«التحالف الدولي لحل الدولتين»... دعم سعودي جديد للقضية الفلسطينية

بيانات الترحيب تتوالى... ودعوات إلى الانضمام للجهد العربي والأوروبي

وزير الخارجية السعودي وعدد من نظرائه في حديث إلى الصحافيين أعلن خلاله إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
وزير الخارجية السعودي وعدد من نظرائه في حديث إلى الصحافيين أعلن خلاله إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
TT

«التحالف الدولي لحل الدولتين»... دعم سعودي جديد للقضية الفلسطينية

وزير الخارجية السعودي وعدد من نظرائه في حديث إلى الصحافيين أعلن خلاله إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك الخميس (د.ب.أ)
وزير الخارجية السعودي وعدد من نظرائه في حديث إلى الصحافيين أعلن خلاله إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك الخميس (د.ب.أ)

في دعم سعودي جديد لمسار إقامة الدولة الفلسطينية، جاء إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، من نيويورك، الخميس، باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين، إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، على أن يعقد اجتماعه الأول في العاصمة السعودية الرياض، داعياً الجميع إلى الانضمام لهذا التحالف.

وزير الخارجية السعودي يتحدث للصحافيين في نيويورك (د.ب.أ)

وبيّن وزير الخارجية السعودي خلال كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن هذه الخطوة جاءت «استشعاراً بمسؤولية بلاده للتحرك الجاد في سبيل تجسيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة»، موضّحاً أن بلاده قدّمت أكثر من 5 مليارات دولار من المساعدات للشعب الفلسطيني، مؤكداً أنه منذ بداية الأزمة الراهنة في قطاع غزة، قدمت المملكة عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» قرابة 185 مليون دولار مساعدات إغاثية وإنسانية، فضلاً عن التوقيع على اتفاقيات مع عدد من المنظمات الأممية والدولية الإنسانية لتنفيذ مشاريع إنسانية، بما يزيد على 106 ملايين دولار، مشيراً إلى أن إجمالي دعم السعودية لوكالة «الأونروا» تجاوز مليار دولار.

قوافل المساعدات السعودية تعبر رفح وتدخل غزة لإغاثة الفلسطينيين (واس)

وفي الإطار ذاته، لم يفت وزير الخارجية السعودي الترحيب بتبنِّي الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو (أيار) الماضي، قراراً يتضمن أن دولة فلسطين مؤهلة للعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كما رحب بـ«القرار الإيجابي الذي اتخذته كل من النرويج، وإسبانيا، وآيرلندا، وسلوفينيا، وأرمينيا، باعترافهم بدولة فلسطين»، مطالباً بقية الدول بالمضي قدماً في الاعتراف الثنائي.

ترحيب دولي

ولقي الإعلان السعودي ترحيباً دوليّاً، وثمّن الاتحاد الأوروبي على لسان جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد، الإعلان الذي جاء نتيجة لجهد عربي وأوروبي مشترك، حسب وصفه، مشيداً خلال اجتماع وزاري لمناقشة الوضع في غزة ومستقبل «حل الدولتين»، بجهود السعودية في قيادة وإطلاق «التحالف الدولي من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين».

في حين أعرب وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، عن تشرّفه بـ«رئاسة الاجتماع الحاسم مع السعودية والاتحاد الأوروبي في الأمم المتحدة، وبناء تحالف عالمي لحل الدولتين»، معتبراً أن هذا الإعلان و«حل الدولتين» هو «الطريق الوحيد الموثوق به للسلام في الشرق الأوسط»، وأنه لتحقيق هذا الهدف النبيل فنحن «بحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية الآن».

دعوات للانضمام

إسلاميّاً، دعت منظمة التعاون الإسلامي، الأحد، جميع الدول إلى الانضمام للمبادرة السياسية التاريخية التي أطلقتها السعودية لـ«التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، قائلةً إنها «تشكِّل شبكة حماية سياسية لرؤية (حل الدولتين) بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، وتجسّد التزاماً بدعم الجهود الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية، وتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة».

