«المركزي التركي» يجري معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة

بعد ضخ مليارات الدولارات لتلافي آثار صدمة اعتقال إمام أوغلو

مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)
مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)
TT

«المركزي التركي» يجري معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة

مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)
مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)

وسط محاولات امتصاص الصدمة التي تسبب فيها اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في أسواق الصرف والبورصة، والتداعيات المحتملة على الاقتصاد عموماً، أعلن «البنك المركزي التركي» أنه سيبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية.

وأصدر «البنك المركزي»، بياناً الخميس، بشأن تحركات العملات الأجنبية التي بدأت باعتقال إمام أوغلو، ذكر فيه أنه «من أجل ضمان التشغيل السليم لسوق الصرف الأجنبي، ومنع التقلبات المحتملة في أسعار الصرف، وموازنة سيولة النقد الأجنبي، ستبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية في البنك المركزي للجمهورية التركية».

و«البيع الآجل للعملات الأجنبية» هو معاملات تُجرى بناءً على عقد اتفاق للبيع أو الشراء على سعر صرف وأجل محدد سابقاً من عملة محددة إلى عملة أخرى. وتستخدم هذه العملية عادة من أجل توفير إمكانية تجنب المخاطر التي قد تتشكل، عبر تثبيت مخاطر سعر الصرف.

وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية بنحو 12 في المائة، الأربعاء، عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول و105 آخرين من مسؤولي البلدية وعدد من البلديات بتهم تتعلق بالفساد والإرهاب، فيما عُدّت حملة قانونية بدوافع سياسية.

الليرة التركية شهدت تراجعاً حاداً عقب اعتقال إمام أوغلو (إعلام تركي)

ووصل سعر صرف الدولار إلى 42 ليرة في بداية تعاملات الأربعاء، إلى أن استقر عند 38 ليرة في التعاملات المتأخرة، وفي تعاملات الخميس.

وباعت البنوك الحكومية التركية نحو 8 مليارات دولار حتى منتصف يوم الأربعاء، في محاولة لدعم الليرة، التي كانت أغلقت الثلاثاء عند مستوى 36.67 ليرة مقابل الدولار، وفق ما ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية.

وتوقع خبراء اقتصاديون أن يضطر «البنك المركزي التركي» إلى تعليق دورة التيسير النقدي، التي بدأها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في اجتماع لجنته للسياسة النقدية المقرر خلال أبريل (نيسان) المقبل.

ووفق تحليل نشرته منصة «إنفستينغ»، فإن انخفاض الليرة التركية بنسبة وصلت إلى نحو 12 في بعض مراحل يوم الأربعاء يضع صانعي السياسات النقدية في مأزق؛ إذ من المتوقع أن يؤدي إلى تسارع التضخم خلال مارس (آذار) الحالي.

ورأى محللون في «كابيتال إيكونوميكس» أنه «في الأجل القريب جداً، يشكل هذا التطور معضلة كبيرة لـ(البنك المركزي التركي)؛ إذ سيضطر على الأرجح إلى إيقاف دورة تخفيف الفائدة بدلاً من خفضها بمقدار 250 نقطة أساس كما كان متوقعاً سابقاً».

«البنك المركزي التركي»... (رويترز)

وأجرى «البنك المركزي التركي» خفضاً متتالياً لـ3 أشهر بواقع 250 نقطة أساس منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لينخفض سعر الفائدة الرئيسي من 50 إلى 42.5 في المائة.

ويرى خبراء أن عملية اعتقال إمام أوغلو «سترخي بظلالها السلبية على الإصلاحات الاقتصادية في البلاد، التي انطلقت بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) 2023»، وأن «هذه الخطوة تشير إلى ازدياد المخاطر السياسية وتقديم الاعتبارات السياسية على القرارات الاقتصادية؛ مما قد يقوض جهود استعادة الاستقرار الاقتصادي، التي كان يعول عليها المستثمرون».

وأثّر اعتقال إمام أوغلو، الذي برز منافساً قوياً أمام الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا، سلباً على أداء الأسواق المالية التركية؛ إذ شهدت الأسهم تراجعاً حاداً، وارتفعت عوائد السندات الحكومية؛ مما يعكس مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد التركي.

أسعار الذهب تحطم الرقم القياسي منذ اعتقال أكرم إمام أوغلو (إ.ب.أ)

وانخفض «مؤشر بورصة إسطنبول (بيست 100)» بنسبة 7 في المائة؛ مما أدى إلى وقف التعاملات مؤقتاً.

وقرر بنك الاستثمار الأميركي العملاق «مورغان ستانلي» الانسحاب من بورصة إسطنبول. وألغى البنك عضويته في بورصة إسطنبول بناء على طلبه، وفق ما جاء في إخطار صادر عن هيئة أسواق رأس المال بالتزامن مع اعتقال إمام أوغلو، الأربعاء.

