استحقاقات داهمة تواجه الحاكم الجديد لـ«المركزي اللبناني»

ساعات حاسمة قبيل انعقاد مجلس الوزراء وسط تسريب اعتراض ضمني

استحقاقات داهمة تواجه الحاكم الجديد لـ«المركزي اللبناني»
TT

استحقاقات داهمة تواجه الحاكم الجديد لـ«المركزي اللبناني»

استحقاقات داهمة تواجه الحاكم الجديد لـ«المركزي اللبناني»

بلغ استحقاق تعيين الحاكم الجديد لمصرف لبنان المركزي محطته الأخيرة والحاسمة، عقب مبادرة وزير المال ياسين جابر، إلى طرح ثلاثة أسماء لتولي المنصب، على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي ينعقد يوم الخميس، في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون.

ورغم الحسم المسبق للملف بترجيح صدور تعيين المحامي والمصرفي كريم سعيد (شقيق السياسي فارس سعيد) من بين ثلاثة أسماء مقترحة تضمه إلى جانب إدوارد الجميّل وجميل باز، حفلت الساعات الأخيرة قبيل انعقاد الجلسة بتسريب اعتراض ضمني بمرجعية حكومية وبحملة تشكيك بنيات وبتوجهات الوافد إلى مركز صانع القرار النقدي، لا سيما لجهة التعامل مع أزمة الودائع العالقة في البنوك، التي تناهز 84 مليار دولار.

جلسة سابقة لمجلس الوزراء اللبناني برئاسة نواف سلام (منصة إكس)

ويُخشى في ضوء هذه الضغوط، حسب مسؤول معني، تأجيل البت بالتعيين توخياً لضم ترشيحات جديدة كانت في التداول قبل إحالة اقتراح الأسماء المحددّة من وزير المال، وفي مقدمها جهاد أزعور الذي يشغل منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وعصام أبو سليمان المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول مجلس التعاون الخليجي، والمصرفي الدولي سمير عسّاف وسواهم.

وفي المقابل، بدا أن المراجع السياسية، كما المالية، أبلغت بحسم الملف بتعيين سعيد في جلسة الخميس، والشروع بطرح تعيينات لاحقة تخص نواب الحاكم الأربعة ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف قبل انتهاء الولاية القانونية للحاليين والممتدة حتى أوائل شهر يونيو (حزيران) المقبل.

رسالة مزدوجة

ويشكل التعيين في ذاته، للحاكم الأصيل وهيئات السلطة النقدية والرقابية، رسالة «رسمية» مزدوجة إلى الداخل والخارج بجدية عدم تأخير مهمة إعادة انتظام السلطات الدستورية والإدارية، بوصفها خطوات أساسية ونوعية للشروع بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وصياغة خطة الإنقاذ والتعافي، وإنعاش ملف الاتفاق المنشود مع صندوق النقد.

وتمثل حاكمية البنك المركزي، بتشكيلاتها التي تضم أيضاً هيئة التحقيق الخاصة المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، السلطة المركزية المعنيّة بإدارة القطاع المالي والجهاز المصرفي، وبما يشمل الخطط والتدابير المنشودة لإصلاح الجهاز المصرفي ومعالجة أزمة المودعين المقيمين وغير المقيمين، وتحصين التواصل المالي عبر الحدود وحفظ شبكة العلاقات مع شبكة البنوك المراسلة. فضلاً عن المساهمة الفعالة في إعادة بناء الثقة بين المصارف والزبائن على خطوط الاستثمار والائتمان والوساطة المالية، والتي تعرضت لانتكاسات متعاظمة بعد انفجار الأزمتين المالية والنقدية في خريف عام 2019.