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وثمّنت رابطة العالم الإسلامي «الجهود الاستثنائية» وما حقّقه الحراك السعودي «المتواصل والفاعل حول العالم»، من تقدّم تاريخي في حشد الشركاء الدوليّين لدعم القضية الفلسطينية. ومن جهته، دعا الدكتور محمد العيسى الأمين العام للرابطة «جميع الدول للانضمام إلى المبادرة التي ستسهم في الوصول إلى سلام عادل وشامل تنعم به المنطقة وينعكس أثره الإيجابي على المنطقة».

ثمرة الدبلوماسية السعودية

وعلى ضوء الدور السعودي في تحقيق الاعتراف الدولي بفلسطين، أكّد عميد السلك الدبلوماسي في السعودية، سفير جيبوتي ضياء الدين بامخرمة، لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية بوصفها السند الرئيسي للفلسطينيين على مر تاريخها «قامت بدور فاعل في الآونة الأخيرة، وتحديداً منذ القمة العربية - الإسلامية غير العادية التي عُقدت في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي في الرياض، من أجل تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وما تحقّق هو ثمار هذا العمل الدؤوب للدبلوماسية السعودية التي تساندها دول عربية وإسلامية لدعم هذا الموقف».

وحول ذلك، طالب عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، عبر «الشرق الأوسط»، باستثمار الزخم «الذي حققه التحرك السعودي للدفع بـ(حل الدولتين)، والعمل على إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو زخم زاد بشكل كبير بعد حديث الأمير محمد بن سلمان في الخطاب الملكي أمام مجلس الشورى مؤخّراً بأن لا تطبيع ولا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية»، مضيفاً أن الرياض «تبني تحرّكها على قاعدة دبلوماسية قوية مدعومة باحترام وثقة».

وسلّط بن صقر الضوء على أنه «لا يوجد طرف إقليمي آخر قادر على حشد المجتمع الدولي نحو الحل السياسي»، وبالتالي فإن «فكرة إطلاق (التحالف الدولي) تتطلب جهوداً مضاعفة ومتواصلة من الدبلوماسية السعودية، وهو يعبّر عن مسؤولية كبيرة على الدبلوماسية السعودية، ويتطلب عملاً شاقاً واستراتيجية طويلة الأمد لضمان نجاحه»، واستدرك: «الموقف الإسرائيلي المتعنت، والتردد الأميركي خلال هذه الفترة الحرجة، يجب ألا يعوقا التحرك نحو الحل السلمي، ولا بد من دعم التكتل الدولي الذي تقوده السعودية مع شركائها العرب والأوروبيين للضغط على إسرائيل للدخول في تسوية سلمية شاملة مبنية على القرارات الدولية»؛ لأنها «الضمانة الوحيدة لإنهاء الصراع»، حسب تعبيره.

فصل جديد

ونوّه المحلل السياسي نضال السبع بأن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، يأتي ليكتب «فصلاً جديداً من الدعم الدبلوماسي والسياسي السعودي للقضية الفلسطينية المتمثِّل في عقود من الدعم، ليس أولها ولا آخرها إعلان المبادرة العربية للسلام في 1982، ثم إعادة إحيائها في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي مع جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، وبالتعاون مع مصر والأردن، فضلاً عن أشكال الدعم الأخرى التي تعدّدت خلال المراحل الماضية والأزمة الراهنة بسبب الحرب في قطاع غزة».

وشدد السبع على أن لدى السعودية كافة المقوّمات لقيادة أي تحالف دولي من هذا النوع، بل إنها الأكثر تأهيلاً لذلك على الصعيد الدولي؛ نظراً للرصيد المتراكم لديها من الثقة الدولية والثقل الإقليمي والعالمي، وهذان العاملان تحديداً سيجعلان التفاؤل بنتائج كبيرة من «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين» في محلّها.

