احتياطي «المركزي» اللبناني لا يكفي لإنهاء مشكلة المودِعين

الحاكم بالإنابة تعهّد بإرسال المشتبه بهم إلى القضاء

نائب حاكم «مصرف لبنان» وسيم منصوري متوسطاً رئيس وأعضاء «نقابة محرري الصحافة» (الوكالة الوطنية للإعلام)
نائب حاكم «مصرف لبنان» وسيم منصوري متوسطاً رئيس وأعضاء «نقابة محرري الصحافة» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

احتياطي «المركزي» اللبناني لا يكفي لإنهاء مشكلة المودِعين

نائب حاكم «مصرف لبنان» وسيم منصوري متوسطاً رئيس وأعضاء «نقابة محرري الصحافة» (الوكالة الوطنية للإعلام)
نائب حاكم «مصرف لبنان» وسيم منصوري متوسطاً رئيس وأعضاء «نقابة محرري الصحافة» (الوكالة الوطنية للإعلام)

جدّد حاكم «مصرف لبنان» بالإنابة، وسيم منصوري، موقفه الرافض للمسّ باحتياطي «المركزي»، مؤكداً، في الوقت عينه، أنه ليس كافياً لإنهاء مشكلة المودِعين. ودعا إلى العمل على خريطة طريق للحل، وإعادة ثقة المودِع بالقطاع المصرفي. ولفت، في المقابل، إلى أن هيئة التحقيق الخاصة تدرس تقرير «ألفاريز»، مؤكداً «سأرسل كل المشتبَه بهم إلى القضاء».

جاءت مواقف منصوري، خلال لقائه نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي، وأعضاء مجلس النقابة، حيث كانت جولة حول الأوضاع المالية، والأزمة الاقتصادية، وأموال المودِعين، والتدقيق الجنائي.

وفي حين جدَّد منصوري التأكيد أنه لا يمكن المسّ باحتياطي «مصرف لبنان»، أكد، في المقابل، أن هذا الاحتياطي «لا يمكن أن يحلّ كل المشكلة، بل قد يكون أساساً مناسباً لإيجاد الحلول، خصوصاً إذا أضفت إليه احتياطات المصارف، من خلال عملية هيكلتها كما يجب». وشدد على أنه «يجب أن تكون لدينا خريطة طريق للحل يمكن التعويل عليها. حجم اقتصاد لبنان ليس كبيراً، ومن الممكن أن يستعيد لبنان عافيته الإقتصادية بشكل سريع، لذلك أقول وأكرر: إذا وضعنا خريطة طريق سليمة لبناء اقتصاد سليم، فستكون هناك إمكانية للحل».

وقال: «خريطة طريق سليمة تعني أنه لا يمكن لك أن تقوم باقتصاد سليم من دون قطاع مصرفي، والقطاع المصرفي لن يتعافى إذا لم تجرِ المصالحة مع المودِع. يجب العمل على إعادة ثقة المودِع بالقطاع المصرفي لنستطيع بناء الاقتصاد السليم، والمُعضلة الموجودة لا تحلُّها إلا قوانين واضحة وسليمة وتحدد مصير هذا القطاع». ولفت إلى أن «قانون إعادة هيكلة المصارف موجود في الحكومة، وعليها العمل على وضعه حيّز التنفيذ، من خلال التصويت عليه. هناك قرار جريء يجب اتخاذه لسدّ الفجوة المالية. نحن بحاجة ليترك السياسيون كل خلافاتهم السياسية، والذهاب إلى جلسة مشتركة في مجلس النواب، تضم الحكومة والمجلس المركزي؛ للنظر بالقوانين المطروحة من خلال إطار قانوني سليم، للرد على كل أسئلة المودِعين».

