معتز عزايزة يخلع سترته «الثقيلة»... ويغادر غزة

أصدقاء معتز عزايزة ينزعون عنه السترة الواقية من الرصاص (صورة من مقطع فيديو نشره على «إنستغرام»)
أصدقاء معتز عزايزة ينزعون عنه السترة الواقية من الرصاص (صورة من مقطع فيديو نشره على «إنستغرام»)
TT

معتز عزايزة يخلع سترته «الثقيلة»... ويغادر غزة

أصدقاء معتز عزايزة ينزعون عنه السترة الواقية من الرصاص (صورة من مقطع فيديو نشره على «إنستغرام»)
أصدقاء معتز عزايزة ينزعون عنه السترة الواقية من الرصاص (صورة من مقطع فيديو نشره على «إنستغرام»)

خلع الصحافي الغزاوي معتز عزايزة سترته الواقية للرصاص «الثقيلة» معلناً من خلال فيديو نشره بصفحته على «إنستغرام»، صباح اليوم (الثلاثاء)، أنه سيغادر غزة.

بدت الكلمات ثقيلة وهي تخرج من فم معتز عزايزة: «هذه كلمتي الشهيرة التي لطالما ردّدتها على مدار الـ107 أيام، هذه المرة الأخيرة التي سترونني فيها أرتدي هذه السترة الثقيلة وكريهة الرائحة»، قالها وكان النفس يخرج من صدره بصعوبة، وبدت علامات التأثر واضحة على ملامحه.

وأكد عزايزة أنه سيغادر قطاع غزة الذي يشهد عدواناً مكثفاً للقوات الإسرائيلية، إذ قام بتوثيق العدوان على القطاع المحاصَر من خلال نشر مقاطع مصورة.

ساعده أصدقاؤه على خلع تلك السترة كأنه يخلع عنه وزراً ثقيلاً، ودّعهم بعد 107 أيام كان فيها عيون العالم التي وثّقت الجرائم والإبادات... رفع علامة النصر واعتذر ووعد بالعودة قائلا: «قررت الإخلاء اليوم... أنا آسف... لكن إن شاء الله سأتمكن قريباً من العودة لأساعد في بناء غزة مجدداً».

غادر قطاع غزة، صباح اليوم، من خلال معبر رفح البري متجهاً إلى دولة قطر. وسمحت السلطات المصرية بعبوره من معبر رفح البري مستقلاً سيارة خاصة وجرى نقله إلى مطار العريش الدولي، حيث اتجه من هناك إلى دولة قطر عبر طائرة إجلاء قطرية كانت قد وصلت صباح اليوم إلى مطار العريش.

مَن هو معتز عزايزة بطل غزة «الخارق»؟

معتز عزايزة بطل غزة «الخارق» كما يلقّبه المتابعون، هو صحافي وناشط فلسطيني وُلد في مدينة غزة في التسعينات، لأب وأم فلسطينيين، حيث درس الصحافة والإعلام، يتقن اللغة الإنجليزية، ويعمل في تغطية الأخبار الخاصة بقطاع غزة.

هو مصور فوتوغرافي، ومتطوع باللجنة الدولية للصليب الأحمر، كما أنه لا يعمل لصالح أي وكالة إخبارية أو جماعة أو هيئة، فهو مصوِّر حر يوثّق الأحداث بعدسة كاميرته.

ويوثّق معتز عزايزة كل ما يتعرض له المدنيون في القطاع، وينقل صورة الأحداث عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، وينشر للعالم أجمع صورَ الدمار والعائلات المنكوبة جراء القصف المتواصل على قطاع غزة، حتى أصبح يتابع الملايين حول العالم تغطيته اليومية للأحداث.

مشاهد مأساوية كثيرة وثّقها معتز عزايزة، أبرزها لحظة نزوح أهالي عزة إلى الضفة الغربية، بالإضافة إلى توثيقه ما يحدث في المستشفيات التي قصفها الجيش الإسرائيلي بغاراته الجوية.

أشهر من بايدن

زادت شهرة معتز عزايزة بعد توثيقه الجرائم التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين والأطفال بغزة، الأمر الذي جعل الكثيرين يحرصون على متابعته على «إنستغرام»، لدرجة أنه تخطى رئيس الولايات المتحدة الأميركية جو بايدن، في عدد المتابعين، إذ وصل عدد متابعيه إلى 17.4 مليون، في حين يتابع بايدن 17.2 مليون.

صورة لحساب معتز عزايزة على «إنستغرام»

يرتدي عزايزة السترة الواقية من الرصاص والخوذة الخاصة بالمراسلين الصحافيين ويجول في قطاع غزة لينقل للعالم ما يحدث يومياً داخل القطاع عبر حساباته على مواقع التواصل المختلفة.

خسر عزايزة 15 فرداً من عائلته في حرب غزة

في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تلقى عزيزة خبراً مفجعاً، فلم يسلم الصحافي من الهجمات الإسرائيلية التي يغطيها وينشرها للعالم.