وجاء في بيان من «منصة الإفصاح في بورصة إسطنبول (كاب)» أنه جرى استبعاد شركة «مورغان ستانلي للأوراق المالية»، التي قُبل طلبها للتنازل الكامل عن تراخيص التشغيل من قِبل هيئة أسواق رأس المال، وألغيت شهادة شركة الوساطة المرخصة لها بشكل ضيق من عضوية البورصة، بقرار من مجلس إدارة البورصة بتاريخ 12 مارس (آذار) الحالي.

وواصل الذهب تحطيم الرقم القياسي، وبعدما بدأ غرام الذهب، الخميس، عند 3 آلاف و598 ليرة في الصباح، ارتفع إلى 3 آلاف و709 ليرات في منتصف اليوم، وهو مستوى قريب من مستوى 4 آلاف ليرة الذي تحقق عقب اعتقال إمام أوغلو، بعد سنوات من المعارك القانونية ضده. ويواجه أوغلو دعاوى قضائية متعددة، قد تؤدي أخطرها إلى عقوبة بالسجن لأكثر من 7 سنوات ومنعه من تولي المناصب العامة ومن الترشح للرئاسة.


مقالات ذات صلة

«المركزي» الصيني يحث الشركات على أولوية «تدويل اليوان»

الاقتصاد آلاف الحاويات المعدة للشحن في ميناء شنغهاي الصيني (أ.ف.ب)

«المركزي» الصيني يحث الشركات على أولوية «تدويل اليوان»

أعلن البنك المركزي الصيني، يوم الاثنين، أنه يشجع الشركات المملوكة للدولة على إعطاء الأولوية لاستخدام اليوان في الدفع والتسوية خلال توسعها الخارجي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عامل في خط إنتاج لمعالجة الصلب في أحد المصانع بمدينة ماندي غوبيندغاره بولاية البنجاب شمال الهند (رويترز)

الهند تعتزم فرض رسوم مؤقتة 12 % للحد من واردات الصلب الرخيص

تعتزم الهند فرض رسوم جمركية مؤقتة بنسب 12 % على واردات الصلب في خطوة تهدف إلى كبح تدفق الواردات الرخيصة من الصين ودول أخرى

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد حاويات في محطة بميناء يانغشان العميق في شنغهاي بالصين (رويترز)

تباطؤ الاقتصاد الروسي يقلص واردات البلاد من الصين

أظهرت بيانات الجمارك للربع الأول من عام 2025 أن تباطؤ النمو الاقتصادي بروسيا إلى جانب انخفاض الطلب على السلع المعمرة تسببا في تراجع وارداتها من الصين

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي وزوجته أوشا لدى وصولهما إلى الهند (أ.ف.ب)

نائب الرئيس الأميركي في الهند لإجراء محادثات تخيم عليها الرسوم الجمركية

وصل جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي إلى الهند في مستهل زيارة تستغرق أربعة أيام يجري خلالها محادثات مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي )
الاقتصاد السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

«ثروة» السعودية تبرم اتفاقية للاستحواذ على «أمجاد وطن»

وقَّعت شركة الثروة البشرية (ثروة) اتفاقية للاستحواذ الكامل على شركة «أمجاد وطن» لتنظيم المعارض والمؤتمرات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي» الصيني يحث الشركات على أولوية «تدويل اليوان»

آلاف الحاويات المعدة للشحن في ميناء شنغهاي الصيني (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للشحن في ميناء شنغهاي الصيني (أ.ف.ب)
TT

«المركزي» الصيني يحث الشركات على أولوية «تدويل اليوان»

آلاف الحاويات المعدة للشحن في ميناء شنغهاي الصيني (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للشحن في ميناء شنغهاي الصيني (أ.ف.ب)

أعلن البنك المركزي الصيني، يوم الاثنين، أنه يشجع الشركات المملوكة للدولة على إعطاء الأولوية لاستخدام اليوان في الدفع والتسوية خلال توسعها الخارجي، فيما يُنظر إليه على أنه محاولة رسمية لتسريع تدويل اليوان، وسط تصاعد التوترات التجارية العالمية.

وتأتي هذه التعليقات في الوقت الذي فرض فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما تُسمَّى الرسوم الجمركية «المتبادلة»، والتي هزَّت التجارة العالمية وزعزعت الأسواق المالية.

وعلى الرغم من إعلان ترمب عن تعليق مؤقت لمدة 90 يوماً لزيادات الرسوم الجمركية المخطط لها على معظم الدول، فإنه رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145 في المائة، مما دفع بكين إلى الرد بإجراءات مضادة.

وصرح «بنك الشعب» الصيني بأنه شجع البنوك التجارية في شنغهاي على توسيع نطاق الائتمان عبر الحدود، لخفض تكاليف تمويل الشركات باليوان، وتعزيز الواردات والصادرات التي يهيمن عليها اليوان، وفقاً لإشعار نُشر على موقعه الإلكتروني.

