«المركزي التركي» يطرح مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة

للمرة الأولى منذ 18 عاماً... وضمن جهوده لمنع انهيار الليرة بعد أزمة اعتقال إمام أوغلو

استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)
استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)
TT

«المركزي التركي» يطرح مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة

استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)
استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)

يواصل البنك المركزي التركي اتخاذ إجراءات، في محاولة لإنقاذ العملة المحلية من الانهيار على خلفية التطورات الأخيرة التي أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

وفي خطوة تُعدّ الأولى منذ 18 عاماً، طرح البنك المركزي، الاثنين، مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة تركية لأجل استحقاق لمدة شهر واحد، مشيراً في الوقت نفسه، في بيان، إلى تسجيل فائض في السيولة بالنظام المصرفي بقيمة 647.1 مليار ليرة بحلول 21 مارس (آذار) الحالي.

البنك المركزي التركي (موقع البنك)

وكانت المرة الأخيرة التي تقدّم فيها البنك المركزي التركي بطلب سحب الليرة التركية الفائضة المتبقية في السوق، بسبب مشتريات النقد الأجنبي، في يوليو (تموز) 2007.

وسندات السيولة هي أوراق مالية يصدرها البنك المركزي التركي لإدارة السيولة في السوق، وتفعيل السياسة النقدية، ولأجل لمدة تصل إلى 91 يوماً.

الحفاظ على السياسة المشددة

وتراجعت الليرة التركية والأسهم والسندات، بشكل حاد، منذ يوم الأربعاء الماضي، عندما تمّ اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يُعد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا.

وعقد رئيس البنك المركزي، فاتح كاراهان، اجتماعاً طارئاً مع ممثلي البنوك الأعضاء في مجلس إدارة اتحاد البنوك التركية، الأحد، أكد خلاله أن البنك سيستخدم جميع الأدوات المتاحة في حدود قواعد السوق بفاعلية وحزم للحفاظ على الاستقرار.

رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان (إكس)

وقال بيان للاتحاد، إنه «تمّ خلال الاجتماع تقييم آخر التطورات في الأسواق، وتأكيد أنه سيتم الاستمرار في استخدام جميع الأدوات بشكل فعّال وحازم ضمن قواعد السوق للحفاظ على الاستقرار، مع التعاون الوثيق من جميع المؤسسات ذات الصلة».

وكان البنك المركزي قد أصدر بياناً، الخميس، بشأن تحركات العملات الأجنبية التي بدأت باعتقال إمام أوغلو، قال فيه إنه «من أجل ضمان التشغيل السليم لسوق الصرف الأجنبي، ومنع التقلبات المحتملة في أسعار الصرف، وموازنة سيولة النقد الأجنبي، ستبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية».

وتُجرى معاملات البيع الآجل للعملات الأجنبية، بناءً على عقد اتفاق للبيع أو الشراء على سعر صرف وأجل محدد سابقاً من عملة محددة إلى عملة أخرى، وتُستخدم هذه العملية عادة من أجل توفير إمكانية تجنّب المخاطر التي قد تتشكّل، عبر تثبيت مخاطر سعر الصرف.

وكان سعر صرف الدولار قد ارتفع مقابل الليرة التركية بنحو 12 في المائة، الأربعاء، عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول و105 آخرين من مسؤولي البلدية، وعدد من البلديات بتهم تتعلق بالفساد والإرهاب، في حين عُدّت حملة قانونية بدوافع سياسية.

خطوات متتالية

كما قرر البنك المركزي رفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة بمقدار 2 في المائة، إلى 46 في المائة، لدعم الليرة وتخفيف تداعيات الانخفاض المفاجئ في قيمتها على التضخم.

وقال في بيانه، إنه «بعد تقييم المخاطر المحتملة لهذه التطورات على توقعات التضخم، جرى اتخاذ إجراءات لدعم السياسة النقدية المشددة، وسيتم تشديد السياسة النقدية بشكل أكبر إذا لُوحظ تدهور كبير ومستمر في توقعات التضخم».

الليرة التركية تعافت منذ الخميس الماضي على خلفية إجراءات للبنك المركزي (أ.ف.ب)

ويتيح رفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة للبنك المركزي زيادة متوسط تكلفة التمويل التي يقدّمها للبنوك التجارية، ويساعد على تشديد الظروف المالية بشكل أكبر.

