رئيس العراق: الحديث عن تأثير إيران «مبالغة كبيرة»... والفصائل تحت السيطرة

رشيد تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن «هواجس أمنية» حيال الوضع الجديد في سوريا

رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»
رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»
TT

رئيس العراق: الحديث عن تأثير إيران «مبالغة كبيرة»... والفصائل تحت السيطرة

رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»
رئيس العراق عبد اللطيف رشيد خلال حواره مع «الشرق الأوسط»

بينما كان رواد المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ينتظرون كلمة الرئيس الأميركي الجديد، رأى الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في التزام دونالد ترمب بإقرار السلام «خطوة إيجابية لحل النزاعات في العالم والشرق الأوسط».

ورأى الرئيس العراقي، في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، أن الحديث عن التأثير الإيراني على الفصائل المسلّحة في بلاده يحمل «مبالغة كبيرة»، مؤكّداً أن «جميعها يقع تحت سيطرة الحكومة العراقية».

وفي حين رحّب رشيد بالتصريحات «الإيجابية» الصادرة عن الإدارة السورية الجديدة، لم يُخفِ هواجس بلاده الأمنية من نشاط التنظيمات الإرهابية الموجودة على طول الحدود المشتركة بين البلدين، داعياً المجتمع الدولي إلى العمل على إيجاد حلول جذرية لمخيمات اعتقال الإرهابيين من مختلف الجنسيات.

أما في قضية أزمة المياه التي يعاني منها العراق، فحدّد رشيد عاملين يُسهمان في تراجع موارد نهري دجلة والفرات، معتبراً التعاون التركي والإيراني «مهماً للغاية» في حلّ هذه القضية.

وفيما يلي أبرز ما ورد في الحوار:

عودة ترمب

رحّب الرئيس العراقي بعودة نظيره دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. وقال إن «علاقاتنا جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ونشكر الموقف الأميركي لوقوفهم إلى جانبنا في محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، وقواتهم لا تزال موجودة في العراق».

ولفت رشيد، الذي أرسل تهنئة إلى ترمب بمناسبة إعادة انتخابه، أن الأخير كرّر مرات عدة أنه يودّ المساعدة في إنهاء حروب المنطقة والعالم، وإقرار الأمن والسلام في أنحاء العالم، عادّاً ذلك «خطوة إيجابية للجميع».

وفي ردّه على مدى استعداد الجيش العراقي لمواجهة التهديدات الإرهابية بعد انسحاب القوات الأميركية بحلول 2026، أشار الرئيس إلى تراجع حدّة التهديد الإرهابي في بلاده. وقال إن «العراق أصبح اليوم خالياً من الأنشطة الإرهابية، وما تبقى لا يتجاوز بعض جيوب (داعش) أو عناصر إرهابية أخرى، وهذا موجود في كل دول العالم تقريباً».

وتابع أنه بالنسبة إلى القوات الأميركية، «فهي موجودة بموجب اتفاقيات ثنائية، وبناءً على طلب الحكومة العراقية وبالتنسيق والتشاور مع القوى السياسية التي تشكل أساس البرلمان العراقي، وهي من تشارك في تشكيل السلطة التنفيذية واختيار رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب».

النفوذ الإيراني «مبالغة»

عدّ الرئيس العراقي الحديث عن التأثير الإيراني على الفصائل المسلّحة «مبالغة كبيرة».

وقال إن «هذه الفصائل تقع تحت سيطرة الحكومة العراقية. وباعتقادي، إن قادة الفصائل توصلوا بعد إنهاء الحرب في غزة إلى عدم الحاجة إلى استخدام السلاح أو الانخراط في الأعمال القتالية، خصوصاً بعد اتفاقية وقف القتال»، موضحاً أن «الحكومة الآن تفرض سيطرتها على الفصائل المسلحة وفق إجراءات وآليات تعمل عليها السلطات المعنية، للوصول إلى وضع يُنهي أي نشاط قتالي في هذه الظروف».

رأى رئيس العراق الحديث عن تأثير إيران على الفصائل المسلحة «مبالغة كبيرة» (الشرق الأوسط)

أما فيما يتعلّق بقضية نفوذ إيران في العراق أو سيطرتها على الفصائل، فإنها «قضية مبالَغ فيها للغاية»، وفق رشيد. وأوضح: «بالنسبة إلينا، فإن إيران دولة مهمة، علاقاتنا جيدة معها، لكننا أصحاب القرار في العراق، ولسنا تحت سيطرة أو إرادة أي دولة».

وتابع أن «ذلك جاء نتيجة نضال طويل قاده الشعب العراقي، فنحن حاربنا الديكتاتورية لفترة طويلة، وربّما أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. كما عانينا من الأعمال الإرهابية لفترة طويلة، وقبلها عانينا من مشكلة الحصار الاقتصادي. لكن اليوم، عاد الأمن والاستقرار إلى العراق، ولا نحاول تحسين علاقاتنا مع كل دول الجوار فحسب، وإنما تقويتها. كما نحاول تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة، بما يصبّ في مصلحة الجميع».

