سابع قوانين العراق الانتخابية... «وصفة» المالكي لإقصاء السوداني

معادلة رياضية معقدة لحرمان رئيس الوزراء وحلفائه الشيعة من 60 مقعداً في البرلمان

رئيس الحكومة العراقية خلال جلسة حوارية في «دافوس» مطلع يناير (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة العراقية خلال جلسة حوارية في «دافوس» مطلع يناير (أ.ف.ب)
TT

سابع قوانين العراق الانتخابية... «وصفة» المالكي لإقصاء السوداني

رئيس الحكومة العراقية خلال جلسة حوارية في «دافوس» مطلع يناير (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة العراقية خلال جلسة حوارية في «دافوس» مطلع يناير (أ.ف.ب)

يوم الأحد الماضي، كان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضيفاً على «ملتقى الرافدين». سأله صحافي عراقي عن الانتخابات المقبلة. قال إنها «ستجري في موعدها»، وفق القانون الساري، الذي أجري عليه اقتراع مجالس المحافظات، «إلا إذا توافقت الأحزاب على شيء آخر»، قانون معدل جديد.

بعدها بساعات، تسربت من مكاتب رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، معلومات عن مشروع لتعديل قانون الانتخابات، بمعادلة رياضية بدت للوهلة الأولى خليطاً بين قانونين، وبهدف سياسي مضمر.

ومن المفترض أن تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2025، لكن السلطات لم تحدد بعد موعداً نهائياً لإجرائها.

وصُممت الصيغة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على أبرز التعديلات المقترحة فيها، لتحديد أوزان قوى «الإطار التنسيقي» سلفاً، ولتجنب فوز حليف شيعي بعدد أكبر من المقاعد، كما حصل في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

كان (الإطار التنسيقي) يراجع، منذ فبراير (شباط) الماضي، دراسة أعدّها لتحليل أوزان أحزابه في الانتخابات المقبلة، اكتشفت أن السوداني مُقبل على «حصة وازنة» في البرلمان، قد تصل إلى نحو 60 مقعداً، واستدل على حلفائه، وهم محافظون أقوياء فازوا في انتخابات المحافظات.

المالكي «لن يهدأ»

خطة المالكي، الذي يقول مقربون إنه «لن يهدأ حتى يضبط نتائج الانتخابات قبل إجرائها»، تستند إلى معادلة مركبة تمنع المرشحين الأقوياء من تحويل أصواتهم إلى عدد كبير من المقاعد، وفقاً للصيغة التي السابقة للقانون.

وخاض المالكي حتى الآن 5 دورات انتخابية، اكتسب خلالها خبرة في رسم «أرض الملعب وقواعد التنافس فيه»، كما يصف قيادي في التحالف الحاكم، لكنه يتعامل اليوم مع وضع مختلف يتعلق بصعود «ابن حزب الدعوة الإسلامية» (السوداني) إلى «نادي القادة» بحلف نشط من سياسيين شيعة من الجيل الثالث، ويريد «تسوية الرؤوس» قبل الوصول إلى يوم الاقتراع المقبل.

لهذا يريد المالكي قانوناً جديداً، قد يضره هو شخصياً ويقلل من حظوظه، لكنه لم يجد طريقة أخرى لمنع آخرين، مثل السوداني، من «عبور الخطوط المحسوبة»، على ما يصف القيادي الشيعي.

منذ عام 2005، وحينها صوّت العراقيون للجمعية الوطنية، وحتى آخر انتخابات أجريت العام الماضي، جربت القوى السياسية 6 وصفات قانونية لإجراء الانتخابات. ويعتقد مراقبون، مثل باسل حسين، مدير مركز أبحاث «كلواذا»، أن تعدد الوصفات القانونية للاقتراع «سابقة خطيرة لا تنفع مع بلدان انتقالية مثل العراق».

 

حقائق

لكل انتخابات عراقية قانون

 

2005: قائمة واحدة والعراق 18 دائرة انتخابية

2010: قائمة شبه مفتوحة وزيادة مقاعد البرلمان إلى 325 مقعداً، باحتساب نمو السكان.

2014: نظام التمثيل النسبي باعتماد صيغة «سانت ليغو» بمعيار 1.4.

2018: صيغة «سانت ليغو» بمعيار 1.9، وهو المعيار الأعلى الذي اعتمد في جميع الدورات.

2021: تقسيم المحافظة لعدة دوائر باعتماد الانتخاب المباشر.

2023: المحافظة دائرة واحدة بصيغة «سانت ليغو» بمعيار 1.7.

