وزير الطاقة الأميركي: سنوقع اتفاق تعاون مع السعودية في الطاقة النووية المدنية

قال لـ«الشرق الأوسط» إن الرسوم الجمركية أداة ترمب لإعادة الوظائف وتحفيز الاستثمار

TT

وزير الطاقة الأميركي: سنوقع اتفاق تعاون مع السعودية في الطاقة النووية المدنية

وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي المنعقد في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: تركي العقيلي)
وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي المنعقد في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: تركي العقيلي)

كشف وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، أن الولايات المتحدة والسعودية ستوقعان اتفاقية أوّلية بشأن التعاون طويل الأمد في مجال الطاقة والتكنولوجيا النووية المدنية.

كلام رايت جاء في الرياض التي وصل إليها السبت آتياً من الإمارات في إطار جولة له بالمنطقة ستقوده أيضاً إلى قطر.

وتأتي هذه الجولة في وقت يشهد الاقتصاد العالمي حالة من الاضطراب؛ بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. لكن رايت قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الرسوم لا تهدف إلى تقييد التجارة، بل إلى تحقيق العدالة والمساواة في التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها حول العالم.

كما تأتي جولة رايت، وهو الرئيس التنفيذي السابق لشركة «ليبرتي إنرجي» ثاني كبرى شركات التكسير الهيدروليكي في أميركا الشمالية، قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي إلى السعودية والإمارات وقطر في مايو (أيار) من أجل تعزيز العلاقات المشتركة.

وقال رايت في لقاء مع صحافيين في وزارة الطاقة السعودية، إن الرياض وواشنطن تسيران على «مسار» للتوصل إلى اتفاق للعمل معاً في مجالات الطاقة، والتعدين، والبنية التحتية للطاقة، إلى جانب تقنيات إنتاج الطاقة النووية المدنية، مؤكداً أن التوقيع الرسمي سيتم في وقت لاحق، مع الإعلان عن مشاريع محددة بناءً عليها.

وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أعلن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن المملكة تتجه نحو الاستفادة من الطاقة النووية، وتطبيقاتها الإشعاعية للأغراض السلمية، وتواصل تنفيذ مشروعها الوطني للطاقة النووية بجميع مكوناته، ومن ذلك مشروع بناء أول محطة للطاقة النووية في المملكة.

وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي المنعقد في العاصمة السعودية الرياض (تصوير: تركي العقيلي)

حوارات واسعة النطاق

وتحدث رايت عن اللقاءات التي عقدها في الرياض، فقال: «على مدار يوم ونصف اليوم، أجرينا حوارات واسعة النطاق، وستستمر. تحدثنا عن الطاقة بجميع جوانبها، وعن التعدين، والمعالجة والصناعة، وتغير المناخ، وتحسين حياة الإنسان من خلال مصادر طاقة موثوقة ومنخفضة التكلفة».

وكان وزير الطاقة السعودي قد استقبل الوزير الأميركي في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية بمدينة الرياض. واطّلع رايت على دور المركز في مجالات بحوث سياسات الطاقة وتحولاتها، والتغير المناخي، والنقل المستدام، والخدمات الاستشارية إلى جانب تطوير النماذج والأدوات التحليلية التي تسهم في إيجاد حلول للتحديات الراهنة في قطاع الطاقة. كما جرى بحث فرص التعاون في مجالات بحوث الطاقة وتبادل الخبرات وتعزيز العمل البحثي المشترك.

عبد العزيز بن سلمان ورايت في مركز «كابسارك» (وزارة الطاقة)

وأعرب رايت خلال اللقاء، الأحد، عن ثقته في دور السعودية في دعم الاقتصاد الأميركي، قائلاً: «أعتقد أن السعودية ستكون إحدى الدول الرائدة في الاستثمار بالولايات المتحدة، وهذا فوز مشترك للبلدين ولفئة العمال الأميركيين». وأشار إلى أن الأهداف الكبرى التي تسعى إليها واشنطن والرياض تتمثل في «الازدهار في الداخل والسلام في الخارج... وهما مرتبطان بعضهما ببعض».

تجارة عادلة

وفي شق آخر، قال رايت رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن الرسوم الجمركية تمثل إحدى الأدوات المحورية في أجندة الرئيس ترمب الاقتصادية، موضحاً أنها لا تهدف إلى تقييد التجارة، بل إلى تحقيق العدالة والمساواة في التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها حول العالم.

وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي المنعقد في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

وأضاف: «لقم تم انتخاب الرئيس ترمب بناءً على برنامج يهدف إلى إزالة الحواجز التي تعيق ازدهار المواطنين... ومن خلال جعل أميركا أقوى، فإن علاقاتنا مع الحلفاء تصبح أقوى أيضاً». وأوضح أن الولايات المتحدة كانت مرحّبة جداً بالواردات من البلدان حول العالم، «لكن الرئيس ترمب حريص على أن يكون شركاؤنا التجاريون مرحبين بالقدر نفسه بالواردات الأميركية. نحن لا نتحدث عن تقييد التجارة، بل عن تجارة عادلة، تجارة متبادلة».

وذكر أن الرسوم الجمركية تُستخدم وسيلةً لتشجيع الاستثمار داخل الولايات المتحدة، ودفع عجلة التصنيع المحلي، وقال: «لقد فقدت الولايات المتحدة الكثير من الصناعات التي كانت تنتجها محلياً، خصوصاً في القطاعات التي تستهلك طاقة كثيفة. الرسوم الجمركية تهدف لإعادة هذه الصناعات، وإحياء الطبقة العاملة الأميركية». وأشار إلى فترة تولي الرئيس جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة من دون أن يسميه حين «كانت أميركا تقف في وجه تطوير الطاقة... لكن تقليل الطاقة يعني تقليل تمكين الأفراد، وبالتالي تراجع الازدهار الاقتصادي والحرية».


مقالات ذات صلة

«أرامكو السعودية» تشغّل أول نظام عالمي متطور لتخزين الطاقة المتجددة في أعمال الغاز

الاقتصاد مشروع معمل غاز «الفاضلي» على بعد 30 كيلومتراً غرب «مدينة الجبيل الصناعية» شرق السعودية (أرامكو)

«أرامكو السعودية» تشغّل أول نظام عالمي متطور لتخزين الطاقة المتجددة في أعمال الغاز

حققت «أرامكو السعودية» إنجازاً يُعد الأول على مستوى العالم بنجاحها في تشغيل نظام تخزين الطاقة المتجددة على نطاق ميغاواط في أنشطة إنتاج الغاز.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان يصافح نظيره الأميركي كريس رايت بعد توقيع مذكرة التفاهم (واس)

قطاع الطاقة السعودي يحظى بعقود بقيمة 120 مليار دولار مع شركات أميركية

حظي قطاع الطاقة السعودي بعقود بقيمة 449.6 مليار ريال (120 مليار دولار) على هامش منتدى الاستثمار السعودي الأميركي الذي انعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة الأميركي: متوافقون مع السعودية على استقرار الأسواق

وزير الطاقة الأميركي: متوافقون مع السعودية على استقرار الأسواق

أكد وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، أن بلاده متوافقة مع السعودية على استقرار أسواق الطاقة، لا سيما «توفيرها بأسعار معقولة»، في ظل الارتفاع المتوقع للطلب.

هلا صغبيني (الرياض)
خاص وزير الطاقة الأميركي خلال المؤتمر الصحافي في وزارة الطاقة السعودية (رويترز)

خاص وزير الطاقة الأميركي: واشنطن تشجِّع حلفاءها بالشرق الأوسط على تلبية الطلب المتزايد

قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، إن أميركا والسعودية تتشاركان رؤيةً مشتركةً لتوفير طاقة أكثر بأسعار معقولة.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد عبد العزيز بن سلمان ورايت خلال زيارة أول بئر نفطية في السعودية (وزارة الطاقة)

وزير الطاقة الأميركي: نتطلع لمواصلة العمل مع السعودية لتعزيز أمن الطاقة

قال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت إن الولايات المتحدة تتطلع لمواصلة العمل مع السعودية لتعزيز أمن الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ترمب يدفع باتجاه «نهضة نووية» في إنتاج أميركا من الطاقة

الرئيس ترمب خلال حديثه مع بعض المهندسين في موقع عمليات حفر في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
الرئيس ترمب خلال حديثه مع بعض المهندسين في موقع عمليات حفر في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
TT

ترمب يدفع باتجاه «نهضة نووية» في إنتاج أميركا من الطاقة

الرئيس ترمب خلال حديثه مع بعض المهندسين في موقع عمليات حفر في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
الرئيس ترمب خلال حديثه مع بعض المهندسين في موقع عمليات حفر في ولاية تكساس (أ.ف.ب)

يهدف الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدعم توسع هائل في إنتاج الطاقة النووية في الولايات المتحدة، فيما وصفه بـ«نهضة نووية»، بإصدار سلسلة من القرارات الجديدة.