وذكّر منصوري بأن البنك الدولي أعلن أن الأزمة التي يمر بها لبنان، لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ 150 سنة. وقال: «المصرف المركزي ليست لديه الحلول لأزمة المودِعين. أزمة مالية كالتي نعيشها في لبنان بحاجة إلى قانون»، متعهداً بأنه لن يقف «في وجه المودِع لأخذ وديعته على سعر 90 ألفاً بالليرة اللبنانية إذا لحظت ذلك موازنة 2024»، ومؤكداً أنه «ليس هناك مصرف مركزي في العالم يصدر تعاميم لإنقاذ أزمة مالية. والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان مؤقتة، ولم تصدر لتكون مكان الدولة».

وقف تمويل الدولة

وردّاً على سؤال حول قرار التوقف بتمويل الدولة، لفت منصوري إلى أن القرار اتخِذ في شهر أغسطس (آب) من عام 2020، لكنه لم ينفَّذ. وقال: «المجلس المركزي كان يتخذ القرارات، لكن السلطة التنفيذية كانت بيد الحاكم السابق. نحن كنا سلطة تقريرية، والحاكم السابق كان سلطة تنفيذية. والحاكم السابق كان يَعتبر طلب الحكومة من المصرف المركزي أموالاً، أمراً يغطيه قانوناً ويسمح له بإعطاء المال. هذه كانت وجهة نظره ووجهة نظر رئيس الجمهورية والحكومة والجميع». واعتبر بذلك أن «المسؤولية لا تقع فحسب على الحاكم السابق الذي لم أكن متفقاً معه حول السياسة النقدية».

منصوري متحدثاً في لقاء دعا إليه «المجلس الاقتصادي الاجتماعي» في بيروت (الشرق الأوسط)

وعما إذا كان سيتراجع عن قراره في تمويل الدولة، أكد «أنا باقٍ على قراري، ولن أبدّله مهما حصل». وأوضح: «أهم من تمويل الدولة بالدولار هو تمويلها بالليرة، أنا لا أدفع عن أحد، وأقوم بتحويل الليرات لدى الدولة إلى الدولار الذي نشتريه من السوق، والذي لن يؤثر سلباً على قيمة الليرة. أنا لا أعطي الدولة أموالاً لتدفع الرواتب، فالأموال أموالها من الضرائب، والجباية صفر تكلفة على مصرف لبنان. ولا بد لي من أن أشير أيضاً، أنا ضبطت سعر الصرف، من خلال استعمال العملة اللبنانية. وهذا لم يحصل منذ ثلاثين سنة. ونحن نضبط الوضع بالعملة الوطنية، وبصفر تكلفة. استمرار دفع الرواتب بالدولار للموظفين، أقول إنها سياسة مشتركة بالاتفاق مع رئيس الحكومة ووزير المالية».

وفي حين أكد التزامهم بـ«تكبير حجم الاقتصاد لخفض العجز»، تحدّث عن «ثلاثية ذهبية للتعافي. تصحيح الاقتصاد، تصحيح قطاع المصارف، وتصحيح أوضاع المودِعين. إذا لم نعمل على تنفيذ هذه الثلاثية معاً فلن نصل إلى نتيجة».

وعن التقرير الجنائي «ألفاريز آند مارسال» قال: «وصلني التقرير بالأسماء والأرقام، وتجري دراسته في هيئة التحقيق الخاصة، وكشفت السرّية المصرفية عن عدد كبير من الأشخاص، ولدى القضاء معلومات كبيرة في ما يخص هذا الموضوع»، مؤكداً أنه سيرسل كل المشتبَه بهم إلى القضاء.

وشدّد منصوري، في المقابل، على أن «المصرف المركزي في لبنان هو من أهم المصارف المركزية في المنطقة، لدينا 8 مليارات ونصف مليار دولار، ولدينا الذهب وقيمته 18 مليار دولار، ويطلب منا خبراء من المصرف إلى الخارج لتدريب مصرفيين، ولدينا الأملاك وعددها كبير. الميدل إيست قيمتها مليار دولار. علينا توضيح العلاقة السليمة المالية مع الدولة. وخلال فترة غير بعيدة سيصبح لدينا مؤسسة مهمة. الأخطاء التي ارتُكبت هي مسؤولية الجميع، كلنا كان يرى المشكلة؛ أي كل المسؤولين في الدولة».

