لبنان: لا رواتب لموظفي الدولة وخيارات التصعيد مفتوحة

إضراب موظفي المالية ينذر بتداعيات سلبية

من وقفة احتجاجية نفذها عسكريون متقاعدون في الجيش اللبناني قبل أيام (المركزية)
من وقفة احتجاجية نفذها عسكريون متقاعدون في الجيش اللبناني قبل أيام (المركزية)
TT

لبنان: لا رواتب لموظفي الدولة وخيارات التصعيد مفتوحة

من وقفة احتجاجية نفذها عسكريون متقاعدون في الجيش اللبناني قبل أيام (المركزية)
من وقفة احتجاجية نفذها عسكريون متقاعدون في الجيش اللبناني قبل أيام (المركزية)

يعيش موظفو القطاع العام في لبنان حالة قلق من حرمانهم رواتبهم آخر الشهر الحالي، بسبب الإضراب المفتوح الذي بدأه موظفو وزارة المال، جرّاء إلغاء حكومة تصريف الأعمال قرار منحهم بعض الحوافز التي كانت قد أقرتها سابقاً.

وإزاء التداعيات السلبية لهذا الإضراب، والحديث عن تحركات ستبدأ على الأرض خلال الأيام المقبلة، قال مصدر وزاري إن الحكومة «تدرس بجديّة أحقيّة مطالب الموظفين، وتلبية الجزء الأكبر منها، بما يراعي وضع الخزينة وقدرتها»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «يعقد اجتماعات متلاحقة مع الوزراء المختصين لوضع صيغة ترضيهم، ولا ترهق خزينة الدولة».

ورأى المصدر الوزاري أن «اللجوء إلى سلاح الإضراب وشلّ الإدارة لا يخدم الموظفين، ولا يوصلهم إلى حقوقهم، لا سيما أن إضراب موظفي المالية يعطل الإيرادات التي من خلالها تدفع الدولة رواتب القطاع العام».

وكان موظفو المالية قد توقّفوا عن العمل قبل أسبوع واحد من نهاية الشهر، ما شكّل صدمة غير متوقعة، سواء للحكومة أو للعاملين في الإدارات، على أساس أن موظفي المالية هم المعنيون بتحويل رواتب الجيش والأجهزة الأمنية والوزارات إلى المصارف لتكون جاهزة قبل نهاية الشهر.

موظفو المالية يحمِّلون الحكومة المسؤولية

وأكد حسن وهبة، الناطق باسم موظفي المالية، وممثل وزارة المال في تجمّع موظفي الإدارة العامة، أن «لا رواتب هذا الشهر للقطاع العام»، محملاً الحكومة «مسؤولية ما تؤول إليه الأمور، وأيضاً التحركات التي قد يلجأ إليها موظفو الدولة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإضراب كان مقرراً منذ شهرين، لكنه تأخر بعد الوعود التي قُدمت من رئيس الحكومة بإصدار مرسوم يمنح الموظفين 3 رواتب إضافية (بقيمة الراتب الذي كان معتمداً قبل الأزمة)، وتقديم بدلات نقل تتراوح ما بين 12 و20 صفيحة بنزين للموظفين ما بين الفئة الخامسة والأولى، أي توفير ما يقارب 30 بالمائة من قيمة الراتب قبل الأزمة».

وقال وهبة: «بينما كان موظفو المالية يراقبون السُلف التي تخرج من تحت أيديهم، وتدفع للقضاة وأساتذة التعليم الثانوي... وغيرهم، طلبنا سُلفة لموظفي المالية، وبالفعل حصلنا على قرار من رئيس الحكومة ووزير المال بمنحنا بعض الحوافز، وهنا اعترضت بقية الإدارات لعدم تخصيصها بهذه السلفة، وأعلنت الإضراب، عندها سارع رئيس الحكومة ووزير المال إلى وقف الحوافز التي أعطيت لموظفي المالية، فأعلنوا الإضراب العام والشامل».

