القمة الخليجية - الأميركية ترسم خريطة استقرار للإقليم

محمد بن سلمان يشدد على الشراكة الاستراتيجية مع واشنطن... وترمب يشيد بإنجازات دول المجلس

TT

القمة الخليجية - الأميركية ترسم خريطة استقرار للإقليم

صورة جماعية لقادة دول الخليج وممثليهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال القمة الخليجية الأميركية بالرياض (رويترز)
صورة جماعية لقادة دول الخليج وممثليهم مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال القمة الخليجية الأميركية بالرياض (رويترز)

رسمت القمة الخليجية - الأميركية الخامسة التي استضافتها الرياض، اليوم الأربعاء، خريطة للاستقرار الإقليمي، بتوافق القادة المجتمعين على دعم سوريا، وتأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمله بمستقبل «آمن وكريم» للفلسطينيين في قطاع غزة، إضافة إلى دعم المفاوضات الجارية مع إيران.

وتناولت القمة التي عقدت بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ضمن زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية، ملفات عدة؛ على رأسها المتغيرات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والوضع الإقليمي الأمني والسياسي.

وافتتح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعمال القمة بكلمةٍ أكد فيها أن العلاقات الخليجية مع الولايات المتحدة هي شراكة استراتيجية، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تؤكد الشراكة الاقتصادية مع أميركا، وأن الولايات المتحدة هي شريك تجاري أساسي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة، في عام 2024، قرابة 120 مليار دولار.

وأضاف أن «هذه القمة تأتي امتداداً للعلاقة الاستراتيجية التي تربطنا بالولايات المتحدة وتعكس حرصنا على العمل الجماعي لتعزيز علاقاتنا وتطويرها لتلبي تطلعات دولنا وشعوبنا».

وتناول تحديات المنطقة، قائلاً: «مدركون لحجم التحديات التي تمر بها منطقتنا، ويجب إيجاد حل دائم لإيقاف الحرب في قطاع غزة»، وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية. وشجع على الحوار بين الأطراف اليمنية، والوصول إلى حل سياسي شامل.

وأكد كذلك أهمية وحدة الأراضي السورية، مُشيداً بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بالإضافة إلى تأكيده إلزامية وقف إطلاق النار في السودان، والوقوف إلى جانب لبنان سعياً لاستقراره، وأنه يجب الحفاظ على سيادة لبنان وسلامته، وإصلاح المؤسسات، وحصر السلاح بيد الدولة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان الحرص على استمرار التعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل استقرار المنطقة. كما رحّب بوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، قائلاً: «نأمل أن يسهم ذلك في احتواء التصعيد وعودة الهدوء». وفي الشأن الأوكراني، أكد الاستعداد لمواصلة الجهود للمساعدة في حل الأزمة الأوكرانية.

إشادة أميركية بالخليج

من جانبه، قال الرئيس الأميركي أمام القمة الخليجية - الأميركية، إن دول الخليج في قمة الدول المتقدمة والمزدهرة، وأن العالم يراقب الفرص المتاحة فيها. وتحدّث عن الملف الإيراني، قائلاً إن على إيران وقف حروبها بالوكالة في المنطقة، وأكد أنه لا يمكن لها الحصول على سلاح نووي، وأنه يريد إبرام اتفاق معها، «لكن عليها التوقف عن دعم الإرهاب».

وفي الشأن السوري، أكد ترمب أنه سيأمر برفع كامل العقوبات عن سوريا، وذلك بعد مشاوراته مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن بلاده سوف تعمل على تطبيع كامل العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة، قائلاً إن «تطبيع العلاقات مع سوريا بدأت باللقاء مع الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض».

لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترمب بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (أ.ف.ب)

وفيما يتعلق بلبنان، قال الرئيس ترمب إن لبنان يحظى بفرصة جديدة مع الرئيس ورئيس الوزراء الجديدين، وأن هناك فرصة حقيقية لمستقبل خالٍ من «حزب الله» في لبنان. وأكد أنه يتشارك «الأمل بمستقبل آمن وكريم» للفلسطينيين في قطاع غزة.

