تقدم «الفصائل» أربكهم... سكان دمشق «لا يفهمون» أحداث آخر أسبوع

تسمّروا أمام الشاشات لمتابعة التطورات الميدانية المتسارعة

أشخاص يسيرون بالقرب من ملصق للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من ملصق للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
TT
20

تقدم «الفصائل» أربكهم... سكان دمشق «لا يفهمون» أحداث آخر أسبوع

أشخاص يسيرون بالقرب من ملصق للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من ملصق للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

قرّر الطالب الجامعي شادي، يوم الجمعة، ملازمة منزله في عطلة نهاية الأسبوع، لمتابعة الأخبار المتسارعة، مع تقدّم فصائل سورية مسلحة إلى مدن رئيسة خلال الأيام الماضية؛ ما يعكس قلقاً يشاطره فيه كثيرون من سكان العاصمة دمشق.

ويقول الشاب الذي تحفّظ عن ذكر اسمه الكامل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم أرغب بالخروج من المنزل، والجميع فضّل أن يتابع الأخبار داخل منزله وأن يبقى قرب عائلته». ويُضيف في حين تصل إشعارات متلاحقة إلى هاتفه الجوال تثير قلقه: «لم نعد نفهم شيئاً، فتطورات الأخبار أسرع من قدرتنا على استيعاب كل ما جرى خلال أسبوع واحد فقط».

حركة محدودة للغاية

منذ أيام، يعيش سكان دمشق على غرار مدن سورية أخرى على إيقاع الأخبار والرسائل النصية حول التطورات الميدانية التي لم تشهد البلاد لها مثيلاً منذ سنوات. فمنذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تشنّ فصائل مسلحة تقودها «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة») هجوماً غير مسبوق ضد الجيش السوري، بدأته في شمال سوريا.

وتمكّنت تلك الفصائل من التقدم إلى مدينتَي حلب وحماة (وسط) بعد إعلان الجيش السوري إعادة تموضعه في المنطقة، مع مواصلة استهدافه لـ«المجموعات الإرهابية»، في إشارة إلى الفصائل المسلحة.

واقتربت تلك الفصائل، الجمعة، من مدينة حمص في وسط البلاد، حيث أكد الجيش السوري أنه موجود لـ«صدّ أي هجوم إرهابي»، في حين أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، وعمادها المقاتلون الأكراد، انتشارها في مناطق في محافظة دير الزور (شرق) كانت تحت سيطرة القوات الحكومية. ويقول شادي: «القلق مُعدٍ، لكنه لا يفيد في أوقات مماثلة، ومن الأفضل الحفاظ على الهدوء».

وشدّدت الحواجز الأمنية المنتشرة في محيط العاصمة خلال الأيام الماضية إجراءات التفتيش والتدقيق. وشهدت مطاعم ومقاهي منطقة باب شرقي في المدينة القديمة حركة محدودة للغاية، في حين أغلقت بعض المحلات أبوابها باكراً في ظل نقص عدد الزبائن.

«لا للهلع»

وتغذّي التطورات وحالة القلق انتشار الشائعات والأخبار المضلّلة. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر تصاعد الدخان قرب ساحة الأمويين في دمشق، مرفقاً بتعليق يفيد باشتباكات قرب مبنى الأركان، لكن تبيّن أن المقطع المتداول قديم ولا علاقة له بالأحداث الحالية.

وفي وقت لاحق، نبّهت وزارة الدفاع من مقاطع فيديو «كاذبة ومفبركة حول حدوث انفجارات في مقرّ الأركان». ودعت المواطنين إلى «الوعي بهذه الأكاذيب ومعرفة أبعادها التي تستهدف نشر الفوضى والذعر في صفوف المدنيين».

وتقول جورجينا (32 عاماً)، من دون ذكر عائلتها، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أسمع الكثير من الشائعات (...) نزلت إلى دمشق القديمة ووجدت أن الحركة روتينية... لكن الجميع يتابعون الأخبار».

ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» الروسية عن مراسلها أن «الوضع هادئ في دمشق، ولا انفجارات أو قتال». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الجمعة، عن خطباء المساجد في دمشق دعوتهم إلى «عدم الهلع والخوف (...) والوقوف صفاً واحداً خلف الجيش السوري للدفاع عن الوطن».

انهيار الليرة

وعلى وقع التطورات الميدانية، أرجأت جامعة دمشق الامتحانات إلى موعد يحدّد لاحقاً. كما أرجأ الاتحاد السوري لكرة القدم مباريات الدوري «حتى إشعار آخر» بسبب «الأوضاع الأمنية الراهنة».

أشخاص يقفون أمام متجر في المدينة القديمة بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
أشخاص يقفون أمام متجر في المدينة القديمة بالعاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

وعلى وقع التطورات الأمنية، توقفت بعض الإذاعات المحلية عن بثّ البرامج الترفيهية، وحوّلت برامجها إلى نشرات أخبار وأغانٍ وطنية. وخصّصت قنوات التلفزة الرسمية تغطيتها لاستقبال محللين سياسيين ومراسلين من مناطق تدور فيها المعارك. وبين وقت وآخر، تبث لقطات من ساحات رئيسة وتنفي «الشائعات» عن سيطرة الفصائل المسلحة على مناطق إضافية.

