هل يمتلك لبنان مقومات الصمود؟

تهافت «مضبوط» على المواد الغذائية والمحروقات

طفل مصاب في القصف الإسرائيلي على الجنوب يتلقى العلاج في المستشفى (أ.ف.ب)
طفل مصاب في القصف الإسرائيلي على الجنوب يتلقى العلاج في المستشفى (أ.ف.ب)
TT

هل يمتلك لبنان مقومات الصمود؟

طفل مصاب في القصف الإسرائيلي على الجنوب يتلقى العلاج في المستشفى (أ.ف.ب)
طفل مصاب في القصف الإسرائيلي على الجنوب يتلقى العلاج في المستشفى (أ.ف.ب)

صحيح أن اللجنة الوطنية لتنسيق عمليات مواجهة الكوارث والأزمات، كما معظم الوزارات اللبنانية، كانت تستعد منذ أشهر لاحتمال توسع الحرب التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن وضع مؤسسات الدولة الأقرب إلى حالة الاهتراء والتداعي، وبخاصة نتيجة الأزمة المالية التي انفجرت عام 2019، ستجعل من الصعب استمرار حالة الصمود طويلاً.

تهافت على سحب الأموال

وتهافت اللبنانيون منذ يوم الاثنين، أي مع توسيع إسرائيل عملياتها العسكرية، إلى المصارف والصرافات الآلية لسحب ما توافر من أموال خوفاً من تطور الأمور دراماتيكياً، كذلك لجأ كثيرون لمحاولة الحصول على كميات كبيرة من الخبز والطحين والمحروقات. إلا أن الوضع بحسب المعنيين، لم يخرج عن السيطرة، وتراجع هذا التهافت يوم الثلاثاء.

وقالت ل. ن (58 عاماً)، وهي صاحبة إحدى السوبرماركات في جبل لبنان، إن «العشرات تهافتوا لشراء الخبز والطحين بشكل أساسي، لكننا لم نشهد محاولات تخزين كبيرة بحيث عمد كثيرون لشراء عدد محدود من المعلبات». وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «كما أننا طلبنا كميات إضافية من البضائع من التجار وتمت تلبية مطالبنا سريعاً... لكننا نخشى أن تتطور الأمور نحو الأسوأ عسكرياً ما سينعكس عندها بشكل مباشر على كل القطاعات».

السلع متوافرة

وفيما كشف وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام عن توجه لوضع «خطّة وقائيّة كي لا نشهد انقطاعاً بالمواد الغذائيّة والمحروقات»، طمأن المدير العام للوزارة الدكتور محمد أبو حيدر أنه «على مستوى الأمن الغذائي هناك مخزون يكفي لما بين 3 و4 أشهر. وما دام البحر مفتوحاً فلا مشكلة لدينا، علماً بأننا قمنا بإجراءات إضافية لتسهيل إخراج البضائع، فبات يُسمح لمستوردي المواد الغذائية أن يتقدموا بطلباتهم أونلاين من ضمن مكننة عمل الوزارة لتأشير البيان الجمركي». وأشار أبو حيدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «خلال فترة بعد ظهر الاثنين شهدنا ضغطاً ببعض السوبرماركات الموازية لأطراف بيروت، لكن عادت الأمور، الثلاثاء، لطبيعتها... ونحن ندعو الناس لعدم التهافت على شراء السلع؛ لأن كل المواد متوافرة ولا داعي لأي عملية تخزين».

وأوضح أبو حيدر أن «المشتقات النفطية كذلك متوفرة بشكل كبير، ومخزون الغاز المنزلي يكفي لشهر أو شهرين، وكذلك البنزين والمازوت».

سلسلة الإمداد

من جهته، أكد رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي أن لا أزمة راهناً على صعيد تأمين المواد الغذائية ما دامت سلسلة الإمداد مؤمنة، أي أن المرفأ والمطار يعملان، خزانات المحروقات بأمان، الإنترنت والمواصلات والطرقات مؤمنة وغير مقطوعة، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تضرر إحدى الحلقات يوقف عمل السلسلة.

وأشار البحصلي إلى أن «يوم الاثنين كان يوماً مفصلياً في الحرب الدائرة مع خروج الناس من منازلهم نازحين، وانطلاق المعركة الحقيقية، ما أدى لبعض الزحمة في السوبرماركت ما يُعد أمراً طبيعياً»، موضحاً أنهم يستعدون لكل السيناريوهات بما فيها «جنون الطلبيات، لكننا لن نعطي التجار إلا حاجتهم؛ حفاظاً على سلامة المخزون، وتوزيع البضائع بشكل عادل على كل المناطق».

وكان المكتب الإعلامي لوزارة الاقتصاد والتجارة طمأن المواطنين إلى أن «مخزون القمح المتوافر في السوق المحلية كاف لشهرين على الأقل»، لافتاً إلى أن «الوزارة تواصل بالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان استمرارية توافر هذه المواد الأساسية بشكل منتظم ودون أي انقطاع، وشحنات إضافية ستصل قريباً».

