المالكي أمام «العدل الدولية»: الفلسطينيون شعب أسير

وزير الخارجية عدَّد الممارسات «العنصرية» لإسرائيل... ونتنياهو يرفض الجلسات

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام (الاثنين) أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام (الاثنين) أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المالكي أمام «العدل الدولية»: الفلسطينيون شعب أسير

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام (الاثنين) أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام (الاثنين) أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (رويترز)

قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أمام محكمة العدل الدولية، الاثنين، إن الشعب الفلسطيني يعاني من «الاستعمار والفصل العنصري» في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مطالباً إياها بإصدار أمر بإنهائه فوراً ومن دون شروط.

وعدَّد المالكي أمام المحكمة التابعة للأمم المتحدة الاتهامات لإسرائيل بالقول: «يعاني الفلسطينيون من الاستعمار والفصل العنصري... هناك من يغضب من هذه الكلمات... عليهم أن يغضبوا جراء الواقع الذي نعانيه». مضيفاً أن «تأخير العدالة يعني الحرمان من العدالة، وقد حُرم الشعب الفلسطيني من العدالة فترة طويلة جداً... حان الوقت لوضع حد للمعايير المزدوجة التي أبقت شعبنا أسيراً فترة طويلة جداً». وبدأت محكمة العدل الدولية، الاثنين، عقد جلسات استماع علنية بشأن التبعات القانونية المترتبة على «سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية»، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي رأى في بيان صدر عن مكتبه، الاثنين، أن تل أبيب «لا تعترف بشرعية الجلسة التي تُعقد في المحكمة الدولية في لاهاي حول موضوع (قانونية الاحتلال)»، وزاد: «هذه خطوة تُعنى بالمساس بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من التهديدات الوجودية»، وفق بيانه.

وذكرت المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها أن فلسطين هي التي افتتحت جلسات الاستماع، بينما ستستمر الجلسات حتى 26 فبراير (شباط) الحالي، حيث تستمع المحكمة خلالها إلى إحاطات من 52 دولة إضافة إلى الاتحاد الأفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية. كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت في ديسمبر (كانون الأول) 2022 قراراً بعنوان «الممارسات والأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية التي تمس حقوق الشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة». وقررت المنظمة الدولية بموجبه أن تطلب من محكمة العدل الدولية إصدار بيان بشأن «الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير».

وتختلف هذه القضية عن تلك التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام «العدل الدولية» في الآونة الأخيرة، واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في الحرب التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، حيث طلبت اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الحرب. وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، أصدرت المحكمة قراراً بشأن دعوى جنوب أفريقيا يطالب إسرائيل باتخاذ كل التدابير لمنع ارتكاب أعمال «الإبادة الجماعية» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ومحاسبة مرتكبيها، وتحسين الوضع الإنساني في غزة، وسط رفض إسرائيلي وترحيب عربي ودولي واسع بالقرار. ويدرس القضاة الآثار القانونية للاحتلال الإسرائيلي القائم منذ عام 1967، ولن تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع، لكنها قدمت نصاً بتاريخ 24 يوليو (تموز) 2023 حضت فيه المحكمة على رفض إصدار رأي بشأن القضية.

وفي كلمته، حض المالكي القضاة على إعلان الاحتلال غير قانوني، وإصدار أمر بوقفه «على الفور وبشكل كامل ومن دون قيد أو شرط». وقال المالكي إن «الإبادة الجماعية الجارية في غزة هي نتيجة عقود من الإفلات من العقاب ومن التقاعس». وأضاف أن «إنهاء حصانة إسرائيل من العقاب هو ضرورة أخلاقية وسياسية وقانونية». وفي كلمة مقتضبة، كافح خلالها لحبس دموعه، دعا المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور إلى «مستقبل يُعامل فيه الأطفال الفلسطينيون كأطفال وليس كتهديد ديموغرافي». وفي حين أنّ رأي المحكمة لن يكون ملزماً، فإنّه يأتي وسط ضغوط قانونية دولية متنامية على إسرائيل بشأن الحرب في غزة التي اندلعت في أعقاب الهجوم المباغت الذي شنّته حركة «حماس» في السابع من أكتوبر. وقال المحامي بول ريكلر الذي يمثل الفلسطينيين للمحكمة: «الأمل الأكبر وربما الأخير أمام حل الدولتين، وهو أمر حيوي للغاية لاحتياجات الشعبين، هو أن تعلن المحكمة عدم قانونية العقبة الرئيسية أمام هذا الحل، وهي الاحتلال الإسرائيلي المستمر لفلسطين». ومن المتوقع أن يستغرق القضاة 6 أشهر للتداول قبل إصدار رأي استشاري استجابة للطلب الذي يسألهم أيضاً فحص الوضع القانوني للاحتلال وتداعياته.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»... الوسطاء يسارعون الخطى لإبرام الاتفاق

شمال افريقيا منازل فلسطينية تتعرَّض لأضرار بالغة جراء غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»... الوسطاء يسارعون الخطى لإبرام الاتفاق

جولات مكوكية للإدارة الأميركية بالمنطقة، لبحث ملف الهدنة في قطاع غزة، تتزامن مع حديث متصاعد عن «قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بالقطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي تحتجز إسرائيل أكثر من 10 آلاف و300 أسير ومعتقل فلسطيني (أ.ف.ب)

تقرير فلسطيني: الجيش الإسرائيلي يستحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين

ذكر تقرير فلسطيني، اليوم (الأربعاء)، أن الجيش الإسرائيلي استحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين في ظل ازدياد أعداد المحتجزين بعد هجوم السابع من أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

