المعارضة اللبنانية تريد ضمانات تبدّد هواجسها

تتأهب لتوحيد رؤيتها لمواصفات ومهام رئيس الجمهورية

لبنان يعاني من أزمات سياسية حيث تعثر انتخاب رئيس جديد منذ انتهاء ولاية ميشال عون (رويترز)
لبنان يعاني من أزمات سياسية حيث تعثر انتخاب رئيس جديد منذ انتهاء ولاية ميشال عون (رويترز)
TT

المعارضة اللبنانية تريد ضمانات تبدّد هواجسها

لبنان يعاني من أزمات سياسية حيث تعثر انتخاب رئيس جديد منذ انتهاء ولاية ميشال عون (رويترز)
لبنان يعاني من أزمات سياسية حيث تعثر انتخاب رئيس جديد منذ انتهاء ولاية ميشال عون (رويترز)

تتريث المعارضة في البرلمان اللبناني، ومعها عدد من النواب المستقلين والتغييريين، في تحديد موقفها من الدعوة التي أطلقها الممثل الخاص للرئيس الفرنسي وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، باسم «اللجنة الخماسية»، للتوافق على المواصفات التي يُفترض أن يتمتع بها رئيس الجمهورية، والمهام الموكلة إليه لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الحلقة المفرغة التي لا يزال يدور فيها، ريثما تحصل على الضمانات والاستيضاحات المطلوبة حيال مجموعة من الهواجس والأسئلة، ليكون في وسعها أن تبني على الشيء مقتضاه.

جانب من اجتماع «المجموعة الخماسية حول لبنان» الذي عُقد في الدوحة (وزارة الخارجية القطرية)

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر قيادية في المعارضة أن ممثلين عنها تنادوا لعقد اجتماعات مفتوحة فور مغادرة لودريان بيروت؛ في محاولة لتوحيد موقفها حيال خريطة الطريق التي رسمها، بالنيابة عن اللجنة الخماسية لإنهاء الشغور المديد في رئاسة الجمهورية بانتخاب رئيس للجمهورية يعيد الانتظام في المؤسسات الدستورية.

وكشفت المصادر القيادية أن الاجتماعات المفتوحة لقوى المعارضة انطلقت، الخميس الماضي، وشارك فيها رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، والنواب غسان حاصباني وجورج عقيص (حزب القوات اللبنانية)، وميشال معوض (حركة التجدد)، ووضاح الصادق، وميشال الدويهي، ومارك ضو (قوى التغيير)، على أن ينضمَّ إليهم لاحقاً عدد من النواب المستقلين.

وقالت إن المشاركين توزّعوا على موقفين؛ الأول يرى أنه لا جدوى من تلبية الدعوة لعقد اجتماعات عمل ونقاش، للتوافق على مواصفات رئيس الجمهورية، والمهامّ الموكلة إليه، ما دام الثنائي الشيعي يتمسك بدعمه ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية، ولا يبدي استعداده للبحث في خطة-ب- للتوافق على رئيس يتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية، في ختام اجتماعها بالدوحة، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وقطر، وبمشاركة لودريان.

رسالة إلى لودريان

ويتذرّع أصحاب هذا الرأي، وكما تقول المصادر نفسها، بأن المواصفات لا تنطبق على فرنجية، في مقابل الرأي الآخر الذي يتناغم مع أصحاب الرأي الأول، لكنه لا يؤيد عدم مشاركة المعارضة في المداولات التي سيرعاها لودريان، فور عودته إلى بيروت، في أيلول (سبتمبر) المقبل؛ لأنه من غير الجائز أن ننوب عن محور الممانعة بتعطيل جلسات الانتخاب.

لذلك يُشترط وضع مجموعة من التساؤلات والاستيضاحات نُدرجها في رسالة تُسلَّم إلى لودريان، فور التوافق عليها؛ للوقوف على رأيه حيالها، للتأكد من مدى استعداده لتبديد الهواجس التي نطرحها، وبضمانة مباشرة من اللجنة الخماسية، كي يتسنى لنا تحديد موقفنا النهائي.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن المعارضة، التي تعكف حالياً على إعداد لائحة بالهواجس المشروعة التي تطرحها، ستبادر، في الوقت نفسه، للتواصل مع سفراء أعضاء اللجنة الخماسية المعتمَدين لدى لبنان؛ للوقوف على رأيهم بمنأى عن الاجتهاد والتحليل. ورأت أن هذه الهواجس تدور حول مجموعة من الأسئلة والاستيضاحات، ويأتي في مقدمها الأمور التالية:

- تحديد المكان لاستضافة المداولات، بحثاً عن قواسم مشتركة تتعلق بمواصفات الرئيس، والمهامّ الموكلة إليه فور انتخابه.