عائلة لبنانية هاربة من القصف الإسرائيلي على الجنوب (أ.ف.ب)

دعم مادي للمستشفيات

وتشهد المستشفيات، منذ الأسبوع الماضي، زحمة كبيرة بُعيد الهجمات السيبرانية التي طالت آلاف مقاتلي «حزب الله»، ويجري التركيز حالياً على تقديم الدعم لها للاستمرار. وفي هذا الإطار أعلن وزير الصحة فراس أبيض أنه اجتمع مع وزير المال، وتقرر دفع جزء من مستحقات المستشفيات التي قال إنها «لم تقصّر مع المرضى في ظلّ هذه الظّروف، وقدّمت كلّ الإمكانات وعملت على مدار ساعات طويلة في غرف عمليّات لم تهدأ».

وزير الصحة اللبناني فاس الأبيض

من جهته، أمل نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون «ألا تستمرّ الحرب لأسابيع عدّة حتّى تظلّ الطواقم قادرة على القيام بواجباتها مثل اليوم». وشدد على أن «المستشفيات بحاجة إلى دعم مادي، وهذا ما يعمل عليه وزير الصحة، وعهدٌ علينا أن نبقى في الخطوط الأمامية بوجه العدو المتوحّش»، مضيفاً: «هناك مشكلة مالية كبيرة نتعاون مع الوزير لحلّها، وإذا لم تُحلّ فقد تتوقف مستشفيات عن العمل تباعاً».

خلية أزمة

أما وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان، فأكد أن «وزارة الصناعة تعمل بمثابة خلية أزمة وطوارئ»، لافتاً إلى أن «التكامل بين الوزارة والقطاع الإنتاجي قائم على التعاون والتنسيق وتضافر الجهود للاستمرار في عجلة تصنيع مختلف المنتجات الاستراتيجية؛ كالدواء والمستلزمات الطبية والاستشفائية والبنج والتعقيم والألبسة الخاصة بالأجهزة الطبية، والمنتجات الأساسية الغذائية والضرورية؛ كأدوات التنظيف وحاجات التصنيع والآلات».

وقال: «هناك وعي عالي الدرجة واستعداد وجهوزيّة كاملة؛ لأن العدوان كبير، ويستدعي الاستنفار العام والمواجهة لتخفيف المخاطر واستيعاب الضربات بأقلّ الخسائر».

شاب يحمل قطته ويهرب بها من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعلق القصف على قرية في جنوب لبنان بناء على طلب الجيش اللبناني

المشرق العربي بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من مستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

إسرائيل تعلق القصف على قرية في جنوب لبنان بناء على طلب الجيش اللبناني

قال متحدث عسكري إسرائيلي إن إسرائيل علقت هجوماً كانت تخطط لشنه على قرية في جنوب لبنان اليوم السبت بعد أن طلب الجيش اللبناني الوصول إلى الموقع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إجراءات الجيش اللبناني بالجنوب تجبر إسرائيل على تجميد قصف مبنى «مؤقتاً»

حال تدخل الجيش اللبناني دون قصف جوي لمنزل هدده الجيش الإسرائيلي بإنذار إخلاء، حيث دخل الجيش إلى المبنى الواقع في بلدة يانوح بجنوب لبنان وفتشه مرة أخرى

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ب)

خاص «حزب الله» يهرب من الضغوط علي «القرض الحسن» بإنشاء مؤسسات جديدة

بدأت مؤسسة «القرض الحسن» الذراع المالية لـ«حزب الله» في لبنان بخطة تحويل جزء من خدماتها نحو مؤسسة تجارية كجزء من «سياسة تموضع قانوني» في ظل الضغوط لإغلاقها

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي عائلات أسرى لبنانيين لدى إسرائيل يعتصمون في وسط بيروت (إ.ب.أ)

توثيق 23 أسيراً لبنانياً لدى إسرائيل

طالبت «هيئة ممثلي الأسرى والمحررين اللبنانيين»، الدولة اللبنانية بتحريك ملف الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل، ووضعه في صدارة الأولويات

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (القوات اللبنانية)

جعجع يتّهم بري بضرب المهل الدستورية للاستحقاقات اللبنانية

تفاقم الخلاف السياسي حول تعديل قانون الانتخابات النيابية في لبنان، مع انتقال السجال من إطار تقني - إجرائي إلى مواجهة مفتوحة تمسّ جوهر العمل البرلماني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تغتال قيادياً بارزاً في «القسام»

فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تغتال قيادياً بارزاً في «القسام»

فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)
فلسطينيون يعاينون حطام سيارة استهدفتها ضربة إسرائيلية في مدينة غزة أمس (رويترز)

تواصل إسرائيل الاستفادةَ من التشوش الذي يحيط بخطة «سلام غزة»، بتحقيق مكاسب على الأرض، كما فعلت أمس، باغتيال القيادي في «كتائب القسام» رائد سعد، في غارة استهدفت مركبة، غرب مدينة غزة، أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين، وذلك في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع حركة «حماس» منذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكَّدت مصادرُ فلسطينية اغتيالَ سعد، إلى جانب رياض اللبان، رئيس جهاز الأمن وحماية الشخصيات في حكومة «حماس»، وكذلك 3 نشطاء بارزين آخرين.

