مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

سوريا ليست بوارد تصفية حسابات مع «حزب الله» ما دام لم يعد له أي نشاط عسكري أو أمني

ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)
ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

فُتِحَت قنوات التواصل ما بين الدولة اللبنانية والحكومة السورية المؤقتة، ونقل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، إلى القيادات اللبنانية، مفادها «ألّا مشكلة لدى الحكومة السورية الجديدة مع الدولة اللبنانية، وأن المشكلة كانت مع تنظيم (حزب الله) الذي انخرط مع نظام بشّار الأسد في قتل الشعب السوري، واحتلّ مناطق في سوريا، وهجَّر أهلها منها».

وأوضح مصدر مقرَّب من رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن الأخير «تلقّف الرسالة السورية بإيجابية مطلقة، وبدأ البناء عليها لإقامة علاقات سليمة مع الأشقاء في سوريا».

وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة «أعطى تعليماته إلى جميع المؤسسات الرسمية للتعاون مع (هيئة تحرير الشام) التي تُمسِك بالأمن على الأراضي السورية، والتنسيق بكلّ القضايا الأمنية المشتركة بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الثمرة الأولى لهذا التعاون بدأت باجتماع، عُقِد الأربعاء، بين وفد من «هيئة تحرير الشام» وجهاز الأمن العام اللبناني، في مركز الأخير، عند معبر المصنع (البقاع)، وكان هناك تفاهم على أطر التنسيق بين الوفدين، لما يحفظ الأمن على الجانبين، اللبناني والسوري».

وقال إن «أكثر ما يهمّ الرئيس ميقاتي تنظيم الوضع الأمني على الحدود، وضبطه على الجهتين، وإن رئيس الحكومة تلقَّى، في الساعات الماضية، تقارير من الجيش اللبناني تفيد بأن الجانب السوري ضبط 80 في المائة من المعابر غير الشرعية التي كانت ممراً للمهربين من الجانبين، وهذا أمر يبعث على الارتياح».

وفي مؤشر على أن «هيئة تحرير الشام» طوت صفحة الماضي ورواسبها، أشار المصدر المقرب من رئيس الحكومة إلى أن «مُوفَداً تركياً وآخرَ قطرياً نقلا رسالة تؤكد أن الدولة السورية الجديدة ليست بوارد فتح أوراق الحرب السورية، ولا حتى تعامل حلفاء الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بمن فيهم (حزب الله)، مع المعارضين الذين جرى اعتقالهم في لبنان وزجُّهم بالسجون، ولا حتى في وارد تصفية حسابات مع الحزب، ما دام الأخير انسحب من سوريا ولم يعد له أي نشاط عسكري أو أمني على الأراضي السورية».

وفي خطوة تؤكد أن الجانب السوري طوى المشكلة التي كانت قائمة مع «حزب الله»، كشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «هيئة تحرير الشام» سبق لها أن سهّلت انتقال العشرات من مقاتلي «حزب الله» وعائلاتهم من سوريا إلى لبنان، من دون إيذاء أحد منهم أو التعرّض لهم.

نقطة عسكرية تعرضت للتخريب عند الحدود مع لبنان (الشرق الأوسط)

ولم يُسجّل حتى الآن أي اتصال علني ما بين الحكومة اللبنانية ورئيس السلطة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، رغم مرور أسبوعين على سقوط نظام الأسد.

ورأى الوزير السابق، رشيد درباس، أن الرئيس نجيب ميقاتي «قام بزيارة استكشافية إلى أنقرة لمعرفة كيف ستتوجه الأمور في سوريا».

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصائل المسلحة التي تمسك الأمن في سوريا تقف أمام امتحان القدرة على حفظ الأمن والاستقرار، إلى أن تتشكّل سلطة سياسية جديدة منبثقة عن إرادة السوريين في انتخابات حرة ونزيهة؛ خصوصاً أن الجيش السوري النظامي لم يعد له وجود على الأرض».

وقال درباس: «حتى الآن، كلام السوريين عن العلاقة مع لبنان جيّد، لكن من حقّ لبنان أن يبقى حذراً ويقظاً من إمكان اندلاع فوضى في سوريا، وتسرّبها إلى لبنان».