وأعلن البنك المركزي الصيني في الإشعار أنه «سيعزز بناء نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود... وسيدرس ويدفع قدماً في تطبيق تقنية (البلوك تشين)، وسيوفر خدمات تسوية ومقاصة آمنة وفعالة للتجارة العالمية والشحن والاستثمار والتمويل المُقوَّم باليوان». وأضاف أنه سيدعم أيضاً بورصة شنغهاي للذهب، للتعاون مع البورصات الأجنبية الأخرى، وتوسيع نطاق تطبيق أسعار اليوان المرجعية في الأسواق العالمية الرئيسية. وأصدر البنك الإشعار بالاشتراك مع الإدارة الوطنية للتنظيم المالي، والإدارة العامة للنقد الأجنبي، وحكومة بلدية شنغهاي.

تحرُّك «المركزي» الصيني تزامن مع إعلانه، يوم الاثنين، تثبيت أسعار الفائدة القياسية المرتبطة بالسوق عند مستواها نفسه في الشهر السابق، وذلك للشهر السادس على التوالي.

وأعلن «المركز الوطني لتمويل الإنتربنك» استمرار سعر الفائدة الأولية للقروض ذات العام الواحد عند مستوى 3.1 في المائة، وسعر الفائدة على القروض ذات الخمس سنوات -والذي يستخدمه كثير من البنوك أساساً لتحديد فائدة التمويل العقاري- عند مستوى 3.6 في المائة، وهو ما جاء متفقاً مع توقعات المحللين على نطاق واسع.

ويذكر أن البنك المركزي خفض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس لآخر مرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويحدد البنك المركزي أسعار الفائدة الاسترشادية شهرياً بناء على طلبات 18 بنكاً معيناً. ويستخدم البنك المركزي آلية سعر الفائدة الأولية بديلاً لسعر الفائدة الرئيسية التقليدي منذ أغسطس (آب) 2019.

ويأتي استقرار أسعار الفائدة في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات اقتصادية نُشرت في وقت سابق من الشهر الحالي، نمو اقتصاد البلاد بنسبة 5.4 في المائة على أساس سنوي، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) الماضي إلى مارس (آذار) الماضي، بدعم من ارتفاع قوي في الصادرات، قبل بدء تطبيق الرئيس الأميركي دونالد ترمب زيادات سريعة في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية.

ولكن مع غموض التوقعات بشأن الحرب التجارية، يتوقع المحللون أن يتباطأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة، مع دخول رسوم جمركية تصل إلى 145 في المائة على الواردات الأميركية من الصين حيز التنفيذ. وفي المقابل، ردت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125 في المائة على الصادرات الأميركية، مع تأكيدها في الوقت نفسه التزامها بالإبقاء على أسواقها.

وفي غضون ذلك، سجل قطاعا الجملة والتجزئة في الصين نمواً قوياً خلال الربع الأول من العام الحالي، مما يعطي دعماً قوياً لنمو الطلب المحلي في البلاد، حسبما ذكرته وزارة التجارة الصينية يوم الاثنين.

وحسب بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني، زادت القيمة المضافة لتجارة الجملة والتجزئة في الصين خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 5.8 في المائة سنوياً، إلى 3.3 تريليون يوان (457 مليار دولار) بما يعادل 10.4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للصين.

من ناحيتها، ذكرت وزارة التجارة أن قيمة التعاملات في أسواق الجملة للسلع الأساسية وصلت إلى 1.3 تريليون يوان خلال الربع الأول، في حين زادت قيمة التعاملات في أسواق السلع الاستهلاكية الصناعية بنسبة 0.8 في المائة سنوياً. وفي الوقت نفسه زادت مبيعات التجزئة خلال الربع الأول بنسبة 4.6 في المائة إلى 11 تريليون يوان، حسب وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).

وفي إطار برنامج مبادلة السلع الاستهلاكية الذي أطلقته الحكومة الصينية لتشجيع الإنفاق الاستهلاكي في الصين، تم بيع نحو 100.35 مليون جهاز منزلي جديد، منها 40 مليون جهاز تم بيعها منذ بداية العام الحالي، حسب وزارة التجارة.

وفي الأسواق، ارتفعت أسهم الصين إلى أعلى مستوى لها في أسبوعين يوم الاثنين، بعد أن حثَّ رئيس الوزراء لي تشيانغ المسؤولين الحكوميين على تعزيز جهودهم لتحقيق استقرار أسعار الأسهم، مما خفف من مخاوف الحرب التجارية.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية الجلسة مرتفعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.5 في المائة، مسجلين أعلى مستوى لهما منذ 3 أبريل (نيسان)، قبيل هبوط السوق الناجم عن «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها دونالد ترمب؛ بينما كانت سوق هونغ كونغ مغلقة لعطلة محلية.