وبحسب مسؤول أميركي بارز، فإن الهدف من ذلك هو زيادة كمية الكهرباء المولدة من الطاقة النووية بأربعة أمثال خلال الـ25 عاماً المقبلة.

وجاء في بيان أصدره البيت الأبيض: «تحت قيادة الرئيس ترمب، سوف تبدأ أميركا نهضة في مجال الطاقة النووية».

وقال مدير مكتب البيت الأبيض للعلوم والتكنولوجيا مايكل كراتسيوس: «نعمل من أجل استعادة قاعدة صناعية نووية أميركية قوية، وإعادة بناء سلسلة توريد آمنة وسيادية للوقود النووي، وقيادة العالم باتجاه مستقبل مدفوع بالطاقة النووية الأميركية».

وأضاف كراتسيوس: «هذه الأعمال مهمة للاستقلال الأميركي في مجال الطاقة، ومواصلة الهيمنة في (الذكاء الاصطناعي) وغيره من التكنولوجيات الناشئة».

ويبدو أن هدف زيادة قدرة المحطة النووية من نحو 100 غيغاواط الحالية إلى 400 غيغاواط بحلول 2050 ليس واقعياً بالوضع في الاعتبار الاستثمارات الضرورية والموافقات المطلوبة. وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح من أين سيأتي هذا العدد الكبير للمستهلكين المتعطشين للطاقة لمثل هذا التوسيع الهائل في الإنتاج. لكن خططاً غير معلومة قد تكون في أفق الإدارة الأميركية.

وتهدف القرارات التي وقعها ترمب إلى تسهيل إنشاء محطات طاقة نووية جديدة بأحجام مختلفة وتسرع الموافقات الضرورية بشكل كبير، وتسهيل توفير الائتمان، ودعم الأبحاث الجديدة في تصميم المفاعلات.

كان ترمب قد أعلن «حالة طوارئ وطنية للطاقة» في بداية توليه منصبه، ليفتح المجال أمام السلطات الفيدرالية التي لم تخضع لاختبارات كافية لإبقاء محطات الوقود الأحفوري والطاقة النووية قيد التشغيل.

ويهدف ترمب إلى جعل الولايات المتحدة - أكبر منتج للنفط والغاز في العالم - «مهيمنة على الطاقة» من خلال التخلي عن جهود إدارة الرئيس السابق جو بايدن في مجال الطاقة النظيفة، والتي ألقى ترمب باللوم عليها في تأجيج التضخم.

ووفقاً لمركز برينان، الذي أجرى أبحاثاً حول سلطات الطوارئ، فإن القوانين تمنح الرئيس سلطة تعليق بعض اللوائح البيئية أو فرض قيود على صادرات النفط الخام.

وقال المركز إنه لم يعلن أي رئيس «حالة طوارئ وطنية للطاقة»، ولكن تم إعلان «حالات طوارئ الطاقة» الإقليمية في سبعينات القرن العشرين، عندما كان هناك نقص في الوقود الأحفوري... حينها، أعطى الرئيس جيمي كارتر حكّام الولايات سلطة تعليق بعض اللوائح البيئية نتيجة لذلك، لكنه حثهم على «التصرف بعناية واجبة» بسبب الآثار المترتبة على الصحة العامة، وتعليق بعض القواعد فقط «كملاذ أخير»، وفق ما أشارت إليه الإذاعة الوطنية الأميركية.

ووجد تقرير حديث صادر عن مجلس تنظيم الطاقة الوطني أن أكثر من نصف الولايات المتحدة قد تشهد انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي في العقد المقبل بسبب نقص القدرة على توليد الطاقة بشكل موثوق.

واستشهد التقرير بـ«تقاعد» محطات الطاقة المتوقع، إلى جانب زيادة الطلب على الكهرباء بنسبة 50 في المائة على مدى العقد المقبل، لخطر الموثوقية المتزايد. وقالت رئيسة لجنة الطاقة في مجلس الشيوخ شيلي مور كابيتو: «لا يمكن تلبية هذا الطلب» باستخدام طاقة الرياح والطاقة الشمسية فقط.

ويتمتع الرئيس الأميركي بسلطة بموجب قانون الإنتاج الدفاعي لتسريع الصناعات الأميركية في وقت الأزمات. وكان بايدن استشهد بقانون زمن الحرب في عام 2022 لتعزيز تقنيات الطاقة مثل الطاقة الشمسية ومضخات الحرارة ومكونات شبكة الطاقة.

كما تتمتع وزارة الطاقة بسلطة الطوارئ لإبقاء المصانع قيد التشغيل، والتي غالباً ما تستخدم مؤقتاً في أثناء الأحداث الجوية القاسية.