بغداد وعمّان: خطوة إضافية على طريق الربط الكهربائي

تعديل عقد بيع الطاقة الأردنية إلى المناطق الغربية من العراق

محطة كهرباء عراقية (مواقع التواصل الاجتماعي)
محطة كهرباء عراقية (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

بغداد وعمّان: خطوة إضافية على طريق الربط الكهربائي

محطة كهرباء عراقية (مواقع التواصل الاجتماعي)
محطة كهرباء عراقية (مواقع التواصل الاجتماعي)

أعلن العراق والأردن، الأحد، أنهما عدّلا الوثيقة الخاصة بعقد بيع الطاقة الكهربائية من المملكة الأردنية الهاشمية إلى العراق على جهد 132 كيلوفولت لتغذية أحمال منطقة الرطبة المقدرة بنحو 40 ميغاواط.

ووقّع الوثيقة عن الجانب الأردني مدير عام «شركة الكهرباء الوطنية» أمجد الرواشدة، وعن الجانب العراقي مدير عام «الشركة العامة لنقل الطاقة الكهربائية - المنطقة الوسطى» رياض عريبي مكلف، بحضور مسؤولين من الطرفين...وطبقاً لتصريحات أدلى بها المسؤول الأردني عقب التوقيع، فإن «الاتفاقية تأتي في إطار تطلُّع الجانبين الأردني والعراقي إلى البدء في تأسيس الربط الكهربائي التزامني المشترك، الذي سيسهم في تعزيز تبادل الطاقة الكهربائية، واستقرار المنظومات الكهربائية في الجانبين، والذي سيكون جزءاً رئيسياً من السوق العربية المشتركة للطاقة مستقبلاً».

وأضاف: «الآن استكملنا جميع الإجراءات الفنية للمرحلة الأولى، والجانب العراقي الآن جاهز لاستقبال الكهرباء، وسيجري العمل على استكمال بعض الإجراءات البنكية بين الطرفين استعدادا لبدء تزويد الجانب العراقي بنحو 40 ميغاواط ضمن المرحلة الأولى، بينما يجري العمل حالياً على تجهيز المرحلة الثانية التي يتوقع أن تكتمل خلال الربع الثالث من العام الحالي».

إحدى محطات توليد الكهرباء (شركة الكهرباء الأردنية)

وأوضح أنه «بعد اكتمال المرحلة الثانية سيكون مجموع القدرة التي سيجري تزويد العراق بها نحو 150 - 200 ميغاواط. ومع تطور مراحل الربط على المدى المتوسط، يمكن أن تصل قدرة التزويد إلى 500 ميغاواط».

وبينما لم يصدر عن الجانب العراقي أي توضيح بشأن تعديل وثيقة العقد، فإن ذلك يأتي استكمالاً للجهود التي تبذلها بغداد في مجال توسيع الربط الكهربائي مع بعض دول الجوار، لا سيما الأردن والمملكة العربية السعودية في مسعى لتقليل الاعتماد على استيراد الكهرباء والغاز من إيران.

ومع أن مساعي العراق بشأن الربط الكهربائي مع الأردن ودول الخليج تعود إلى سنوات مضت، فإنها تواجه دائماً بعراقيل داخلية تؤخر كل إجراءات التسريع؛ فالعراق الذي يعاني نقصاً حاداً في الكهرباء، لا سيما خلال فصل الصيف الحار والطويل، كان قد وقَّع مذكرة تفاهم عام 2018 مع الأردن بهدف التعاون في مجال الكهرباء، وإنشاء شبكة ربط كهربائية متزامنة بين البلدين.

كما وقّع عام 2020، عقد بيع الطاقة الكهربائية بين «شركة الكهرباء الوطنية» و«الشركة العامة لنقل الطاقة - المنطقة الوسطى»، لتزويد الجانب العراقي بقدرة كهربائية تتراوح ما بين 150 - 200 ميغاواط، إضافة إلى توقيع آلية تنفيذ مشروع الربط بتاريخ 15 - 7 - 2021، وذلك من خلال إنشاء خط نقل هوائي 400 كيلوفولت مرحلة أولى، يربط «محطة تحويل الريشة» في الجانب الأردني، و«محطة تحويل القائم» في الجانب العراقي بطول 6 كيلومترات في الأراضي الأردنية، و330 كيلومتراً في الأراضي العراقية.

صورة من صفحة وزارة الكهرباء العراقية في «فيسبوك» لفنيّين يصلحون إحدى شبكات الكهرباء

وكان كل من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، قد وضعا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حجر الأساس لمشروع الربط الكهربائي.

وبينما تعود معاناة العراق بمجال نقص الطاقة الكهربائية إلى تسعينات القرن الماضي، بعد ضرب وتدمير محطات الطاقة الكهربائية بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، وفرض الحصار الذي حال دون إمكانية إصلاحها، فإن حكومات ما بعد عام 2003 لم تتمكن من تحقيق تقدم في هذا الملف رغم إنفاق عشرات مليارات الدولار.

وتعود الأسباب الحقيقية لذلك إلى الفساد المالي والإداري، فضلاً عن ربط العراق على مستوى الطاقة مع إيران؛ ما جعلها تحتكر تزويد العراق بالغاز والكهرباء مقابل أموال طائلة، مستفيدة من «السماحات» التي تقدمها الولايات المتحدة لها، رغم فرض العقوبات الاقتصادية عليها... حيث كان العراق طوال السنوات الماضية يستورد من إيران 1200 ميغاواط، وكذلك وقود الغاز لتغذية محطات الطاقة، وكانت إيران كثيراً ما توقف التصدير إلى العراق في أوقات الذروة بفصل الصيف.

لكن أثناء فترة الحكومة الحالية، بدأ العراق يجري مباحثات مع دول خليجية وعلى رأسها السعودية لاستيراد الكهرباء منها عبر ربط منظمتها مع منظومة الخليج. وطبقاً لتصريحات عراقية سابقة فإن الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية سيغذي العراق بنحو 1000 ميغاواط في المرحلة الأولى عن طريق محطة عرعر الحدودية.


مقالات ذات صلة

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج م. وليد الخريجي وفروخ شريفزاده يترأسان الجولة الثالثة من المشاورات السياسية بين السعودية وطاجيكستان في الرياض (واس)

مشاورات سعودية - طاجيكية تناقش تعزيز التعاون في شتى المجالات

بحثت جولة المباحثات الثالثة من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والطاجيكستانية، الأربعاء، تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.