- رفض توسيع المداولات لجهة البحث في سلة سياسية متكاملة تتجاوز انتخاب الرئيس إلى تشكيل الحكومة العتيدة وبيانها الوزاري، كون هذه النقاط متروكة للحوار إلى ما بعد انتخابه.

- الإصرار على حصر المداولات بلقاءات ثنائية أو ثلاثية، وعدم توسيعها؛ تمهيداً لتحويلها إلى طاولة مستديرة يمكن أن يتعامل معها محور الممانعة وكأنها استجابة لدعوات الحوار، التي أطلقها سابقاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقُوبلت برفض من المعارضة.

- السؤال عن الجهة الضامنة في حال أدت المداولات إلى التوافق على مواصفات الرئيس، والمهامّ الموكلة إليه لتفادي انقلاب محور الممانعة على التفاهم، كما حصل في مؤتمر الدوحة، وتمثَّل في إطاحته بحكومة الرئيس سعد الحريري عام 2011، أثناء اجتماعه بالرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما.

- ما المعايير لتحديد مواصفات رئيس الجمهورية؟ وهل تنطبق على فرنجية؟ ومن الجهة التي تنظر في الخلاف حولها، وتحديداً بالنسبة إلى الشق المتعلق بالسيادة لجهة من يُمسك قرار السِّلم والحرب؟

- كيفية التعاطي مع النواب المستقلين ومن يمثلهم، وهذا ما ينسحب على النواب المنتمين إلى «قوى التغيير»، في ظل التباين القائم بينهم في مقاربتهم لانتخاب الرئيس، خصوصاً أن بعضهم لا يُبدي حماسة للمشاركة في المداولات، بذريعة أن الأولوية يجب أن تُعطى لانتخابه، تطبيقاً لما هو وارد في الدستور بهذا الخصوص.

- من يضمن دعوة البرلمان لعقد جلسات نيابية متتالية لانتخاب الرئيس لئلا تتكرر المهزلة التي انتهت إليها الجلسات السابقة، بمبادرة محور الممانعة إلى تعطيل استمراريتها لانتخابه؟

- ما الآلية الواجب اعتمادها لتمثيل النواب السنّة في المداولات؟ وتحديداً الذين لا ينتمون إلى محور الممانعة، خصوصاً في ضوء اعتذار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن المشاركة في المداولات، على رأس وفد يضم عدداً من النواب السنّة؛ لأنه لا يريد أن يكون شاهداً على انقسامهم، ويُطلب منه تمثيل فريق منهم دون الآخر.

- ضرورة ضبط إيقاع المداولات تحت سقف التمسك باتفاق الطائف وعدم السماح بالخروج عن جدول أعمالها، وصولاً لاستحضار طروحات من شأنها تهديد كيانية الدولة اللبنانية، علماً بأن المعارضة ستبادر إلى استخدام البطاقة الحمراء في وجه من يريد الإطاحة به.

تقطيع الوقت

في السياق نفسه تتخوف المصادر في المعارضة من أن تؤدي اجتماعات العمل والنقاش التي سيرعاها لودريان، ويُفترض أن تستمر 3 أيام، إلى توفير الغطاء السياسي لـ«حزب الله»؛ من أجل تقطيع الوقت، إلى حين نضوج الظروف الدولية والإقليمية، وتحديداً الإيرانية، المؤدية إلى انتخاب الرئيس، إلا إذا توافرت لديه الضمانات بانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية.

وترى أن التقاطع المستجدّ بين «حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ما هو إلا محاولة من الأخير لكسب الوقت، على الأقل في المدى المنظور؛ لقطع الطريق على انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون، وإلا فإنه سيضطر للاستدارة رئاسياً نحو «حزب الله» في حال ارتأى أنه لا يزال في عداد المتسابقين إلى الرئاسة الأولى، ومن سيقف إلى جانبه بقوله خذوا اسم الرئيس، وأعطونا ما يتيح لنا الإمساك بالمفاصل الأساسية للدولة اللبنانية؟

ويبقى السؤال: متى تنجز المعارضة الورقة الخاصة بهواجسها تمهيداً لرفعها إلى لودريان؟ وكيف سيجيب عليها؟

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

المشرق العربي مناصر لـ«حزب الله» يرفع ملصقاً مناهضاً لإسرائيل خلال مظاهرة داعمة لإيران في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

كثَّفت إسرائيل من وتيرة ملاحقة عناصر «حزب الله» في جنوب لبنان خلال الساعات الـ48 الأخيرة، على إيقاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي دخلت أسبوعها الثاني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)