وشكّلت مباني وزارة المالية في بيروت والمحافظات مقرّاً للاعتصامات التي نفّذها المتقاعدون في الأسلاك الأمنية والعسكرية، وأعلن موظفو مديرية المالية العامة رفضهم أن «يتخذ البعض مباني وزارة المال مطيّة لتنفيذ مآربهم الشخصيّة»، وأكدوا في بيان أن «الوضع المالي لكل قطاعات الدولة لا يستتب من دونهم». وذكروا أنه «منذ بدء الانهيار الاقتصادي، ومروراً بجائحة (كورونا) والأزمات المتلاحقة، لم يتأخر موظفو المالية عن مهامهم حتى لا تتأخر الرواتب والأجور والتعويضات وإمداد الخزينة بالواردات». وشددوا على أن «ما أُقرّ من حوافز ليس إلّا جزءاً مما يستحقونه».

خلاف بين موظفي المالية وموظفي الإدارات الأخرى

ويبدو أن تحرك موظفي الماليّة الموجع لا يستهدف الحكومة وحدها، بل يعبّر أيضاً عن نقمة حيال موظفي الإدارات الأخرى. وشدد حسن وهبة على أنه «لا عودة عن الإضراب إلّا بتحقيق المطالب، وتحسين الرواتب»، معترفاً بأن «موظفي الدولة لن يتقاضوا رواتبهم نهاية هذا الشهر، وحتى لو توقف الإضراب الآن، فإن الرواتب ستتأخر 17 يوماً»، مذكراً بأن «أغلب الموظفين والمتعاقدين مع الإدارة العامة ليس لهم أي دخل إضافي سوى راتبهم الشهري، وهذا ينذر بانفجار على الأرض تتحمّل الحكومة مسؤوليته».

ويترقّب تجمّع موظفي الإدارة الحلول التي ستقدمها الحكومة خلال الساعات المقبلة ليحدد طبيعة تحركه. وأشار عضو في التجمّع إلى أن حرمان الموظفين من رواتبهم «له تداعيات سلبية جداً ستنعكس على الأرض». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «تحضيراً لتحركات قد تصل إلى إقفال مؤسسات حيوية، بينها مطار بيروت الدولي والمرفأ وغيرهما». وأضاف أن «إمعان الحكومة في عدم إدراج زيادة الرواتب على جدول أعمالها هدفه وضع الموظفين أمام خيارين: إما القبول بالراتب الحالي من دون أي زيادة، وإما لا رواتب، ونحن لن نقبل بوضعنا بين السيئ والأسوأ».

شبه رشوة

من جهته، أوضح العميد المتقاعد جورج نادر، أحد أبرز أعضاء «تجمّع العسكريين المتقاعدين»، أن «موظفي المالية ليسوا خصومنا، لكن الحوافز التي أعطيت للبعض منهم كانت أشبه برشوة قدمتها الحكومة، ثمّ تراجعت عنها»، مؤكداً أن «الحوافز تُعطى لجميع موظفي الدولة لتشجيعهم على العمل، لا أن تقدّم لفئة محددة، ويحرم منها 200 ألف موظّف».

وقال نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «مشكلتنا اليوم ليست مع موظفي المالية، بل مع الحكومة التي تحاول أكل حقوقنا، وفي نفس الوقت لن نقبل أن يهددونا (موظفو المالية) بعدم دفع رواتبنا التي لم تنقطع حتى في عزّ الحرب الأهلية». وسأل: «إذا أعطتهم الحكومة رشوة ثم تراجعت عنها، فهل يعقل أن يعاقبونا؟».