سموتريتش رافضاً «صفقة غزة»: نتنياهو يعرف خطوطنا الحمر 

رفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الاتفاق المزمع لوقف النار في قطاع غزة، قائلاً إنه بشكله الحالي «ليس جيداً ولا يخدم أهداف إسرائيل في الحرب.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي شعار «فيسبوك» (رويترز)

تقرير: «فيسبوك» يمنع المنافذ الإخبارية الفلسطينية من الوصول للمستخدمين

كشف تقرير جديد أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» فرض قيوداً شديدة على قدرة المنافذ الإخبارية الفلسطينية على الوصول إلى مستخدميه أثناء حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (أ.ف.ب)

إسرائيل تنتقد تصريحات رئيس آيرلندا: كاذب معادٍ للسامية

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن وزير الخارجية، جدعون ساعر، انتقد تصريحات رئيس آيرلندا، مايكل هيغينز، الذي اتهم إسرائيل بانتهاك سيادة لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

فُتِحَت قنوات التواصل ما بين الدولة اللبنانية والحكومة السورية المؤقتة، ونقل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، إلى القيادات اللبنانية، مفادها «ألّا مشكلة لدى الحكومة السورية الجديدة مع الدولة اللبنانية، وأن المشكلة كانت مع تنظيم (حزب الله) الذي انخرط مع نظام بشّار الأسد في قتل الشعب السوري، واحتلّ مناطق في سوريا، وهجَّر أهلها منها».

وأوضح مصدر مقرَّب من رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن الأخير «تلقّف الرسالة السورية بإيجابية مطلقة، وبدأ البناء عليها لإقامة علاقات سليمة مع الأشقاء في سوريا».

وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة «أعطى تعليماته إلى جميع المؤسسات الرسمية للتعاون مع (هيئة تحرير الشام) التي تُمسِك بالأمن على الأراضي السورية، والتنسيق بكلّ القضايا الأمنية المشتركة بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الثمرة الأولى لهذا التعاون بدأت باجتماع، عُقِد الأربعاء، بين وفد من «هيئة تحرير الشام» وجهاز الأمن العام اللبناني، في مركز الأخير، عند معبر المصنع (البقاع)، وكان هناك تفاهم على أطر التنسيق بين الوفدين، لما يحفظ الأمن على الجانبين، اللبناني والسوري».

وقال إن «أكثر ما يهمّ الرئيس ميقاتي تنظيم الوضع الأمني على الحدود، وضبطه على الجهتين، وإن رئيس الحكومة تلقَّى، في الساعات الماضية، تقارير من الجيش اللبناني تفيد بأن الجانب السوري ضبط 80 في المائة من المعابر غير الشرعية التي كانت ممراً للمهربين من الجانبين، وهذا أمر يبعث على الارتياح».

وفي مؤشر على أن «هيئة تحرير الشام» طوت صفحة الماضي ورواسبها، أشار المصدر المقرب من رئيس الحكومة إلى أن «مُوفَداً تركياً وآخرَ قطرياً نقلا رسالة تؤكد أن الدولة السورية الجديدة ليست بوارد فتح أوراق الحرب السورية، ولا حتى تعامل حلفاء الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بمن فيهم (حزب الله)، مع المعارضين الذين جرى اعتقالهم في لبنان وزجُّهم بالسجون، ولا حتى في وارد تصفية حسابات مع الحزب، ما دام الأخير انسحب من سوريا ولم يعد له أي نشاط عسكري أو أمني على الأراضي السورية».

وفي خطوة تؤكد أن الجانب السوري طوى المشكلة التي كانت قائمة مع «حزب الله»، كشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «هيئة تحرير الشام» سبق لها أن سهّلت انتقال العشرات من مقاتلي «حزب الله» وعائلاتهم من سوريا إلى لبنان، من دون إيذاء أحد منهم أو التعرّض لهم.

نقطة عسكرية تعرضت للتخريب عند الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

ولم يُسجّل حتى الآن أي اتصال علني ما بين الحكومة اللبنانية ورئيس السلطة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، رغم مرور أسبوعين على سقوط نظام الأسد.

ورأى الوزير السابق، رشيد درباس، أن الرئيس نجيب ميقاتي «قام بزيارة استكشافية إلى أنقرة لمعرفة كيف ستتوجه الأمور في سوريا».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصائل المسلحة التي تمسك الأمن في سوريا تقف أمام امتحان القدرة على حفظ الأمن والاستقرار، إلى أن تتشكّل سلطة سياسية جديدة منبثقة عن إرادة السوريين في انتخابات حرة ونزيهة؛ خصوصاً أن الجيش السوري النظامي لم يعد له وجود على الأرض».

وقال درباس: «حتى الآن، كلام السوريين عن العلاقة مع لبنان جيّد، لكن من حقّ لبنان أن يبقى حذراً ويقظاً من إمكان اندلاع فوضى في سوريا، وتسرّبها إلى لبنان».

ويبقى التحفّظ اللبناني قائماً، رغم أن وفوداً أوروبية زارت دمشق في الأيام الأولى التي أعقبت الإطاحة بنظام الأسد، واعتبر الوزير درباس أن «زيارات الوفود الأجنبية ذات مهمّة استطلاعية، ولتلمّس مدى قدرة الحكومة الجديدة على إدارة مرحلة انتقالية وضبط الأوضاع على كامل الأراضي السورية»، مشدداً على أن «المحادثات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان تأتي في هذا السياق»، لافتاً إلى أن «الارتياب والحذر ينمّ عن حكمة».

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)

أما عن زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المقررة إلى دمشق، يوم الأحد المقبل، فوضعها درباس في إطار الاستكشاف، فضلاً عن أن جنبلاط لديه قضيّة أخرى (في إشارة إلى وضع الدروز في سوريا ودورهم في المرحلة المقبلة)، و«هذا أمر مفهوم».