تثمين خليجي للدور السعودي

وثمّن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، خلال القمة أهمية الدور السعودي في نزع فتيل الحروب، مشيداً بإعلان الرئيس ترمب من الرياض رفع العقوبات عن سوريا. وأكّد في كلمته خلال القمة، أن المباحثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران من شأنها أن تُسهم في تعزيز استقرار المنطقة، مشيراً إلى عمل دول مجلس التعاون بتنسيق وثيق مع الولايات المتحدة لتحقيق الأمن الإقليمي، ومشدداً على أن علاقات الصداقة المتينة التي تربط الجانبَيْن تزداد رسوخاً مع مرور السنين.

وفي كلمته، أشاد أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، خلال القمة، بقرار الرئيس ترمب برفع العقوبات عن سوريا، آملاً في الوقت ذاته أن تكون هذه القمة بداية لإنهاء هموم المنطقة، ومؤكداً أيضاً ضرورة قيام الدولة الفلسطينية بناء على المبادرة العربية للسلام.

وأكد الالتزام بالعمل في إطار مجلس التعاون نحو كل ما من شأنه تحقيق الأهداف المشتركة لدول المجلس والولايات المتحدة، وترسيخ أواصر التعاون في إطار الشراكة المتبادلة لمستقبل يعمّه السلام والاستقرار، موجهاً الشكر إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حرصه واهتمامه للقاء قادة دول المجلس.

4 قمم سابقة وشراكة موسعة

وعقدت 4 قمم خليجية - أميركية سابقة، أولاها في كامب ديفيد خلال مايو (أيار) 2015. أما الثانية فعُقدت في أبريل (نيسان) عام 2016، في حين كانت الثالثة في مايو 2017 بالرياض، بمشاركة ترمب خلال فترة ولايته الأولى. وجاءت الرابعة في يوليو (تموز) 2022، بمشاركة عربية شملت مصر والأردن والعراق.

وترتكز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والولايات المتحدة الأميركية على علاقات متينة ومصالح مشتركة أسهمت في تطوير مسارات التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، ووضعت إطاراً تنظيمياً لمجموعات عمل مشتركة لمتابعة التنفيذ في مجالاتها المتخصصة، بما في ذلك الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها، وتجاوزت هذه الشراكة تلك الجوانب لتشمل مجالات الثقافة والتعليم.


مقالات ذات صلة

حراك سعودي إقليمي ودولي لاحتواء المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية

الخليج ولي العهد السعودي والرئيس الإيراني والرئيس الأميركي (الشرق الأوسط)

حراك سعودي إقليمي ودولي لاحتواء المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية

شرعت السعودية منذ انطلاق العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، الجمعة، في الإعلان عن موقفها الواضح برفض ما وصفته «الاعتداءات الإسرائيلية» ضد إيران.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد مقر «أكوا باور» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» توقع مذكرات تفاهم بـ500 مليون دولار مع شركات أميركية

وقَّعت شركة «أكوا باور» مذكرات تفاهم بقيمة 500 مليون دولار، مع شركات أميركية، وذلك خلال فعاليات منتدى الاستثمار السعودي الأميركي المنعقد في الرياض

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي (تصوير: بشير صالح) play-circle 01:17

فيصل بن فرحان: سوريا لن تكون وحدها... ستقف معها السعودية والشركاء الدوليون

أكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي أن الشراكة السعودية - الأميركية في الدفاع والأمن قديمة وعريقة وممتدة لعقود.

