنها ستتخذ إجراءات لتخفيف الاكتظاظ في السجون، تبدأ من تفعيل محكمة في سجن رومية المركزي، بهدف تسريع المحاكمات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص امرأتان تغادران مسكنهما القريب من موقع استهداف إسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

خاص سكان الضاحية الجنوبية لبيروت يبحثون عن بديل آمن للإقامة

كثف سكان الضاحية الجنوبية لبيروت البحث عن خيارات سكنية بديلة، تكون على مقربة منها أو بعيدة قليلاً.

حنان حمدان (بيروت)

نتنياهو يُجزّئ غزة... وبن غفير يقتحم الأقصى


فلسطينيات يبكين أمام جثامين أقارب لهن قضوا بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس (أ.ب)
فلسطينيات يبكين أمام جثامين أقارب لهن قضوا بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس (أ.ب)
TT
20

نتنياهو يُجزّئ غزة... وبن غفير يقتحم الأقصى


فلسطينيات يبكين أمام جثامين أقارب لهن قضوا بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس (أ.ب)
فلسطينيات يبكين أمام جثامين أقارب لهن قضوا بغارة إسرائيلية في بيت لاهيا بقطاع غزة أمس (أ.ب)

فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، أن قواته تعمل على «تجزئة» قطاع غزة و«السيطرة» على مساحات فيه لاستعادة الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس»، اقتحم وزير الأمن الداخلي المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، وسط حماية من الشرطة الإسرائيلية.

وقال نتنياهو إن الجيش «يقوم بتجزئة القطاع، وزيادة الضغط تدريجياً لكي تعيد (حماس) رهائننا». وأشار نتنياهو إلى أن إسرائيل «تعمل على إنشاء ممر أمني جديد عبر غزة». كما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنه ينوي السيطرة عل أراض واسعة في غزة وتحويلها إلى «مناطق أمنية»، وكذلك في الضفة؛ من أجل تعزيز الاستيطان اليهودي.

من جهة أخرى، قاد الوزير المتطرف إيتمار بن غفير اقتحاماً للمسجد الأقصى، أمس، فيما أدانت السعودية، بأشد العبارات، الخطوة التي جاءت تحت حماية من شرطة الاحتلال، مجددةً استنكارها استمرار الاعتداءات الإسرائيلية السافرة على حرمة المسجد الأقصى.

وأعربت السعودية، عبر وزارة خارجيتها، عن إدانتها استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي عيادة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، مستنكرةً مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهداف المنظمات الأممية والإغاثية والعاملين فيها.