وتابع: «السعودية لن تتساهل في حقوق الشعب الفلسطيني، ولن تقبل باستمرار منطق الاحتلال وحروب الإبادة التي تنفّذها إسرائيل في غزة ولبنان»، وأشار إلى أن أحد أسباب تصدّر القضية الفلسطينية لجداول أعمال المؤتمرات والقمم السياسية والملفات الرئيسية في المنطقة، هو أن «الدولة الكبرى عربيّاً وإسلاميّاً لن تقبل بتغييب حق الفلسطينيين ودولتهم عن الخريطة».


مقالات ذات صلة

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

الخليج جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية الـ77، حاملة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين في غزة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle

مستشفى العودة في غزة يعلّق معظم خدماته بسبب نقص الوقود

أعلن مستشفى العودة في النصيرات وسط قطاع غزة تعليق معظم خدماته «مؤقتاً» بسبب نقص الوقود، مع الإبقاء على الخدمات الأساسية فقط، مثل قسم الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج جانب من وصول القافلة الإغاثية السعودية إلى وسط قطاع غزة الخميس (واس)

قافلة إغاثية سعودية جديدة تصل إلى وسط قطاع غزة

وصلت إلى وسط قطاع غزة، الخميس، قافلة إغاثية سعودية جديدة، محمّلة بالمواد الغذائية الأساسية، مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد انفجارات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل الخط الأخضر شمال شرقي بيت لاهيا بغزة (أ.ف.ب) play-circle

الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيين اثنين في غزة

كشف الجيش الإسرائيلي اليوم (الجمعة) أنه قتل فلسطينيين اثنين في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص فلسطينية تتلقى طعاماً من مطبخ خيري في دير البلح وسط غزة يوم الخميس (أ.ب) play-circle

خاص لأول مرة... عصابة مسلحة في غزة تجبر سكاناً على النزوح

للمرة الأولى؛ أجبرت مجموعة مسلحة تنشط شرق مدينة غزة قاطني مربع سكني في حي التفاح على النزوح، على إخلائه بالكامل، تحت تهديد السلاح، وبدعم إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«الانتقالي» يواجه اختبار الخروج من حضرموت والمهرة

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
TT

«الانتقالي» يواجه اختبار الخروج من حضرموت والمهرة

قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)
قوات في عدن خلال مسيرة مؤيدة للمجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

بينما يواجه المجلس الانتقالي الجنوبي اختبار الاستجابة لوقف التصعيد الأحادي والانسحاب بقواته من حضرموت والمهرة، اتهمته تقارير حقوقية بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في محافظة حضرموت، شملت مداهمة منازل، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، وفرض حصار عسكري على مناطق مأهولة بالسكان.

وتأتي هذه الاتهامات بالتوازي مع رسائل سعودية وإقليمية ودولية حازمة ترفض فرض أي واقع جديد بالقوة في شرق اليمن، وتؤكد أن حضرموت والمهرة خارج حسابات المغامرات العسكرية والصراعات الداخلية.

ويرى مراقبون أن التحركات الأحادية وضعت «الانتقالي» أمام اختبار سياسي وأمني حاسم، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي مع مسار الحرب ضد الحوثيين وخيارات السلام الإقليمي.

وبحسب تقديرات متطابقة، فإن استمرار التصعيد يحمل تكلفة مرتفعة، سياسياً وقانونياً وميدانياً، وقد يحول المجلس من شريك داخل معسكر الشرعية إلى عنصر مُعقِّد للاستقرار.

ويرى المراقبون للشأن اليمني أن خيار الخروج المنظم من حضرموت، تحت مسميات فنية وأمنية، يبقى هو المسار الأقل خسارة، إذا ما أراد «الانتقالي» الحفاظ على ما تبقى من مكاسبه وتفادي مواجهة لا تحمد عقباها.


الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
TT

الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 تصل إلى العريش محمَّلة بالمساعدات لغزة

جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)
جانب من عملية تفريغ حمولة الطائرة السعودية الإغاثية في مطار العريش بمصر (واس)

وصلت إلى مطار العريش الدولي بمصر، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية الـ77 التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، بالتنسيق مع وزارة الدفاع وسفارة الرياض في القاهرة.

وحملت الطائرة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية، تمهيداً لنقلها إلى المتضررين من الشعب الفلسطيني داخل قطاع غزة.

حملت الطائرة على متنها سلالاً غذائية وحقائب إيوائية تمهيداً لنقلها إلى داخل قطاع غزة (واس)

وتأتي هذه المساعدات في إطار الدعم السعودي المقدَّم عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة» للشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة؛ للتخفيف من الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها القطاع.


إجماع سياسي وحزبي واسع يرحب برسالة خالد بن سلمان إلى اليمنيين

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
TT

إجماع سياسي وحزبي واسع يرحب برسالة خالد بن سلمان إلى اليمنيين

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان (الشرق الأوسط)

حظيت الرسالة التي وجهها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز إلى الشعب اليمني بترحيب سياسي واسع، عكس إجماع الأحزاب والقوى السياسية على ثوابت دعم مسار استعادة الدولة، ورفض جرّ المحافظات الآمنة إلى صراعات داخلية أو فرض الواقع بالقوة.

وتزامن هذا الموقف مع تأييد حضرمي جامع لمخرجات الاجتماع الطارئ لمجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واصطفاف واضح خلف السلطة المحلية في حضرموت، في رسالة تؤكد أولوية حماية المدنيين، وصون السلم المجتمعي، والحفاظ على وحدة الجبهة الوطنية في مواجهة التحديات.

وفي هذا السياق، رحبت الأحزاب والمكونات السياسية الموقّعة على بيان مشترك، برسالة الأمير خالد بن سلمان، ووصفتها بـ«الواضحة والمسؤولة»، مثمنة ما تضمنته من تأكيد صريح على ثوابت دعم تحالف دعم الشرعية لمسار استعادة الدولة اليمنية، ورفض أي محاولات لفرض واقع سياسي أو أمني بالقوة، أو زجّ المحافظات الآمنة في صراعات داخلية تهدد السلم الأهلي.

دورية عسكرية في نقطة تفتيش تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي (إ.ب.أ)

وأشاد البيان، الصادر عن 18 حزباً ومكوناً سياسياً، باستجابة السعودية لطلب القيادة اليمنية، وتولي قيادة التحالف مسؤولية احتواء التصعيد، بما يعكس - وفق البيان - حرصاً صادقاً على حماية السلم المجتمعي، ومنع تفكيك الجبهة الوطنية في مواجهة العدو المشترك، والحفاظ على الحد الأدنى من التوافق الوطني في مرحلة شديدة الحساسية.

إدانة تغوّل «الانتقالي»

أكدت الأحزاب اليمنية أن القضية الجنوبية قضية عادلة، لكنها لا يجوز اختزالها في فصيل واحد أو توظيفها خارج إطار التوافق والحوار، مشيرة إلى أن ما شهدته بعض المحافظات من تغوّل واختلالات كان نتيجة خلل في إدارة التوازنات الوطنية، والاكتفاء بالتعامل مع طرف دون سواه.

وشدّدت الأحزاب على أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب مقاربة شاملة قائمة على الشراكة والاحتواء لا الإقصاء، وعلى احترام مؤسسات الدولة، ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وجدّدت القوى السياسية ثقتها بدور السعودية وقيادة التحالف في دعم استقرار اليمن، والحفاظ على وحدته، وصون القضايا العادلة ضمن إطار وطني جامع، بعيداً عن منطق المغالبة، أو فرض الأمر الواقع.