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي إلى جانب الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي - الأميركي تشارلز حلّاب (واس)

خطة عمل لتوسيع التعاون بين القطاع الخاص السعودي - الأميركي

بحث رئيس اتحاد الغرف السعودية حسن الحويزي، مع الرئيس التنفيذي لمجلس الأعمال السعودي - الأميركي، تشارلز حلّاب، آفاق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من القمة الخليجية - الأميركية في الرياض عام 2017 خلال زيارة الرئيس ترمب إلى السعودية في فترة ولايته الأولى (رويترز)

«القمة الخليجية الأميركية» تلتئم في الرياض وملفات متعددة على الطاولة

في حين تحتضن العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، أعمال القمة الخليجية - الأميركية الخامسة من نوعها، التي تجمع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع…

غازي الحارثي (الرياض)

تنفيذ حكم القتل تعزيراً بقاتل أكاديمي سعودي في الظهران

الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الملك قاضي
الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الملك قاضي
TT

تنفيذ حكم القتل تعزيراً بقاتل أكاديمي سعودي في الظهران

الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الملك قاضي
الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الملك قاضي

أعلنت وزارة الداخلية السعودية، الخميس، تنفيذ حكم القتل تعزيراً بحق مقيم مصري، بالمنطقة الشرقية، قتل الأكاديمي السعودي الدكتور عبد الملك قاضي، ووجّه طعنات حادة لزوجته في الخامس من يونيو (حزيران) الماضي، وهي الجريمة التي هزت ببشاعتها المجتمع.

وتمكنت السلطات الأمنية السعودية، في وقت قياسي من القبض على القاتل، وهو مقيم من الجنسية المصرية يعمل في توصيل الطلبات، بعد أن سدد له طعنات عدة أودت بحياته، كما وجّه طعنات مماثلة لزوجة الأكاديمي السعودي، نُقلت على أثرها للمستشفى، حيث تلقت العلاج.

وأوضحت الداخلية السعودية أن الجاني محمود المنتصر أحمد يوسف (مصري الجنسية) قتل عبد الملك بن بكر بن عبد الله قاضي (سعودي الجنسية) بطعنه بالسكين (16) طعنة، «وذلك بالتخطيط المسبق وتبييت النية بالاعتداء على حرمة منزل المجني عليه والدخول عنوة بدفع الباب بقوة».

كما شرع الجاني «في محاولة قتل زوجة المجني عليه عدلة بنت حامد مارديني (سعودية الجنسية) بالاعتداء عليها بالضرب والطعن؛ ما تسبب لها بإصابات عدة قاصداً إزهاق النفس المعصومة، والاستيلاء على مبلغٍ مالي تحت تهديد السلاح الذي أحضره من منزله، مستغلاً بذلك كبر سن المجني عليهما وانفرادهما بالمنزل لوحدهما».

والدكتور عبد الملك قاضي، وهو عالم ومحدث سعودي بارز متخصص في مجال الحديث، أمضى أكثر من 40 عاماً في خدمة السنة النبوية، وكان يشغل سابقاً منصب أستاذ مشارك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

وترك الدكتور القاضي إرثاً علمياً كبيراً تمثل في مشروعه الكبير تأليف كتاب «المؤلفون في السنة والسيرة النبوية»، وهو بيبلوغرافيا راصدة لأصحاب المؤلفات في مجال السنة والسيرة النبوية، من أول عهد التصنيف حتى عصرنا الحاضر.

كما أسس القاضي مبرة خيرية باسم «مبرة بكر بن عبد الله قاضي الحديثية» تتولى طباعة المرحلة الأولى من مشروع التأليف، ويتمثل في عشرة مجلدات من أصل نحو أربعين مجلداً، وتوزيعها مجاناً على الباحثين المختصين في دراسات السنة والسيرة النبوية، العاملين في تحقيق نصوصها.

وتمّ تشييع جثمان الدكتور القاضي في الظهران حيث يقيم، وشارك في تشييعه والصلاة عليه جمهرة من زملائه وطلبته وأهالي المنطقة.

وبعد القبض على الجاني، أوضحت شرطة المنطقة الشرقية أنه «تبيّن من إجراءات الاستدلال وجود تعامل مسبق مع المجني عليه، وأن دوافع الجريمة السرقة لوجود مطالبات مالية على الجاني في بلده».