استحقاقات بالغة التعقيد

ويواجه الحاكم العتيد استحقاقات بالغة التعقيد والحساسية، تتصدرها التباسات الفجوة المالية المقدّرة حكومياً ودولياً بنحو 72 مليار دولار، والتي تُغرق البلاد في سلسلة مترابطة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية للسنة السادسة على التوالي، لا سيما حسم التباينات المشهودة في توزيع المسؤوليات وتحديد ماهيتها المتناقضة بين مفهومي الخسائر غير القابلة للتعويض، أو تصنيفها على أنها ديون عامة تفرض موجبات على الدولة.

وفي واقع الأمر أن مصرف لبنان المركزي عمد إلى الإسراف في تمويل الدولة والقطاع العام (الكهرباء خصوصاً) عبر استقطاب توظيفات هائلة من الجهاز المصرفي تبقَّى منها، كما تُظهر ميزانيته، نحو 80 مليار دولار. وفي حين تتنصل الدولة من موجبات الوفاء بديونها بما يشمل سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) والبالغة أصولها نحو 31 مليار دولار حين صدور قرار حكومي بتعليق دفع مستحقاتها في ربيع عام 2020، يعجز البنك المركزي عن رد التوظيفات العائدة للبنوك، فتعجز بدورها عن سداد حقوق المودعين.

زيارة مرتقبة لصندوق النقد الدولي

وفي جدول الاستحقاقات الداهمة، ترقُّب زيارة جديدة إلى بيروت لبعثة صندوق النقد خلال النصف الأول من الشهر المقبل، استكمالاً لجولة أولى خلال الشهر الحالي، ضمن سياق إنعاش المفاوضات لإبرام اتفاق جديد بعد اتفاق الطرفين على انقضاء المهل الخاصة بالاتفاق الأولي الذي تم توقيعه في ربيع عام 2022، وفشل الحكومة السابقة في التزام حزمة الشروط المرفقة لبلوغ محطة الاتفاق النهائي الذي يتيح ضخ تمويل وتسهيلات بقيمة تبلغ 3 مليارات دولار لمدة 4 سنوات.

ومن المرتقب إجراء جولة ثالثة من المفاوضات بين الطرفين خلال الشهر المقبل في واشنطن على هامش الاجتماعات الدورية (نصف السنوية) لصندوق النقد والبنك الدوليين، حيث سيشارك لبنان بوفد على مستوى رفيع يضم خصوصاً وزيري المال ياسين جابر والاقتصاد عامر البساط، مما يشكل حافزاً إضافياً لتسريع تعيين الحاكم الأصيل وانضمامه إلى الوفد. فضلاً عن مستشارين أساسيين أعضاء في الفريق المفاوض.

مهمات البنك المركزي

ولا تقل المهام الرئيسية المحدّدة في قانون النقد والتسليف أهميةً عن الاستحقاقات الداهمة، وحساسيةً في المقاربات المطلوبة في مرحلة النهوض والتعافي، وفي أساسها المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم، والمحافظة على سلامة أوضاع النظام المصرفي وتطوير السوق النقدية والمالية، كذلك الاقتراح على الحكومة التدابير التي يرى «المركزي» أن من شأنها التأثير المفيد في ميزان المدفوعات وحركة الأسعار والمالية العامة، وعلى النمو الاقتصادي بصورة عامة، وإطلاعها على الأمور التي يعدها مضرّة بالاقتصاد وبالنقد، وتأمين علاقات الحكومة بالمؤسسات المالية الدولية.


مقالات ذات صلة

الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيرة إسرائيلية أمس في جنوب البلاد

المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات جوية إسرائيلية في جنوب لبنان (أ.ب)

الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيرة إسرائيلية أمس في جنوب البلاد

أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان اليوم الجمعة أن طائرة مسيرة إسرائيلية سقطت أمس الخميس بمنطقة علمان الشومرية-مرجعيون، في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري مناصرون لـ«حزب الله» و«حركة أمل» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أرشيفية - أ.ف.ب)

تحليل إخباري المستقلون بجنوب لبنان يحبطون خطط «الثنائي الشيعي» لـ«تزكيات» في الانتخابات المحلية

أحبط المستقلون حزبياً في جنوب لبنان مساعي ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» للوصول إلى تزكيات في الانتخابات المحلية في قرى وبلدات الجنوب