ومع تأكيده أن واجبه المحافظة على النقد في لبنان، قال: «أتعهّد بكل كلمة أقولها، لا تمويل للدولة، أموال المودِعين موجودة بانتظار الحل لنعمل بوحيه، لا استثناءات، تنظيم مالية الدولة من خلال المصرف المركزي تحققت، تحسين المالية الداخلية وآلية المحاسبة تتحقق، العلاقة مع الدولة».

وعن الذي حققه منذ تسلمه الحاكمية بالإنابة، قال منصوري: «لقد صححت مالية الدولة وبدأت بتصحيح الحَوْكمة وآليات المحاسبة، وإنهاء العلاقة بين المصرف والدولة. السبعون مليار دولار لن تعود بما أقوم به، بل بتدابير يجب اتخاذها، ومن هنا تكمن أهمية تنظيم العلاقة مع الدولة».

وعما إذا كانت منصة «بلومبرغ» ستعيد ارتفاع الدولار، قال: «الذي يسهر إلى الساعة الثالثة فجراً من أجل تأمين الاستقرار النقدي، لن يسمح بأن يهتز الاستقرار بسبب منصة هو وزملاؤه أرادوها ووضعوها».


مقالات ذات صلة

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

المشرق العربي لبنانية تعتصم أمام مبنى «جمعية المصارف» في بيروت بعد الأزمة المعيشية في 2019 (أرشيفية - أ.ب)

لبنان: «قانون الودائع» يضاعف الهواجس من الالتزام بالتمويل

أثار مشروع قانون «الاستقرار المالي واسترداد الودائع»، الذي أقرته الحكومة اللبنانية، الجمعة، موجة من الهواجس التي ترافق إحالته المرتقبة إلى البرلمان

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دورية للجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان يواكب قمة ترمب - نتنياهو والعين على ابتعاد شبح الحرب

تحظى القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المنعقدة في 29 الحالي في فلوريدا، باهتمام لبناني.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في الجيش اللبناني يقفون قرب سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة عقتنيت بجنوب لبنان وأسفرت عن مقتل 3 أشخاص (د.ب.أ)

لبنان «يدير المخاطر» وسط تهديدات إسرائيلية وغياب الضمانات

يتحرّك لبنان سياسياً في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية، ضمن هامش ضيّق ترسمه توازنات خارجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رويترز)

الحكومة اللبنانية تقرّ مشروع قانون «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات

أقرت الحكومة اللبنانية، الجمعة، مشروع قانون استرداد الودائع المالية المجمدة في المصارف منذ عام 2019، وسط انقسام بالتصويت داخل مجلس الوزراء

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السوداني: نعمل على استضافة حوار أميركي - إيراني في بغداد

السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

السوداني: نعمل على استضافة حوار أميركي - إيراني في بغداد

السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)
السوداني لدى استقباله المبعوث الأميركي توم برّاك مطلع ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني تلقي بغداد تهديدات إسرائيلية وصلت عبر طرف ثالث، في أول إقرار رسمي على هذا المستوى، بعد أيام من تقرير لـ«الشرق الأوسط» تحدث عن تحذيرات غير مباشرة من ضربات وشيكة داخل العراق.

وقال السوداني، في مقابلة متلفزة، ليل السبت - الأحد، إن «التهديدات الإسرائيلية مستمرة، ووصلتنا عبر طرف ثالث»، من دون أن يحدد طبيعة الجهة الناقلة أو مضمون الرسائل، مكتفياً بالإشارة إلى أن الحكومة تعاملت مع الملف «بحذر بالغ لتجنيب البلاد مزيداً من التصعيد».

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)

وجاء التصريح بعد نحو أسبوع من تقرير نشرته «الشرق الأوسط» كشف، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الحكومة العراقية وجهات سياسية فاعلة تلقت رسالتي تحذير غير اعتياديتين، من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي، تضمنتا معلومات «جدية» عن اقتراب تنفيذ ضربات عسكرية واسعة داخل العراق.

ورجحت المصادر أن تشمل الضربات المحتملة مواقع ومخازن طائرات مسيَّرة وصواريخ ومعسكرات تدريب، إلى جانب مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بفصائل شيعية و«الحشد الشعبي»، في سياق تصعيد إقليمي مرتبط بالمواجهة بين إسرائيل ومحور إيران.

وكان جهاز المخابرات العراقي قد نفى «جملة وتفصيلاً»، في بيان رسمي، تلقي الحكومة أي رسائل تحذير من هذا النوع.

رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في بغداد (أرشيفية - إعلام حكومي)

لقاء في بغداد

وفي سياق آخر، أكَّد السوداني خلال المقابلة المتلفزة «قيام الحكومة العراقية بمسعى مهم لترتيب لقاء ثنائي بين طهران وواشنطن في بغداد لاستئناف الحوار بين الطرفين»، كاشفاً عن أنه «طرح على المبعوث الأميركي توم برَّاك استثمار علاقة بغداد مع طهران من أجل استئناف التفاوض الإيراني الأميركي».

وأوضح السوداني أن «علاقات العراق مع إيران والولايات المتحدة تمنحه قوة لممارسة دور مهم في التقريب بينهما، ونحن مستمرون بهذه المساعي لترتيب لقاء ثنائي في بغداد، ومسؤولون بالإدارة الأميركية أعلنوا قبولهم بذلكـ خصوصا في أثناء زيارة برّاك».

وذكر: «نصحنا الجانب الأميركي بالتعامل باحترام مع إيران، والابتعاد عن التهديد والوعيد؛ لأن المفاوضات تحتاج إلى الثقة، ولا يمكن إجراؤها في ظل عدوان عسكري، وإيران قبلت إجراء مفاوضات جادة دون إملاءات أو تهديد، بناءً على الثقة، وهذه وجهة نظر منطقية».

وأشار رداً على سؤال، إلى أن «العلاقات مع الولايات المتحدة لها خصوصية، وهي شريك استراتيجي للعراق، وأسهمت في إسقاط النظام الديكتاتوري، وساعدتنا بمواجهة «داعش» من خلال التحالف الدولي، وعملنا على تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة، سواء في الإطار الأمني أم الاقتصادي بحكم ما تملكه من شركات وتكنولوجيا للاستفادة من تجربتها».

وذكر السوداني في مجال آخر: «لم يعد هناك أي مبرر لوجود قوات أجنبية في العراق، والدستور ينصّ على عدم وجود سلاح خارج القوات الأمنية، وهو واحد من أبرز القرارات المدرجة في البرنامج الحكومي، وكل الأطراف الوطنية متفقة على معالجة هذا الملف».

مؤيدو رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحتفلون عقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات في بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال: «خلال أيام ستتسلم قواتنا المسلحة قاعدة عين الأسد بالكامل، والمرحلة الثانية تتعلق بقاعدة حرير، ولا نخضع لأي آراء أو رغبات، أو أمزجة الآخرين، ومشاكلنا تُحلّ بالقرار العراقي فقط، والجانب الأميركي يتفهم هذا الأمر وهو حريص على الاستقرار».

سوريا

وقال السوداني، رداً على سؤال، إن العلاقات العراقية - السورية «مستمرة على أساس مصلحة استراتيجية مشتركة، ولدينا تواصل، وشكّلنا لجنة تنسيق أمنية ثنائية وهي مستمرة بعملها».

و أضاف: «تحدثنا مع الجانب السوري عن ضرورة بناء عملية سياسية شاملة، تستوعب جميع الأطياف، مع إصدار موقف واضح بنبذ الإرهاب و(داعش) والتطرف». وقال إن «العراق حريص على وحدة وسلامة الأراضي السورية، ولدينا فرص كبيرة للنهوض بالواقع الاقتصادي، ومنها خط كركوك - بانياس لتصدير النفط».

وأكد: «نتابع الوضع الأمني في سوريا التي تشهد تنامياً لعصابات (داعش)، والعراق جزء من التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، ولدينا نشاط مهم مع الجانب السوري في مكافحة المخدرات، وتم تنفيذ عمليات مشتركة داخل الأراضي السورية».

رئيس الوزراء العراقي خلال استقباله جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (أرشيفية - رئاسة الحكومة العراقية)

وعن العملية السياسية في العراق بعد الانتخابات البرلمانية، أكد السوداني أن «غالبية قوى الإطار التنسيقي حريصة على إنتاج حكومة قوية تواجه التحديات المستقبلية، لكننا ما زلنا نراوح في مكاننا من دون حسم لاختيار رئيس الوزراء؛ ولهذا قدمنا مبادرة لتحريك الجمود بصفتنا كتلة أساسية في الإطار التنسيقي».

وأوضح «أن الولاية الثانية ليست طموحاً شخصياً بقدر ما هي استعداد لتحمل المسؤولية وإكمال مشروع بدأناه».


وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
TT

وجهاء «الطائفة العلوية» في الساحل يرفضون دعوات التقسيم وإثارة الفتن

محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)
محتجون من «الأقلية العلوية» في اللاذقية يتظاهرون الأحد 28 (إ.ب)

أصدر وجهاء من «الطائفة الإسلامية العلوية» في منطقة الساحل بسوريا بيانات ترفض دعوات التقسيم وإثارة الفتن، وتؤكد التزامهم بالقيم التي تدعو إلى «وحدة الصف وبناء سوريا واحدة موحدة».

وقال وجهاء «الطائفة العلوية» في طرطوس في بيان نشر على منصات التواصل الاجتماعي: «إن المدعو غزال غزال لا يمثلنا، ونرفض رفضاً قاطعاً دعواته لإثارة الفتن والتقسيم وخلق حالة فوضى بالبلد».

وشدد البيان على التمسّك بالحوار تحت سقف الدولة، والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلاد، طالبين من الدولة بـ«تسريع الإجراءات التي من شأنها تطمين أهالي المعتقلين وإعادة الموظفين».

وفي اللاذقية، دعا أعيان ووجهاء منطقة القرداحة، في تسجيل مصور، إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة، مترحمين على الشهداء الذين ارتقوا في التفجير الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حمص.

متظاهر في مدينة اللاذقية يحمل لافتة تطالب بفيدرالية في الساحل السوري في حين يتجمع أفراد من «الطائفة العلوية» للاحتجاج على تفجير مسجد حمص (إ.ب.أ)

ودعا الوجهاء في حديثهم أبناء محافظة اللاذقية عموماً والطائفة العلوية خصوصاً، إلى عدم استغلال الحالة العاطفية وعدم جعل أرواح وأعراض الناس «وقوداً لأجندات استخباراتية خارجية تريد المتاجرة بدماء أبنائنا».

ومن الفقرات اللافتة في بيان وجهاء القرداحة عن «الشبهة في هذه الدعوات التي جاءت بعد أن بدأنا نلتمس عدداً من الانفراجات، بدءاً من إطلاق سراح الموقوفين، وعودة وانخراط أبناء الطائفة في وظائفهم، وتسوية شؤون العسكريين، وإعطائهم حقوقهم».

وشهدت مدن عدة في الساحل السوري ووسط البلاد، الأحد، وقفات احتجاجية شارك فيها العشرات، رافعين شعارات تطالب بالفيدرالية، وسط انتشار لعناصر من الأمن الداخلي لحمايتها.

وأفاد مراسل «الإخبارية» بأن وقفة احتجاجية جرت في دوار الأزهري بمدينة اللاذقية، طالب المشاركون فيها بالإفراج عن الموقوفين، وذلك في إطار احتجاجات للتنديد بالتفجير الذي وقع في مسجد علي بن أبي طالب في حمص. وفي السياق ذاته، ذكر مراسل «الإخبارية» في ريف حماة أن وقفة احتجاجية مماثلة نُظّمت في مدينة مصياف بريف حماة.

قوى الأمن في بانياس بريف طرطوس تلقي القبض على زكريا حيدر الشبقي وبحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية (سانا)

في الأثناء، ألقت قوى الأمن الداخلي في مدينة بانياس بريف طرطوس القبض على المدعو زكريا حيدر الشبقي، أثناء تفتيش إحدى الحواجز الطيارة، بعد أن ضبط بحوزته قنابل يدوية ومحادثات تحريضية استهدفت عناصر الأمن، ما شكّل تهديداً مباشراً على الأمن والاستقرار.

وذكرت محافظة طرطوس عبر موقعها على «تلغرام»، أن الجهات المختصة أوقفته فوراً، واتخذت بحقه الإجراءات القانونية اللازمة. في حين أعلنت مديرية الأمن الداخلي في منطقة جبلة، أنها تمكنت من القبض على المدعو باسل عيسى علي جماهيري، أحد أعضاء خلية ما يُسمى «سرايا الجواد» التابعة للمجرم سهيل الحسن، وضبطت أسلحة وذخائر تعود للخلية الإجرامية.

وكانت قوى الأمن الداخلي في محافظة طرطوس قد ألقت الشهر الماضي القبض على أفراد مجموعة خارجة عن القانون كانت تتحصن بمناطق جبلية، وضبطت بحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر.


الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

في وقت لم تتمكن فيه القوى السياسية الشيعية من حسم خيارها بشأن المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، مع بقاء محمد شياع السوداني في صدارة التوقعات، يعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى، يوم الاثنين، وسط استمرار الخلافات داخل المكونات الرئيسية الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) على مناصب رئيس البرلمان، الذي هو من حصة المكون السني، والنائب الأول له (شيعي)، والنائب الثاني (كردي).

وفي ضوء التحذيرات التي وجهها رئيس «مجلس القضاء الأعلى» فائق زيدان، من مغبة عدم الحسم إزاء هذه المناصب خلال الجلسة الأولى، على أساس أن التمديد يعدّ، بمثابة «مخالفة دستورية»، طبقاً للرسالة التي وجهها للقوى السياسية المعنية، فإنه لا توجد أي مؤشرات على حسم التنافس، لا على تلك التشريعية، ولا على المنصبين السياديين الآخرين: رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

وطبقاً للتراتبية والمدد الدستورية، فإن المحطة الأولى، يوم الاثنين، هي انتخاب رئيس البرلمان الذي لا يزال موضع تنافس شديد داخل القوى السنية بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي. ووفق ما قاله قيادي سنّي لـ«الشرق الأوسط»، إذا لم يتم الاتفاق على أي من المرشحين المذكورين، فإن الخيارات المطروحة أمام القوى السنية، في ظل عدم وجود أي إمكانية لتمديد الجلسة، أو جعلها مفتوحة نظراً لفيتو «القضاء الأعلى»، هي، إمّا الذهاب إلى البرلمان بالمرشحين، الاثنين، وإما الاتفاق على مرشح بديل للحلبوسي من داخل حزب «تقدم» في مقابل «تنازل المرشح المنافس السامرائي» عن ترشحه.