ما طريقة «سانت ليغو»؟ تعمل هذه الصيغة الحسابية على توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر المتعددة، ومن المفترض أن تقلل الفجوة بين الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها.

اعتمد العراق هذه الصيغة لأول مرة عام 2014 بقاسم انتخابي مقداره 1.4، وكان يمنح فرصة نسبية لفوز القوى الصغيرة، لكن القاسم ارتفع إلى 1.7 و 1.9 في الدورات اللاحقة وجعل حظوظ الكيانات الكبرى أوفر على حساب المرشحين الأفراد المستقلين والمدنيين والكيانات الناشئة.

وصفة المالكي

يقترح رئيس الوزراء الأسبق للانتخابات المقبلة صيغة سابعة، منذ أول قانون انتخابي، تقضي بتقسيم العراق إلى 50 دائرة انتخابية، وفي بغداد وحدها 10 دوائر، وخلط مع هذه الوصفة نظام القوائم داخل الدوائر.

لفهم كيف يفكر المالكي في هذه الوصفة، فإنه ينطلق من معاينة نتائج تحالف السوداني الذي يضم 3 محافظين نجحوا في الانتخابات الأخيرة، إلى جانب قوى شيعية صاعدة وأخرى تقليدية.

المحافظون هم: محافظ البصرة أسعد العيداني، ومحافظ كربلاء نصيف الخطابي، ومحافظ واسط محمد المياحي، وجميعهم حصلوا على 26 مقعداً.

العيداني مثلاً، حصل وحده على أكثر من 160 ألف صوت. هذا الرقم منح مرشحين من تحالف «تصميم» في البصرة 12 مقعداً في المحافظة الجنوبية، بمعنى أن القاسم الانتخابي وفّر مقعداً للعيداني، وباقي أصواته ساعدت مرشحين آخرين على تجاوز العتبة المطلوبة.

نوري المالكي وعمار الحكيم خلال مشاركتهما بالانتخابات المحلية في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

تعديلات المالكي الجديدة تهدف إلى منع تكرار صيغة «الأواني المستطرقة»، ولو فاز العيداني بما هو أكثر فلن يحصل إلا على مقعده، دون أن يلتحق بأصواته آخرون.

3 مصادر سياسية، من الإطار الشيعي وحزب سني، ترى أن المالكي اخترع هذه الصيغة التي قد تضع مفوضية الانتخابات أمام معادلة مشوهة، لأنه لا يريد اختلال التوازن الذي يتمتع هو فيه باستقرار من جهة عدد المقاعد منذ سنوات.

وقال أحد المصادر إن حسابات المالكي للسوداني «في حال شارك في الانتخابات لن تتجاوز 4 مقاعد في أفضل الأحوال». ويشرح: «يريده تحت عباءة الإطار».

حتى «عصائب أهل الحق»

حتى اللحظة لم يبادر أي طرف شيعي داخل «الإطار التنسيقي» لمعارضة الصيغة. بعضهم مثل عمار الحكيم يحاول اقتراح تعديلات لا تتعرض لفكرة المالكي ومشروعه.

يقول أحد المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عصائب أهل الحق» التي كانت مهتمة بدعم السوداني «لا تكترث الآن بمصيره السياسي، لأن لديها ما يشغلها سياسياً وأمنياً». 

كما أن المالكي مستعد لتقديم «عروض» للقوى السنية والكردية مقابل الموافقة على تمرير التعديل في البرلمان العراقي، وقد تصل تلك العروض إلى إنهاء أزمة المحكمة الاتحادية مع إقليم كردستان، ومنصب رئيس البرلمان مع السنة، ويقول المصدر إن الرفض الذي أعلن عنه حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي قد يفهمه المالكي بأنه «مفتاح تفاوضي ليس أكثر».

في نهاية المطاف، على ما يقول القيادي الشيعي، فإن السوداني «لن يجد حليفاً داخل البيت الشيعي الذي تأكد أن رئيس الوزراء لن يأكل من جرف أحد سوى جمهورهم، فقرر المالكي غلق الباب عليه».

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور السوداني (واع)

يزيد المالكي من الضغط على السوداني والمحافظين الثلاثة، حين يحاول في التعديل الجديد إضافة فقرة تمنع «أي مسؤول من البقاء في منصبه حتى يوم الاقتراع، وسيشترط تقديم استقالته قبل 6 أشهر من الموعد».