واسترسل: «منطقتنا تاريخية وحضارية، تعدّ من أهم المناطق، وهي تزخر بموارد طبيعية أكثر من أي منطقة من مناطق دول الجوار، ولذلك يجب أن نتمتع بخيراتنا، وأن ننعم بالأمن والسلام والعمل على الاهتمام بحل مشكلات دول الجوار».

هواجس أمنية

عند سؤاله حول ما إذا كان لدى العراق هواجس أمنية حيال التطورات التي تشهدها سوريا، جاء ردّ رشيد حاسماً بالإيجاب.

وقبل الخوض في طبيعة هذه الهواجس، حرص رشيد على التذكير بمحاولات بلاده لدعم سوريا. وقال: «حاولنا حتى خلال حقبة حكم نظام بشار الأسد، عدة مرات، الإسهام في إيجاد حلول لتسوية الوضع في سوريا. سوريا مهمة للشرق الأوسط، وتتقاسم حدوداً مع عدد من دول المنطقة. لكن نظام بشار، لم يستثمر (محاولاتنا) مع الأسف. فقد دعمنا عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وحاولنا تقريب وجهات النظر بين النظام السوري والفصائل المختلفة».

جنود من الجيش العراقي ينتشرون عند سياج خرساني ممتد على أجزاء من الحدود مع سوريا (إعلام أمني)

وذكّر الرئيس العراقي بأن بلاده لم تقطع علاقتها بسوريا واستمرّت في محاولات دعمها، قائلاً إن ذلك «لا يعني أننا كنا راضين عن النظام وتصرفات الحكومة السورية. بالعكس، كنا دوماً ننتقد ونشجع النظام السوري على تحسين الأوضاع في سوريا».

أما اليوم، «فنتمنى للإدارة الجديدة في سوريا التوفيق والنجاح في تحسين الوضع، لكن الأمور ليست واضحة بشكل جيّد حتى الآن». ورحّب الرئيس العراقي بالتصريحات الإيجابية لقائد الإدارة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، بشأن عزمه على المضيّ في تحسين الوضع في سوريا.

قوة من الجيش العراقي خلال عملية سابقة استهدفت تنظيم «داعش» في صحراء الأنبار (إعلام وزارة الدفاع)

أما بالنسبة إلى الجانب الأمني، فقال رشيد: «نحن نتقاسم حدوداً طويلة مع سوريا، والواقع أن هناك عدداً كبيراً من المنظمات الإرهابية على الحدود العراقية-السورية، وذلك يُقلقنا. وينبغي على المجتمع الدولي العمل على إيجاد حلول جذرية لأزمة الإرهابيين في مخيمات الاعتقال الذين يحملون جنسيات مختلفة».

أزمة المياه

تفاقمت أزمة شحّ المياه التي يعاني منها العراق خلال السنوات الماضية، مفاقمةً معها التداعيات على الاقتصاد والأمن الغذائي.

وقال رشيد إن «أزمة المياه موجودة في الوقت الحاضر، وحلولها موجودة كذلك. والحلول باعتقادي سهلة إذا كانت هناك نية حقيقية وجدّية لحل هذه المشكلة»، مُحدداً عاملين أساسيين يساهمان في ذلك.

يتعلّق العامل الأول، وفق الرئيس، بسلوك دور الجوار. فالعراق يعتمد بشكل كبير على نهري دجلة والفرات، مع وجود منابعهما خارج بلاده، «غالبيتها في تركيا، كما أن هناك بعض الروافد من إيران». وعدّ الرئيس العراقي «تعاون إيران وتركيا ضرورياً ومهماً للغاية» لحلّ هذه القضية.

مشهد من مدينة العمارة يُظهر مدى انحسار مياه نهر الفرات في مارس 2023 (رويترز)

وقال رشيد: «تاريخياً، لم تكن هناك سدود أو حواجز اصطناعية على نهرَي دجلة والفرات في تركيا. أما اليوم فتم إنشاء عدة سدود على منابع النهرين التي تحجز المياه عنهما. وهذا أحد الأسباب الرئيسية لمشكلة المياه» التي يعاني منها العراق». أما بالنسبة إلى إيران، «فإننا نتشاور معها حول قضية المياه ونعمل معاً لحل هذه المشكلة. وكثيراً ما كانوا يستجيبون لمطالب العراق، ولذلك نؤكد أن العراق لم يأخذ حصته العادلة من المياه».

وعبّر الرئيس العراقي عن أمله في حلّ قضية المياه بطريقة سلمية وبالتفاهم، «وليس بالصراعات والنزاعات المسلحة»، وذلك لمصلحة أهل المنطقة.