وقلّصت الليرة التركية خسائرها بعد هذا القرار، ليتم تداولها عند مستوى 37.9216 للدولار.

ومُنيت الأصول التركية بخسائر هي الأكبر عالمياً يوم الأربعاء، عقب اعتقال إمام أوغلو، لكن الأسواق بدأت تظهر علامات الاستقرار، الخميس، مع مراهنة المستثمرين على أن الاضطرابات السياسية لن تؤدي إلى تغييرات جوهرية في السياسات الاقتصادية التقليدية المتبعة حالياً.

وأدت توقعات المستثمرين بأن يبطئ البنك المركزي التركي أو يوقف دورة التيسير النقدي التي بدأها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في موجة بيع لأسهم البنوك، لتهبط بنسبة 9 في المائة خلال تعاملات الخميس.

بورصة إسطنبول تتعافى نسبياً

وارتفعت الأسهم التركية بنسبة 3.1 في المائة في بداية تعاملات الأسبوع، الاثنين، لتعوّض بعض الخسائر الفادحة التي تكبّدتها الأسبوع الماضي مع حظر هيئة أسواق المال التركية عمليات البيع على المكشوف في البورصة، وتصاعد التوتر بعد أن قضت محكمة، الأحد، بحبس رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، على ذمة محاكمة في اتهامات بالفساد.

وأغلق مؤشر بورصة إسطنبول (بيست 100)، خلال الأسبوع الماضي، على انخفاض بنسبة 16.6 في المائة، وهو أكبر انخفاض له منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

بورصة إسطنبول (موقع البورصة)

وصعد المؤشر الفرعي للقطاع المصرفي بنسبة 3.23 في المائة، بعد أن هوى بأكثر من 26 في المائة الأسبوع الماضي.

وحظرت هيئة أسواق المال التركية البيع على المكشوف في بورصة إسطنبول، وخفّفت قيود إعادة شراء الأسهم ومتطلبات نسبة حقوق الملكية إلى الأصول حتى 25 أبريل (نيسان).

وبلغ سعر الليرة التركية 37.9550 للدولار في بداية تعاملات الاثنين دون تغيير يُذكر عن إغلاق يوم الجمعة عند 37.9500 ليرة للدولار، وتراجعت بشكل طفيف إلى 38.0045 في تعاملات منتصف اليوم.

كما عوّضت السندات السيادية الدولية التركية بعض خسائرها. وأشارت بيانات «تريدويب» إلى أن السندات المستحقة في 2045 ارتفعت 0.7 سنت إلى 83.7 سنت للدولار، بعد انخفاضها بأكثر من 3 سنتات الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

«بنك إنجلترا»: بريطانيا قد تشهد انخفاضاً في التضخم بسبب رسوم ترمب

الاقتصاد مقر «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا»: بريطانيا قد تشهد انخفاضاً في التضخم بسبب رسوم ترمب

قالت صانعة السياسات في «بنك إنجلترا»، ميغان غرين، يوم الثلاثاء، إنه من المرجح أن تشهد بريطانيا انخفاضاً في معدل التضخم بدلاً من ارتفاعه نتيجة للرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تركيان ينقلان بضائع بمنطقة أمينونو في إسطنبول (أ.ب)

تركيا تتمسك ببرنامجها الاقتصادي رغم التوتر الداخلي و«رسوم ترمب»

أكدت تركيا أنها لن تغير برنامجها الاقتصادي بسبب التطورات الأخيرة في الأسواق وكذلك بالتجارة العالمية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أوراق نقدية من الوون الكوري الجنوبي واليوان الصيني والين الياباني فوق أوراق نقدية من فئة 100 دولار أميركي (رويترز)

السندات الآسيوية تجذب أكبر تدفقات أجنبية في 7 أشهر خلال مارس

استقطبت السندات الآسيوية خلال شهر مارس (آذار) أكبر تدفقات استثمارية أجنبية شهرية لها منذ 7 أشهر، مدفوعةً بتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شعار بنك «في تي بي» يظهر عبر نافذة في موسكو (أرشيفية - رويترز)