وقالت المصادر الثلاثة: «قبل أن يتسرب مشروع المالكي الجديد وصل إلى مسامع السوداني أن (الإطار التنسيقي) سيخيره بين تجديد الولاية الحكومية دون الاشتراك في الانتخابات، أو خوضها وفق القانون الجديد دون وعد بأي شيء». هذه المعادلة أثارت قلق القيادي الشيعي مما إذا كان رئيس الوزراء «قادراً على الصمود أكثر»، وشكّك في «امتلاكه الخطة (ب) حين يحشره المالكي بين خيارين، أحلاهما مرّ»، على ما يقول.

 

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

المشرق العربي السوداني طلب استضافته في البرلمان بشأن الأزمة السورية (إعلام حكومي) play-circle 02:43

العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود ومنع أي اختراق أمني، ربطاً بالأزمة السورية.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة سعودية وضعت هذه العبارة على برج الحارثية (نادي التعاون)

«كل الهلا بيكم أحفاد العقيلات» تتصدر مشهد الترحيب العراقي بنادي التعاون في بغداد

«كل الهلا بيكم ... أحفاد العقيلات في العراق»، بلكنة عراقية خالصة، وكلمة ذات دلالة تاريخية، رحب نادي القوة الجوية العراقي ببعثة نادي التعاون السعودي.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
المشرق العربي أشخاص يقفون قرب مبانٍ متضررة في خربة سلم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» جنوب لبنان اليوم (رويترز)

مسؤول عراقي يحذّر من تداعيات خطيرة على المنطقة إذا انهار اتفاق وقف النار في لبنان

أكد مستشار الأمن القومي العراقي ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، محذراً من أن انهيار الاتفاق ستكون له تداعيات خطيرة على لبنان والمنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

السوداني لإردوغان: العراق لن يقف متفرجاً على «التطهير العرقي» في سوريا

أبلغ رئيس الوزراء العراقي، الرئيس التركي أن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكونات والمذاهب هناك».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي تمرين عسكري لفصائل من «الحشد الشعبي» (أ.ب)

تضارب حول دخول فصائل عراقية إلى سوريا

انتشرت تقارير بأن جماعات مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي عبرت الحدود مع سوريا لمساندة الجيش السوري، بينما نفت بغداد ذلك، وأكدت سيطرتها الكاملة على الحدود.

حمزة مصطفى (بغداد)

تحركات إقليمية لتطويق «الحريق» السوري

نازحون في حلب أمس (رويترز) وفي الإطار زعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني لدى ظهوره أمام قلعة مدينة حلب أمس (تلغرام)
نازحون في حلب أمس (رويترز) وفي الإطار زعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني لدى ظهوره أمام قلعة مدينة حلب أمس (تلغرام)
TT

تحركات إقليمية لتطويق «الحريق» السوري

نازحون في حلب أمس (رويترز) وفي الإطار زعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني لدى ظهوره أمام قلعة مدينة حلب أمس (تلغرام)
نازحون في حلب أمس (رويترز) وفي الإطار زعيم "هيئة تحرير الشام" محمد الجولاني لدى ظهوره أمام قلعة مدينة حلب أمس (تلغرام)

تكثفت المساعي الإقليمية لاحتواء التطورات التي تشهدها سوريا منذ الهجوم الذي شنته فصائل مسلحة الأسبوع الماضي وتمكنت خلاله من الاستيلاء على مناطق في شمال البلاد. وكانت أحدث هذه التحركات الرامية لتطويق «الحريق»، مناقشات أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره السوري بسام صباغ وتناولت «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية».

وفي إيران، قال وزير الخارجية عباس عراقجي، إنه سيلتقي، مسؤولين عراقيين، الجمعة، لبحث الأزمة في سوريا، قبل أن يتوجه إلى الدوحة لحضور اجتماع «أستانة» مع وزيري خارجية روسيا وتركيا، لبحث «إعادة الاستقرار في سوريا». وتخوف دبلوماسيون إيرانيون سابقون من «احتمال عقد صفقة روسية – تركية في سوريا على حساب طهران»، وفقاً لما أورده التلفزيون الحكومي.

وفي واشنطن، ذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن تسعى لإبعاد الرئيس السوري بشار الأسد عن الارتباط بإيران.

ميدانياً، جددت الفصائل المسلحة، أمس، محاولاتها لدخول حماة وسط سوريا، وقالت إن قواتها وصلت إلى الأطراف الغربية والشرقية للمدينة، فيما ذكرت وسائل إعلام سورية أن «الجيش يخوض اشتباكات عنيفة على طول المحاور في ريف حماة الشمالي وتمكن من إبعاد الفصائل المسلحة».