وأحدثت الجريمة صدمة عنيفة في المجتمع؛ نظراً لبشاعتها، خاصة أن المغدور وزوجته منحا ثقتهما للجاني مراراً، وكاناً في أشدّ حالات ضعفهما وتقدمهما في السنّ، كما يتحرك (المجني عليه)؛ الدكتور القاضي على كرسي متحرك.

ونفذ الجاني جريمته باقتحام منزل الضحيتين مستبيحاً حرمة الأبرياء ولم يراعِ كبر سنهما وعجزهما، وقام بتسديد 16 طعنة للمجني عليه، ولم يكتف بذلك بل شرع في ضرب وطعن زوجته قاصداً قتلها من أجل الاستيلاء على مبلغ 3000 ريال (800 دولار) بغير وجه حق.

وحسمت السلطات الأمنية السعودية هذه القضية، وجاء تنفيذ الحكم بحق الجاني في مدة قياسية إثر اكتمال أركان القضية كافة، ولبشاعة ما اقترفه من فعل لا ترضاه النفس البشرية ولا الشريعة الإسلامية، وفيه تحقيق للعدل وردع لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على الأنفس المعصومة. ويأتي صدور الحكم وإنفاذ ما تقرر شرعاً بالقتل تعزيراً بحق الجاني بعد استيفاء كامل الضمانات القضائية.

كما يعكس صدور الحكم وتأييده بالقتل تعزيراً بحق الجاني المصري محمود المنتصر أحمد يوسف، قاتل المواطن عبد الملك قاضي، مدى حرص الدولة على استتباب الأمن وتطبيق العدالة الناجزة بحق كل من تسول له نفسه الاعتداء على النفس البشرية.

وعلى الرغم من بشاعة الجريمة، فإنها ينظر إليها في المملكة على أنها «حادثة فردية» لا تمثل إلا نفس مرتكبها، حيث تلتزم المملكة تطبيق الأنظمة والعقوبات الرادعة والزاجرة بحق كل من تسوّل له نفسه ارتكاب أي جريمة.

وجاء في نصّ بيان وزارة الداخلية بشأن تنفيذ حُكم القتل تعزيراً بأحد الجناة في المنطقة الشرقية: «أقدم محمود المنتصر أحمد يوسف (مصري الجنسية) على قتل عبد الملك بن بكر بن عبد الله قاضي (سعودي الجنسية) بطعنه بالسكين (16) طعنة، وذلك بالتخطيط المسبق وتبييت النية بالاعتداء على حرمة منزل المجني عليه والدخول عنوة بدفع الباب بقوة، والشروع في قتل زوجة المجني عليه عدلة بنت حامد مارديني (سعودية الجنسية) بالاعتداء عليها بالضرب والطعن؛ ما تسبب لها بإصابات عدة قاصداً إزهاق النفس المعصومة، والاستيلاء على مبلغٍ مالي تحت تهديد السلاح الذي أحضره من منزله، مستغلاً بذلك كبر سن المجني عليهما وانفرادهما بالمنزل لوحدهما».

وأكمل البيان: «بفضلٍ من الله تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجاني المذكور، وأسفر التحقيق معه عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب الجريمة، وبإحالته إلى المحكمة المختصة صدر بحقه حكم يقضي بثبوت ما نسب إليه، ولبشاعة وفظاعة ما أقدم عليه من جرمٍ عظيمٍ وعملٍ محرمٍ، وهو من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، ولتأصل الشر والإجرام في نفسه وخطورته، ولما في فعله من جرأة على الدماء وإخلال بالأمن وترويع الآمنين في أنفسهم وأموالهم، واستهتاره واستهانته بالحرمات بعد تبييت النية وتكرار الطعنات؛ ما يستدعي عقوبة قاطعة للشر زاجرة عنه، فقد تم الحكم عليه بالقتل تعزيراً، وأصبح الحكم نهائياً بعد تأييده من مرجعه، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعاً».