بعد استنفاد كل الجهود والوسائل السلمية لإقناع المتطرفين المتمركزين في أحد أحياء مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب لبنان بتسليم المشتبه بهم في عملية اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا اللواء ابو أشرف العرموشي ورفاقه مطلع أغسطس (آب) الماضي، قررت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، التي تضم القوى والفصائل الفلسطينية الأساسية تكليف القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في المخيم جلب المطلوبين بالقوة.
وأعلنت الهيئة، في بيان، بعد اجتماع عقدته الثلاثاء أنه مع «انقضاء المهلة التي أعطيت لتسليم المشتبه بهم واستنفاد كل الوسائل من قبل اللجنة المكلفة بالتواصل والحوار مع المشتبه بهم بعملية اغتيال الشهيد أبو أشرف العرموشي ورفاقه واغتيال عبد الرحمن فرهود، تقرر تكليف القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في مخيم عين الحلوة المعززة من قبل كافة الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية، بالقيام بالواجب الموكل إليها في ما يختص بارتكاب الجرائم الأخيرة التي شهدها المخيم، وبما يحفظ الأمن والاستقرار في المخيم والجوار اللبناني الشقيق».
وقال غسان أيوب، عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان الذي شارك في اجتماعها الأخير، إن «قرار سلوك مسار جديد في موضوع المشتبه بهم باغتيال العرموشي وفرهود جاء بعد ما استنفدت الجهات الموكلة التفاوض مع القوى المعنية كل السبل والطرق السلمية». وأوضح أيوب، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، أن «القوة الأمنية الفلسطينية وبعد تعزيزها ستحدد الطريقة المناسبة لجلب المطلوبين وسوقهم إلى العدالة، وإن كنا حتى ذلك الوقت نبقي الباب مفتوحاً للتسليم السلمي». وأضاف: «سيتم تعزيز القوة الأمنية بالعديد اللازم الذي تحتاجه لتنفيذ مهامها». وعما إذا كنا على موعد مع جولة جديدة من العنف، عدّ أيوب أن «كل السيناريوهات واردة والكل متفاهم على أن هذه المجموعات موجودة في رقعة معينة من المخيم، وأن أي اشتباك يجب أن يبقى محصوراً فيها».
وشهد «عين الحلوة» مطلع أغسطس (آب) الماضي 6 أيام من الاقتتال العنيف بين حركة «فتح» والمجموعات الإسلامية المتشددة. وأسفرت الجولة القتالية عن 12 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً وخروج مئات العائلات من المخيم. ولا يزال كثير من سكان «عين الحلوة» يخشون تجدد الاشتباكات في أي لحظة، ويؤكدون أن الوضع أشبه بنار تحت الرماد.
وقالت مصادر «فتح» في المخيم إن «الاستنفار لا يزال على حاله، وإن كانت الحركة أزالت دشمتين في الأيام الماضية كتعبير عن حسن نيات لتسهيل حركة الناس، لكنها أبقت على حصارها المطبق على منطقة وجود المتطرفين في حي الطوارئ خشية قيامهم بهجوم وعمليات مباغتة للهروب إلى الأمام، وحرف النظر عن القضية الأساسية إلا وهي وجوب تسليم المطلوبين». وأشارت المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «خروج محمد العارفي ومجموعته قبل أيام من حي الصفصاف باستعراض عسكري كان رسالة واضحة أن المتطرفين يرفضون الحلول السلمية ويتجهزون لمواجهة عسكرية».
حقائق
12 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً
نتيجة الاشتباكات التي شهدها مخيم عين الحلوة في أغسطس الماضي
ولا يبدو الفلسطينيون داخل المخيم متفائلين بقدرة القوة الأمنية الفلسطينية على إلقاء القبض على المطلوبين، إذ يقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط»: «هذه القوة ضعيفة، وبعض الفصائل علقت وجودها فيها منذ فترة، كما أن بعضها ممثل بمندوب واحد بغياب أي عنصر منها، ما يرجح فرضية بقاء الوضع في المخيم على حاله من الاستنفار دون تطورات سريعة مقبلة».
الرأي
وكان قد تردد في الأيام الماضية أن الجيش اللبناني يتشدد في التعامل مع بعض القيادات الفلسطينية التي بحقها مذكرات توقيف، والتي كان يسمح بوقت سابق بتنقلها خارج المخيم بعد حصولها على إذن، وأبرز هؤلاء المتحدّث باسم «عصبة الأنصار الإسلامية» الشيخ أبو شريف عقل ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب واللواء في حركة «فتح» منير المقدح. ونفت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي «قرار جديد في هذا الصدد». وأكدت أن «الإجراءات التي كانت متخذة لا تزال سارية المفعول ولا تعديل عليها».