ويبقى التحفّظ اللبناني قائماً، رغم أن وفوداً أوروبية زارت دمشق في الأيام الأولى التي أعقبت الإطاحة بنظام الأسد، واعتبر الوزير درباس أن «زيارات الوفود الأجنبية ذات مهمّة استطلاعية، ولتلمّس مدى قدرة الحكومة الجديدة على إدارة مرحلة انتقالية وضبط الأوضاع على كامل الأراضي السورية»، مشدداً على أن «المحادثات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع الرئيس التركي رجب طيّب إردوغان تأتي في هذا السياق»، لافتاً إلى أن «الارتياب والحذر ينمّ عن حكمة».

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا (أ.ف.ب)

أما عن زيارة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط المقررة إلى دمشق، يوم الأحد المقبل، فوضعها درباس في إطار الاستكشاف، فضلاً عن أن جنبلاط لديه قضيّة أخرى (في إشارة إلى وضع الدروز في سوريا ودورهم في المرحلة المقبلة)، و«هذا أمر مفهوم».


مقالات ذات صلة

المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

المشرق العربي خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)

المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

يدخل انتخاب رئيس للجمهورية في مرحلة غربلة أسماء المرشحين مع دعوة «اللقاء الديمقراطي» لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي (الوكالة الوطنية)

لبنان عمم صور المطلوبين من المسؤولين السوريين السابقين على المنافذ الحدودية

أعلن وزير الداخلية اللبنانية بسام مولوي عن وجود إجراءات مشددة في مطار رفيق الحريري الدولي بحق مسؤولين سوريين سابقين مطلوبين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقومون بمعاينة الدمار الذي لحق ببلدة الخيام بعد الانسحاب الإسرائيلي منها (أ.ف.ب)

إسرائيل تستغل مهلة الـ60 يوماً لتنفيذ مخططها في لبنان

يستغل الجيش الاسرائيلي مهلة الـ 60 يوما التي نص عليها إتفاق وقف إطلاق النار للمضي قدما في التوغل الى بعض القرى وتدمير المنازل وتفجيرها

كارولين عاكوم
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط والحالي نجله رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية للإعلام)

«الاشتراكي» يتبنى ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية اللبنانية

أعلنت كتلة «اللقاء الديمقراطي» تأييدها لقائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في خطوة لافتة ومتقدمة عن كل الأفرقاء السياسيين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبلاً رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

تركيا ولبنان يتفقان على «العمل معاً» في سوريا

أكد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الأربعاء، أن أنقرة وبيروت «اتفقتا على العمل معاً في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مدينة دوما تتنفس الصعداء بعد سقوط نظام الأسد

السوق التجارية في شارع الجلاء وسط دوما وتبدو فيه حركة المارة (الشرق الأوسط)
السوق التجارية في شارع الجلاء وسط دوما وتبدو فيه حركة المارة (الشرق الأوسط)
TT

مدينة دوما تتنفس الصعداء بعد سقوط نظام الأسد

السوق التجارية في شارع الجلاء وسط دوما وتبدو فيه حركة المارة (الشرق الأوسط)
السوق التجارية في شارع الجلاء وسط دوما وتبدو فيه حركة المارة (الشرق الأوسط)

تتنفس مدينة دوما، أكبر مدن غوطة دمشق الشرقية، الصعداء بعد سقوط حكم بشار الأسد المخلوع الذي جعل مدن المنطقة وبلداتها وقراها كافة مسرحاً للموت والدمار، من ضربها بالكيماوي أبريل (نيسان) 2018، إلى تحويلها مركزاً لتصنيع الكبتاغون بعد أن استردها وهجَّر مقاتلين وعائلاتهم.

الحياة تعود إلى طبيعتها تدريجياً، في دوما، المركز الإداري للغوطة الشرقية (المعروفة رسمياً باسم ريف دمشق الشرقي)، بعودة أعداد كبيرة من المهجَّرين إلى مدينتهم، واستتباب الأمن فيها ومواصلة المؤسسات عملها. في حين لا يزال مشهد الدمار طاغياً على معظم أرجاء حرستا (المجاورة).

دوار البلدية في دوما الذي تتفرع عنه مداخل الطرق إلى أحياء المدينة (الشرق الأوسط)

تبعد دوما أكثر من 14 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق. وبمجرد الوصول إلى مشارف المدينة من الجهة الغربية، عبر الأوتوستراد الدولي الذي يربط العاصمة بوسط البلاد وشمالها وغربها، يبدو واضحاً غياب مظاهر النظام السابق (حواجز الجيش والمفارز الأمنية وصور الأسد)، بينما غيرت عمليات ترميم أغلبية المباني خلال السنوات القليلة الماضية ما دمره النظام، مشهد المدينة عن بعد، مع اختفاء المظاهر المسلحة بشكل شبه كامل من الطريق.

