صورة إردوغان وقادة أحزاب سُنية تفجر جدلاً في العراق

تضارب المعلومات بشأن مضمون الاجتماع... ومصدر: ناقش كركوك والبرلمان

الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
TT

صورة إردوغان وقادة أحزاب سُنية تفجر جدلاً في العراق

الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)
الرئيس التركي يتوسط جلسة ضمت قادة أحزاب سنية عراقية في بغداد (إعلام حزب تقدم)

أثار لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع قادة وأعضاء الكتل السياسية السنية، خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد، جدلاً واسعاً بين مؤيد رأى أنها امتداد للقاءات شيعية مماثلة مع الزعماء الإيرانيين، ومعارض يعتقد أنها تكشف حجم تأثير العامل الإقليمي في موازين السياسة العراقية في العقدين الأخيرين.

وانعكس هذا التباين في المواقف من لقاء إردوغان على شكل نقاشات ومنشورات ساخنة حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مثلما عبَّرت عنها تصريحات بعض السياسيين والمراقبين من هذا الطرف أو ذاك.

وعلى هامش زيارته الأخيرة، ظهر إردوغان في صورة بثها إعلام حزبي، وهو يستقبل في بغداد قادة قوى سنية في جلسة نالت كثيراً من النقاش والجدل، بشأن دور تركي محتمل في الخلافات السُّنية حول منصب رئيس البرلمان.

وقال قيادي سُني لـ«الشرق الأوسط»، إن الجلسة لم تناقش أي ملف سياسي، وإنها «مجرد اجتماع ودي للترحيب بالرئيس التركي»؛ لكن معلقين مقربين من التحالف الشيعي الحاكم انتقدوا الجلسة، وقالوا إنها «تعكس حالة الوصاية على القرار السني».

ويلاحظ أن معظم القيادات السنية وحتى تلك المتخاصمة فيما بينها والمتنافسة على منصب رئاسة البرلمان المعطل، كانت حاضرة في الاجتماع، بمن فيهم رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف «عزم» خميس الخنجر، ومثنى السامرائي، ووزير المالية الأسبق رافع العيساوي.

إخراج «غير لائق»

ورأى مصدر سياسي سني أن طريقة إخراج اللقاء الذي جمع إردوغان بالقيادات السنية من قبل السفارة التركية، كانت «غير لائقة بالمرة».

وأضاف السياسي الذي فضَّل عدم الإشارة إلى هويته، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي سياسي قبل دعوة الرئيس (إردوغان) ووجد نفسه في ذلك الموقف، فلن يقوى على فعل أي شيء، ولن يقوم بإثارة أي مشكلة خلال زيارة وصفها الجميع بالتاريخية».

وتابع بأن «شكل اللقاء كان غير مناسب ومكرر، بمعنى أنه يشبه لقاءً مماثلاً جمع الزعامات السنية مع إردوغان في أنقرة قبل سنوات. لقد عمدوا إلى أن يجلسوهم بالطريقة نفسها».

ورأى المصدر أن قيام الجانب التركي بحشد الزعماء والقادة السنة بهذه الطريقة «دون أن يحدث أي حوار، كان هدفه التقاط صورة اللقاء وحسب، ودلالتها هي إرسال رسالة بشأن العائدية السنية لتركيا، ولا نتفق مع ذلك».

وخلص إلى القول: «لقد وُجهت دعوة وتمت تلبيتها؛ لكن طريقة إخراجها من قبل السفارة والرئاسة التركية كانت غير لائقة أبداً. إن رص جميع الوجوه السنية بهذه الصورة مع إردوغان أعطى انطباعاً واضحاً بنوع التبعية، وطريقة إصدار الأوامر للقوى السنية».

رئيس الوزراء العراقي مستقبلاً إردوغان في بغداد (أ.ف.ب)

من جانبه، قال القيادي في تحالف «العزم» حيدر الملا، تعليقاً على اجتماع إردوغان بالقوى السنية، إن «الاجتماعات الجانبية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان تمت بالتنسيق مع الجانب الحكومي العراقي، ومكتب السوداني هو من قام بكل الإجراءات اللوجيستية للاجتماعات كافة».

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن «الاجتماع مع القيادات السياسية السنية ناقش تأخير حسم انتخاب رئيس البرلمان العراقي، ومناقشة تشكيل ما تبقى من الحكومات المحلية»، في إشارة إلى حالة الشغور التي يعانيها البرلمان الاتحادي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد إقالة رئيسه محمد الحلبوسي بقرار من المحكمة الاتحادية، وحالة التنافس على المنصب داخل القوى السنية التي حالت دون التوصل إلى صيغة اتفاق على اختيار مرشح جديد للمنصب.

ويبدو أن إردوغان ناقش مع القوى السنية -طبقاً لكلام الملا- حالة التعثر التي تعاني منها محافظة كركوك التي تتوفر فيها أقلية تركمانية، غالباً ما كانت محل اهتمام أنقرة.

ولم تتوصل المكونات الرئيسية في كركوك (الكرد، والعرب، والتركمان) إلى اختيار منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة حتى الآن، رغم مرور نحو 4 أشهر على إجراء الانتخاب المحلية في المحافظات العراقية.

ورأى الملا أن «القيادة التركية لديها علاقات استراتيجية مع القيادات السياسية العراقية كافة، ضمن الفاعل السياسي الشيعي والسني والكردي والتركماني، وهناك اهتمام بملف دعم الحكومة العراقية من قبل الأطراف السياسية السنية؛ وخصوصاً ملفات العراق الخارجية مع تركيا».

بدوره، قال الكاتب والصحافي فلاح المشعل، إن صورة إردوغان مع ما وصفه بـ«المحفل السني» لا تساعد في إنجاح زيارة الرئيس التركي.

وعدَّ المشعل في تغريدة عبر منصة «إكس» أن من الإيجابي أن يتم «توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم المتعلقة بملفات الماء والأمن والقناة الجافة وغيرها» مع الجانب التركي؛ لكن «اللقاء بالمحفل السياسي السني ثم المحفل الكردي، دون اللقاء بالمحفل الشيعي، قد يجعل من اتفاقات إردوغان مع السوداني موضع شك في التطبيق؛ خصوصاً ما يتعارض مع مصالح إيران السياسية والاقتصادية».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في مناقشة قمة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما ببيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذر تركيا من استضافة قيادات «حماس»

حذرت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تركيا من استضافة قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.