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية أحمد الحجار يترأس اجتماعاً لمواكبة المراحل التالية من الانتخابات المحلية (المركزية)

إشكالات الانتخابات البلدية تطيح بمحافظ الشمال اللبناني

طرح تأخر صدور نتائج الانتخابات البلدية في مدينة طرابلس شمال لبنان، علامات استفهام كثيرة، وسط اتهامات بسوء الإدارة ومخاوف من عمليات تزوير.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام (رويترز)

سلام: على الجيش الإسرائيلي الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية

شدد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام خلال لقاء مع قائد عسكري بريطاني «على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام ووزير الأشغال فايز رسامني خلال جولة في مطار بيروت (رئاسة الحكومة)

أمن مطار بيروت وتطويره يتصدران أولويات الحكومة اللبنانية

تصدر أمن «مطار رفيق الحريري» في بيروت، وتسهيل حركة المسافرين، قائمة اهتمامات الحكومة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حائل السعودية تكشف عن فرص استثمارية تقارب 13.3 مليار دولار

أمير المنطقة الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز يتحدث في جلسة حوارية (الشرق الأوسط)
أمير المنطقة الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز يتحدث في جلسة حوارية (الشرق الأوسط)
TT

حائل السعودية تكشف عن فرص استثمارية تقارب 13.3 مليار دولار

أمير المنطقة الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز يتحدث في جلسة حوارية (الشرق الأوسط)
أمير المنطقة الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز يتحدث في جلسة حوارية (الشرق الأوسط)

كشفت منطقة حائل، الواقعة شمال العاصمة السعودية الرياض، عن أكثر من 100 فرصة استثمارية تقارب قيمتها الإجمالية 50 مليار ريال، معروضة على موقع «استثمر في السعودية»، التابع لوزارة الاستثمار، في قطاعات استراتيجية تشمل الزراعة، والسياحة، والصناعات التحويلية، والرياضة، وغيرها، بما يعكس الإمكانات الاقتصادية التي تزخر بها المنطقة.

جاء ذلك خلال «منتدى حائل للاستثمار»، الذي أُقيم السبت، برعاية أمير المنطقة الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز، وبمشارَكة عدد من الجهات الحكومية وممثلي القطاع الخاص والمستثمرين من داخل المملكة وخارجها.

وشاركت وزارة الاستثمار في المنتدى بصفتها شريكاً استراتيجياً، حيث ألقى الوزير المهندس خالد الفالح كلمةً، استعرض فيها المزايا النسبية والتنافسية التي تتمتع بها حائل، والفرص الاستثمارية النوعية المتاحة بها في عدد من القطاعات الحيوية.

المهندس خالد الفالح

وتحدَّث المهندس الفالح أيضاً عن دور وزارة الاستثمار، للاستفادة من هذه المزايا وهذه القطاعات؛ لتعزيز جذب الاستثمارات إلى المنطقة.

الناتج المحلي الزراعي

بدوره، كشف نائب وزير البيئة والمياه والزراعة، المهندس منصور المشيطي، عن تجاوز إجمالي تمويل صندوق التنمية الزراعية في منطقة حائل 7 مليارات ريال؛ ما أسهم في ارتفاع نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي الزراعي للمملكة إلى أكثر من 10 في المائة.