ومع الدخول إلى الطرق العامة من الجهة الشمالية المؤدي إلى وسط المدينة، يتواصل اختفاء المظاهر المسلحة، مع تزايد حركة السيارات في مسربي الطريق ذهاباً وإياباً.

عودة حركة السوق إلى دوما (الشرق الأوسط)

عند دوار البلدية، تم تعليق لافتات الترحيب «بالثوار» في مداخل الطرق كافة المتفرعة منه إلى أحياء المدينة، بينما بدت الحركة في بداية شارع الجلاء الذي يعد السوق التجارية الرئيسة في المدينة خفيفة، وتتزايد بعد قطع عشرات الأمتار، لتصبح كثيفة في منتصفه، ويبدو الإقبال على الشراء كبيراً من المحال التجارية بتخصصاتها كافة.

بائع «ترمس» جوال على عربة خشبية يبدي سروره بالتغير الذي حدث، ويقول لـ«الشرق الأوسط» بعد أن يحمد الله على الخلاص: «وين كنا وين صرنا، كنا ميتين بالحياة، خوف وغلاء، بس اليوم الناس فرحانة وبالشوارع، وبإذن الله الوضع بيتحسن اكثر».

بدوره، صاحب محل لبيع الخضراوات والفاكهة، يؤكد أن الإقبال على الشراء، تزايد بنسبة كبيرة بعد سقوط النظام، الأسعار انخفضت، والناس ارتاحت نفسياً، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان مجوّع الناس بتحكم كبار التجار المرتبطين فيه، والإتاوات التي كان يفرضها جيشه، واليوم خلصنا من كل هذه العصابة».

رئيس المجلس المحلي في دوما خالد المكبتل في مكتبه (الشرق الأوسط)

رئيس المجلس المحلي في دوما، خالد المكبتل، الذي التقته «الشرق الأوسط» في مكتبه بمقر البلدية، يصف الوضع حالياً في دوما بعد سقوط النظام، بأنه «جيد»، ويقول: «بدأنا مرحلة جديدة، والأولوية لتأمين حاجة المواطن».

ويوضح المكبتل، بعد أن أشار إلى أن المجلس يسيّر حالياً أمور المدينة، أن الأمن مستتب مع وجود عناصر فصائل المعارضة، والمؤسسات الحكومية أغلبيتها فتحت أبوابها وعاد الدوام الطبيعي فيها، وكذلك المدارس والمشفى وجميع الأفران تعمل.

المسجد الكبير وسط دوما وعمليات الترميم في خواتيمها (الشرق الأوسط)

ووفق المكبتل، فإن الأسعار تدنت إلى أقل من النصف قياساً بما كانت عليه قبل سقوط النظام؛ لأن التصدير توقف وسوق الهال توجد فيها كميات كبيرة من الخضراوات والفاكهة، فكيلو البطاطا كان بـ12 ألفاً واليوم بـ4 آلاف، مشيراً إلى أنه «خلال اليومين الأول والثاني بعد سقوط النظام، ارتفعت الأسعار إلى أرقام قياسية، حيث وصل كيلو السكر إلى 60 ألف ليرة بعدما كان بـ12». ويضيف: «منذ يومين كل الأسعار نزلت فالسكر اليوم بـ9 آلاف؛ لأنه لم يعد هناك احتكار».

مقاتلون من «جيش الإسلام» وهم أمام مقرّ مفرزة المخابرات في شارع الجلاء بمدينة دوما (الشرق الأوسط)

وكان فصيل «جيش الإسلام» يسيطر على مدينة دوما وعلى مساحات واسعة من غوطة دمشق الشرقية بعد خروجها عن سيطرة نظام الأسد المخلوع في السنة الثانية للثورة في عام 2012، قبل أن يسيطر عليها النظام في عام 2018 ويهجّر مقاتليها وأغلبية أهلها إلى الشمال السوري.

عودة كثيفة للمهجَّرين

تشهد المدينة عودة مكثفة للمهجرين منها. عدد سكان دوما كان قبل عام 2011، نحو 585 ألف نسمة، وفي عام 2018 هبط إلى 250 ألفاً، واليوم عدد القاطنين فيها يتجاوز الـ400 ألف، والرقم يزداد يومياً بسبب عودة الأهالي من تركيا ومن الشمال ومن لبنان ومن أوروبا.