وفي موازاة ذلك، سجّل سعر صرف الليرة مقابل الدولار مستوى غير مسبوق؛ إذ بلغ 19 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وفق التجار. ويقول أمين (56 عاماً)، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية: «يندفع الناس لشراء الخبز والأرز والسكر ومواد التنظيف. اليوم طلبت من المستودعات مرتين إحضار بضاعة لتلبية الطلب المتزايد».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي لسوريا: صدور الإعلان الدستوري «قد يسد فراغاً قانونياً»

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه غير بيدرسون المبعوث الأممي لسوريا في دمشق 20 يناير 2025 (الرئاسة السورية) play-circle

المبعوث الأممي لسوريا: صدور الإعلان الدستوري «قد يسد فراغاً قانونياً»

رحب غير بيدرسون المبعوث الأممي لسوريا بالخطوات المتخذة لاستعادة سيادة القانون في البلاد، وقال إن صدور الإعلان الدستوري في دمشق «قد يسد فراغاً قانونياً مهماً».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مسيرة تضامنية لأكراد سوريا مع قوات (قسد) في مدينة القامشلي بعد تعرض مقراتها لضربات تركية جوية في يناير 2023 (الشرق الأوسط)

الأكراد ينتقدون الإعلان الدستوري: «يتنافى» مع تنوع سوريا

انتقدت الإدارة الذاتية الكردية، الخميس، الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، معتبرة أنه «يتنافى» مع تنوع سوريا

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (القامشلي)
المشرق العربي الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع يوقع الخميس على الإعلان الدستوري للبلاد وإلى جانبه وزير الخارجية أسعد الشيباني في القصر الرئاسي في دمشق (أ.ف.ب)

باريس تنبه دمشق بأنها تحت المجهر والتعامل معها مرهون بأدائها

ربطت باريس استمرار العمل برفع العقوبات أو التخلي عن عقوبات جديدة بمحاكمة المسؤولين عن المجازر الأخيرة في سوريا.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي روسيا تنتقد حكام سوريا الجدد في اجتماع مغلق للأمم المتحدة وتحذر من صعود المتطرفين (أ.ب)

روسيا تنتقد قادة سوريا الجدد بشدة في اجتماع مغلق للأمم المتحدة

قال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن روسيا انتقدت بشدة حكام سوريا الجدد في اجتماع مغلق للأمم المتحدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عدت «انتفاضة 14 آذار» أكبر تجمع شعبي في لبنان (أرشيفية)

بعد 20 عاماً على «14 آذار»... المطالب اللبنانية بدأت تتحقق

بعد 20 عاماً على «ثورة 14 آذار» بدأت معالم الحلم والمطالب التي رفعها الأفرقاء اللبنانيون تتحقَّق مع التبدلات الداخلية والخارجية.

كارولين عاكوم (بيروت)

تقرير: أميركا وإسرائيل تواصلتا مع دول أفريقية لاستقبال الفلسطينيين من غزة

أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة مجانية قبيل الإفطار في رفح بقطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة مجانية قبيل الإفطار في رفح بقطاع غزة (رويترز)
TT
20

تقرير: أميركا وإسرائيل تواصلتا مع دول أفريقية لاستقبال الفلسطينيين من غزة

أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة مجانية قبيل الإفطار في رفح بقطاع غزة (رويترز)
أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة مجانية قبيل الإفطار في رفح بقطاع غزة (رويترز)

نقلت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء اليوم (الجمعة)، عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في 3 دول بشرق أفريقيا لمناقشة استخدام أراضيها لإعادة توطين الفلسطينيين من قطاع غزة.

وذكرت الوكالة عن المصادر أن التواصل تم مع مسؤولين من السودان والصومال ومنطقة أرض الصومال الانفصالية بشأن المقترح. وأضافت الوكالة أن مسؤولين سودانيين قالوا إنهم رفضوا المقترح الأميركي، وقال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنه لا علم لديهم بأي تواصل في هذا الصدد.

فلسطينيون يصطفون لملء عبواتهم بالماء في مخيم للنازحين غرب جباليا بشمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصطفون لملء عبواتهم بالماء في مخيم للنازحين غرب جباليا بشمال غزة (أ.ف.ب)

ووافق الزعماء العرب في وقت سابق من هذا الشهر، على خطة مصرية لإعادة إعمار غزة بقيمة 53 مليار دولار قد تؤدي إلى تفادي تهجير الفلسطينيين من القطاع، على خلاف رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتحويل قطاع غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط». وأسفر الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع خلال الأشهر السبعة عشرة الماضية عن مقتل عشرات الآلاف.

واقترح ترمب سيطرة أميركية على قطاع غزة من أجل إعادة إعماره، بعد أن اقترح في وقت سابق إعادة توطين الفلسطينيين بشكل دائم خارجه. وفاقمت خطة ترمب المخاوف الراسخة بالفعل لدى الفلسطينيين من تهجيرهم بشكل دائم من ديارهم، كما قوبلت برفض دولي واسع النطاق.