و أضاف القيادي نفسه أن «المرشح المطروح بديلاً للحلبوسي عن حزب (تقدم) هو النائب هيبت الحلبوسي، إذا تنازل محمد الحلبوسي بسبب ما يقال عن فيتو شيعي غير معلن ضده، لتولي ولاية ثانية طبقاً لقاعدة باتت تتبناها بعض القيادات الشيعية، بعدم التجديد للرؤساء السابقين سواء للبرلمان أم الجمهورية أم الوزراء».

محمد الحلبوسي (إكس)

ويؤكد القيادي السني أن «العقدة الأساسية، حتى الآن، هي عدم تنازل السامرائي عن الترشح؛ ما يعني الدخول ثانية في الفضاء الوطني، لكن هذه المرة بين هيبت الحلبوسي ومثنى السامرائي، وسط مخاوف من أن تكون الغلبة للأخير، وهو ما سيعني تراجع نفوذ حزب «تقدم» ورئيسه.

عقدة النائبين

والعقدة الأخرى التي لا تزال عالقة، تتصل بمنصبي النائب الأول (الشيعي) والنائب الثاني (الكردي) لرئيس البرلمان. ومع أن أمام المكونين متسعاً من الوقت على صعيد المدد الدستورية، لاختيار المرشح الكردي لمنصب رئيس الجمهورية، والمرشح الشيعي لمنصب رئيس الوزراء فإنهما محكومان خلال جلسة البرلمان الأولى، بالاتفاق على مرشحيهما لمنصبي نائبي الرئيس.

السوداني الرقم الصعب

شيعياً، وطبقاً لما أعلنه السوداني، فإن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الوزراء هم، السوداني نفسه ورئيسا الوزراء السابقان نوري المالكي وحيدر العبادي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية ببغداد 11 نوفمبر 2025 (أ.ب)

وأشارت بورصة الترشيحات لهذا المنصب، إلى أن عدد المرشحين كان قد بلغ 40 مرشحاً، وتقلصوا بعد أن تولت جهة شيعية قيادية برئاسة زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم مقابلتهم، إلى 9 بمن فيهم الثلاثة الذين يتصدرون القائمة، لكن طبقاً للسوداني، فإن القوى الشيعية تريد «رئيس وزراء حباب» أي ضعيفاً.

وطبقاً لما كشفه مصدر من داخل القوى الشيعية لـ«الشرق الأوسط»، فإن «قيادات شيعية بارزة عرضت على السوداني أن يتسلم منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية مقابل تخليه عن حزبه (النهرين) وتحالفه (الإعمار والتنمية)، وكذلك عدم التفكير في ولاية ثالثة».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «السوداني رفض التخلي عن حزبه مقابل هذا العرض، بينما تعهد بتقديم مشروع قانون إلى البرلمان بشأن عدم حصول أي رئيس وزراء على ولاية ثالثة».

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

إضافة إلى ذلك، وبينما لم تنته الاجتماعات المتواصلة لقادة «الإطار الشيعي» إلى نتيجة حاسمة، تشير مصادر متطابقة إلى أن ملامح رئيس الوزراء المقبل سوف تتضح في غضون اليومين المقبلين، مع أن السوداني لا يزال يتصدر قائمة المرشحين، متقدماً على نوري المالكي وحيدر العبادي زعيم «ائتلاف النصر» الذي لم يدخل السباق الانتخابي أصلاً، ولا يملك أي مقعد في البرلمان.

والواضح أن حظوظ المالكي ضعيفة لإمكانية الحصول على ولاية ثالثة حتى داخل الوسط الشيعي، بينما العبادي لم يعد يصلح إلا كمرشح تسوية كونه لا يملك أي مقعد في البرلمان؛ ما يعني تحمل كتلة شيعية عدد النقاط التي يحتاج إليها المنصب، وهو أمر يستبعده كثيرون في ظل التنافس المحموم على الوزارات والهيئات وبقية المناصب التنفيذية التي تستهلك مزيداً من النقاط.