وكان وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان وجّه رسالة إلى اليمنيين، وأكد أنه «حان الوقت للمجلس الانتقالي الجنوبي في هذه المرحلة الحساسة لتغليب صوت العقل، والحكمة، والمصلحة العامة، ووحدة الصف، بالاستجابة لجهود الوساطة السعودية - الإماراتية لإنهاء التصعيد، وخروج قواتهم من المعسكرات في محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليمها سلمياً لقوات درع الوطن، والسلطة المحلية».

كما صرّح المتحدث الرسمي باسم قوات «تحالف دعم الشرعية في اليمن»، اللواء الركن تركي المالكي، بأن «أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه، بهدف حماية أرواح المدنيين، وإنجاح الجهود السعودية - الإماراتية»، وذلك استجابةً للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة حضرموت.

اصطفاف حضرمي

بالتوازي مع الموقف الحزبي اليمني، أعلنت قوى ومكونات حضرمية بارزة تأييدها لمخرجات الاجتماع الطارئ لمجلس الدفاع الوطني، الذي عُقد برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وبحضور محافظ حضرموت سالم الخنبشي، لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأكدت بيانات صادرة عن «العصبة الحضرمية»، ومرجعية قبائل حضرموت، ومجلس حضرموت الوطني، وحلف قبائل حضرموت، الوقوف الكامل خلف قيادة السلطة المحلية في حضرموت، بوصفها الجهة الشرعية المسؤولة عن إدارة شؤون المحافظة، والحفاظ على أمنها واستقرارها، ورفض أي تحركات أو تصعيد عسكري خارج إطار الدولة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى لإخضاع حضرموت بالقوة والانفصال عن شمال اليمن (إ.ب.أ)

وشدّدت هذه المكونات على أن حضرموت كانت وستظل أرض أمن واستقرار، وأن أي إجراءات أحادية أو تحركات مسلحة خارج مؤسسات الدولة تُعد تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي، وتقويضاً لمسار التسوية السياسية، واعتداءً على إرادة أبناء المحافظة وخصوصيتها.

وثمّنت القوى الحضرمية قرارات وخطوات مجلس الدفاع الوطني، وعدّتها صمام أمان لوأد الفتنة وتجنب الفوضى والصراع، كما أشادت بجهود السعودية والإمارات الهادفة إلى دعم التهدئة، واحتواء التوتر، والحفاظ على مؤسسات الدولة وهيبتها.

رفض فرض الواقع بالقوة

أجمعت البيانات الحضرمية على رفض أي محاولات لفرض واقع سياسي أو أمني بالقوة، مؤكدة أن أي حلول لا يمكن أن تُفرض إلا عبر الدولة ومؤسساتها الشرعية، وبما يحقق تطلعات أبناء حضرموت في الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.

وأكد مجلس حضرموت الوطني، في بيانه، أن ما تشهده المحافظة من تصعيد وإجراءات أحادية يمثل انتهاكاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية، مشيداً في الوقت ذاته بمشاركة محافظ حضرموت في اجتماع مجلس الدفاع الوطني، وبالتشخيص الواضح والدقيق لطبيعة التهديدات القائمة.

شخص في عدن من المناصرين للمجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ف.ب)

بدوره، رحّب حلف قبائل حضرموت بطلب القيادة الرئاسية من تحالف دعم الشرعية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين، عادّاً ذلك قراراً وطنياً مسؤولاً يعكس حرص القيادة السياسية على صون أرواح المواطنين، وترسيخ سلطة الدولة، وتعزيز مسار التهدئة، بالتكامل مع الدور المحوري لتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.

ودعت مختلف المكونات الحضرمية إلى تغليب صوت الحكمة والعقل، والالتزام بمسار الوساطة، وتجنب أي خطوات من شأنها جرّ المحافظة إلى صراعات عبثية أو مشاريع تمس نسيجها الاجتماعي، مؤكدة أن مصلحة حضرموت واستقرارها يجب أن تبقى فوق كل اعتبار.