وحسب قناة «12» العبرية، فإنَّه أُطلق على العملية اسم «العشاء الأخير».

من جهة أخرى، قال مسؤولون إسرائيليون إنَّ الإدارة الأميركية تخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، من دون خطة واضحة بشأن سلاح «حماس»

وقالت هيئة البث الإسرائيلية (كان 11) إن ممثلي الإدارة الأميركية قدَّموا تفاصيل أولية عن الهيكلية المقترحة لإدارة المرحلة الانتقالية في غزة.


«حزب الله» يجزِّئ ذراعه المالية هرباً من العقوبات الدولية


أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
TT

«حزب الله» يجزِّئ ذراعه المالية هرباً من العقوبات الدولية


أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
أحد مباني مؤسسة «القرض الحسن» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

بدأ «حزب الله» بتجزئة ذراعه المالية «مؤسسة القرض الحسن» هرباً من العقوبات والضغوط الدولية والمحلية لإغلاقها، وذلك عبر إنشاء مؤسسة معنية ببيع الذهب بالتقسيط، بديلاً عن رهن الذهب الذي كانت تعتمده «القرض الحسن»، وهو ما يُنظر إليه على أنَّه «سياسة تموضع قانوني».

وقالت مصادر مالية لـ«الشرق الأوسط» إنَّه من المستبعد أن يُرضي هذا الإجراء وزارة الخزانة الأميركية التي تطالب لبنان بإغلاق المؤسسة، ووضع حد للانفلات بالاقتصاد النقدي، مضيفةً أن «تغيير الشكل لن يُرضي الأميركيين، ما دام الأصل لا يزال قائماً».

في غضون ذلك، سُجّل اشتباك غير مباشر بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي في جنوب الليطاني بجنوب لبنان، حين أصدرت إسرائيل إنذار إخلاء لمبنى فتَّشه الجيش اللبناني صباحاً، فيما أسهمت الاتصالات في تجميد القصف «مؤقتاً» إلى حين تفتيشه مرة أخرى من الجيش الذي لم يعثر على أي أسلحة فيه.


تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
TT

تركيا: «قسد» تستقوي بإسرائيل ولم تتحرك يوماً ضد نظام الأسد

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، اليوم السبت، إن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» تستمد جرأتها من إسرائيل، مشيراً إلى أنها لم تتحرك يوماً مع المعارضة ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

ونقلت وكالة «الأناضول» للأنباء عن فيدان قوله إن ما يجري في جنوب سوريا «ربما يشكل حالياً أكبر منطقة خطر بالنسبة لنا. فالمشكلة في الجنوب لا تكمن بحد ذاتها في حجمها، بل في تحوّل إسرائيل إلى طرف متدخل، ما يخلق منطقة خطر».

وأكد فيدان أن ملف إلقاء تنظيم حزب العمال الكردستاني للسلاح «يسير بشفافية عالية وبشكل جيد جداً من جانب تركيا... لكن لا نسمع أي جملة عما يعتزم التنظيم القيام به».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية ذكي آق تورك، أمس الجمعة، إن بعض الدول تشجع قوات «قسد» على رفض إلقاء السلاح وعدم الاندماج في صفوف الجيش السوري، نافياً نية بلاده شن عملية عسكرية في سوريا.

وأكد المتحدث خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أنه «لا جدوى من محاولات قسد لكسب الوقت ولا خيار آخر أمامها غير الاندماج بالجيش السوري»، مؤكداً أن أنشطة قوات سوريا الديمقراطية تضر بجهود تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا.

ونفى المتحدث ادعاءات بأن الجيش التركي يستعد لعملية عسكرية في سوريا، مؤكداً أن التحركات الأخيرة للجيش التركي كانت في إطار «عمليات تناوب اعتيادية للوحدات».

وأشار المتحدث إلى أن تركيا سبق أن أعربت عن تطلعها لاندماج «قسد» في الجيش السوري أفراداً، وشدد على أنه يجب متابعة تحركات «تنظيم قسد وأنشطة الجيش السوري».

كان الرئيس السوري أحمد الشرع وقع اتفاقاً مع مظلوم عبدي قائد «قسد» في العاشر من مارس (آذار) الماضي لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا لكن لم يتم التنفيذ حتى الآن.