لبنان يترقب تداعيات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

شدد سفير السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل» من حرب بين إيران وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)

أجواء لبنان ساحة لقدرات الهجوم والدفاع بين إسرائيل وإيران

يشاهد اللبنانيون بشكل متغيّر منذ ليل الجمعة الماضي، أشكالاً متعددة من المقذوفات تلتقي مع بعضها قرب الحدود الجوية مع لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي إسرائيلية تعترض صواريخ إيرانية فوق الأراضي اللبنانية (المركزية)

اللبنانيون يوثقون الاشتباك الصاروخي الإيراني - الإسرائيلي فوق أراضيهم

تحولت مشاهدة الاشتباك بين صواريخ إيران وإسرائيل، إلى ظاهرة تجمّع الآلاف منهم ليلياً على أسطح المنازل والمباني، لمراقبة الصواريخ والمسيرّات الإيرانية واعتراضاتها

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس جلسة الحكومة (الرئاسة اللبنانية)

دعوات رسمية لبنانية لتحييد لبنان عن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، إلى عدم «توريط لبنان بالحرب الدائرة» بين إسرائيل وإيران منذ يوم الجمعة الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل 29 بنيران إسرائيلية في غزة... بينهم 13 من منتظري المساعدات

فلسطينيون يحملون جثمان رجل قُتل اليوم في انتظار المساعدات الإنسانية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان رجل قُتل اليوم في انتظار المساعدات الإنسانية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 29 بنيران إسرائيلية في غزة... بينهم 13 من منتظري المساعدات

فلسطينيون يحملون جثمان رجل قُتل اليوم في انتظار المساعدات الإنسانية في مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثمان رجل قُتل اليوم في انتظار المساعدات الإنسانية في مدينة غزة (أ.ف.ب)

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بمقتل 29 بنيران القوات الإسرائيلية في قطاع غزة منذ فجر اليوم، بينهم 13 من منتظري المساعدات.

وقُتل ثلاثة أشقاء في قصف للاحتلال استهدفهم خلال تفقدهم منزلهم في منطقة السلاطين بمدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

وكانت مصادر طبية في قطاع غزة قد أكدت لوكالة «وفا» الفلسطينية أن حصيلة من وصل إلى المستشفيات من قتلى منتظري المساعدات الغذائية 450 قتيلاً وأكثر من 3644 إصابة منذ البدء بالعمل بمراكز توزيع المساعدات أواخر الشهر الماضي.

وبحسب وزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 55 ألف فلسطيني خلال الحرب الإسرائيلية، إلى جانب تدمير واسع في البنية التحتية والمرافق الحيوية.

وحذرت «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) اليوم (الاثنين)، من أزمة مالية غير مسبوقة قد تؤثر بشكل مباشر على قدرتها في مواصلة تقديم خدماتها الأساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق عملياتها. وقال المستشار الإعلامي للوكالة عدنان أبو حسنة، في بيان على موقع الوكالة، إن «الأونروا» تواجه عجزاً غير مسبوق في موازنتها العامة يقدر بنحو 200 مليون دولار؛ ما يهدد استمرار أنشطتها حتى نهاية العام الجاري.

وأوضح أبو حسنة أن الأزمة المالية تطال جميع مناطق عمل «الأونروا»، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والأردن والقدس الشرقية، مشيراً إلى أن الوضع الراهن حرج للغاية، في ظل محدودية التمويل المتاح. ودعا أبو حسنة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين الفلسطينيين، مشدداً على أن استمرار الوكالة هو التزام جماعي من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس من مهام الوكالة وحدها. وأضاف أبو حسنة أن «الأونروا» ليست جهة ربحية، ولا تحصل على إيرادات من الضرائب كالحكومات، بل تعتمد بنسبة تقارب 90 في المائة على التبرعات الطوعية، مؤكداً أن الخيار الوحيد المتاح لتفادي الانهيار هو زيادة الدعم الدولي. وفي تصريحات سابقة، حذر أبو حسنة من أن التمويل المتوفر حالياً يكفي بالكاد لتغطية نفقات الوكالة حتى نهاية شهر يونيو (حزيران)، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى التدخلات الإنسانية، لا سيما في ظل تصاعد الأزمات الإقليمية.

وتمول وكالة «الأونروا» بشكل شبه كامل من تبرعات تقدمها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتقدم خدمات حيوية تشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة وتحسين المخيمات والبنية التحتية، إضافة إلى برامج دعم مجتمعي وإقراض صغير، فضلاً عن الاستجابة لحالات الطوارئ، خاصة خلال النزاعات المسلحة.