وحول رؤيته لمستقبل سوريا بعد سقوط حكم الأسد، يوضح المكبتل أن النهوض «يحتاج إلى اعتمادات مالية ضخمة وجهات مانحة، وما تم تدميره يحتاج إلى مليارات، ولكن نحن متفائلون خيراً».

رجل وطفل في مستشفى محاصر في الغوطة الشرقية في 25 فبراير 2018 (أرشيفية - رويترز)

يرتبط اسم الغوطة الشرقية وخصوصاً دوما، بالموت؛ بسبب شدة القصف الذي تعرضت له من قِبل النظام وحلفائه، والمجازر التي ارتكبت فيها والحصار والتجويع الذي فرضه عليها؛ ما خلف آلاف القتلى من المدنيين، والآلاف من المعتقلين الذين لم يُعرف مصيرهم حتى الآن.

وقصف النظام مدينة دوما بالأسلحة الكيمياوية المحرّمة دولياً في أبريل عام 2018؛ ما أدى إلى سقوط أكثر من 100 قتيل وإصابة الآلاف.

وبينما تقدّر مصادر في المنطقة أعداد مَن كانوا معتقلين من أهالي الغوطة الشرقية في سجون النظام، بأكثر من 50 ألفاً، تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن مَن خرجوا من السجون من أبناء المنطقة بعد سقوط النظام، لا يتعدى الـ5 في المائة.

الدمار طاغٍ في القسم الجنوبي من حرستا ريف دمشق الشرقي (الشرق الأوسط)

طغيان للدمار في حرستا

المشهد في حرستا يختلف كلياً عما هو عليه في مدينة دوما؛ إذ لا يزال الدمار طاغياً على قسمها الجنوبي الذي تنعدم فيه مظاهر الحياة، وتقتصر على قلة من السيارات المتجهة إلى القسم الشمالي والى الطريق العامة المؤدية إلى دمشق.

وحتى في القسم الشمالي من المدينة، تبدو مظاهر الحياة ضعيفة، الشوارع خالية إلا من قلة قليلة من طلبة المدارس وبعض المارة، على حين تفتح بعض المحال التجارية وسط إقبال ضعيف على الشراء، كما هو الحال في حيي البستان والسبيل اللذين تظهر مظاهر الحياة فيهما من خلال الألبسة المنشورة على نوافذ وشرفات المنازل.

حي البستان شمال حرستا وتبدو فيه حركة الحياة ضعيفة جداً (الشرق الأوسط)

وبينما لا تزال الطرقات الرئيسة، سواء في المناطق المدمرة أو الأحياء المؤهلة، بحالة سيئة بسبب كثافة القصف الذي تعرّضت له المدينة في السنوات الأخيرة، تبدو عموم المنطقة خالية من الانتشار العسكري لعناصر فصائل المعارضة إلا من بعض سياراتهم التي كانت تمر مسرعة في الطرقات.

وخلال جولة «الشرق الأوسط»، التقت رئيس «مجلس شورى حرستا» مصباح الدجلين، الذي كشف عن أن «المجلس» الذي تم تشكيله منذ عام 2020 في المناطق المحررة في شمال سوريا، انتقل بعد سقوط النظام، إلى المدينة. وأوضح، أن المجلس يتألف من سبعة أعضاء، هم من وجهاء المدينة وكلهم عادوا من الشمال، مؤكداً: «سنقوم لاحقاً بتوسعته بحيث يضم وجهاء من داخل المدينة التي استقبلنا أهلها المقيمون فيها بالترحيب والتفوا حولنا».

صفحة جديدة

ويقول الدجلين: «لقد فتحنا صفحة جديدة مع الجميع إلا من تلطخت يداه بالدماء وأكل حقوق الآخرين»، مشيراً إلى أن المجلس الذي يتخذ من مبنى فرع الأمن الجنائي في حرستا مقراً له، هو من يقوم حالياً بتسيير أمور المؤسسات والدوائر في المدينة.

يوضح الدجلين: «عندما كنا في الشمال السوري كنا نعد العدّة لهذه اللحظة»، ويشير إلى أن عدد المقاتلين الذين دخلوا حرستا نحو 300 مقاتل من أكثر من فصيل، لكن كلهم يتبعون «إدارة العمليات العسكرية». ويؤكد أن المؤسسات المدنية كافة لم يتم الاقتراب منها «نسيّرها بحسب مصلحة البلد».

ويبدي رئيس «مجلس شورى حرستا» تفاؤله بمستقبل البلاد، ويقول: «إن شاء الله في غضون عام سوريا ستضاهي بلاد أوروبا بالتقدم».