أما العامل الثاني الذي يسهم في أزمة المياه فيتعلّق بالمناخ، و«هذه قضية لا يمكن السيطرة عليها، لكننا بحاجة إلى الاستفادة من كميات الأمطار الموجودة لدينا من أجل الزراعة، وتربية المواشي، فضلاً عن تخزين المياه الجوفية». كما أقرّ الرئيس «بعدم اتباع العراق وسائل الري الحديثة وغياب الإدارة الرشيدة لملف المياه داخلياً».


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو من دافوس إلى إعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي

الاقتصاد وفد السعودية رفيع المستوى في ختام «منتدى دافوس» مع المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى كلاوس شواب (واس)

السعودية تدعو من دافوس إلى إعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي

دعت السعودية إلى «إعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي»، الذي يمر باضطرابات شديدة وتوترات تجارية؛ ما يؤثر على معدلات النمو العالمية ومن ثم مستوى معيشة الفرد.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
الاقتصاد جلسة «آفاق الاقتصاد العالمي» في اليوم الأخير من اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي (إ.ب.أ)

السعودية تعلن استضافة اجتماع دوري للمنتدى الاقتصادي العالمي

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة، بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، سوف تعقد اجتماعاً دولياً رفيع المستوى للمنتدى.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
خاص وزير السياحة السعودي متحدثاً في جلسة حول «مستقبل السفر» في دافوس 22 يناير (المنتدى الاقتصادي العالمي)

خاص وزير السياحة السعودي: الفعاليات الرياضية استقطبت 2.5 مليون سائح

قال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب إن قطاع السياحة أصبح يساهم بنحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

نجلاء حبريري (دافوس)
المشرق العربي رأى رئيس العراق الحديث عن تأثير إيران على الفصائل المسلحة «مبالغة كبيرة» (الشرق الأوسط)

الرئيس العراقي لـ«الشرق الأوسط»: الحديث عن التأثير الإيراني مبالغ فيه

رأى الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن الحديث عن التأثير الإيراني في بلاده يحمل «مبالغة كبيرة»، مؤكّداً أن «جميع الفصائل المسلحة تقع تحت سيطرة الحكومة».

نجلاء حبريري (دافوس)
الولايات المتحدة​ ترمب متحدثاً عبر الفيديو إلى المشاركين في منتدى دافوس أمس (أ.ف.ب)

ترمب لروّاد «دافوس»: استثمروا في أميركا وإلّا واجهوا الرسوم

بعد ثلاثة أيام من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، خاطب دونالد ترمب حشداً من نخبة المستثمرين والرؤساء التنفيذيين والسياسيين في منتدى دافوس، في كلمة تفاعلية

نجلاء حبريري (دافوس)

مقتل عنصر من «حماس» في اشتباكات مع جيش الاحتلال بالضفة

مدرَّعات إسرائيلية تمر على الطريق خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
مدرَّعات إسرائيلية تمر على الطريق خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

مقتل عنصر من «حماس» في اشتباكات مع جيش الاحتلال بالضفة

مدرَّعات إسرائيلية تمر على الطريق خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
مدرَّعات إسرائيلية تمر على الطريق خلال عملية عسكرية في مخيم نور شمس للاجئين بالقرب من مدينة طولكرم بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

قالت حركة «حماس»، اليوم الاثنين، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل أحد عناصرها في الضفة الغربية.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن شاباً فلسطينياً، يبلغ من العمر 20 عاماً، قُتل في اشتباكات مع جنود الاحتلال الإسرائيلي في مخيم نور شمس بالضفة الغربية المحتلة.

يُذكر أنه في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، شنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي أكبر عملية عسكرية في الضفة الغربية منذ فترة طويلة، كما انتشر قوات الاحتلال في مدن أخرى بالضفة.

وتُعدّ مخيمات اللاجئين في الجزء الشمالي من الضفة الغربية مَعاقل للمقاتلين الفلسطينيين، وقد فرّ كثيرون من المدنيين من المناطق المحاصَرة، وفق ما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

فلسطينيون يرفعون أيديهم قبل إخراجهم أمس من منازلهم في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

في سياق متصل، أفاد التلفزيون الفلسطيني، في وقت مبكر من اليوم، بأن قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل كثيف في مخيم طولكرم بالضفة الغربية. ووسَّعت إسرائيل حملتها لتشمل مناطق جديدة في الضفة الغربية؛ ومنها مخيم نور شمس، بعد هجمات مماثلة شهدت مقتل العشرات في جنين وطولكرم، بالإضافة إلى هدم عشرات المنازل.

تصاعد الدخان عقب انفجار أثناء عملية عسكرية إسرائيلية أمس في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

كانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت مقتل 70 فلسطينياً في الضفة الغربية، منذ بدء عام 2025. وكان الوضع المتوتر بالفعل في الضفة الغربية قد تصاعد بشكل كبير منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023