وبيَّن أن حائل شهدت تدشين أول وأضخم مشروع من نوعه في الشرق الأوسط لإنتاج أسماك السالمون المرقط، الذي سيُسهم في تقليل واردات المملكة من هذه الأسماك بنسبة 50 في المائة، إلى جانب تحقيق إجمالي مبيعات بأكثر من 5 مليارات ريال، خلال السنوات العشر المقبلة. وأفصح المشيطي عن توقيع أكبر استثمار لإنتاج اللحوم الحمراء في موقع واحد بحائل، وذلك تعزيزاً للاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء في المملكة، الذي بلغت نسبته 61 في المائة بنهاية عام 2024، مشيراً إلى أن المنطقة تحتضن اليوم أحد أكبر مشروعات إنتاج الدواجن، حيث تتجاوز طاقته الإنتاجية 130 ألف طن سنوياً، مبيناً أن المشروع توسَّع مؤخراً بأكثر من 4.5 مليار ريال، وإجمالي تجاوز 11 مليار ريال، ليصبح المشروع الأضخم في إنتاج الدواجن محلياً وإقليمياً. وأشار المهندس المشيطي، إلى مساهمة برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة «ريف السعودية» في تنمية الاقتصاد المحلي، وزيادة دخل صغار المزارعين، وتحسين معيشتهم، حيث قدَّم البرنامج دعماً بنحو 800 مليون ريال لصغار المزارعين في منطقة حائل، مضيفاً أن البرنامج بدأ في تنفيذ 3 مشروعات بالمنطقة بقيمة تتجاوز 40 مليون ريال؛ مما سيسهم في نمو الإنتاج الزراعي بالمنطقة، وتطوير الخدمات التسويقية للمنتجات الزراعية.

المشروعات المائية والبيئية

وتطرَّق إلى وضع حجر الأساس لتنفيذ 14 مشروعاً مائياً وبيئياً في منطقة حائل، مؤخراً، بتكلفة إجمالية تجاوزت 1.2 مليار ريال، كما وُضِع حجر الأساس لـ7 مشروعات لتنمية الغطاء النباتي، بقيمة تجاوزت 116 مليون ريال، وذلك في إطار جهود مبادرة «السعودية الخضراء»، لتنمية الغطاء النباتي ودعم أعمال التشجير.

المهندس منصور المشيطي

ولفت إلى أبرز الفرص الاستثمارية الواعدة المطروحة حالياً في المنطقة، ومنها «برج الجوهرة» الذي سيُسهم في تعزيز الاستدامة المائية والتشغيلية، حيث يوفر مخزوناً بنحو 13 ألف م3 من المياه، إضافةً إلى استثمار مرافق البرج والمنطقة المحيطة به، مبيناً أن الوزارة تعمل حالياً على طرح أكثر من 40 موقعاً استثمارياً في حائل، من بينها، متنزه الشنان ومتنزه النِعَيّ، إضافةً إلى مشاتل زراعية ومراكز للخدمات التسويقية. وأضاف أن قطاع الزراعة في حائل يمثل 10 في المائة من إجمالي الأراضي الزراعية في المملكة، موضحاً أن جاذبية منطقة حائل للاستثمار تتأكد من خلال وجود عدد من الشركات الرائدة، وسعي الوزارة إلى جذب عددٍ من أهم الشركات الدولية للاستثمار في جميع مراحل زراعة نبات البطاطس، الذي توفر حائل 30 في المائة من احتياج المملكة منه، والاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية.

وأكمل أن الوزارة عملت بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، على دعم عدد من المشروعات السياحية المدشّنة في المنطقة مؤخراً، وتُقدّر قيمتها الاستثمارية بنحو 700 مليون ريال، إضافةً إلى تطوير فرص استثمارية نوعية، يفوق حجمها مليار ريال، مؤكداً أن وزارة الاستثمار عملت مع كثير من القطاعات ذات العلاقة ومع المستثمرين، لتقديم حوافز وتسهيلات لدعم تنمية وجذب الاستثمارات إلى منطقة حائل.

وجرى خلال المنتدى توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الاستثمار وهيئة تطوير منطقة حائل؛ بهدف تمكين الفرص النوعية، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة، التي تسهم في تعزيز مكانة المنطقة بوصفها وجهةً استثماريةً رائدةً محلياً ودولياً. وتأتي هذه المشارَكة في إطار جهود وزارة الاستثمار الرامية إلى تعزيز البيئة الاستثمارية في مختلف مناطق المملكة، واستعراض الفرص النوعية المتاحة، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.