صُدم عزايزة بوفاة عائلته عندما كان متوجهاً حينها لتغطية قصف القوات الإسرائيلية على منطقة دير البلح وسط قطاع غزة. كان عزايزة يؤدي عمله المعتاد في تغطية الاعتداءات الإسرائيلية بقطاع غزة وتوثيق كل الهجمات، مما تسبب في مقتل أكثر من 1400 فلسطيني بينهم مئات النساء والأطفال.

فتلقّى خبراً صادماً بعد أن علم أن المنطقة التي يسكن فيها أهله في دير البلح، تعرضت لقصف استهدف عدداً من المباني السكنية وأسقط ضحايا مدنيين كثراً.

يومها، خرج عزايزة في مقطع فيديو على «إنستغرام»، وبدت على وجهه علامات القلق والخوف، قال: «عائلتي كلها تسكن هناك، الوضع صعب ولا أستطيع الوصول إليهم».

انهار عزايزة بالبكاء فور وصوله: «عائلتي كلها أشلاء»، قالها وهو يمسك برأسه. فقد 15 فرداً من أسرته جراء القصف، أُخرجوا من تحت الأنقاض أشلاء. لكنّ المأساة لم تمنعه من مواصلة عمله، إذ عاود نقل الحقيقة ونشر الأخبار، بعد وداع أسرته.

ولم يتبقَّ لمعتز عزايزة من أنقاض منزله، سوى لعبته المفضلة وبعض الصور القديمة لوالدته. ليشبّه تماسك اللعبة في ظل الدمار والقصف الإسرائيلي في فلسطين بصمود الشعب ومقاومته، وعلّق على مقطع الفيديو الذي نشره قائلاً: «ما زلنا على قيد الحياة... حتى الآن»، ليتخطى الفيديو بعد ساعات من نشره 5 ملايين مشاهدة.

عزايزة «رجل عام 2023»

اختارت مجلة «جي كيو» الشرق الأوسط معتز عزايزة رجل عام 2023 بسبب نقله الحرب في غزة. وذكرت المجلة أن عمل عزايزة يجسّد قوة الناشطين على مواقع التواصل إلى جانب إنسانيته.

بطل غزة (حسابه على «إنستغرام»)

وجرى اختيار عزايزة بناءً على دوره الفعّال والملموس في إحداث تغيير حقيقي في المنطقة والعالم بأسره، حسب المجلة.

كما عبّرت المجلة عن إعجابها بعمل عزايزة وقوته الرقمية وإنسانيته، مُشيرة إلى أن الشجاعة تظهر بأشكال متعددة، وأن دوره كان حاسماً في نقل الحقيقة للعالم خلال تلك اللحظات الصعبة.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير الخارجية الأردني التقى الشرع في دمشق

 وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
 وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية الأردني التقى الشرع في دمشق

 وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
 وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الاثنين، في دمشق القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، كما أعلنت وزارته في بيان. وأظهرت صور نشرتها وزارة الخارجية الأردنية الصفدي والشرع وهما يتصافحان، من دون أن تحدد مكان انعقاد اللقاء في دمشق. وكانت الخارجية أفادت في وقت سابق في بيان مقتضب بأن الصفدي يزور اليوم (الاثنين) دمشق، ويلتقي القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وعدداً من المسؤولين السوريين.

وهي أول زيارة يجريها مسؤول أردني كبير إلى سوريا منذ سقوط الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) وقال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني للصحافيين الأحد إن «الموقف الأردني تجاه الأحداث الأخيرة في سوريا يعبر عن صدق العلاقات بين البلدين الشقيقين، بالإضافة إلى دعمه لتحقيق الأمن لسوريا ووحدة أراضيها واستقرار مؤسساتها»، مشيراً إلى أن «هذا الاستقرار ينعكس إيجاباً على مصالح الدولة الأردنية ويرسخ أمن حدودها»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وللأردن حدود برية مع سوريا تمتد لمسافة 375 كيلومتراً. وتقول عمّان إنها تستضيف أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوريا منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، ووفقاً للأمم المتحدة، هناك نحو 680 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن. وعاد 7250 سوريّاً عبر الحدود الأردنية إلى بلدهم منذ سقوط حكم بشار الأسد، حسبما أفاد وزير الداخلية الأردنية الخميس الماضي. واستضاف الأردن في 14 ديسمبر اجتماعاً حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ممثل الأمم المتحدة.

وأكد الملك عبد الله الثاني وقوف الأردن إلى جانب السوريين، واحترام «إرادتهم»، داعياً لتجنب انجرار البلاد إلى «الفوضى» بعد إعلان الفصائل المعارضة دخول دمشق، وإسقاط الرئيس بشار الأسد.

وعانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات، لا سيّما الكبتاغون، برّاً من سوريا التي شهدت منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً، وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

ويقول الأردن إن عمليات التهريب هذه باتت «منظمة»، وتُستخدم فيها أحياناً طائرات مسيّرة، وتحظى بحماية مجموعات مسلحة، ما دفع الأردن إلى استخدام سلاح الجو مراراً لضرب هذه المجموعات وإسقاط طائراتها المسيرة، كما اعتقل وقتل كثيراً من المهربين، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعد سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011، إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجاً، وأدى إلى ازدياد تصديرها.