أرباح البنوك الروسية تتراجع 17% في الربع الأول

تراجعت صافي أرباح البنوك الروسية بنسبة 17 في المائة خلال الربع الأول من عام 2025، لتبلغ 744 مليار روبل (9.17 مليار دولار)، وفقاً لبيانات صادرة عن البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال حدث نظمه «نادي الاقتصاد» بشيكاغو في أبريل 2025 (أ.ب)

فيليروي من «المركزي الأوروبي»: باول «نموذج يُحتذى به» في استقلالية السياسة النقدية

وصف فرنسوا فيليروي، صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، بأنه «نموذج يُحتذى به» في إدارة البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

السعودية تُنشئ غرفة لمعالجة بلاغات الاحتيال المالي

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
TT

السعودية تُنشئ غرفة لمعالجة بلاغات الاحتيال المالي

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

وافق مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، على إنشاء غرفة عمليات استقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي.

وأشاد النائب العام الشيخ سعود المعجب، بهذا القرار الذي يأتي في إطار جهود السعودية في مكافحة جرائم الاحتيال المالي على جميع الأصعدة الوطنية والدولية وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية الرائدة.

وعدَّ القرار خطوة رائدة في مجال مكافحة تلك الجرائم ومواجهتها بكل حزم وقوة، ولضمان فاعلية الإجراءات وسرعتها في تلقي البلاغات ومعالجتها بشكل فوري، بما يحد بشكل كبير من خطورتها، ويُساهم في حرمان الشبكات الاحتيالية والمحتالين من الحصول على تلك الأموال، عبر إيقاع الحجوزات التحفظية الفورية عليها وإعادتها إلى أصحابها، وملاحقة الجناة.

وأشار المعجب إلى أن الغرفة تُمثِّل أداة مهمة في إضفاء الحماية الجزائية المشددة على الأموال والممتلكات، مبيناً أن النيابة العامة ستعمل جنباً إلى جنب معها في مباشرة الإجراءات القضائية الفورية في التصدي للشبكات الاحتيالية، وتعقب الأموال والتحفظ عليها وإعادتها إلى أصحابها، وملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة.

وتعدّ السعودية أقل الدول في جرائم الاحتيال المالي التي تزداد وسط توقعات بأن تصل عالمياً إلى 10.5 تريليون دولار هذا العام، بحسب تصريحات لمسؤول بالنيابة العامة نقلتها «وكالة الأنباء السعودية» (واس) منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكد الدكتور نايف الواكد، رئيس نيابة الاحتيال المالي بالنيابة العامة، عدم تسجيل أي جريمة احتيال ناتجة عن اختراق الأنظمة السيبرانية للبلاد، وإنما نتيجة استغلال الجناة البيانات الشخصية للضحايا، مشدداً على أهمية وعي الأفراد بأساليب المحتالين.

وأوضح أن نيابات الاحتيال المالي تعمل باستمرار على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جميع مناطق السعودية، لتلقي البلاغات من جهات الضبط الجنائي، عاداً الإبلاغ الفوري للشرطة والبنك خطوة حاسمة لضمان استرداد الأموال المستولى عليها ومنع تحويلها للخارج.

وأفاد الواكد بأن النيابة العامة والجهات الأخرى تقوم بتطوير إجراءات العمل الإجرائي للوصول للعدالة الناجزة في مكافحة جريمة الاحتيال المالي، منوهاً بأن أموال المواطنين والمقيمين تحت الحماية الجزائية المشددة، و«ستظل النيابة العامة تلاحق المحتالين».

وبيّن رئيس نيابة الاحتيال المالي أن الاستثمار السريع والثراء الفوري يعدان من أبرز الأساليب التي يستخدمها المحتالون للإيقاع بالضحايا، محذراً من الانسياق وراء الإعلانات الوهمية.

بدورها، حذَّرت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في «البنوك السعودية»، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من حالات احتيال عبر انتحال صفة مؤسسات خيرية أو أسماء شخصيات عامة أو اعتبارية يدّعي المحتالون من خلالها تقديم مساعدات مالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويوهمون الضحايا بأنهم يمثلون جهات رسمية، باستخدام مستندات وأختام وهمية لإقناعهم بدفع رسوم مالية للحصول على المساعدات.