ولفت إلى أن «التحرّك على الأرض مرهون بالتفاوض مع الحكومة، وعندها يبنى على الشيء مقتضاه».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتهم «حزب الله» بـ«استغلال البنى التحتية المدنية» بجنوب لبنان

المشرق العربي مواطن لبناني يتفقد أحد المواقع التي استُهدفت في جنوب لبنان مارس الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تتهم «حزب الله» بـ«استغلال البنى التحتية المدنية» بجنوب لبنان

كثّفت إسرائيل من وتيرة استهدافاتها للبيوت الجاهزة في جنوب لبنان، بذريعة «استغلال (حزب الله) بنى تحتية مدنية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء (الرئاسة اللبنانية)

الحكومة اللبنانية «تقارب» ملف سلاح «حزب الله» من دون قرارات

برز ملف سلاح «حزب الله» وتطبيق القرار الدولي «1701» في صلب النقاشات خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي عُقدت الخميس.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مرفأ بيروت بعد الانفجار عام 2020 (أرشيفية - أ.ب)

«الاستجواب دون توقيف» يسهّل مثول السياسيين أمام المحقق بانفجار مرفأ بيروت

حدد المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، يوم الجمعة 25 أبريل الحالي، موعداً لاستجواب رئيس الحكومة السابق، حسّان دياب، بوصفه مدعى عليه.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خطة لبنانية - سورية أوّلية لإعادة النازحين تدريجياً

خطة لبنانية - سورية أوّلية لإعادة النازحين تدريجياً

يضع لبنان خطة مع الجانب السوري لتنظيم عودة تدريجية للنازحين على مراحل، وستكون «أكبر وأكثر تنظيماً مما كانت عليه في السابق»، حسبما قال متري لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى جانب طيار مدني يتبع شركة «طيران الشرق الأوسط» (رئاسة الحكومة)

الحكومة اللبنانية تطبق ازدواجية «الأمن والإنماء» في مطار بيروت ومحيطه

أطلق رئيس الحكومة نواف سلام مشروع إعادة تأهيل طريق مطار بيروت الدولي، في خطوة وصفها بـ«الرمزية والوطنية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة

فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تكثف استخدام «مسيّرات انتحارية» في غزة

فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أمس الأضرار جراء هجوم إسرائيلي على مدرسة لإِيواء نازحين في مخيم جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة استخدامها للمسيّرات الانتحارية «كواد كابتر» في قطاع غزة، خصوصاً خلال استهدافها شخصيات بشكل مباشر.

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال 4 أيام انفجر ما لا يقل عن 9 طائرات مسيّرة في مناطق مختلفة من القطاع، ضربت أهدافاً غالبيتها داخل مراكز الإيواء.

وأوضحت المصادر أن إسرائيل استخدمت هذه المسيّرات بشكل محدود منذ بداية الحرب، لكنها كثفت استخدامها، للمرة الأولى، في الأيام الأخيرة ضد قيادات من المقاومة الفلسطينية أو نشطاء بارزين، وأيضاً ضد بعض العاملين في القطاع الحكومي.

وتتميز «كواد كابتر» الانتحارية بأنها صغيرة الحجم وتحمل قنابل يتم تفجيرها عن بعد، مما يتسبب في إحداث حرائق، ومن ثم تزيد أعداد الضحايا، خصوصاً عندما يكون الهدف أشخاصاً أو مجموعات داخل مخيمات الإيواء التي تنتشر فيها الحرائق بسهولة.

وأشارت المصادر إلى أنه لوحظ تحليق هذه المسيّرات بشكل مكثف في سماء مناطق مختلفة من القطاع، ما يشير إلى نيات إسرائيل تصعيد استخدامها خلال الأيام المقبلة لتصفية أكبر عدد من المستهدفين.

من جهة أخرى، أعلنت واشنطن أن الذخائر غير المنفجرة تنتشر في كل مكان بغزة نتيجة عشرات الآلاف من الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل، مما يجعل القطاع «غير صالح للسكن»، بحسب وكالة «رويترز».

عاجل الجيش الإسرائيلي: منظومات الدفاع الجوي تعمل على اعتراض صاروخ تم إطلاقه من اليمن